المحكمة الدستورية العليا المصرية

 

قضية رقم 81 لسنة 23 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

مبادئ الحكم: قانون

نص الحكم

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الموافق 13 أبريل سنة 2003 م، الموافق 11 صفر سنة 1424 هـ

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب

رئيس المحكمة

والسادة المستشارين/ علي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي وعبد الوهاب عبد الرازق والدكتور حنفي علي جبالي وإلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي

أعضاء

وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما

رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن

أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 81 لسنة 23 قضائية "دستورية" المحالة من محكمة استئناف الإسكندرية بحكمها الصادر في الاستئناف رقم 493 لسنة 56 ق.

المقام من

السيد/ ...

ضد

1- السيد رئيس الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي

2- السيد مدير إدارة القوى العاملة والتدريب

3- السيد رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة الأهلية للغزل والنسيج

الإجراءات

بتاريخ السابع عشر من مايو سنة 2001، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الاستئناف رقم 493 لسنة 56 قضائية، بعد أن قضت محكمة استئناف الإسكندرية "الدائرة الأولى عمال" بجلسة 24/3/2001 بإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادة 62 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 فيما تضمنته من تحصين قرارات لجنة التحكيم الطبي من الطعن عليها أمام القضاء.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى، كما قدمت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مذكرة طلبت فيها الحكم أصليا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيا: برفضها.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.

ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

وحيث إن الوقائع على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق تتحصل في أن المستأنف كان قد أقام ابتداء الدعوى رقم 1140 لسنة 1997 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، طالبا الحكم بتعديل قرار لجنة التحكيم الطبي بتشخيص حالته؛ من عجز جزئي مستديم إلى عجز كلي مستديم ناشئ عن مرض أصيب به أثناء عمله بالشركة التي يمثلها المستأنف ضده الثالث، وإذ قضت المحكمة بجلسة 24/2/2000 بعدم قبول الدعوى استنادا إلى ما نصت عليه المادة 62 من القانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه من أن يكون قرار لجنة التحكيم الطبي ملزما لطرفي النزاع، فقد طعن المستأنف على هذا الحكم بالاستئناف رقم 493 لسنة 56 قضائية أمام محكمة استئناف الإسكندرية؛ طالبا الحكم بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء له بطلبه السالف البيان، وتضمنت صحيفة الاستئناف كذلك دفعه بعدم دستورية نص المادة 61 من القانون رقم 79 لسنة 1975 آنف البيان، وإذ تراءى لمحكمة استئناف الإسكندرية عدم دستورية نص المادة 62 من هذا القانون فيما تضمنه من تحصين قرارات لجنة التحكيم الطبي من الطعن عليها أمام القضاء؛ لإخلالها على ما ساقته من أسباب بحق التقاضي المنصوص عليه في المادة 68 من الدستور، فقد قضت بجلسة 24/3/2001 بإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية النص المشار إليه.

وحيث إن المادة 61 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، المعدل بالقانونين رقمي 25 لسنة 1977 و207 لسنة 1994، تنص على أن "للمؤمن عليه أن يتقدم بطلب إعادة النظر في قرار جهة العلاج وذلك خلال أسبوع من تاريخ إخطاره بانتهاء العلاج أو بتاريخ العودة للعمل، أو بعدم إصابته بمرض مهني، وخلال شهر من تاريخ إخطاره بعدم ثبوت العجز أو بتقدير نسبته.

ويقدم الطلب إلى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مرفقا به الشهادات الطبية المؤيدة لوجهة نظره مع أداء مائة قرش كرسم تحكيم".

وتنص المادة 62 من القانون ذاته والتي تتضمن في عجزها النص الطعين على أن "على الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي إحالة الطلب إلى لجنة تحكيم يصدر بتشكيلها وتنظيم عملها قرار من وزير التأمينات بالاتفاق مع وزير القوى العاملة.

وعلى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي إخطار المصاب بقرار التحكيم الطبي بكتاب موصى عليه بعلم الوصول خلال ثلاثة أيام على الأكثر من تاريخ وصول الإخطار إليها، ويكون القرار ملزما لطرفي النزاع، وعليها تنفيذ ما يترتب عليه من التزامات".

وحيث إن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي دفعت بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة؛ تأسيسا على أن النص الطعين لا ينطبق في الدعوى الموضوعية وبالتالي فإن الفصل في دستوريته لن يحقق للمدعي في تلك الدعوى فائدة عملية يمكن أن تؤثر على مركزه القانوني فيها.

وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن النص الطعين جعل قرار لجنة التحكيم الطبي ملزما لطرفي النزاع، مما حدا بمحكمة الموضوع إلى إحالة ملف الدعوى الموضوعية إلى هذه المحكمة لحسم المسألة الدستورية المثارة في شأن ما يتضمنه ذلك النص من تحصين قرار اللجنة المذكورة من الطعن عليه أمام القضاء، وبالتالي يكون حسم هذه المسألة لازما للفصل في طلبه المطروح أمام محكمة الموضوع طعنا على قرار تلك اللجنة، مما يتوافر به شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الماثلة، ومن ثم يكون الدفع بعدم قبولها قائما على غير أساس؛ متعينا الالتفات عنه.

وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص الطعين إخلاله بحق التقاضي المقرر بالمادة 68 من الدستور، التي تنص على أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، وأنه وبالمخالفة لذلك جاء النص الطعين مقررا أن يكون قرار لجنة التحكيم الطبي ملزما لطرفي النزاع، بما مؤداه أن يظل قرارها بمنأى عن الطعن فيه أمام القضاء.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن لجنة التحكيم التي أشار إليها النص الطعين وأحال في شأن تشكيلها إلى قرار يصدر من وزير التأمينات الاجتماعية بالاتفاق مع وزير القوى العاملة، حيث صدر القرار رقم 215 لسنة 1977 قاضيا بتشكيلها من طبيب الصحة المهنية بمديرية القوى العاملة الواقع في دائرة اختصاصها مكان العمل، وطبيب من الهيئة العامة للتأمين الصحي، وطبيب أخصائي يختاره مقرر اللجنة من مديرية الشئون الصحية أو من إحدى المستشفيات الجامعية حسب حالة المؤمن عليه طالب التحكيم، إنما تختص بفحص طلب المؤمن عليه بإعادة النظر في قرار جهة العلاج، وهي بمنطق تشكيلها على النحو المشار إليه لا تعدو أن تكون لجنة فنية بحتة، تصدر قرارها في حدود صلاحياتها كجهة طبية تقول كلمة أخيرة فيما يتعلق بالأمراض المهنية أو حالات العجز ونسبته. إذ كان ذلك، وكانت العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، فإن التجاوز في تسمية هذه اللجنة بأنها لجنة تحكيم، في حين أنه لا شأن لها بالتحكيم كنظام لتسوية المنازعات بالمفهوم القضائي، يقود إلى إنزالها منزلتها الحقيقية وإعطائها التكييف القانوني الصحيح بوصفها لجنة فنية طبية، يكون قرارها الفني ملزما لطرفي النزاع، ولا يتجاوز في هذا الإلزام حدود المسألة الفنية التي تناولتها بالبحث والبت فيها، كما أنه لا شأن لذلك بحق الطرفين في اللجوء إلى القضاء، حيث لم يتضمن النص الطعين حظرا على التقاضي في شأن هذه المسألة الفنية، كما أنه لم ينطو على تحصين قرارات تلك اللجنة من الطعن عليها أمام القضاء، بما ينفي عن النص الطعين قالة مخالفته للدستور، ويكون النعي عليه غير قائم على أساس صحيح مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى.

 

 

العودة للصفحة الرئيسية