اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
الدورة الحادية والعشـرين 1999

بيان موجه إلى المؤتمر الوزاري الثالث لمنظمة التجارة العالمية

1- إن اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تسلِّم بالمزايا التي يتسم بها وجود نظام تجاري دولي على النحو المتصور في ديباجة اتفاق مراكش لعام 1994 المنشئ لمنظمة التجارة العالمية بأهدافه المعلنة التي تشمل رفع مستويات المعيشة، وتحقيق نمو مطّرد في الدخل الحقيقي، والعمالة الكاملة، وأنماط النمو الاقتصادي المتوافقة مع التنمية المستدامة. كما أُعلن في الديباجة أنه حتى أقل البلدان نمواً ستحصل على نصيب من فوائد إنتاج السلع والاتجار بها على نطاق عالمي.
2- وبمناسبة انعقاد المؤتمر الوزاري الثالث لمنظمة التجارة العالمية في سياتل (الولايات المتحدة الأمريكية) في الفترة من 30 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 3 كانون الأول/ديسمبر 1999، تحث اللجنة منظمة التجارة العالمية على إجراء استعراض للمجموعة الكاملة من سياسات وقواعد التجارة والاستثمار الدوليين لضمان أن تكون هذه السياسات والقواعد متوافقة مع المعاهدات والتشريعات والسياسات القائمة الرامية إلى حماية جميع حقوق الإنسان وتعزيزها. وينبغي لمثل هذا الاستعراض أن يعالج، كمسألة ذات أولوية عليا، أثر سياسات منظمة التجارة العالمية على أضعف قطاعات المجتمع وكذلك على البيئة. وتذكِّر اللجنة ببيانها الصادر في أيار/مايو 1998 بشأن العولمة وأثرها على التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية1 والذي شددت فيه على أن مجالات التجارة والمال والاستثمار ليست مستثناة بأية طريقة من الطرق من مبادئ حقوق الإنسان وأن "على المنظمات الدولية التي تضطلع بمسؤوليات محددة في هذه الميادين أن تلعب دوراً إيجابياً وبنّاء فيما يتصل بحقوق الإنسان".
3- ولقد تزايد إدراك اللجنة، في اضطلاعها بمهمة رصد امتثال الدول الأطراف لالتزاماتها بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لمدى تأثير السياسات والممارسات الاقتصادية الدولية في قدرة الدول على الوفاء بالتزاماتها التعاهدية. ولذلك فإن اللجنة تؤكد وتؤيد ما وجهته اللجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، في قرارها 1999/30 المؤرخ 26 آب/أغسطس 1999، من دعوة إلى اتخاذ خطوات "لضمان الإدماج التام للمبادئ والالتزامات المتصلة بحقوق الإنسان في المفاوضات المقبلة في منظمة التجارة العالمية"، وإجراء دراسة ملائمة بشأن "حقوق الإنسان والآثار الاجتماعية لبرامج تحرير الاقتصاد وسياساته وقوانينه".
4- وتدرك اللجنة أن هناك المزيد من الجولات التفاوضية الوشيكة بشأن تحرير التجارة وأن هناك مجالات جديدة، مثل الاستثمار، يمكن أن تُدرج في نظام منظمة التجارة العالمية. وبالتالي يصبح من الأمور الأكثر إلحاحاً أن يتم أيضاً إجراء استعراض شامل لتقييم ما قد يترتب على تحرير التجارة من أثر على التمتع بحقوق الإنسان تمتعاً فعالاً، وبخاصة الحقوق المجسّدة في العهد. وقد حذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في التقرير العالمي عن التنمية البشرية لعام 1999 الصادر عنه تحذيرا شديد اللهجة من العواقب السلبية للاتفاق المتعلق بجوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة، ولا سيما على الأمن الغذائي، والمعارف المحلية، والسلامة البيولوجية، والحصول على الرعاية الصحية - وكلها شواغل رئيسية للجنة على النحو الذي ينعكس في المواد من 11 إلى 15 من العهد. وقد أدت موجة عمليات إعادة الهيكلة الاقتصادية وإعادة هيكلة الشركات المضطلع بها بهدف الاستجابة لأوضاع السوق العالمية التي تتزايد فيها المنافسة، والتفكيك الواسع النطاق لنظم الضمان الاجتماعي إلى تفشي البطالة، وانعدام أمن العمل، وتردي ظروف العمل، مما يسفر عن حدوث انتهاكات للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية المبينة في المواد 6 إلى 9 من العهد.
5- وترى اللجنة أن منظمة التجارة العالمية تسهم مساهمة هامة في عملية إصلاح الإدارة العالمية وتشكل جزءاً منها. ويجب أن يتم هذا الإصلاح بدافع الاهتمام بالفرد لا بالاستناد فقط إلى اعتبارات اقتصادية كلية محضة. وقواعد حقوق الإنسان هي التي يجب أن تحدد معالم عملية صياغة السياسة الاقتصادية الدولية بحيث يتقاسم الجميع، وخاصة أشد القطاعات ضعفا، تقاسما منصفا ما يترتب على النظام التجاري الدولي المتطور من فوائد بالنسبة للتنمية البشرية.
6- وتسلِّم اللجنة بما تنطوي عليه عملية تحرير التجارة من إمكانات لتوليد الثروة، ولكنها تدرك أيضاً أن عملية التحرير في مجالات التجارة والاستثمار والمال لا تؤدي بالضرورة إلى تهيئة بيئة مواتية لإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. بل يجب فهم عملية تحرير التجارة باعتبارها وسيلة لا غاية. فالغاية التي ينبغي أن يسعى إليها تحرير التجارة تتمثل في تحقيق هدف رفاه الإنسان الذي يتمثل التعبير القانوني عنه في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان. وفي هذا الصدد، تود اللجنة أن تذكِّر أعضاء منظمة التجارة العالمية بالطابع المركزي والأساسي الذي تتسم به الالتزامات المتصلة بحقوق الإنسان. ففي المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي عقد في فيينا في حزيران/يونيه 1993، أعلنت 171 دولة أن الحكومات تتحمل المسؤولية الأولى عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان.
7- وستواصل اللجنة في عملها رصد تأثير السياسات الاقتصادية الدولية على التنفيذ التدريجي من جانب الدول الأطراف لالتزاماتها بموجب العهد، فضلاً عن مدى مساهمة الدول في صياغة سياسات اقتصادية دولية ووطنية تُغفل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو تؤثر تأثيراً سلبياً عليها.
8- وتحث اللجنة أعضاء منظمة التجارة العالمية على أن يحرصوا على النظر في التزاماتهم الدولية المتصلة بحقوق الإنسان، كمسألة ذات أولوية، في مفاوضاتهم التي ستشكل محكاً هاماً بالنسبة لامتثال الدول للمجموعة الكاملة من التزاماتها الدولية. وسترحب اللجنة بفرصة التعاون مع منظمة التجارة العالمية فيما يتصل بهذه المسائل لتكونا بالتالي شريكين نشطين يعملان في اتجاه إعمال جميع الحقوق المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
_______________________
* وثيقة الأمم المتحدة E/2000/22، المرفق السابع.
- اعتمد في الدورة الحادية والعشـرين (الجلسة 47) يوم 26 تشرين الثاني/نوفمبر 1999.
1- انظر الوثيقة E/1999/22، الفصل السادس، الفقرة 515.

العودة للصفحة الرئيسية