اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
الدورة الثالثة عشرة 1995

بيان اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أمام مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل الثاني)

1- كان أول اعتراف بالحق في الإسكان يرد في صك دولي هو ما نصت عليه الفقرة 1 من المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. الذي يعتبر ركيزة النظام الدولي لحماية حقوق الإنسان. وقد نصت هذه المادة على أن: "لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصة... والمسكن...".
2- وبعد ذلك أدرج الحق في الإسكان في الفقرة 1 من المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تنص على ما يلي: "تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته يوفر ما يفي بحاجاتهم من الغذاء والكساء والمأوى... ".
3- ومنذ اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، تشير لجنة حقوق الإنسان والجمعية العامة وسائر هيئات الأمم المتحدة في وثائقها وصكوكها القانونية إلى الحق في المسكن باعتباره حقاً من حقوق الإنسان. ولم يحدث أن نازعت أي دولة من الدول الـ 133 الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في اعتراف العهد بحق منفصل ومتميز في المسكن. وتعترف دول عديدة رسمياً بهذا الحق في دساتيرها وقوانينها المحلية.
4- ومن الواضح أن الحق في مستوى معيشي كاف، حسب تعريفه الوارد في المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. يتألف من عدة عناصر، تشمل الحق في الغذاء والكساء والمسكن.
5- وقد اعتمدت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في دورتها السادسة المعقودة في عام 1991. تعليقاً عاماً رقم 4 (1991) بشأن الحق في السكن الملائم، استناداً إلى نظرها في 75 تقريراً مقدمة من دول أطراف في العهد وإلى قدر كبير من المعلومات الواردة من الجمعية العامة ولجنة حقوق الإنسان واللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات وشتى المصادر الحكومية وغير الحكومية.
6- وتبين للجنة أن مشكلة الافتقار إلى المأوى وإلى السكن الملائم موجودة في جميع أنحاء العالم وأنها لا تؤثر على البلدان النامية فحسب وإنما أيضاً على بعض المجتمعات الأكثر تقدماً من الناحية الاقتصادية، نظراً لأن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن هناك على نطاق العالم أكثر من مليون شخص ممن يفتقرون إلى المأوى وأكثر من مليار شخص ممن يعيشون في مساكن غير ملائمة.
7- وقد حدد تعليق اللجنة العام رقم 4 (1991) بعض المسائل الرئيسية المتعلقة بهذا الحق:
ففي المقام الأول، ينطبق الحق في المسكن الملائم على جميع الناس. دون أن يخضع لأي شكل من أشكال التقييد أو التمييز على أساس السن أو الجنس أو الوضع العائلي أو الاقتصادي أو الانتساب إلى جماعة أو أخرى أو المركز الاجتماعي؛
وينبغي ألا يفسر هذا الحق تفسيراً ضيقاً أو تقييدياً بحيث يصبح مساوياً لمجرد تزويد المرء بسقف يحتمي به، بل ينبغي أن يفسر بأنه يعني حق المرء في أن يعيش في مكان ما أو في أمن وسلام وكرامة طبقاً لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولمبادئ العهد ذاته. وطبقاً لما ذكرته لجنة المستوطنات البشرية، فإن "المأوى الملائم يعني... التمتع بالدرجة الملائمة من الحياة الخاصة، والمساحة الكافية، والأمن الكافي والإنارة والتهوية الكافيتين والهيكل الأساسي الملائم، والموقع الملائم بالنسبة لأمكنة العمل والمرافق الأساسية – وكل ذلك بتكاليف معقولة".
