المحكمة الدستورية العليا المصرية

 

قضية رقم 22 لسنة 16 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

 مبادئ الحكم: دعوى دستورية

نص الحكم

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم السبت 4 مايو سنة 1996 م، الموافق 16 ذو الحجة سنة 1416 هـ

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر

رئيس المحكمة

والسادة المستشارين/ محمد إبراهيم أبو العينين وسامي فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله

أعضاء

وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي علي جبالي

رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ حمدى أنور صابر

أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 22 لسنة 16 قضائية "دستورية".

المقامة من

السيد/ ...   المدير الإقليمي لشركة هيلتون انترناشيونال

ضد

1- السيد/ رئيس الجمهورية

2- السيد/ رئيس مجلس الشعب

3- السيد/ رئيس الوزراء

4- السيد/ وزير المالية

5- السيد/ مدير عام مصلحة الضرائب

الإجراءات

بتاريخ 12 مايو سنة 1994 أقامت الشركة المدعية هذه الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة، طالبة الحكم بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة، والمضافة بالقانون رقم 5 لسنة 1986 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 147 لسنة 1984 المشار إليه، وكذلك المادة الثالثة من كل من هذين القانونين، مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع - حسبما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المدعية، كانت قد أقامت الدعوى رقم 10192 لسنة 1992 مدني كلي جنوب القاهرة ضد كل من وزير المالية ومدير عام مصلحة الضرائب ومدير إدارة رسم تنمية موارد الدولة، طالبة الحكم ببراءة ذمتها من المبالغ التي تطالبها بها مصلحة الضرائب كتعويض عن التخلف في توريد هذا الرسم المستحق عن الحفلات التي أقامتها بأحد فنادقها.

وقد دفعت المدعية أثناء نظر دعواها هذه، بعدم دستورية نص المادتين الأولى والثالثة من القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1968.

وبجلسة 27 فبراير 1994 قضت محكمة الموضوع بوقف الدعوى تعليقا وعلى المدعى بصفته رفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، وحددت لجلسة 15/5/1994 لإعادة النظر في الدعوى إذا لم ترفع الدعوى الدستورية في ذلك التاريخ، وأسست محكمة الموضوع حكمها هذا على أن المادتين محل الدفع بعدم الدستورية، هما المادتان الأولى والثالثة من القانون رقم 147 لسنة 1984 المشار إليه، وهما كذلك سند مطالبتها بالمبالغ التي تطلب الحكم ببراءة ذمتها منها. وإذ أقامت المدعية دعواها الدستورية رقم 22 لسنة 16 قضائية "دستورية"، فقد عادت محكمة الموضوع إلى نظر النزاع، وقررت مرة ثانية - وعلى ضوء تقديرها لجدية الدفع بعدم دستورية هاتين المادتين - وقف الدعوى تعليقا لمدة عام إلى أن يتم الفصل في الدعوى الدستورية المشار إليها.

وحيث إن المادة 3 من القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة، تنص على أن "يحصل الرسم المنصوص عليه في المادة الأولى من هذا القانون، بالإضافة إلى الضرائب والرسوم المقررة بمقتضى القوانين الصادرة بشأنها عن ذات الإيراد أو الواقعة الخاضعة للرسم المفروض بهذا القانون، وتسري في شأنه جميع الأحكام المنصوص عليها في القوانين المشار إليها".

وتنص المادة 3 من القانون رقم 5 لسنة 1986 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 147 لسنة 1984 المشار إليه، على ما يأتي: "تسري في شأن مخالفة أحكام المادة الأولى من هذا القانون، المواد 187(ثالثا) و190 و191 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981".

وحيث إن القانون رقم 5 لسنة 1968، وإن تضمن تعديلا لبعض الأحكام التي اشتمل عليها القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة، إلا أن المادة الثالثة بكل من هذين القانونين، لها ذاتيتها وحكمها الخاص بها، لتنظيمهما موضوعين مختلفين، فلا تعتبر ألحقهما تعديلا لأسبقهما.

