لجنة القضاء علي التمييز ضد المرأة
الدورة الثلاثون (2004)
التوصية العامة رقم 25
تساوي أجور الأعمال المتساوية القيمة

أولا - مقدمة
1- قررت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، في دورتها العشرين (1999)، عملا بالمادة 21 من الاتفاقية، أن تضع توصية عامة بشأن الفقرة 1 من المادة 4 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وتقرر أن تعتمد هذه التوصية، في جملة أمور، على التوصيات العامة السابقة، بما فيها التوصيات العامة رقم 5 (الدورة السابعة، 1988) بشأن التدابير الخاصة المؤقتة، ورقم 8 (الدورة السابعة، 1988) بشأن تنفيذ المادة 8 من الاتفاقية، ورقم 23 (الدورة السادسة عشرة، 1997) بشأن المرأة في الحياة العامة، فضلا عن تقارير الدول الأطراف، وكذلك على التعليقات الختامية للجنة بشأن تلك التقارير.
2- وبهذه التوصية العامة، تهدف اللجنة إلى توضيح طبيعة ومغزى الفقرة 1 من المادة 4 من أجل تيسيـر وضمان استفادة الدول الأطراف منها استفادة تامة في تنفيذ الاتفاقية. واللجنة تشجع الدول الأطراف على ترجمة هذه التوصية العامة إلى اللغات الوطنية والمحلية وأن تنشرها على نطاق واسع على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية للحكومات، بما في ذلك الهياكل الإدارية، فضلا عن المجتمع المدني، بما في ذلك، وسائط الإعلام، والدوائر الأكاديمية، ورابطات ومؤسسات حقوق الإنسان والمرأة.
ثانياً - معلومات أساسية: هدف الاتفاقية والغرض منها
3- الاتفاقية هي صك دينامي. ومنذ اعتماد الاتفاقية في عام 1979 قامت اللجنة وغيرها من الجهات الفاعلة على الصعيدين الوطني والدولي بالمساهمة من خلال التفكير التقدمي في توضيح وتفهم المضمون الموضوعي لمواد الاتفاقية والطابع المحدد للتمييز ضد المرأة والأدوات اللازمة لمكافحة هذا التمييز.
4- إن نطاق ومغزى الفقرة 1 من المادة 4 يجب أن يحددا في سياق الهدف والغرض الشاملين للاتفاقية اللذين هما القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بغية تحقيق مساواة المرأة القانونية والفعلية بالرجل في التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية المتعلقة بها. وعلى الدول الأطراف في الاتفاقية التزام قانوني باحترام وحماية وتعزيز وإعمال حق المرأة هذا في عدم التمييز ضدها وضمان نماء المرأة والنهوض بها لكي يتسنى تحسين وضعها بحيث تتمتع بالمساواة القانونية والفعلية بالرجل.
5- وتتجاوز الاتفاقية مفهوم التمييز المستخدم في كثير من المعايير والقواعد القانونية الوطنية والدولية. فبينما تحظر فيه هذه المعايير والقواعد التمييز على أساس الجنس وتحمي كلاً من الرجل والمرأة من المعاملة التي تنطوي على أوجه تمييز تعسفية وجائرة، و/أو لا مبرر لها، تركز الاتفاقية على التمييز ضد المرأة، مؤكدة أن المرأة قد عانت وما زالت تعاني من مختلف أشكال التمييز لكونها امرأة.
6- وإن قراءة تجمع بين المواد من 1 إلى 5 و24، وهي التي تشكل الإطار الأساسي العام لجميع المواد الموضوعية للاتفاقية، تبين أن ثمة التزامات ثلاثة أساسية بالنسبة لجهود الدول الأطراف الرامية إلى القضاء على التمييز ضد المرأة. وينبغي تنفيذ هذه الالتزامات بأسلوب متكامل وأن يتسع نطاقها إلى ما يتجاوز الالتزام القانوني الرسمي الخالص بالمساواة في المعاملة بين المرأة والرجل.
7- أولا، التزام الدول الأطراف هو ضمان ألا يكون هناك تمييز مباشر أو غير مباشر1 ضد المرأة في قوانينها وأن تحمي المرأة من التمييز الذي تمارسه السلطات العامة أو السلطة القضائية أو المنظمات أو الشركات أو الأشخاص العاديون في ميداني الأنشطة العامة والأنشطة الخاصة من جانب المحاكم الخاصة وكذلك عن طريق الجزاءات وغيرها من وسائل الانتصاف. وثانيا، التزام الدول الأطراف بتحسين وضـع المرأة الفعلي من خلال سياسات عامة وبرامج محددة وفعالة. وثالثا، التزام الدول الأطراف بمعالجة العلاقات الجنسانية السائدة2 ومعالجة استمرار القوالب النمطية القائمة على نوع الجنس والتي تؤثر على المرأة لا من خلال التصرفات الفردية فحسب بل أيضاً في القانون أو الهياكل والمؤسسات القانونية والمجتمعية.
