التزامات اليمن بموجب اتـفـاقـيـة حـقـوق الـطـفــل والبروتوكولين الملحقين بها

 

جاء اعتماد اتفاقية حقوق الطفل بمثابة تتويج لما يزيد على ستة عقود من العمل على تطوير وتدوين القواعد الدولية المعنية بحقوق الطفل. إذ صدر إعلان جنيف في عام 1924 كأول وثيقة دولية خاصة بحقوق الطفل، ويتضمن هذا الإعلان خمس نقاط تتعلق بحقوق الطفل في مجال النمو المادي والروحي والإعاشة، والحماية، والإغاثة، والتدريب، والتآخي. ولاحقا اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1959 إعلان حقوق الطفل، ونادى الإعلان الأخير بأن "مصلحة الطفل العليا" يجب أن توجه أفعال وتصرفات الذين يؤثرون في الأطفال.

وفي الذكرى السنوية العشرين لصدور إعلان حقوق الطفل بدأت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في صياغة معاهدة خاصة بحقوق الطفل، وهو الأمر الذي استغرق عقدا كاملا. وتعد الاتفاقية بمثابة قائمة فريدة في شمولها لمعايير حقوق الإنسان المتعلقة بالأطفال. إذا فضلا عن كونها تتضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية للأطفال، فقد اهتمت أيضا بوضعية الأطفال في النزاعات المسلحة والأطفال اللاجئين.

وتحظى اتفاقية حقوق الطفل بما يشبه الإجماع العالمي فكل دول العالم، فيما عدا الولايات المتحدة الأمريكية والصومال، أطراف في الاتفاقية. واليمن من الدول الأطراف في الاتفاقية والبروتوكولين الملحقين بها.

والطفل وفقا للاتفاقية هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من العمر، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه. وعلى الدول الأطراف احترام وضمان الحقوق الموضحة في الاتفاقية، واتخاذ ما يلزم من التدابير لإعمالها. وعليها أن تتخذ هذه التدابير فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى أقصى حدود مواردها المتاحة، وحيثما يلزم، في إطار التعاون الدولي.

وتتضمن الاتفاقية أربع مبادئ عامة أساسية، هي:

عدم التمييز: يجب على الدول الأطراف احترام وضمان الحقوق الموضحة في الاتفاقية لكل طفل دون أي نوع من التمييز، كما يجب عليها أن تتخذ جميع التدبير المناسبة لكفالة حماية الطفل من جميع أشكال التمييز.

مصالح الطفل الفضلى: يجب على الدول الأطراف أن تولي مصالح الطفل الفضلى الاعتبار الأول في جميع الإجراءات المتعلقة به، وأن تضمن له الحماية والرعاية اللازمتين لرفاهه.

الحق في الحياة والبقاء والنمو: لكل طفل حق أصيل في الحياة، وعلى الدول الأطراف أن تكفل إلى أقصى حد ممكن بقاء الطفل ونموه.

الحق في المشاركة: يجب على الدول الأطراف أن تكفل للطفل القادر على تكوين آرائه الخاصة حق التعبير عن تلك الآراء بحرية في جميع المسائل التي تمس الطفل.

تلتزم الدول الأطراف باحترام مسؤوليات وواجبات الوالدين والأسرة في تربية الأطفال. وتنص الاتفاقية على العديد من الضوابط ذات الصلة بفصل الطفل عن والديه، واحترام حق الطفل المنفصل عن والديه في الاحتفاظ بعلاقة منتظمة معهما. ويجب عليها أيضا أن تحترم حق الطفل في الاحتفاظ بهويته، وأن تقدم المساعدة والحماية المناسبتين من أجل الإسراع بإثبات هويته إذا ما اقتضى الأمر ذلك. ويجب النظر في الطلبات المتعلقة بجمع شمل الأسرة بطريقة إيجابية وإنسانية وسريعة.

وتقر الاتفاقية بحق الطفل المعوق عقليا أو جسديا في التمتع بحياة كاملة وكريمة، في ظروف تكفل له كرامته وتعزز اعتماده على النفس وتيسر مشاركته الفعلية في المجتمع. ونصت الاتفاقية في إطار إقرارها بحق الطفل في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، على التزام الدول الأطراف بأن تتخذ عدد من التدابير من بينها خفض وفيات الرضع والأطفال، وتطوير الرعاية الصحية الأولية، ومكافحة الأمراض وسوء التغذية، وكفالة الرعاية الصحية المناسبة للأمهات قبل الولادة وبعدها.

