المحكمة الدستورية العليا المصرية

 

قضية رقم 10 لسنة 7 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

مبادئ الحكم: الرقابة على دستورية القوانين - حقوق - دعوى دستورية - قانون - مجلس الشعب

نص الحكم
باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة 4 يونيه سنة 1988 م

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن

رئيس المحكمة

والسادة المستشارين/ منير أمين عبد المجيد ورابح لطفي جمعة وفوزي أسعد مرقس وشريف برهام نور والدكتور عوض محمد المر والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين

أعضاء

وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة

المفوض

وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد

أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 10 لسنة 7 قضائية "دستورية".

الإجراءات

بتاريخ 28 يناير سنة 1985 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبا الحكم بعدم دستورية المواد الثالثة والخامسة مكررا، والسادسة والسابعة عشر والثامنة عشر من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليا بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحتياطيا باعتبار الخصومة منتهية ومن باب الاحتياط الكلي برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.

حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 3754 لسنة 38 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري طالبا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار مدير أمن القاهرة بعدم قبول أوراق ترشيحه لعضوية مجلس الشعب وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار. وبجلسة 8 مايو 1984 قضت محكمة القضاء الإداري برفض طلب الوقف، فطعن المدعى على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 1982 لسنة 30 قضائية حيث دفع بعدم دستورية القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983 ورخصت له المحكمة في رفع دعواه بعدم الدستورية فأقام الدعوى الماثلة، فأقام بعد ذلك الدعوى رقم 2696 لسنة 41 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري طالبا الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 101 جنيه كتعويض عن الأضرار التي لحقت به كطلب مضاف إلى طلباته في الدعوى رقم 3754 لسنة 38 قضائية.

وحيث إن الحكومة دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيسا على أن العدول عن نظام الانتخاب الفردي إلى نظام الانتخاب بالقوائم الحزبية بموجب القانون رقم 114 لسنة 1983 المطعون عليه المعدل للقانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب هو من المسائل السياسية إذ يتصل بالنظام السياسي الداخلي الذي أصبح بعد تعديل المادة الخامسة من الدستور في 22 مايو سنة 1980 يقوم على أساس تعدد الأحزاب ومن ثم ينأى هذا العدول وعن رقابة المحكمة الدستورية العليا ويخرج عن اختصاصها هو وما استتبعه من تعديل في عدد الدوائر الانتخابية وتنظيم عملية الترشيح وتوزيع الأصوات وتوزيع المقاعد في المجلس النيابي وفقا لنتيجة الانتخاب.

وحيث إن هذا الدفع مردود بأن القانون رقم 114 لسنة 1983 بتعديل القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب وقد صدر في أمر يتعلق بحق الترشيح لعضوية مجلس الشعب، وهو الحق الذي عنى الدستور بالنص عليه وعلى كفالته والذي ينبغي على سلطة التشريع ألا تنال منه وإلا وقع عملها مخالفا للدستور، فإن القانون المذكور لا يكون قد تناول مسائل سياسية تنأى عن الرقابة الدستورية على نحو ما ذهبت إليه الحكومة، ويكون الدفع المبدى منها بعدم اختصاص المحكمة قائما على غير أساس متعينا رفضه.

وحيث إن الحكومة طلبت في مذكرتها التكميلية الحكم بانتهاء الخصومة تأسيسا على أن المدعى إذ يستهدف من دعواه الموضوعية قبول أوراق ترشيحه لعضوية مجلس الشعب الذي صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1987 بتاريخ 14 فبراير 1987 بحله فإن الدعوى الموضوعية بعد حل هذا المجلس تصبح غير ذات موضوع وتكون الخصومة في الدعوى الدستورية بالتالي منتهية.

وحيث إن تعديل بعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1983 - المطعون فيه - بمقتضى القانون رقم 188 لسنة 1986، الذي تلاه صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1987 بحل مجلس الشعب، لا يحول دول النظر والفصل في الطعن بعدم الدستورية من قبل من طبق عليهم القانون رقم 114 لسنة 1983 المعدل للقانون رقم 38 لسنة 1972 خلال فترة نفاذه وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم وبالتالي توافرت لهم مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن بعدم دستوريته، ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية أنها تسرى على الوقائع التي تتم في ظلها أي خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا ألغيت هذه القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن هذه القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين، ومن ثم فإن المراكز القانونية التي نشأت وترتبت آثارها في ظل القانون القديم تخضع لحكمه وحده. لما كان ذلك وكان القانون رقم 114 لسنة 1983 المطعون فيه قد طبق على المدعى وأعملت في حقه أحكامه إذ حرمه من حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب، وظلت آثاره - وهى بقاؤه محروما من حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب - قائمة بالنسبة إليه طوال مدة نفاذه، وكانت الدعوى الموضوعية لازالت مطروحة أمام محكمة القضاء الإداري بما تضمنته من طلبات ترتكز جميعها على الطعن بعدم دستورية القانون رقم 114 لسنة 1983 المعدل للقانون رقم 38 لسنة 1972 ويعتبر هذا الطعن أساسا لها، ومن ثم فإن مصلحة المدعى في الدعوى الدستورية الماثلة تظل قائمة، ويكون طلب الحكم باعتبار الخصومة الدستورية منتهية في غير محله.