8- وترى اللجنة أن اتباع نهج رسمي قانوني أو برنامجي خالص ليس كافيا لتحقيق المساواة الفعلية للمرأة بالرجل، التي تفسرها اللجنة بوصفها مساواة موضوعية. وإضافة إلى ذلك، تتطلب الاتفاقية أن تعطى المرأة بداية مساوية وأن يجري تمكينها بتوفير بيئة مواتية لتحقيق المساواة في النتائج، ولا يكفي ضمان أن تعامل المرأة معاملة مطابقة لمعاملة الرجل، بل يجب أن تؤخذ في الاعتبار الفروق البيولوجية فضلا عن تلك المكوَّنة اجتماعيا وثقافيا فيما بين المرأة والرجل، وفي ظل بعض الظروف، سيلزم معاملة المرأة والرجل بشكل غير متطابق لمعالجة هذه الفروق. والسعي لتحقيق الهدف المتمثل في المساواة الموضوعية يدعو أيضاً إلى وضع استراتيجية فعالة تهدف إلى التغلب على ضعف تمثيـل النسـاء وإعادة توزيع الموارد والسلطة بين الرجل والمرأة.
9- وإن المساواة في النتائج هو المرادف المنطقي للمساواة الفعلية أو المساواة الموضوعية. وهذه النتائج قد تكون ذات طابع كمي أو كيفي، أي أن تتمتع المرأة بحقوقها في مختلف الميادين بأعداد مساوية تقريبا لأعداد الرجال، وأن تتمتع بمستويات الدخل نفسها، والمساواة في اتخاذ القـرار بنفس القدر من النفوذ السياسي، وأن تتمتع المرأة بحق عدم التعرض للعنف.
10- ولن يتحسن وضـع المرأة ما دامت الأسباب الأساسية للتمييز ضدها ولعدم المساواة الذي تعاني منه لم تعالج بشكل فعّال. وإن حياة كل من المرأة والرجل يجب أن ينظر إليها بطريقة تشمل جميع الظروف المحيطة ذات الصلة، كما يجب اعتماد تدابير تهدف إلى التحوُّل الحقيقي في الفرص والأعراف والنظم بحيث لا تصبح قائمة على النماذج الذكورية للسلطة والأنماط الحياتية والتي حددت تاريخيا.
11- إن الاحتياجات والخبرات الدائمة للمرأة التي تحددها طبيعتها البيولوجية ينبغي أن تميز عن احتياجاتها الأخرى التي قد تكون نتيجة للتمييز ضد المرأة في الماضي أو في الحاضر من جانب عناصر فاعلة فردية، أو أيديولوجية نوع الجنس السائدة، أو بمظاهر هذا التمييز في الهياكل والأعراف الاجتماعية والثقافية. وبينما يجري حالياً اتخاذ خطوات للقضاء على التمييز ضد المرأة، قد تتغير احتياجات المرأة أو تختفي أو تصبح احتياجات لكل من المرأة والرجل. ولذا، فإن الرصد المتواصل للقوانين والبرامج والممارسات الموجهة نحو تحقيق المساواة الفعلية أو الموضوعية للمرأة هو أمر لازم لتفادي استمرار المعاملة غير المتطابقة التي قد لا يكون لها أي مبرر بعد ذلك.
12- وثمة فئات من النساء، اللاتي قد يعانين، إضافة إلى معاناتهن من التمييز الموجـَّـه ضدهـن بسبب كونهن نساء، من التمييز المتعدد الأشكـال القائم على أسباب إضافية من قبيل العنصر أو الهوية العرقية أو الدينية، أو الإعاقة، أو السن، أو الطبقة، أو الطائفة الاجتماعية أو غير ذلك من العوامل. وهذا التمييز قد يؤثر على هذه الفئات من النساء بصفة أساسية أو يؤثر عليهن بدرجة مختلفة أو بأشكال مختلفة عن تأثيره على الرجل. وقد تحتاج الدول الأطراف إلى اتخاذ تدابير خاصة مؤقتـة ومحددة للقضاء على هذا التمييز المتعدد الأشكال ضـد المـرأة، وآثـاره السلبية المضاعفة عليها.