كما تلتزم الدول الأطراف في الاتفاقية بحق الطفل في التعليم بما في ذلك جعل التعليم الابتدائي إلزاميا ومتاحا مجانا للجميع، واتخاذ تدابير لتشجيع الحضور المنتظم في المدارس والتقليل من معدلات ترك الدراسة. ويجب أن يكون تعليم الطفل موجها نحو تنمية شخصيته ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية إلى أقصى إمكاناتها وكذلك تنمية احترام حقوق الإنسان. وأقرت الاتفاقية بحق الطفل في الراحة وأوقات الفراغ، وفي الحماية من الاستغلال والأعمال الخطرة والمضرة والمخدرات. كما اهتمت الاتفاقية بتوضيح عدد من القواعد الخاصة بالتبني، وتقديم المساعدة للطفل اللاجئ، وحقوق الأحداث والمحرومين من حريتهم، وحقوق أطفال الأقليات والسكان الأصليين.

وفي 25 أيار/مايو 2000 قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتماد بروتوكوليين إضافيين لاتفاقية حقوق الطفل، لتطوير بعض القواعد الواردة في الاتفاقية. فعلى سبيل المثال، تنص الاتفاقية على التزام الدول الأطراف بأن تتخذ جميع التدابير الممكنة عمليا لكي تضمن ألا يشترك الأشخاص الذين لم يبلغ سنهم خمسة عشرة سنة اشتراكا مباشرا في الحرب، وأن تمتنع عن تجنيد أي شخص لم يبلغ خمسة عشر سنة في قواتها المسلحة، وعند قيامها بالتجنيد من بين الأشخاص الذين بلغت سنهم خمس عشرة سنة ولكنها لم تبلغ ثماني عشرة سنة أن تسعى لإعطاء الأولوية لمن هم الأكبر سنا. بينما تلتزم الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل المتعلق باشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، باتخاذ جميع التدابير الممكنة عمليا لكفالة عدم اشتراك أفراد قواتها المسلحة الذين يقل سنهم عن ثمان عشرة سنة اشتراكا مباشرا في الأعمال العدائية. كما لا يجوز لها أن تجند قسريا أي أشخاص لم يبلغوا سن الثامنة عشرة، ويجب عليها أن ترفع الحد الأدنى لسن التجنيد الطوعي لما فوق خمس عشرة سنة، وأن تكفل أن هذا التجنيد طوعي بالفعل، وأنه يتم بموافقة مستنيرة من والدي الشخص أو أوصيائه القانونيين، وأن يكون المجندون على علم كامل بالواجبات التي سيضطلعون بها في الخدمة العسكرية، والتأكد من عمر المجند. هذا ويحظر البروتوكول على الجماعات المتمردة أو الجماعات المسلحة غير الحكومية تجنيد الأشخاص الذين لم يبلغ سنهم ثمان عشرة سنة أو استخدامهم في الأعمال العدائية. ويطالب الدول الأطراف بتجريم هذه الممارسات وأن تتخذ تدابير أخرى لمنع هذه الجماعات من تجنيد واستخدام الأطفال. وعليها أيضا أن تسرح الأطفال الذين جندتهم أو استخدمتهم على نحو يشكل انتهاكا للبروتوكول وأن توفر المساعدة الملائمة للتأهيل وإعادة الاندماج.

هذا ويكمل البروتوكول المتعلق ببيع الأطفال وبغاء الأطفال واستغلال الأطفال في المواد الإباحية الأحكام ذات الصلة الواردة بالاتفاقية ويطورها، إذ تلتزم الدولة الطرف فيه بأن تضع قواعد لمعالجة الانتهاكات ذات الصلة بحيث يتم تغطيتها على نحو شامل في قانونها الجنائي أو قانون العقوبات، سواء أكانت تلك الجرائم ترتكب محليا أو دوليا أو كانت ترتكب على أساس فردي أو منظم. وأن تتخذ ما تراه ضروريا من التدابير لإقامة ولايتها القضائية عليها، وأن تقوم بتقديم أقصى قدر من المساعدة إلى بعضها البعض فيما يتعلق بعمليات التحقيق أو الإجراءات الجنائية أو إجراءات تسليم المجرمين، وعليها أيضا أن يأيض