8- ووفقاً لهذا التفسير، وعلى أساس مفهوم الملاءمة الذي يسمح وحده بتحديد ما إذا كان يمكن النظر إلى نوع ما من أنواع المأوى باعتباره يشكل "سكناً ملائماً" حسب معنى الفقرة 1 من المادة 11 من العهد، حددت اللجنة المعايير التي يجب أخذها في الاعتبار في أي سياق محدد. وتشمل هذه المعايير ما يلي:
الضمان القانوني للاستمرار في شغل المسكن، الذي يكفل الحماية من الطرد من المسكن بالقوة الجبرية ومن المضايقات ومن غير ذلك من التهديدات؛
توفير الخدمات والمواد والمرافق والهياكل الأساسية اللازمة لضمان الصحة والأمان والراحة والعيش في ظل ظروف تحفظ على المرء كرامته؛
القدرة على تحمل التكلفة: إن التكاليف المالية المرتبطة بالسكن ينبغي أن تكون ذات مستوى يكفل عدم تهديد تلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى أو الانتقاص منها؛
الصلاحية للسكن، أي كفالة الحماية من قسوة الأحوال الجوية ومخاطر الإصابة بالأمراض، وضمان السلامة الجسدية؛
إتاحة إمكانية الحصول على المسكن، ولا سيما للفئات المحرومة والضعيفة التي ينبغي أن تكفل لها درجة من الأولوية فيما يتعلق بالإسكان؛
الموقع الذي يجب أن يسهل إمكانية الوصول إلى أماكن العمل والخدمات الاجتماعية الأساسية، والبعد عن مصادر التلوث التي تهدد الصحة؛
السكن الملائم من الناحية الثقافية.
9- ويجب النظر إلى الحق في السكن الملائم على ضوء سائر الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وغيرها من الصكوك الدولية، والتي تشمل الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والحق في التمتع بحرمة الحياة ومبدأ عدم التمييز.
10- وهذا هو الأساس الذي استندت إليه الدول في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتقديم تقاريرها إلى اللجنة، مدركة تماماً أن التصديق على العهد يفرض عليها أن تتخذ تدابير فورية لتعزيز الحق في الإسكان وأن تلتمس، عند الاقتضاء، التعاون الدولي وفقاً للمواد 11 و22 و23 من العهد.
11- وقد شجعت توصيات اللجنة بهذا الصدد، الدول الأطراف، بصرف النظر عن حالتها الاقتصادية، على وضع استراتيجية وطنية للإسكان وأن تتوخى في صياغتها، قدر الإمكان، التشاور الكامل والمشاركة من جانب جميع الفئات المعنية ولا سيما الأشخاص الذين يفتقرون إلى المأوى وإلى السكن الملائم، ومن جانب ممثلي هذه الفئات، وأن ترصد بانتظام تطور حالة الإسكان. وفي كلتا الحالتين، يعتبر هذا الالتزام التزاماً واجب النفاذ فوراً، ولا سيما فيما يتعلق بحالة الفئات الضعيفة كالأشخاص أو الأسر ممن يفتقرون إلى المأوى أو يعيشون في مساكن غير ملائمة أو في مستوطنات "غير مشروعة" والأشخاص الذي طردوا من مساكنهم قسراً والفئات المنخفضة الدخل.
12- ويمكن للتدابير التي يجب على الدول اتخاذها أن تجمع بين التدابير التي يتخذها القطاع العام وتلك التي يتخذها القطاع الخاص، ولكن يجب قبل كل شيء تشجيع الدول على دعم استراتيجيات الاكتفاء الذاتي وعلى أن تفي في الوقت نفسه بالتزاماتها بضمان احترام حقوق كل فرد، في أقرب وقت ممكن وفي حدود الموارد المتاحة. وقد بينت التجربة في بلدان عديدة أن المجموعات الضعيفة المنظمة استطاعت، بأقل قدر من المساعدة الحكومية، أن تبني مساكن أكثر ملاءمة لاحتياجاتها وأقل تكلفة، إذا ما قورنت بالمباني التي ينفذها القطاع العام مباشرة.
13- إن مسألة وجوب "إنفاذ" الحق في السكن الملائم هي مسألة لا يتطرق إليها الشك، وتجري بالفعل معالجة العديد من العناصر المكونة لهذا الحق من خلال سبل الانتصاف المحلية في معظم الدول الأطراف في العهد: ويشمل ذلك بوجه خاص الطعون القانونية لمنع عمليات الطرد من المساكن أو هدمها، وإجراءات دفع التعويضات أو توفير سكن بديل بعد عمليات الطرد من المساكن بصورة غير مشروعة، والشكاوى من الإجراءات غير المشروعة التي يقوم بها أو يدعمها ملاّك المساكن (العامة أو الخاصة)، والإجراءات القانونية ضد أشكال التمييز في مجال الإسكان، والشكاوى ضد ملاك المساكن فيما يتعلق بأحوال السكن غير الصحية أو غير الملائمة أو بالغلاء المفرط للإيجارات والإجراءات القانونية الخاصة بملكية الأراضي.