13- وإضافة إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، هنـاك صكوك أخرى من الصكوك الدولية لحقوق الإنسان ووثائق السياسات العامة المعتمدة في منظومة الأمم المتحدة تتضمـن أحكاما بشأن التدابير الخاصة المؤقتة لدعم تحقيق المساواة. ويرد وصف هذه التدابير باستعمال مصطلحات مختلفة كما يختلف أيضاً معنى هذه التدابير وتفسيرها وتأمل اللجنة في أن تساهم هذه التوصية العامة بشأن الفقرة 1 من المادة 4 في توضيح المصطلحات.3
14- والاتفاقيـة تستهدف الأبعاد التمييزية للظروف المجتمعية والشفافية في الماضي والحاضر والتي تعيق تمتع المرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية الخاصة بها. وهي تهدف إلى القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بما في ذلك القضاء على أسباب ونتائج عدم المساواة الفعلية الموضوعية التي تعاني منه. وعلى ذلك فإن تطبيق التدابير الخاصة المؤقتة وفقا للاتفاقية هو أحد الوسائل لبلوغ المساواة الفعلية أو الموضوعية للمرأة وليس كاستثناء من قاعدتـي عدم التمييز والمسـاواة.
ثالثاً - مغزى ونطاق التدابير الخاصة المؤقتة في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
المادة 4، الفقرة 1
لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل في تحقيق المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزا كما تحدده هذه الاتفاقية، ولكنه يجب ألا يستتبع بأي حال، كنتيجـة لـه، الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة؛ كما يجب وقف العمل بهذه التدابير عندما تكون أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة قد تحققت.
المادة 4، الفقرة 2
لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة تستهدف حماية الأمومة، بما في ذلك التدابير الواردة في هذه الاتفاقية، إجراء تمييزيا.
ألف - العلاقة بين الفقرتين 1 و2 من المادة 4
15- ثمـة فرق واضح بين الغرض من "التدابير الخاصة" في إطار الفقرة 1 من المادة 4 وتلك المتعلقة بالفقرة
2. فالغرض من الفقرة 1 من المادة 4 هو التعجيل بتحسين وضـع المرأة لتحقيق مساواتها الفعلية أو الموضوعية بالرجل ولإحداث التغييرات الهيكلية والاجتماعية والثقافية الضرورية لتصحيح الأشكال والآثار الماضية والراهنة للتمييز ضد المرأة وكذلك لتوفير تعويض لها. وهذه التدابير هي ذات طابع مؤقت.
16- وتنـص الفقرة 2 من المادة 4 على معاملـة المرأة والرجل بشكل غير متطابـق بسبب الفروق البيولوجية بينهمـا. وهذه التدابير هي ذات طابع دائم، على الأقل حتى يحين الوقت الذي تبـرر فيه المعرفة العلمية والتكنولوجية المشار إليها في الفقرة 3 من المادة 11 إجراء عملية مراجعة لها.
باء - المصطلحات
17- تستخدم الأعمال التحضيرية للاتفاقية مصطلحات مختلفة لوصف "التدابير الخاصة المؤقتة" الواردة في الفقرة 1 من المادة 4. وقد استخدمت اللجنة نفسها في توصياتها العامة السابقة مصطلحات مختلفة. وتساوي الدول الأطراف في كثير من الأحيان بين "التدابير الخاصة" بمعناها التصحيحي والتعويضي والتعزيزي ومصطلحات "العمل الإيجابي" و"الإجراءات الإيجابية" و"التدابير الإيجابية" و"التمييز العكسي" و"التمييز الإيجابي". وتظهر هذه المصطلحات من المناقشات ومختلف الممارسات التي توجد في ظروف وطنية مختلفة.4 وفي هذه التوصية العامة، ووفقا لممارسة اللجنة في النظر في تقارير الدول الأطراف، لا تستخدم اللجنة إلا مصطلح "التدابير الخاصة المؤقتة" حسبما تدعو إليه الفقرة 1 من المادة 4.
جيم - العناصر الرئيسية للفقرة 1 من المادة 4
18- ينبغي أن تهدف التدابير المتخذة من جانب الدول الأطراف بموجب الفقرة 1 من المادة 4 إلى التعجيل بتحقيق مشاركة المرأة على قدم المساواة في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو أي ميدان آخر. وتنظر اللجنة إلى تطبيق هذه التدابير لا على أنه استثناء من قاعدة عدم التمييز بل على أنه تأكيد لكون التدابير الخاصة المؤقتة جزءا من استراتيجية ضرورية من جانب الدول الأطراف موجهة إلى تحقيق المساواة الفعلية أو الموضوعية للمرأة بالرجل في التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية الخاصة بها. وبالرغم من أن تطبيق التدابير الخاصة المؤقتة غالبا ما يعالج آثار التمييز ضد المرأة في الماضي، فإن التزام الدول الأطراف بموجب الاتفاقية بتحسين وضـع المرأة والوصول به إلى المساواة الفعلية أو الموضوعية بالرجل هو التزام قائم بصرف النظر عما إذا كان هناك أي دليل على حدوث تمييز في الماضي. وترى اللجنة أن الدول الأطراف التي تعتمد وتنفذ هذه التدابير بموجب الاتفاقية لا تميّز ضد الرجل.
