الدورة الخامسة والستين للجنة القضاء على التمييز العنصري (2005)
التوصية العامة الثلاثون*
بشأن التمييز ضد غير المواطنين

إن لجنة القضاء على التمييز العنصري،
إذ تشير إلى ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان اللذين ينصان على أن جميع الناس يولدون أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق ولهم حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة فيهما دون أي شكل من أشكال التمييز، وإلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري،
وإذ تشير إلى إعلان ديربان الذي أقرّ فيه المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب بأن كره الأجانب الموجه ضد غير المواطنين، ولا سيما المهاجرين واللاجئين وملتمسي اللجوء، يشكل أحد المصادر الرئيسية للعنصرية المعاصرة، وأن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب ضد أفراد هـذه الجماعات تحدث على نطاق واسع في سياق الممارسات القائمة على التمييز وكره الأجانب والعنصرية،
وإذ تلاحظ أنه، بالاستناد إلى الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والتوصيتين العامتين الحادية عشرة والعشرين، اتضح بجلاء من نظر اللجنة في تقارير الدول الأطراف في الاتفاقية وجود جماعات أخرى تبعث على القلق خلاف جماعات المهاجرين واللاجئين وملتمسي اللجوء، وتشمل غير المواطنين الذين لا يحملون أوراقاً رسمية، والأشخاص الذين لا يمكنهم إثبات حصولهم على جنسية الدولة التي يعيشون على ترابها، حتى في الحالات التي يكون فيها هؤلاء الأشخاص قد أمضوا كل حياتهم على نفس التراب،
وقد نظمت مناقشة موضوعية بشأن قضية التمييز الموجه ضد غير المواطنين وتلقت مساهمات أعضاء اللجنة والدول الأطراف، فضلاً عن مساهمات خبراء هيئات الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة والمنظمات غير الحكومية،
وإذ تدرك ضرورة توضيح مسؤوليات الدول الأطراف في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري تجاه غير المواطنين،
وإذ تبني ما تتخذه من إجراءات على أحكام الاتفاقية، ولا سيما المادة 5، التي تطلب إلى الدول الأطراف حظر واستئصال التمييز العنصري القائم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني بصدد تمتع كل إنسان بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية،
تؤكد ما يلي:
أولاً - مسؤوليات الدول الأطراف في الاتفاقية
1- الفقرة 1 من المادة 1 من الاتفاقية تعرِّف التمييز العنصري. والفقرة 2 من المادة 1 تنص على إمكانية التمييز بين المواطنين وغير المواطنين. أما الفقرة 3 من المادة 1 فتنص، فيما يتصل بالجنسية أو المواطنة أو التجنُّس، على أن الأحكام القانونية السارية في الدول الأطراف يجب أن تخلو من أي تمييز ضد أية جنسية معينة؛
2- يجب أن تُفسّر الفقرة 2 من المادة 1 بحيث لا تقوّض الحظر الأساسي للتمييز؛ ومن ثمّ يجب ألا تُفسّر على نحو ينتقص بأي شكل من الأشكال من الحقوق والحريات المعترف بها والمنصوص عليها على وجه التحديد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛
3- تتضمن المادة 5 من الاتفاقية التزام الدول الأطراف بحظر واستئصال التمييز العنصري في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وبالرغم من أن بعض هذه الحقوق، مثل حق المشاركة في الانتخابات والتصويت والترشح للانتخاب قد تقتصر على المواطنين، فإن حقوق الإنسان يجب أن يتمتع بها، من حيث المبدأ، كل إنسان. وعلى الدول الأطراف الالتزام بضمان المساواة بين المواطنين وغير المواطنين في التمتع بهذه الحقوق على النحو المعترف به بموجب القانون الدولي؛
4- بموجب الاتفاقية، تشكّل المعاملة التفضيلية على أساس المواطنة أو المركز من ناحية الهجرة نوعاً من التمييز متى ارتئي أن معايير مثل هذا التفضيل تنافي مقاصد الاتفاقية وأغراضها، ولم تُطبق بموجب هدف مشروع، ولا تتناسب مع بلوغ هذا الهدف. وعليه، لا يعتبر من قبيل التمييز العنصري التفضيل الذي يتعلق بتدابير خاصة ضمن نطاق الفقرة 4 من المادة 1 من الاتفاقية؛
5- الدول الأطراف ملزمة بالإبلاغ التام عن التشريعات المتصلة بغير المواطنين وإنفاذها. وإضافة إلى ذلك، يتعين على الدول الأطراف أن تُضمِّن تقاريرها الدورية، على النحو المناسب، البيانات الاجتماعية - الاقتصادية المتعلقة بغير المواطنين الخاضعين لولايتها، ويشمل ذلك تصنيف البيانات بحسب نوع الجنس والأصل الوطني أو الإثني؛