وحيث إنه يبين من صحيفة الدعوى أن المدعى وإن كان قد طعن على المواد الثالثة والخامسة مكررا والسادسة والسابعة عشر والثامنة عشر من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983 والجدول المرافق له، إلا أنه لما كان من المقرر أنه يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن تتوافر للطاعن مصلحة شخصية ومباشرة في طعنه، ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته في دعوى الموضوع التي أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها والتي يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها، وكان ما استهدفه المدعى من دعواه الموضوعية هو إلغاء قرار مدير أمن القاهرة في 22 أبريل 1984 برفض قبول أوراق ترشيحه لعضوية مجلس الشعب لعدم إرفاقه بها صورة معتمدة من قائمة الحزب الذي ينتمي إليه مثبتا بها إدراجه فيها، لما كان ذلك وكانت المواد الخامسة مكررا والسادسة "فقرة 1" والسابعة عشر "فقرة 1" هي التي تضمنت أحكامها وجوب استيفاء هذا الشرط، فإن مصلحة المدعى في دعواه الماثلة إنما تقوم على الطعن بعدم دستورية هذه المواد فحسب، بتقدير أن الحكم له في الطلبات الموضوعية يتوقف على ما يسفر عنه القضاء في الطعن بعدم دستوريتها، أما باقي مواد القانون رقم 38 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 114لسنة 1983 المطعون فيها والجدول المشار إليه في المادة الثالثة منه فلا مصلحة شخصية ومباشرة للمدعى في الطعن بعدم دستوريتها إذ ليس ثمة أثر لها على طلباته أمام محكمة الموضوع، ذلك أن المادة الثالثة تقضى بتقسيم الجمهورية إلى عدد معين من الدوائر الانتخابية وبوجوب تمثيل المرأة في بعضها، وتجابه المادة الثامنة عشر حالة خلو مكان أحد الأعضاء قبل انتهاء مدة عضويته في مجلس الشعب، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذه المواد لانتفاء مصلحة المدعى في الطعن عليها.

وحيث إن المدعى ينعى على المواد الخامسة مكررا والسادسة فقرة أولى والسابعة عشر فقرة أولى المشار إليها آنفا مخالفتها للمواد 40، 47، 62 من الدستور لإخلالها بمبدأ المساواة بين المواطنين ولتعارضها مع حرية الرأي ومصادرتها حق بعض المواطنين في الترشيح لعضوية مجلس الشعب.

وحيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بتاريخ 16 مايو 1987 في الدعوى رقم 131 لسنة 6 قضائية دستورية بعدم دستورية المواد الخامسة مكررا والسادسة "فقرة 1" والسابعة عشر "فقرة 1" من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983، وهى ذات المواد المطعون عليها في الدعوى الماثلة وفق ما تقدم وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 31 مايو 1987.

وحيث إن الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية وهى بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري تكون لها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حجية مطلقة بحيث لا يقتصر أثرها على الخصوم في الدعاوى التي صدرت فيها وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة وتلتزم بها جميع سلطات الدولة سواء أكانت هذه الأحكام قد انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه أم إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس.

لما كان ذلك وكانت هذه المحكمة قد سبق أن أصدرت حكمها المتقدم بعدم دستورية المواد الخامسة مكررا والسادسة "فقرة أولى" والسابعة عشر "فقرة 1" من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983، وكان قضاؤها هذا له حجية حسمت الخصومة الدستورية بشأنها حسما قاطعا مانعا من نظر أي طعن يثور من جديد فإن المصلحة في الدعوى الماثلة تكون قد زالت وبالتالي يتعين الحكم بعدم قبولها.

وحيث إن الثابت أن المدعى كان قد أقام هذه الدعوى قبل صدور الحكم في الدعوى السابقة بعدم دستورية هذه المواد، ومن ثم يتعين الحكم بإلزام الحكومة مصروفات هذه الدعوى.

لهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.

 

العودة للصفحة الرئيسية