19- وينبغي للدول الأطراف أن تميز بوضوح بين التدابير الخاصة المؤقتة المتخذة بموجب الفقرة 1 من المادة 4 والرامية إلى التعجيل في تحقيق هدف محدد للمرأة هو المساواة الفعلية أو الموضوعية، أو غيرها من السياسات الاجتماعية العامة المعتمدة لتحسين حالة المرأة والطفلة. وليس كل التدابير التي يحتمل أن تكون، أو ستكون، مؤاتية للمرأة تُعتبر تدابير خاصة مؤقتة. وتوفير الظروف العامة اللازمة لضمان الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمرأة والطفلة والتي تهدف لأن تكفل لهما حياة تقوم على صون الكرامة وعدم التمييز لا يمكن أن يُعدَّ من التدابير الخاصة المؤقتة.
20- وتنص الفقرة 1 من المادة 4 صراحة على الطابع "المؤقت" لهذه التدابير الخاصة. وعلى ذلك ينبغي ألا تعتبر هذه التدابير ضرورية إلى الأبد، حتى وإن كان معنى "مؤقت" قد يؤدي، في الواقع، إلى تطبيق هذه التدابير لفترة طويلة من الزمن. وينبغي أن تحدد مدة سريان تدبير خاص مؤقت بنتيجته الوظيفية استجابة لمشكلة محددة وليس بفترة من الزمن سبق تعيينها. ويجب إنهاء التدابير الخاصة المؤقتة عندما تتحقق النتائج المرجوة منها وتـدوم تلك النتائج لفتـرة من الزمـن.
21- ومصطلح "خاصة" وإن كان يتمشى مع مقولات حقوق الإنسان، يحتاج أيضاً إلى أن يفسر بعناية. فأحيانا يؤدي استعماله إلى إظهار المرأة والفئات التي تتعرض للتمييز بمظهر الضعيف القابل للتأثر بسهولة والذي يحتاج إلى تدابير إضافية أو "خاصة" لكي يُشارك ويتنافس في المجتمع. ومع ذلك، فالمعنى الحقيقي لمصطلح "خاصة" في صياغة الفقرة 1 من المادة 4 هو أن التدابير تهدف إلى خدمة غرض محدد.
22- ويشمل مصطلح "تدابير" مجموعة كبيرة من مختلف الأدوات والسياسات والممارسات التشريعية والتنفيذية والإدارية وغير ذلك من الأدوات والسياسات والممارسات التنظيمية من قبيل برامج توسيع نطاق توفير الخدمات أو برامج الدعم، وتخصيص و/أو إعادة تخصيص الموارد؛ والمعاملة التفضيلية، والتوظيف والتعيين والترقية للفئات المستهدفة؛ ووضع أهداف رقمية مقرونة بجدول زمني؛ ونظم الأنصبة. وسيتوقف اختيار "تدبير" معين على الظروف التي يجري فيها تطبيق الفقرة 1 من المادة 4 وعلى الهدف المحدد الذي يهدف إلى تحقيقه.
23- إن اعتماد وتنفيذ التدابير الخاصة المؤقتة قد يؤدي إلى مناقشة لمؤهلات وأحقية الفئة أو الأفراد المستهدفين بها، وإلى حجة تساق ضد منح النساء اللاتي يزعم أنهن ذوات مؤهلات أقل الأفضلية على الرجال في مجالات من قبيل السياسة، والتعليم والعمالة. ولما كانت التدابير الخاصة المؤقتة تهدف إلى التعجيل بتحقيق المساواة الفعلية أو الموضوعية، فإن المسائل المتعلقة بالمؤهلات والأحقية، ولا سيما في مجال العمالة في القطاعين العام والخاص، تحتاج إلى استعراضها بعناية من حيث انطوائها على أي تحيز قائـم على أساس نوع الجنس حيث إنها محددة معياريا وثقافيا. وبالنسبة للتعيين أو الاختيار أو الانتخاب لشغل المناصب العامة والسياسية، ثـمـة عوامل أخرى غير المؤهلات والأحقية، بما فيها تطبيق مبادئ العدالة الديمقراطية والاختيار الانتخابي، قد يكون لها أيضاً دور تؤديه.