تتخذ التدابير المناسبة لحماية حقوق ومصالح الأطفال ضحايا الممارسـات المحظـورة فـي جميـع مراحـل الإجـراءات القضائية الجنائية. وعلى الدول الأطراف أيضا أن تتخذ كل الخطوات اللازمة لتقوية التعاون الدولي عن طريق الترتيبات الثنائية والمتعددة الأطراف والإقليمية لمنع وكشف وتحري ومقاضاة ومعاقبة الجهات المسؤولة عن أفعال تنطوي على بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الإباحية والسياحة الجنسية.

وتقوم لجنة حقوق الطفل المنشأة بموجب الاتفاقية، بدارسة مدى وفاء الدول الأطراف بالتزاماتها بموجب الاتفاقية والبروتوكوليين الملحقين بها، وتتكون اللجنة من 18 خبيرا مستقلا تنتخبهم الدول الأطراف لمدة أربع سنوات، ويجب أن يراعى في تشكيل اللجنة التوزيع الجغرافي العادل وتمثيل النظم القانونية الرئيسية. وتلتزم الدول الأطراف بأن تقدم تقارير دورية للجنة عن مدى وفائها بالتزاماتها. وتفحص اللجنة هذه التقارير وتصدر توصياتها للدولة المعنية.

وتضمنت ملاحظات للجنة على التقرير الدوري الرابع لليمن، والذي فحصته في حزيران/يونيه 2005، تأكيد اللجنة على توصياتها السابقة، بما في ذلك ضرورة القيام بفحص التدابير التشريعية والتدابير الأخرى القائمة لضمان تنفيذ أحكام الاتفاقية ومبادئها، ومطالبتها بأن تتخذ الدولة كافة التدابير اللازمة للاستجابة لها ومتابعة تنفيذها.

وعبر ت اللجنة عن قلقها إزاء عدم اتساق التشريعات فيما يتعلق بتعريف الطفل وبخاصة الفرق بين سن الرشد المحدد ـ 18 سنة، وسن البلوغ المحدد ـ 15 سنة. أوصت بضمان حصول جميع الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة على حماية متساوية في إطار الاتفاقية، وباتخاذ التدابير اللازمة لمنع الزيجات المبكرة جدا ورفع السن القانونية للزواج إلى مستوى مقبول دوليا.

كما أوصت اللجنة أن تقوم الدولة بتعزيز جهودها لضمان تمتع جميع الأطفال الخاضعين لولايتها، دون تمييز، بجميع الحقوق التي تنص عليها الاتفاقية، لا سيما الفتيات الصغيرات، وأن تعطي الأولوية للخدمات الاجتماعية الموجهة إلى الأطفال المنتمين إلى أضعف الفئات، بمن فيهم الأطفال المشار إليهم باسم "الأخدام" والأطفال المعوقون وأطفال الشوارع والأطفال الذين يعيشون في المناطق الريفية. وأن تشجع الدولة وتيسر احترام آراء الطفل ومشاركته في جميع المسائل التي تخصه في شتى مجالات المجتمع، لا سيما على المستويات المحلية وفي المجتمعات التقليدية.

أوصت اللجنة بأن تقوم الدولة على وجه السرعة باستعراض التشريعات القائمة، وأن تحظر جميع أشكال العقاب البدني حظرا صريحا، وأن تلغي بموجب القانون إمكانية الحكم على الطفل بأي عقوبة بدنية، وأن تنظم حملات توعية عامة، بشأن الآثار السلبية لمعاقبة الأطفال بدنيا، وتوفر للمدرسين والآباء تدريبا على أساليب التأديب الخالية من العنف كبديل للعقاب البدني. كما طالبت اللجنة بأن تخصص الدولة الموارد المالية والبشرية المناسبة لقطاع الصحة، مع التركيز على دور الرعاية الصحية الوقائية، وأن تعمل على خفض معدلات وفيات الرضع والأطفال دون سن الخامسة ووفيات الأمهات. وأن يتم اعتبار القات مادة خطرة، وأن تتخذ الدولة أيضا جميع التدابير الضرورية لإذكاء الوعي بشأن مخاطر تعاطي هذه المادة ومنع وصول الأطفال إليها. كما طالبت اللجنة بأن تقوم الدولة بتقديم تقريرها الدوري في موعد أقصاه 30 أيار/مايو 2008، وقد قدمته اليمن في 21 أيار/مايو 2010 وسوف تناقشه اللجنة في أحد دوراتها القادمة.

