الملاحظات الختامية للجنة المعنية بحقوق الإنسان على التقرير الدوري الثالث المقدم من الأجنتين


1) نظرت اللجنة في التقرير الدوري الثالث للأرجنتين (CCPR/C/ARG/98/3) في جلستيها 1883 و1884 المعقودتين يومي 25 و26 تشرين الأول/أكتوبر 2000. واعتمدت الملاحظات الختامية التالية في جلستها 1893 المعقودة في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2000.
مقدمة
2) ترحب اللجنة بما قدمه الوفد من إيضاحات صريحة وبناءة بخصوص التدابير التي اتخذتها الدولة الطرف منذ أن قدمت تقريرها الدوري الثاني تأكيداً لاحترامها للحقوق المكفولة في العهد. كما تعرب عن تقديرها لما قدمه الوفد شفوياً من معلومات أخرى أثناء النظر في التقرير من خلال إجاباته على تساؤلات الأعضاء.
3) وتلاحظ اللجنة أن نظام الحكم الفيدرالي في الدولة الطرف ينطوي على مشاركة المقاطعات في تنفيذ الكثير من الحقوق المنصوص عليها في العهد. وبالتالي، فهي تطلب تزويدها بمعلومات إضافية عن تطبيق القوانين والتدابير على صعيد المقاطعة، لتقييم ما أحرز من تقدم نحو كفالة تطبيق الحقوق المنصوص عليها في العهد، وفقاً للمادة 50 من العهد.
الجوانب الإيجابية
4) ترحب اللجنة بتدعيم العمليات الديمقراطية والتدابير المتخذة لتعزيز المصالحة الوطنية بعد سنوات من الحكم العسكري انتهكت أثناءها العديد من حقوق الإنسان الأساسية انتهاكاً صارخاً. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة بارتياح أداء عدد من المؤسسات والبرامج المخصصة للعمل كوسيلة لإنصاف ضحايا انتهاكات الماضي، بما فيها البرنامج التاريخي لجبر الضرر واللجنة الوطنية المعنية بالأشخاص المختفين، واللجنة الوطنية للحق في الهوية. كما تعرب اللجنة عن تقديرها لما بذلته الدولة الطرف من جهود لتقديم التعويض المالي وغيره من أشكال التعويض لضحايا الاحتجاز التعسفي ولعائلات الأشخاص الذين توفوا أو اختفوا في ظل النظام العسكري.
5) وترحب اللجنة بالتطورات الأخيرة التي قُدم بموجبها بعض المسؤولين عن أشد انتهاكات حقوق الإنسان خطورة، إلى المحاكم كالمسؤولين عن حالات الاختفاء القسري والتعذيب وأخذ الأطفال عنوة من آبائهم لأغراض التبني أو الإتجار غير المشروعين. كما ترحب بوجه خاص بإنشاء آلية لاسترجاع هويات الأطفال الذين حرموا قسراً من عائلاتهم، وذلك دون وضع قيود زمنية على أنشطتها.
6) وتعرب اللجنة عن سرورها إزاء الإصلاحات التي قررت الدولة الطرف إجراءها في الآونة الأخيرة تعزيزاً لاستقلالية الجهاز القضائي، لا سيما إجراءها لعملية انتقاء تنافسية للقضاة.
7) كما تلاحظ اللجنة بارتياح أوجه التقدم المحرز في حماية حقوق الشعوب الأصلية، وتسجيل الأراضي التي تؤول ملكيتها إلى المجتمعات المحلية الأصلية على صعيدي الوطن والمقاطعة في سجل وطني للمجتمعات المحلية الأصلية وتعزيز التعليم المتعدد الثقافات والمتعدد اللغات.