24- ويلـزم تطبيق الفقرة 1 من المادة 4، مقروءة بالاقتران مع المواد 1، 2، 3، 5 و24، فيما يتعلق بالمواد 6 إلى 16، التي تنص على أن تقوم الدول الأطراف ”باتخاذ جميع التدابير الملائمة“. وبالتالي، ترى اللجنة أن الدول الأطراف ملزمة باعتماد وتنفيذ تدابير خاصة مؤقتة فيما يتعلق بأي من هذه المواد، إذا أمكن بيان أن هذه التدابير ضرورية وملائمة للتعجيل بتحقيق الهدف الشامل أو المحدد المتمثل في تحقيق المساواة الفعلية أو الموضوعية للمرأة.
رابعاً – التوصيات الموجهة إلـى الدول الأطراف
25- ينبغي أن تتضمن تقارير الدول الأطراف معلومات عن اعتماد، أو عدم اعتماد، تدابير خاصة مؤقتة وفقا للفقرة 1 من المادة 4، من الاتفاقية، ويفضل أن تلتزم الدول الأطراف بمصطلح "التدابير الخاصة المؤقتة"، لتفادي الخلط.
26- وينبغي للدول الأطراف أن تميز بوضوح بين التدابير الخاصة المؤقتة التي تهدف إلى التعجيل بتحقيق هدف محدد، يتمثل في المساواة الفعلية أو الموضوعية للمرأة، وغير ذلك من السياسات الاجتماعية العامة المعتمدة والمنفذة لتحسين حالة المرأة والطفلة. وينبغي للدول الأطراف أن تراعي أنه ما كل التدابير التي يحتمل أن تكون مؤاتية للمرأة، أو ستكون كذلك يمكن أن تعتبر تدابير خاصة مؤقتة.
27- وينبغي للدول الأطراف أن تحلل ظروف حالة المرأة في جميع مجالات الحياة، فضلا عن المجال المحدد المستهدف، عند تطبيقها للتدابير الخاصة المؤقتة للتعجيل في تحقيق المساواة الفعلية أو الموضوعية للمرأة. وينبغي لها أن تقيِّم أثر التدابير الخاصة المؤقتة المحتمـل فيما يتعلق بهدف معين في إطار ظروفها الوطنية، وأن تعتمد تلك التدابير الخاصة المؤقتة التي ترى أنها الأكثر ملاءمة للتعجيل بتحقيق المساواة الفعلية أو الموضوعية للمرأة.
28- وينبغي للدول الأطراف أن توضح أسباب تفضيل أحد أنواع التدابير على الآخر. وينبغي أن يشمل تبرير تطبيق هذه التدابير وصفا للحالة الحياتية الفعلية للمرأة، بما في ذلك الظروف والتأثيرات التي تحدد شكل حياتها وفرصها - أو فيما يخص فئة محددة من النساء اللاتي يعانين من التمييز المتعدد الأشكـال - والتي تنوي الدولة الطرف تحسين وضعهـا بشكل معجل بتطبيق هذه التدابير الخاصة المؤقتة. وفي الوقت نفسه، ينبغي توضيح العلاقة بين هذه التدابير والتدابير والجهود العامة الرامية إلى تحسين وضع المرأة.
29- وينبغي للدول الأطراف أن تقدم تفسيرات ملائمة فيما يتعلق بأي حالات لا تعتمد فيها تدابير خاصة مؤقتة. ولا يجوز تبرير هذه الحالات بمجرد تأكيد انعدام الحيلة، أو بتفسير التقاعس بالإشارة إلى قوى سوقية أو سياسية معينة، من قبيل تلك المتأصلة في القطاع الخاص، والمنظمات الخاصة أو الأحزاب السياسية. واللجنة تُذكِّر الدول الأطراف بأن المادة 2 من الاتفاقية، التي يلزم أن تُقرأ بالاقتران مع جميع المواد الأخرى، تفرض المساءلة على الدولة الطرف فيما يتعلق بتصرفات هذه الجهات الفاعلة.
30- ويجوز للدول الأطراف أن تقدم تقارير عن التدابير الخاصة المؤقتة في إطار عدة مواد. فالدول الأطراف مدعوة بموجب المادة 2 إلى تقديم تقارير عن الأساس القانوني أو غيره من الأسس التي تستند إليها هذه التدابير، وتبريرها لاختيار نهج معين. والدول الأطراف مدعوة كذلك إلى إعطاء تفاصيل عن أي تشريعات تتعلق بالتدابير الخاصة المؤقتة، وبصفة خاصة ما إذا كانت هذه التشريعات تنص على الطابع الإلزامي أو الطوعي للتدابير الخاصة المؤقتة.
