التزامات السودان بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري

 

تعد الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 كانون الأول/ديسمبر 1965 من أقدم الاتفاقيات الرئيسية لحقوق الإنسان، والسودان أحد الدول الأطراف فيها والتي بلغ عددها 173 دولة في حزيران/يونيه 2010، إذ انضم إليها السودان في 21 آذار/مارس 1977. ووفقا للمادة 27 من الدستور الانتقالي للسودان لعام 2005 فإن كل الحقوق والحريات المضمنة في هذه الاتفاقية تعد جزءا لا يتجزأ من الدستور.

يقصد بتعبير التمييز العنصري "أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارساتها، على قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة".

وتلتزم الدول الأطراف في الاتفاقية بـ:

- أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون أي تأخير، سياسة للقضاء على التمييز العنصري بكافة أشكاله وتعزيز التفاهم بين جميع الأجناس.

- عدم إتيان أي عمل أو ممارسة من أعمال أو ممارسات التمييز العنصري ضد الأشخاص أو الجماعات أو المؤسسات، وبضمان تصرف جميع السلطات والمؤسسات العامة، القومية والمحلية، طبقا لهذا الالتزام.

- عدم تشجيع أو حماية أو تأييد أي تمييز عنصري يصدر عن أي شخص أو أية منظمة.

- اتخاذ تدابير فعالة لإعادة النظر في السياسات الحكومية القومية والمحلية، ولتعديل أو إلغاء أو إبطال أية قوانين أو أنظمة تكون مؤدية إلى إقامة التمييز العنصري أو إلى إدامته حيثما يكون قائما.

- القيام بجميع الوسائل المناسبة، بما في ذلك التشريعات اللازمة إذا تطلبتها الظروف، بحظر وإنهاء أي تمييز عنصري يصدر عن أي أشخاص أو جماعة أو منظمة.

- أن تشجع، عند الاقتضاء، المنظمات والحركات الاندماجية المتعددة الأجناس والوسائل الأخرى الكفيلة بإزالة الحواجز بين الأجناس، وبأن تثبط كل ما من شأنه تقوية الانقسام العنصري.

- اتخاذ التدابير الخاصة والملموسة اللازمة لتأمين النماء الكافي والحماية الكافية لبعض الجماعات العرقية أو للأفراد المنتمين إليها، على قصد ضمان تمتعها وتمتعهم التام المتساوي بحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

- أن تشجب بصفة خاصة العزل العنصري والفصل العنصري، وتتعهد بمنع وحظر واستئصال كل الممارسات المماثلة في الأقاليم الخاضعة لولايتها.

- أن تشجب جميع الدعايات والتنظيمات القائمة على الأفكار أو النظريات القائلة بتفوق أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل اثني واحد، أو التي تحاول تبرير أو تعزيز أي شكل من أشكال الكراهية العنصرية والتمييز العنصري، وتتعهد أيضا باتخاذ التدابير الفورية الإيجابية الرامية إلى القضاء على كل تحريض على هذا التمييز وكل عمل من أعماله.

- اعتبار كل نشر للأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية، وكل تحريض على التمييز العنصري وكل عمل من أعمال العنف أو تحريض على هذه الأعمال يرتكب ضد أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل اثني آخر، وكذلك كل مساعدة أو تمويل للنشاطات العنصرية، جريمة يعاقب عليها القانون.

- إعلان عدم شرعية المنظمات، وكذلك النشاطات الدعائية المنظمة وسائر النشاطات الدعائية، التي تقوم بالترويج للتمييز العنصري والتحريض عليه، وحظر هذه المنظمات والنشاطات واعتبار الاشتراك فيها جريمة يعاقب عليها القانون.

- عدم السماح للسلطات أو المؤسسات العامة، القومية أو المحلية، بالترويج للتمييز العنصري أو التحريض عليه.

- كفالة حق كل إنسان في التظلم ورفع الحيف عنه على نحو فعال بصدد أي عمل من أعمال التمييز العنصري، وكذلك التماس تعويض عادل مناسب أو ترضية عادلة مناسبة عن أي ضرر لحقه كنتيجة لهذا التمييز.