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يقوم ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسائل الدستورية لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع.

ويتحدد مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- باجتماع شرطين أو عنصرين: أولهما: أن يقيم المدعي - وفي حدود الصفة التي اختصم بها النص التشريعي المطعون عليه - الدليل على أن ضررا واقعيا - اقتصاديا أو غيره - قد لحق به. ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرا، مستقلا بعناصره، ممكنا تصوره وتحديده ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررا متوهما أو نظريا أو مجهلا، بما مؤداه أن الرقابة الدستورية يتعين أن تكون موطئا لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها وتصفية آثارها القانونية· ثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق على المدعي أصلا، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، فان المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية، يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه عند رفعها.

وحيث إن الحكمين الصادرين عن محكمة الموضوع أولهما في 27/2/1994 وثانيهما في 28/8/1994، قاطعان في أن المادتين اللتين قدرت بشأنهما جدية الدفع بعدم الدستورية المثار من المدعية، هما المادتان الأولى والثالثة من القانون رقم 147 لسنة 1984 المشار إليه، ليكون التصريح برفع الدعوى الدستورية متعلقا بهما وحدهما، فلا يمتد لنص المادة الثالثة من القانون رقم 5 لسنة 1986 التي تستقل بمضمونها عنهما، ذلك أن نطاق الدعوى الدستورية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع، وفي الحدود التي تقدر فيها جديته.

وحيث إن المدعية في الدعوى الدستورية الماثلة لا تنازع أصلا في استحقاق رسم التنمية المفروض على الحفلات الترفيهية التي تقام في الفنادق بمقتضى البند 15 من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1986. وما كان لها أن تفعل، ذلك أن المدين أصلا بهذه الضريبة، هم من يقيمون حفلاتهم في فندقها. ولا تقوم مسئوليتها إلا عن تحصيلها منهم، وتوريدها إلى الخزانة العامة. ومن ثم كان منطقيا أن تركز مذكراتها على الجزاء المقرر بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 في شأن تخلفها عن توريد هذه الضريبة في الموعد المحدد لذلك، وهو ما يفيد سبق تحصيلها لها من الملتزمين أصلا بأدائها. وإذ كان هذا الجزاء يتمثل في إلزامها بدفع مثل المبالغ المقررة، ولو كان تراخيها في التوريد ليوم واحد، وكان هذا الجزاء في تقديرها منافيا للعدالة الاجتماعية، مرتبطا بمجرد التأخر في توريد الضريبة، وليس متوقفا على الامتناع عن توريدها احتيالا، فإن الحكم ببراءة ذمتها من المبالغ التي طالبتها بها مصلحة الضرائب إعمالا لهذا الجزاء، يكون معلقا على الفصل في دستورية الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 - التي أضيرت من جراء تطبيقها عليها - دون غيرها من الأحكام التي تعلق بها الدفع بعدم الدستورية.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان قد سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت في الدعوى رقم 33 لسنة 16 قضائية "دستورية" بعدم دستورية حكم الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984، وقد نشر حكمها في الجريدة الرسمية بتاريخ 16 من فبراير 1996، وكان لقضائها هذا - وباعتباره قولا فصلا في المسائل التي حسمها - حجية كاملة ومطلقة يكون فيها منصرفا إلى الدولة والناس أجمعين، فلا يملكون تعقيبا عليه أو تعديلا لمحتواه، وكان الحكم الصادر في القضية المشار إليها، يعتبر هادما للأساس الذي أقامت عليه مصلحة الضرائب مطالبتها محل دعوى براءة الذمة التي أقامتها المدعية، ومحققا للمدعية طلباتها في النزاع الموضوعي بكامل أشطارها، فان الخصومة في الدعوى الدستورية الماثلة، تكون منتهية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية.

 

 

العودة للصفحة الرئيسية