بواعث القلق الرئيسية والتوصيات
8) تعرب اللجنة عن قلقها إزاء استمرار حالة الالتباس فيما يخص مركز الحقوق المنصوص عليها في العهد في القانون الوطني. ورغم التأكيدات بأن العهد يتمتع بمركز دستوري وبالتالي يرجع إليه في المحاكم رجوعاً مباشراً، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ذكرت كذلك أن تطبيق العهد يأتي "مكملاً" للدستور، دون تقديم تفسير آخر دقيق لما تعنيه هذه العبارة. كما تلاحظ اللجنة أن النظام الفيدرالي للحكومة يمنح المقاطعات مسؤوليات في ميادين هامة مثل إقامة العدل، مما أدى إلى تطبيق متفاوت للعهد بين مختلف مناطق أراضي الدولة الطرف.
واللجنة، إذ تشير إلى مسؤولية الدولة الطرف فيما يتعلق بتنفيذ التزاماتها بموجب العهد، توصي بأن تقدم في تقريرها الدوري الرابع توضيحاً عن مركز الحقوق المنصوص عليها في العهد، بما في ذلك إدراج أية أمثلة محددة عن قضايا تم فيها الاحتكام إلى الحقوق المنصوص عليها في العهد أمام المحاكم. كما ينبغي أن يتضمن تقريرها القادم معلومات عن التدابير القانونية وغيرها من التدابير المتخذة لتنفيذ العهد على صعيد المقاطعات بهدف كفالة تمكين جميع الأشخاص من التمتع بحقوقهم في كامل أراضي الدولة الطرف.
9) ورغم ما اتخذته الدولة الطرف مؤخراً من تدابير إيجابية لتجاوز حالات الظلم التي حدثت في الماضي، بما في ذلك إلغاء كل من قانون الطاعة الواجبة وقانون الحكم القطعي في العام 1998، تعرب اللجنة عن قلقها لأن الكثير من الأشخاص الذين ارتكبوا أعمالاً يغطيها هذان القانونان ما زالوا يخدمون في صفوف القوات المسلحة والمناصب الحكومية. بل وحصل البعض منهم على الترقيات في سنوات لاحقة. وبناء على ذلك تؤكد اللجنة مجدداً قلقها إزاء إفلات هؤلاء المسؤولين من العقاب لما ارتكبوه من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان إبان الحكم العسكري.
ينبغي أن تظل الانتهاكات الجسيمة للحقوق المدنية والسياسية المرتكبة إبان الحكم العسكري موضع الملاحقة القضائية طالما اقتضت الضرورة ذلك وأن تنطبق بأثر رجعي غير محدد الفترة، ولتقديم مرتكبي هذه الانتهاكات إلى العدالة. وتوصي اللجنة بأن تواصل الدولة الطرف بذل جهود حثيثة في هذا الميدان وأن تتخذ التدابير التي تكفل إبعاد هؤلاء الأشخاص من القوات المسلحة والمناصب الحكومية.
10) وفي ضوء المادتين 9 و14 من العهد، تعرب اللجنة مجدداً عن بالغ قلقها إزاء إخفاق الدولة الطرف إخفاقا تاماً في كفالة تطبيق مبدأ افتراض البراءة في الإجراءات الجنائية. وفي هذا الصدد، تعتبر اللجنة أن تحديد الدولة الطرف لفترة الاحتجاز السابقة للمحاكمة بالرجوع إلى طول مدة الحكم المحتملة تبعاً للتهمة الموجهة إلى المحتجز لا إلى ضرورة تقديمه إلى المحاكم مسألة تثير القلق. وتشدد اللجنة في هذا الصدد، على أهمية ألا يصبح فرض مثل هذا الاحتجاز المعيار المتبّع بل أنه يلجأ إليه حسب الضرورة كمجرد تدبير استثنائي وانسجاماً مع الإجراءات القانونية والفقرة 3 من المادة 9 من العهد. وينبغي ألا يكون هناك، على هذا الصعيد، أي جرائم تستتبع فترة احتجاز إلزامية سابقة للمحاكمة.
ينبغي إصلاح جميع جوانب نظام الاحتجاز السابق للمحاكمة، بما في ذلك تحديد فترة الاحتجاز، وفقاً لشروط المادة 9 ولمبدأ افتراض البراءة بموجب المادة 14.