- اتخاذ تدابير فورية وفعالة، ولا سيما في ميادين التعليم والتربية والثقافة والإعلام لمكافحة النعرات المؤدية إلى التمييز العنصري وتعزيز التفاهم والتسامح والصداقة بين الأمم والجماعات العرقية أو الاثنية الأخرى.

- حظر التمييز العنصري والقضاء عليه بكافة أشكاله، وبضمان حق كل إنسان، دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الاثني، في المساواة أمام القانون، لا سيما بصدد التمتع بالحقوق التالية:

الحق في معاملة على قدم المساواة أمام المحاكم وجميع الهيئات الأخرى التي تتولى إقامة العدل، والحق في الأمن على شخصه وفي حماية الدولة له من أي عنف أو أذى بدني، يصدر سواء عن موظفين رسميين أو عن أية جماعة أو مؤسسة. وكذلك حظر التمييز على صعيد الحقوق السياسية، لا سيما: حق الاشتراك في الانتخابات -اقتراعا وترشيحا- على أساس الاقتراع العام المتساوي، والإسهام في الحكم وفي إدارة الشؤون العامة على جميع المستويات، وتولي الوظائف العامة على قدم المساواة.

وأيضا فيما يخص الحقوق المدنية، لا سيما: الحق في حرية الحركة والإقامة داخل حدود الدولة، والحق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده، والحق في الجنسية، وحق التزوج واختيار الزوج، وحق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين، وحق الإرث، والحق في حرية الفكر والعقيدة والدين، والحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في حرية الاجتماع السلمي وتكوين الجمعيات السلمية أو الانتماء إليها.

وأيضا حظر التمييز على صعيد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا سيما: الحق في العمل، وفي حرية اختيار نوع العمل، وفي شروط عمل عادلة مرضية، وفي الحماية من البطالة، وفي تقاضي أجر متساو عن العمل المتساوي، وفي نيل مكافأة عادلة مرضية، وحق تكوين النقابات والانتماء إليها، والحق في السكن، وحق التمتع بخدمات الصحة العامة والرعاية الطبية والضمان الاجتماعي والخدمات الاجتماعية، والحق في التعليم والتدريب، وحق الإسهام على قدم المساواة في النشاطات الثقافية، وأيضا حظر التمييز فيما يخص الحق في دخول أي مكان أو مرفق مخصص لانتفاع سواد الجمهور، مثل وسائل النقل والفنادق والمطاعم والمقاهي والمسارح والحدائق العامة.

هذا ومن الجدير بالتنويه أن الاتفاقية لا تسري على أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل بين المواطنين وغير المواطنين من جانب أي دولة طرف فيها. كما يحظر تفسير أي حكم من أحكام الاتفاقية بما ينطوي على أي مساس بالأحكام القانونية السارية في الدول الأطراف فيما يتعلق بالجنسية أو المواطنة أو التجنس، شرط خلو هذه الأحكام من أي تمييز ضد أي جنسية معينة.

ولا يعتبر من قبيل التمييز العنصري أية تدابير خاصة يكون الغرض الوحيد من اتخاذها تأمين التقدم الكافي لبعض الجماعات العرقية أو الاثنية المحتاجة أو لبعض الأفراد المحتاجين إلى الحماية التي قد تكون لازمة لتلك الجماعات وهؤلاء الأفراد لتضمن لها ولهم المساواة في التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو ممارستها، شرط ألا يترتب على تلك التدابير إدامة قيام حقوق منفصلة تختلف باختلاف الجماعات العرقية، وشرط عدم استمرارها بعد بلوغ الأهداف التي اتخذت من أجلها.

وكما هو الحال في الاتفاقيات الدولية الرئيسية الأخرى لحقوق الإنسان فقد أنشأت بمقتضى الاتفاقية "لجنة القضاء على التمييز العنصري" لمراقبة مدى وفاء الدول الأطراف فيها بالتزاماتها، وتتكون اللجنة من 18 خبيرا مستقلا ينبغي أن يكونوا من ذوي الخصال الخلقية الرفعية المشهود لهم بالتجرد والنزاهة. وتنتخبهم الدول الأطراف في الاتفاقية لمدة أربع سنوات، ويجب أن يراعى في تشكيل اللجنة تأمين التوزيع الجغرافي العادل وتمثيل الألوان الحضارية المختلفة والنظم القانونية الرئيسية.