31- وينبغي للدول الأطراف أن تدرج، في دساتيرها أو في تشريعاتها الوطنية، أحكاما تسمح باعتماد تدابير خاصة مؤقتة. واللجنة تذكر الدول الأطراف بأن تشريعات، من قبيل قوانين مناهضة التمييز الشاملة أو قوانين المساواة في الفرص أو الأوامر التنفيذية المتعلقة بمساواة المرأة، يمكن أن توفر إرشادا بشأن نوع التدابير الخاصة المؤقتة التي ينبغي تطبيقها لتحقيق هدف أو أهداف منصوص عليها في مجالات معينة. وهذا الإرشاد يمكن أيضاً أن يتضمنه تشريع محدد بشأن العمالة أو التعليم. وينبغي للتشريعات ذات الصلة المتعلقة بعدم التمييز، والتدابير الخاصة المؤقتة، أن تشمل الجهات الفاعلة الحكومية، فضلا عن المنظمات والمؤسسات الخاصة.
32- وتوجه اللجنة نظر الدول الأطراف إلى الحقيقة المتمثلة في أن التدابير الخاصة المؤقتة يمكن أن تبنى أيضاً على مراسيم، و/أو أوامر توجيهية خاصة بالسياسات العامة و/أو مبادئ توجيهية إدارية تضعها وتعتمدها السلطات التنفيذية الوطنية أو الإقليمية أو المحلية التابعة للحكومة، لتغطية قطاعي العمالة العامة والتعليم. ويجوز أن تشمل هذه التدابير الخاصة المؤقتة الخدمة المدنية، وميدان الأنشطة السياسية وقطاعي التعليم الخاص والعمالة. وتوجه اللجنة كذلك نظر الدول الأطراف، إلى الحقيقة المتمثلة في أن هذه التدابير يجوز أن يجري التفاوض بشأنها أيضاً بين الشركاء الاجتماعيين لقطاع العمالة العام أو الخاص أو أن تطبق بشكل طوعي من جانب المؤسسات التجارية، أو المنظمات أو المؤسسات العامة أو الخاصة والأحزاب السياسية.
33- وتؤكد اللجنة مجددا أن خطط العمل المتعلقة بالتدابير الخاصة المؤقتة تحتاج إلى أن تصمم وتطبق وتقيَّم في إطار الظروف الوطنية المحددة والمقارنة بالمعلومات الأساسية للطبيعة المحددة للمشكلة التي قصد بهذه التدابير التغلب عليها. وتوصي اللجنة بأن توفر الدول الأطراف في تقاريرها تفاصيل لأية خطط عمل قد تكون موجهة نحو خلق فرص وصول للمرأة، والتغلب على نقص تمثيلها في بعض الميادين، أو إلى إعادة توزيع الموارد والسلطة في مجالات معينة، و/أو إلى بدء تغيير مؤسسي للقضاء على التمييز السابق أو الحالي، والتعجيل بتحقيق المساواة الفعلية. وينبغي للتقارير أيضاً أن توضح ما إذا كانت خطط العمل هذه تشمل آثارا جانبية سيئة محتملة غير مقصودة لهذه التدابير، فضلا عن الإجراءات الممكنة لحماية المرأة منها. وينبغـي أن تورد الدول الأطراف في تقاريرها نتائج التدابير الخاصة المؤقتة وتقيـِّـم أسباب احتمال أي فشـل لهذه التدابير.
34- والدول الأطراف مدعوة بموجب المادة 3 إلى تقديم تقارير عن المؤسسة (أو المؤسسات) المسؤولة عن تصميم وتنفيذ ورصد وتقييم وإنفاذ هذه التدابير الخاصة المؤقتة. ويجور أن تكون هذه المسؤولية مخولة لمؤسسات وطنية قائمة أو معتزمة، من قبيل وزارات شؤون المرأة، أو إدارات شؤون المرأة التابعة لوزارات أو لمكاتب رئاسية، أو أمناء مظالم، أو محاكم أو غير ذلك من الكيانات ذات الطابع العام أو الخاص، والتي تتمثل ولايتها المطلوبة في تصميم برامج محددة، ورصد تنفيذها، وتقييم أثرها ونتائجها. وتوصي اللجنة بأن تضمن الدول الأطراف أن يكون للمرأة بصفة عامة، والفئات النسائية المتضررة بصفة خاصة، دور في تصميم وتنفيذ وتقييم هذه البرامج. ويوصى بصفة خاصة، بالتعاون والتشاور مع المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الممثلة لمختلف فئات المرأة.