11) وتعرب اللجنة عن شديد قلقها لأن ظروف السجن لا تتلاءم مع الشروط المنصوص عليهـا في المادتين 7 و10 من العهد. وتعتبر أن الاكتظاظ الشديد في السجون وسوء نوعية المتطلبات والخدمات الأساسية، ومنها الطعام والملبس والرعاية الطبية تتنافى مع حق السجناء في معاملة إنسانية واحترام كرامة الإنسان التي هي من حق جميع الأشخاص. وإضافة إلى ذلك، فلقد ثبت إساءة استخدام موظفي السجن للسلطة، مثل التعذيب وسوء المعاملة والفساد.
واللجنة، إذ تحيط علماً، بالخطط الرامية لبناء مرافق سجن جديدة، توصي بإيلاء أهمية فورية لضرورة توفير ما يكفي من المتطلبات الأساسية لجميع الأشخاص المجرّدين من حريتهم. أما فيما يتعلق بشكاوى سوء المعاملة أو التعذيب، فتوصي اللجنة بأن تضمِّن الدولة الطرف في تقريرها القادم معلومات مسهبة عن عدد الشكاوى التي تلقتها، بما في ذلك إجراءات الرجوع إلى القضاء المتاحة لمقدمي الشكاوى، وما آلت إليه الشكاوى المقدمة إلى الآن ونوع التدابير التأديبية أو الجزائية التي وقعت على الذين تثبت إدانتهم بتلك الممارسات، وعن المسؤوليات المحددة لجميع الهيئات الحكومية ذات الصلة على الصعيد الفيدرالي وصعيد المقاطعة.
12) وفيما يتعلق بالمادة 7 من العهد، تعرب اللجنة عن أسفها لأن قضايا التعذيب واستخدام القوة المفرطة من جانب رجال الشرطة لم تعالج بشكل كاف في التقرير الحالي. وتعرب اللجنة عن قلقها إزاء ادعاءات تلقتها تبين أن هذه المشكلة هي مشكلة واسعة النطاق وعدم كفاية ما أنشأته الحكومة من آليات لمعالجتها.
توصي اللجنة بأن تدرج الدولة الطرف في تقريرها القادم معلومات مسهبة عن عدد الشكاوى الواردة بشان ما تمارسه الشرطة من تعذيب وإساءة معاملة، بما في ذلك إجراءات اللجوء إلى القضاء وسبل الانتصاف المتاحة لمقدمي الشكاوى، وما أسفرت عنه هذه الشكاوى من نتائج، ونوع التدابير التأديبية أو الجزائية الموقعة على هؤلاء المتهمين بهذه الممارسات، وما أنيط بجميع الهيئات الحكومية ذات الصلة من مسؤوليات محددة على الصعيد الفيدرالي وصعيد المقاطعة.
13) وتُعرب اللجنة عن قلقها إزاء استمرار الهجمات على المدافعين عن حقوق الإنسان والقضاة ومقدمي الشكاوى وممثلي منظمات حقوق الإنسان وإعلاميين. وإضافة إلى ذلك، فلقد أُبلغ عن احتجاز الأشخاص الذين يشاركون في مظاهرات سلمية واتخاذ إجراءات جزائية بحقهم.
ينبغي التحقيق على الفور في الاعتداءات على المدافعين عن حقوق الإنسان والأشخاص المشاركين في مظاهرات سلمية واتخاذ تدابير تأديبية أو جزائية بحق مرتكبي هذه الاعتداءات حسبما يقتضي الأمر. وينبغي للدولة الطرف أن تقدم تفصيلات في تقريرها القادم بشأن نتائج هذه التحقيقات والإجراءات المتعلقة بتأديب أو معاقبة المتهمين.