وتقوم اللجنة بمهمتها من خلال عدد من الآليات، فالاتفاقية شأن الاتفاقيات الدولية الرئيسية الأخرى لحقوق الإنسان، تنص على حق أية دولة طرف أن تتقدم بشكوى للجنة المعنية تجاه دولة طرف أخرى لانتهاكها لأحكام الاتفاقية، ، غير أنه لم يسبق لدولة ما أن استخدمت هذه الآلية. كما أن للجنة أيضا أن تفحص الشكاوى التي يتقدم بها الأفراد أو الجماعات والتي يدعون فيها أنهم ضحايا لانتهاك دولة طرف لأي من الحقوق المقررة في الاتفاقية، وذلك إذا ما أقرت الدولة الطرف المعنية باختصاص اللجنة بالنظر في هذه الشكاوى. وعلى الرغم من أن السودان طرف في الاتفاقية إلا أنه لا يقر باختصاص اللجنة بالنظر في مثل هذه الشكاوى مما يحول دون قيام اللجنة بقبول أو استلام أية شكوى تتعلق بالسودان.

كما تقوم اللجنة باتخاذ إجراءات عاجلة كاصدار إنذار مبكر وذلك بغية الحيلولة دون وقوع انتهاكات خطيرة للاتفاقية أو للحد من نطاقها وعددها. وقد اعتمدت اللجنة العديد من تلك الإجراءات، منها ما تعلق بأوضاع أو أحداث تخص: بوروندي، والبوسنة والهرسك، وإسرائيل، وقبرص، والسودان، وليبريا، والولايات المتحدة الأمريكية، وتعلق آخرها بالأوضاع في سورينام.

هذا كما تلتزم الدول الأطراف في الاتفاقية بتقديم تقرير دوري شامل للجنة كل أربع سنوات وتقرير موجز كل سنتين، وفي نهاية فحص اللجنة لتلك التقارير تقوم باعتماد ملاحظات ختامية. وفي ختام فحص اللجنة للتقارير الدورية التاسع والعاشر والحادي عشر للسودان، والتي نظرت فيهم اللجنة في آذار/مارس 2001، أكدت اللجنة بقوة مسؤولية السودان عن اتخاذ جميع التدابير اللازمة لوضع حد لعمليات الاختطاف وضمان اتخاذ إجراءات قانونية بحق المسؤولين عن هذه الأعمال وتعويض المجني عليهم. وأشارت إلى المعلومات التي توضح أن معاملة طالبي اللجوء تختلف باختلاف فئاتهم، وأوصت السودان بأن يطبق المعايير الدولية والإقليمية المتصلة باللاجئين على قدم المساواة وبصرف النظر عن جنسية طالب اللجوء.

كما أوصت اللجنة أن يتضمن التقرير التالي للسودان معلومات مفصلة عن تكوين السكان، على نحو ما هو مطلوب في المبادئ التوجيهية التي وضعتها اللجنة بشأن مضمون وشكل التقارير التي على الدول الأطراف تقديمها إليها. وطلبت اللجنة تلقي معلومات عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي لجميع الأقليات الاثنية والدينية، مفصلة بحسب نوع الجنس، ولأي مجموعات أخرى مشمولة بنطاق الاتفاقية، وعن مشاركة هذه الأقليات والمجموعات في الحياة العامة. ودعت أيضا أن يتضمن التقرير التالي معلومات عن الحالات المتصلة تحديدا بانتهاكات الاتفاقية، وعن أنشطة مكتب أمين المظالم والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وعن نتائج أعمال لجنة القضاء على عمليات اختطاف النساء والأطفال.

وفي حزيران/يونيه 2010 كان السودان متأخرا عن تقديم خمس تقارير هي من الثاني عشر إلى السادس عشر. وهو ما حال دون قيام اللجنة بدورها في فحص ما اتخذ من تدابير لإعمال الحقوق المعترف بها في الاتفاقية، ومدى تقديم السودان فيما يخص الأخذ بالملاحظات والتوصيات السابقة للجنة.

 

العودة للصفحة الرئيسية