35- وتوجه اللجنة النظر إلى توصيتها العامة رقم 9، بشأن البيانات الإحصائية المتعلقة بحالة المرأة، وتكرر تأكيدها، وتوصي بأن توفر الدول الأطراف بيانات إحصائية مصنفة وفقاً لنوع الجنس، لكي يتسنى قياس مدى إحراز تقدم نحو تحقيق المساواة الفعلية أو الموضوعية للمرأة، ومدى فعالية التدابير الخاصة المؤقتة.
36- وينبغي للدول الأطراف أن تقدم تقاريرها عن نوع التدابير الخاصة المؤقتة المتخذة في ميادين محددة بموجب المادة (المواد) ذات الصلة من الاتفاقية. وينبغي أن يشمل الإبلاغ بموجب المادة (المواد) ذات الصلة، إشارة إلى الأهداف والإنجازات المستهدفة المحددة، والجداول الزمنية، والأسباب المتعلقة باختيار تدابير معينة، والخطوات المتخذة لتمكين النساء من الوصول إلى هذه التدابير، والمؤسسة المسؤولة عن رصد التنفيذ والتقدم. ومطلوب من الدول الأطراف أيضاً، أن تذكر عدد النساء المتأثرات بتدبير ما، والعدد الذي سيكتسب فرصة للوصول والمشاركة في ميدان معين بسبب تدبير خاص مؤقت ما، أو كمية الموارد والسلطة التي تهدف إلى إعادة توزيعها إلى عدد معين من النساء، وفي أي إطار زمني.
37- وتؤكد اللجنة مجددا أن توصياتها العامة رقم 5 و 8 و23، التي أوصت فيها بتطبيق التدابير الخاصة المؤقتة في ميادين التعليم، والاقتصاد، والسياسة، والعمالة، وفي مجال عمل الممثلات لحكوماتهن على الصعيد الدولي، والمشاركات في أعمال المنظمات الدولية، وفي مجال الحياة السياسية والحياة العامة. وينبغي للدول الأطراف أن تكثف في حدود ظروفها الوطنية هذه الجهود، ولا سيما فيما يتعلق بجميع أوجه التعليم على جميع الصعد فضلا عن جميع أوجه وصعد التدريب والعمالة والتمثيل في الحياة العامة والحياة السياسية. وتشير اللجنة إلى أنه في جميع الحالات، ولا سيما في مجال الصحة، ينبغي للدول الأطراف أن تميز بعناية في كل ميدان بين التدابير ذات الطابع الجاري والدائم، وتلك التي لها طابع مؤقت.
38- وتذكِّر اللجنة الدول الأطراف بأنه ينبغي اعتماد التدابير الخاصة المؤقتة للتعجيل بتعديل الممارسات الثقافية والمواقف النمطية المقولبة وأنواع السلوك التي تميز ضد المرأة أو تعمل لغير صالحها والقضاء على كل ذلك. وينبغي للتدابير الخاصة المؤقتة أيضاً أن تنفذ في مجالات الائتمان والقروض، والرياضة، والثقافة، والترفيه، والوعي القانوني. وحيثما كان ذلك ضروريا، ينبغي لهذه التدابير أن توجه نحو النساء الخاضعات للتمييز المتعدد الأشكال، بما في ذلك المرأة الريفية.
39- وبالرغم من أن تطبيق التدابير الخاصة المؤقتة قد لا يكون ممكنا في إطار جميع مواد الاتفاقية، توصي اللجنة بأن ينظر في اعتمادها وقتما ينطوي الأمر على مسائل تعجيل توفير فرص الوصول للمشاركة على قدم المساواة من ناحية وتعجيل إعادة توزيع السلطة والموارد من الناحية الأخرى، وكذلك حيثما أمكن إظهار أن هذه التدابير ستكون ضرورية وأكثر ما تكون ملاءمة تحت الظروف السائدة.
_______________________
- وثيقة الأمم المتحدة HRI/GEN/1/Rev.8.
1- قد يحدث التمييز غير المباشر ضد المرأة عندما تبنى القوانين والسياسات العامة والبرامج على معايير محايدة بالنسبة لنوع الجنس في ظاهرها في حين أنها يكون لها أثر سـيـئ على المرأة عند تطبيقها فعليا. والقوانين والسياسات العامة والبرامج المحايدة بالنسبة لنوع الجنس قد تـديـم عن غير قصد نتائج التمييز الـذي حدث في الماضي. وقد تكون مصاغة، بسبب عدم الانتباه، على نموذج الأساليب الحياتية للذكر وبالتالي لا تأخذ في الاعتبار نواحي خبرات حياتية للمرأة والتي قد تختلف عن تلك الخاصة بالرجل. وقد توجد هذه الفروق بسبب التوقعات والمواقف وأنواع السلوك النمطية المقولبة الموجهة نحو المرأة والمبنية على الفروق البيولوجية بين المرأة والرجل. وقد توجد أيضاً بسبب ما هو قائم بصفة عامة من إخضاع الرجل للمرأة.
