اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

رسالة مؤرخة 28 آذار/مارس 2001 وموجهـة من رئيسة اللجنـة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى رئيس اللجنة التحضيرية الحكومية الدولية لمؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بأقل البلدان نمواً ، السيد جاك سكافي

لقد صدقت 32 دولة من الدول ال‍ 48 المصنفة حالياً من الأمم المتحدة في فئة "أقل البلدان نمواً" على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. إن هذا العهد، الذي صدقت عليه 144دولة، له أيضاً آثار على أغنى البلدان في علاقاتها مع أقل البلدان نمواً. وفضلاً عن ذلك، ففي حين أن العهد يفرض بصفة رئيسية التزامات على الدول، فإن له أيضاً آثاراً خطيرة على الجهات الفاعلة غير الحكومية، بما في ذلك المنظمات الدولية، في تعاملاتها مع أقل البلدان نمواً.
ولا تحاول هذه الرسالة تناول جميع جوانب العلاقة بين العهد وأقل البلدان نمواً. ولكنها بدلاً من ذلك تسلط الضوء على جانب واحد من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية له آثار خاصة على أقل البلدان نمواً: إسهام العهد في القضاء على الفقر. واستناداً إلى طول خبرة اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تبين الملاحظات الموجزة التالية كيف يمكن لحقوق الإنسان بوجه عام، وللعهد بوجه خاص، أن تسهم في إعتاق الفقراء وتعزيز استراتيجيات مكافحة الفقر:
(أ) في حين أن الموضوع المشترك الأساسي الذي تتسم به تجربة الفقراء يتعلق بانعدام القدرة، فإن حقوق الإنسان يمكنها أن تخول القدرة للأفراد والمجتمعات. ويتمثل التحدي في وصل هؤلاء الأفراد والمجتمعات بإمكانيات حقوق الإنسان المخولة للقدرة. إن حقوق الإنسان يمكن أن تساعد مساعدة حيوية في تحقيق المساواة في توزيع وممارسة السلطة داخل المجتمعات وفيما بينها.
(ب) بالرغم من أن العهد لا يذكر صراحة مصطلح الفقر، فإن الفقر هو أحد المواضيع المتكررة في فيه وكان دائماً واحداً من الاهتمامات الرئيسية للجنة. إن الحقوق في مستوى معيشي لائق، وفي المأوى، والغذاء، والصحة، والتعليم تكمن في صلب العهد ولها أيضاً تأثير مباشر وفوري على استئصال الفقر. وباختصار، فإن الفقر هو مسألة من مسائل حقوق الإنسان.
(ج) إن عدم التمييز والمساواة هما عنصران لا يتجزآن من العهد، ومن صكوك حقوق الإنسان الدولية الأخرى كذلك. والتمييز يمكن أن يتسبب في الفقر، تماماً مثلما يمكن للفقر أن يتسبب في التمييز. وعدم المساواة يمكن أن تكون ممارسة راسخة في المؤسسات ومتأصلة في القيم الاجتماعية. وبالتالي، فإن المعايير الدولية المتعلقة بعدم التمييز والمساواة، التي تقتضي إيلاء اهتمام خاص للضعفاء من الأفراد والفئات، لها آثار عميقة على استراتيجيات مكافحة الفقر.
(د) إن الحق في المشاركة ينعكس في صكوك دولية عديدة، بما فيها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وإعلان الحق في التنمية.1 وتبين تجارب اللجنة أن السياسات أو البرامج التي تتم صياغتها بدون مشاركة نشطة ومستنيرة من المتأثرين بها لا تكون على الأرجح فعالة.
(هـ) إن الحقوق والالتزامات أو الواجبات النابعة منها تقتضي بصورة حاسمة وجود آلية للمساءلة. وما لم تكن الحقوق والالتزامات مدعمة بنظام للمساءلة فلن تعدو أن تكون مجرد زخرفة للواجهة. إن نهج حقوق الإنسان إزاء الفقر يركز على الالتزامات ويقتضي مساءلة جميع أصحاب الواجبات، بما في ذلك الدول والمنظمات الدولية، عن سلوكهم فيما يتعلق بقانون حقوق الإنسان الدولي.
(و) إن بعض العقبات الهيكلية التي تعترض استراتيجيات البلدان النامية المتعلقة بمكافحة الفقر تقع خارج نطاق سيطرتها في النظام الدولي المعاصر. وترى اللجنة أنه لا بد من اتخاذ تدابير على وجه السرعة لإزالة هذه العقبات الهيكلية، وإلا ستكون الفرصة محدودة لنجاح الاستراتيجيات الوطنية للدول النامية المتعلقة بمكافحة الفقر نجاحاً مستديماً. وبالإضافة إلى ذلك، ونظراً إلى الإشارة إلى "المساعدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني" في الفقرة 1 من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك إلى أحكام القانون الدولي الأخرى، تعتقد اللجنة اعتقاداً راسخاً أنه يقع على عاتق جميع الدول والجهات الفاعلة غير الحكومية التي يسمح لها وضعها بمد يد العون أن تساعد البلدان النامية على الوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في العهد.
(ز) إن سياسات مكافحة الفقر التي تستند إلى حقوق الإنسان الدولية هي التي تكون على الأرجح فعالة ومستديمة وشاملة ومنصفة ومجدية لمن يعيشون في حالة فقر. وبناء عليه، ينبغي أن تؤخذ حقوق الإنسان في الاعتبار في جميع عمليات رسم السياسات الوطنية والدولية ذات الصلة. وتوصي اللجنة بقوة بإدماج معايير حقوق الإنسان الدولية في خطط القضاء على الفقر أو الحد منه، القائمة على المشاركة والمتعددة القطاعات، كالخطط التي شملتها المبادرة المعززة المتعلقة بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون.
(ح) وباختصار، يوفر العهد وغيره من صكوك حقوق الإنسان الدولية إطاراً للمعايير أو القواعد التي يمكن أن تبنى عليها سياسات تفصيلية للقضاء على الفقر على الصعيد العالمي والوطني والمجتمعي. وفي حين أن الفقر يثير قضايا معقدة متعددة القطاعات تستعصي على الحلول البسيطة، فإن تطبيق الإطار المعياري لحقوق الإنسان الدولية على هذه القضايا يساعد على ضمان أن تحظى العناصر الأساسية لاستراتيجيات مكافحة الفقر، كعدم التمييز والمساواة والمشاركة والمساءلة، بما تستحقه من اهتمام متواصل.
وتقوم اللجنة حالياً بصياغة بيان بشأن العلاقة بين الفقر والعهد. وأنا على ثقة أن اللجنة ستعتمد هذا البيان في دورتها القادمة (23 نيسان/أبريل - 11 أيار/مايو) وأتطلع إلى استرعاء انتباه المشاركين في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بأقل البلدان نمواً الذي سيعقد في بروكسل إليه.
وسأكون شاكرة جزيل الشكر إذا قمتم بتعميم هذه الرسالة على جميع المشتركين في اجتماع اللجنة التحضيرية الحكومية الدولية للمؤتمر الثالث.
(توقيع) فيرجينيا بونوان- داندان
رئيسة اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
_______________________
* وثيقة الأمم المتحدة E/2002/22، المرفق الثامن.
1- (أ‌) قرار الجمعية العامة 41/128 المؤرخ 4 كانون الأول/ديسمبر 1986، المرفق.

العودة للصفحة الرئيسية