14) أما فيما يتعلق بمسألة حقوق الصحة الإنجابية، تعرب اللجنة عن قلقها لأن تجريم عملية الإجهاض يمنع الفنيين الطبيين من إجراء هذه العملية دون أمر قضائي بذلك، حتى في الحالات التي يسمح بها القانون، ومنها أن تتعرض صحة الأم لمخاطر صحية واضحة أو حدوث الحمل نتيجة اغتصاب نساء متخلفات عقلياً. كما تعرب اللجنة عن قلقها إزاء جوانب ذات طابع تمييزي في القوانين النافذة والسياسات المطبقة، الأمر الذي يدفع أعداداً كبيرة من النساء الفقيرات والقرويات لإجراء عمليات إجهاض غير مشروعة وغير مأمونة.
توصي اللجنة بأن تتخذ الدولة الطرف تدابير لإنفاذ قانون تموز/يوليه عام 2000 للصحة الإنجابية والإنجاب المسؤول، الذي توفر بموجبه المشورة بشأن تنظيم الأسرة ووسائل منع الحمل، وذلك لتوفير بدائل حقيقية للنساء. كما توصي بإجراء استعراض دوري لقوانين وسياسات تنظيم الأسرة. وأن يُسمح للنساء بالاطلاع على أساليب تنظيم الأسرة وإجراءات التعقيم؛ وأن تُزال، في الحالات التي تجوز فيها إجراء عمليات إجهاض بطريقة مشروعة، جميع العقبات التي تحول دون القيام بهذه العمليات. وتوصي بتعديل القانون الأرجنتيني ليسمح بالإجهاض في جميع حالات الحمل الناجمة عن الاغتصاب.
15) أما فيما يتعلق بالمادة 3 من العهد، فإن اللجنة تعرب عن قلقها لأنه رغم ما أحرزته الدولة الطرف من تقدم ملحوظ، تتواصل ممارسة مواقف تقليدية إزاء النساء مما يؤثر سلبياً على تمتعهن بالحقوق المنصوص عليها في العهد. وتعرب اللجنة عن قلقها بصفة خاصة إزاء ارتفاع معدل حوادث العنف ضد المرأة، بما في ذلك الاغتصاب والعنف العائلي. كما يعد التحرش الجنسي وغيره من مظاهر التمييز في كل من القطاعين العام والخاص مسألة تثير القلق. كما تلاحظ اللجنة عدم مواصلة تقديم المعلومات المتعلقة بهذه المسائل بصورة منتظمة، وانخفاض مستوى وعي النساء بحقوقهن وبسبل الانتصاف المتاحة لهن وعدم معالجة الشكاوى معالجة كافية.
توصي اللجنة بتنظيم حملة إعلامية واسعة النطاق لتعزيز الوعي في صفوف النساء بحقوقهن وبسبل الانتصاف المتاحة لديهن. وتحث الدولة الطرف على أن تجمع بانتظام بيانات موثوقة عن أعمال العنف والتمييز المرتكبة ضد النساء بجميع أشكالها وأن تحتفظ بهذه البيانات وتقدمها في التقرير الدوري القادم.
16) وتعرب اللجنة من جديد عن قلقها إزاء المعاملة التفضيلية، بما في ذلك الإعانات المالية الممنوحة إلى الكنيسة الكاثوليكية على حساب طوائف دينية أخرى، الأمر الذي يشكل تمييزاً دينياً بموجب المادة 26 من العهد.
17) وتطلـب اللجنة إلى الدولة الطرف أن تقدم تقريرها الدوري الرابع بحلول 31 تشرين الأول/أكتوبر 2005. كما تطلب إليها أن تضمِّن تقريرها إحصاءات تفصيلية مناسبة عن أهم بواعث القلق. وتطلب إليها كذلك نشر هذه الملاحظات الختامية والتقرير الدوري القادم على نطاق واسع بين أوساط الجمهور، بما في ذلك المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية العاملة في الدولة الطرف.
_______________________
- وثيقة الأمم المتحدة A/56/40، الجزء الأول، الفقرة 74.

العودة للصفحة الرئيسية