2- "… ويعرَّف نوع الجنس بأنه المعاني الاجتماعية المضفاة على الفروق البيولوجية المتصلة بنوع الجنس. وهو مقولة عقائدية وثقافية أساسية ولكنها تتردد أيضاً في عالم الممارسات المادية، وتؤثر بالتالي على نتائج هذه الممارسات. كما أنها تؤثر في توزيع الموارد والثروة والعمل وصنع القرار والنفوذ السياسي والتمتع بالحقوق والمزايا سواء في إطار الأسرة أو في الحياة العامة. ورغم الاختلافات عبر الثقافات وعلى مر الزمن فإن العلاقات الجنسانية تنطوي في أرجاء العالم على عدم الاتساق في النفوذ بين الرجل والمرأة كصفة سائدة. وهكذا يكون نوع الجنس مثل العوامل الأخرى المؤدية إلى تكوين طبقات شأنه في ذلك شأن العنصر والطبقة والأصل العرقي والتوجه الجنسي والسن. وهو يساعدنا على فهم التركيب الاجتماعي للكيانات الجنسانية وهيكل القوة غير المتكافئ الذي يكمن وراء العلاقة بين الجنسين". الدراسة الاستقصائية العالمية لعام 1999، عن دور المرأة في التنمية، الأمم المتحدة، نيويورك، 1999، ص 9.
3- انظر على سبيل المثال الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي تضع تدابير خاصة مؤقتة. وتبيــن ممارسات الهيئات المعنية برصد المعاهدات بما فيها اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري، ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن هذه الهيئات تنظـر في تطبيـق التدابير الخاصة المؤقتـة بوصفها تدابير إلزاميـة لتحقيق أغـراض المعاهدات المعنيـة. والاتفاقيات المعتمدة تحت رعاية منظمة العمل الدولية، ومختلف الوثائق الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة تنص صراحة أو ضمنا على هذه التدابير. وقد نظرت اللجنة الفرعية المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في هذه المسألة وعيّنت مقررا خاصا لإعداد تقارير لتنظر فيها وتتخذ إجراء بشأنها. واستعرضت لجنـة وضـع المـرأة استخدام التدابير الخاصة المؤقتـة في عام 1992. وتتضمن الوثائق التي تمخضت عنها مؤتمرات الأمم المتحدة العالمية المعنية بالمرأة بما فيها منهاج العمل لعام 1995 الصادر عن المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة واستعراض المتابعة لعام 2000، إشارات إلـى العمل الإيجابي بوصفه أداة لتحقيق المساواة الفعلية. ويوفر استعمال الأمين العام للأمم المتحدة للتدابير الخاصة المؤقتة مثالا عمليا في مجال عمالة المرأة، بما في ذلك من خلال إصدار التعليمات الإدارية بشأن التوظيف والترقية والتنسيب للمرأة في الأمانة العامة. وتهدف هذه التدابير إلى تحقيق هدف ال‍ 50/50 بالنسبة لتوزيع الجنسين في جميع الرتب وخاصة في المستويات العليا.
4- مصطلح "العمل الإيجابي" مستخدم في الولايات المتحدة الأمريكية وفي عدد من وثائق الأمم المتحدة، بينما يستخدم مصطلح "الإجراءات الإيجابية" حاليا على نطاق واسع في أوروبا وكذلك في الكثير من وثائق الأمم المتحدة. ومع ذلك فمصطلح "الإجراءات الإيجابية" يستخدم بمعنى مختلف آخر في قانون حقوق الإنسان الدولي لوصف "إجراء الدولة الإيجابي" (التزام دولة ما ببدء إجراء مقارنا بالتزام الدولة بعدم اتخاذ إجراء)، وذلك فمصطلح "الإجراءات الإيجابية" غامض من حيث أن معناه ليس مقصورا على التدابير الخاصة المؤقتة على النحو المفهوم من الفقرة 1 من المادة 4 من الاتفاقية. أما مصطلحي "التمييز العكسي" أو "التمييز الإيجابي" فينتقدهما الكثير من المعلقين بوصفهما غير ملائمين.

العودة للصفحة الرئيسية