14- وليست هذه القائمة شاملة، كما أن تأكيد المحاكم على الحق في الإسكان. استناداً إلى تطبيق القوانين الوطنية أو أحكام العهد. قد اكتسب أهمية كبيرة في بلدان عديدة. ونظراُ للتزايد الكبير في عدد الأشخاص الذين يفتقرون إلى المأوى. يتزايد بانتظام اللجوء إلى الأعمال الجماعية. لا في البلدان النامية فحسب، حيث تظهر هذه الأعمال في شكل شغل مساحات الأراضي غير المنتفع بها، وإنما أيضاً في البلدان الغنية، حيث يتخذ شكل احتلال المباني العامة أو الخاصة التي تترك شاغرة عن عمد بقصد المضاربة على قيمتها عندما ترتفع أسعارها.
15- وفي هذا الصدد، ترى اللجنة لأول وهلة أن حالات الطرد من المساكن بالقوة الجبرية تتعارض مع مقتضيات العهد ولا يمكن تبريرها إلا في بعض الظروف الاستثنائية للغاية ووفقاً لمبادئ القانون الدولي ذات الصلة.
16- وقد أوصت اللجنة، لدى النظر في التقارير، جميع الدول الأطراف بتفادي عمليات الطرد الجماعية من المساكن دون مبرر وجيه أو، على أية حال، قصرها بالتحديد على مقتضيات الحفاظ على النظام العام على أن يتم ذلك بطريق التشاور مع الأشخاص المعنيين وبعد اتخاذ التدابير الكفيلة بتوفير مساكن بديلة ملائمة، وتجنب استخدام القوة، والعمل، في جميع الأحوال، على تعويض الضحايا بغية تقليل الآثار الضارة إلى أدنى حد.
17- وقد أكدت لجنة حقوق الإنسان، في قرارها 1993/77، على أن ممارسة الطرد بالقوة الجبرية تشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان، ولا سيما الحق في السكن اللائق، وحثت الحكومات على أن تتخذ تدابير فورية على جميع المستويات بقصد القضاء على هذه الممارسة.
18- وفي هذا الوقت الذي يتزايد فيه باطراد عدد الدول المصدقة على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (133 دولة حتى الآن). ويتزايد فيه بإطراد إدراج النصوص الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان وخاصة الحق في المسكن الملائم، في القوانين الوطنية، فإن الرأي القائل بأن الحق في المسكن الملائم هو حق من حقوق الإنسان هو رأي لم يعد من الممكن المنازعة فيه بشكل جدي.
19- ويتعلق هذا الحق بكرامة البشر – الرجال والنساء والأطفال؛ وهو منصوص عليه في العديد من الصكوك الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان، وأهمها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
20- إن اختيار لجنة المستوطنات البشرية لموضوع "توفير مأوى للجميع" وللمسائل المتعددة ذات الصلة بهذا الموضوع. من مختلف القطاعات، لتكون محل البحث في مؤتمر الأمم المتحدة الثاني للمستوطنات البشرية (الموئل الثاني) هو اختيار يتفق مع الأساس المنطقي الذي قام عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأخيراً، المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان.
21- إن تكرار تأكيد مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل الثاني) على أن الحق في المسكن الملائم هو حق أساسي من حقوق الإنسان أمر يعتبر، بالنسبة للجنة وللمجتمع الدولي بأسره، ذا أهمية بالغة في تحقيق الكرامة لأكبر عدد من الناس.
_______________________
* وثيقة الأمم المتحدة E/1996/22، المرفق الثامن.
- اعتمدته اللجنة في جلستها 55 (الدورة الثالثة عشرة) التي عقدت في 6 كانون الأول/ديسمبر 1995.

العودة للصفحة الرئيسية