بينما قامت اللجنة بالنظر في التقرير الأولي لليمن المتعلق بالبروتوكول الملحق بالاتفاقية بشأن بيع الأطفال وبغاء الأطفال واستغلال الأطفال في المواد الإباحية في 30 أيلول/سبتمبر 2009، واعتمدت في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2009، ملاحظاتها الختامية بهذا الخصوص والتي شملت على التوصية بإنشاء نظام شامل لجمع البيانات يتكفل بجمعها وتحليلها بصورة منهجية. كما أكدت اللجنة على أهمية التوصية الصادرة عن لجنة خبراء منظمة العمل الدولية المعنية بتطبيق الاتفاقيات والتوصيات والتي تدعو إلى بذل الجهود للاضطلاع بالبحوث حول مدى الاستغلال الجنسي التجاري للأطفال دون سن الثامنة عشرة، واتجاهات هذا الاستغلال، في اليمن بحيث تتوفر المعلومات اللازمة لاتخاذ تدابير فعالة محددة زمنيا لتحديد الأطفال المعرضين للخطر بصورة خاصة ومساعدتهم. ودعت اللجنة بأن تعالج الدولة، على سبيل الأولوية، مشكلة الاستغلال الجنسي، بما فيه ما يسمى "الزيجات المؤقتة"، وذلك بحظر هذه الممارسات وتجريمها فعليا، واتخاذ تدابير خاصة لحماية البنات وتحديد الضحايا والعمل على إعادة الاندماج الاجتماعي.

وطالبت اللجنة بأن تجرم الدولة عرض الأطفال أو تسليمهم أو قبولهم، بأية وسيلة كانت، لأغراض العمل القسري، وأن تعتمد الدولة كل ما يلزم من التدابير التشريعية وغير التشريعية اللازمة لكي تمنع وتجرم فعليا بيع الأطفال لأغراض نقل الأعضاء تحقيقا للربح، وفق ما تقتضيه الفقرة 1(أ)‘1‘ و(ب) من المادة 3 من البروتوكول الاختياري، ولكي تقدم مرتكبي هذه الجريمة للعدالة.

وكذلك أوصت اللجنة بأن تتخذ الدولة جميع التدابير اللازمة التي تتكفل بتحديد الأطفال من ضحايا جميع الجرائم المدرجة في البروتوكول الاختياري، بصورة ملائمة، وعدم إخضاعهم لأية غرامات أو الحكم عليهم بالسجن، وحمايتهم من الاعتداء في المستقبل وتزويدهم بالمساعدة على إعادة التأهيل والاندماج، بما في ذلك: وضع إجراءات شاملة للتحديد المبكر للأطفال ضحايا الجرائم الواردة في البروتوكول الاختياري؛ وضمان عدم تجريم الأطفال من ضحايا أي من الجرائم الواردة في البروتوكول الاختياري، بما في ذلك عن طريق اعتماد التدابير التشريعية الملائمة. وتحديد سن الثامنة عشرة لتعريف الطفل لأغراض جميع الجرائم التي يغطيها البروتوكول الاختياري. وفي حال الشك في العمر، يفترض أن الشباب الضحايا هم من الأطفال وليسوا من الكبار. وتوفير خدمات الدعم الملائمة للأطفال الضحايا في مختلف مراحل العملية القانونية، بما في ذلك توفير الدعم الكافي للشهود والتمثيل القانوني والمعلومات وإمكانية الحصول على التعويض على الأضرار. وضمان التدريب الكافي للقضاة والمدعين والمسؤولين عن إنفاذ القانون، على أحكام البروتوكول الاختياري واحترام حقوق الأطفال الضحايا واحتياجاتهم ومصالحهم الفُضلى.

كما أوصت اللجنة بأن تقوم الدولة بالتعاون مع الأطراف والجهات الإقليمية والدولية بشأن الأحكام الواردة في البروتوكول، وأن تنظر كذلك في إمكانية المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، وبروتوكولها لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال، وبروتوكولها لمكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو.

 

العودة للصفحة الرئيسية