وبناءً على هذه المبادئ العامة، توصي اللجنة بأن تعتمد الدول الأطراف في الاتفاقية، حسبما تقتضي ظروفها الخاصة، التدابير التالية:
ثانياً - التدابير ذات الطابع العام
6- استعراض وتنقيح التشريعات، حسب الاقتضاء، لضمان امتثال هذه التشريعات امتثالاً تاماً للاتفاقية، ولا سيما فيما يتعلق بالتمتع الفعلي بالحقوق الواردة في المادة 5، دون تمييز؛
7- السهر على انطباق الضمانات التشريعية الواقية من التمييز العنصري على غير المواطنين، بصرف النظر عن مركزهم من حيث الهجرة، وضمان ألاّ يكون لإنفاذ التشريعات أي أثر تمييزي على غير المواطنين؛
8- إيلاء المزيد من الاهتمام لقضية التمييز المتعدد المظاهر الذي يواجه غير المواطنين، لا سيما فيما يتعلق بأطفال وأزواج العمال الأجانب، والامتناع عن تطبيق معايير معاملة مختلفة مع النساء غير المواطنات المتزوجات من مواطنين والرجال من غير المواطنين المتزوجين من مواطنات، والإبلاغ عن مثل هذه الممارسات واتخاذ كافة الخطوات الضرورية للتعامل معها؛
9- كفالة ألا تنطوي سياسات الهجرة على أثر التمييز ضد الأشخاص على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني؛
10- كفالة ألا تنطوي أي تدابير متخذة في سياق مكافحة الإرهاب على تمييز من حيث الغرض أو الأثر يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو العرقي، وألا يخضع غير المواطنين للوصم أو التصوير بصور نمطية مقولبة تقوم على أساس عرقي أو إثني؛
ثالثاً - الحماية من الكلام الذي يحرض على الكراهية والعنف العرقي
11- اتخاذ الخطوات لمعالجة المواقف وأوجه السلوك القائمة على كره الأجانب الموجهة ضد غير المواطنين، ولا سيما الخطب التي تحرض على الكراهية والعنف العرقي، والتشجيع على الفهم الأفضل لمبدأ عدم التمييز فيما يتعلق بحالة غير المواطنين؛
12- اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة أي نزعة لاستهداف أو وصم أو إعطاء صورة نمطية مقولبة أو سمات لأفراد مجموعات غير المواطنين على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو العرقي، ولا سيما من قِبل السياسيين والمسؤولين والمربّين ووسائط الإعلام، أو على شبكة الإنترنت وغيرها من شبكات الاتصالات الإلكترونية، وداخل المجتمع بشكل عام؛
رابعاً - الحصول على حق المواطنة
13- ضمان عدم تعرض مجموعات محددة من غير المواطنين للتمييز فيما يتعلق بالحصول على حق المواطنة أو التجنّس، وإيلاء الاهتمام الواجب للعقبات التي قد تعترض تجنّس المقيمين لفترات طويلة أو بصورة دائمة؛
14- الاعتراف بأن الحرمان من الحصول على حق المواطنة على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو العرقي، يعتبر خرقاً لالتزام الدولة الطرف بكفالة التمتع بحق الحصول على الجنسية دون تمييز؛
15- مراعاة أن الحرمان من الحصول على حق المواطنة بالنسبة للمقيمين لفترات طويلة أو بصورة دائمة قد يؤدي، في بعض الأحيان، إلى حرمانهم من الحصول على العمل والمزايا الاجتماعية، انتهاكاً لمبادئ مناهضة التمييز الواردة في الاتفاقية؛
16- تخفيض حالات انعدام الجنسية، ولا سيما في صفوف الأطفال، وذلك، على سبيل المثال، بتشجيع الآباء على طلب الحصول على حق المواطنة نيابة عنهم والسماح لكلا الوالدين بنقل المواطنة للأبناء؛
17- تنظيم الوضع القانوني للمواطنين السابقين للدول السلف الذين أصبحوا يقيمون ضمن حدود ولاية الدولة الطرف؛
خامساً - إقامة العدل
18- ضمان تمتع غير المواطنين بالمساواة في الحماية والاعتراف أمام القانون، واتخاذ إجراءات في هذا السياق لمكافحة العنف القائم على دوافع عرقية، وكفالة وصول الضحايا إلى وسائل الانتصاف القانوني الفعالة، وحقهم في المطالبة بتعويض عادل ومناسب عن أي ضرر لحق بهم نتيجة لمثل هذا العنف؛
19- ضمان أمن غير المواطنين، لا سيما فيما يتعلق بالاحتجاز التعسفي، فضلاً عن كفالة مطابقة الظروف في مراكز اللاجئين وملتمسي اللجوء للمعايير الدولية؛
20- ضمان توفير الحماية المناسبة لغير المواطنين الذين يُحتجزون أو يُعتقلون في سياق مكافحة الإرهاب، وذلك من خلال القوانين المحلية مع الامتثال لقانون حقوق الإنسان الدولي وقانون اللاجئين الدولي والقانون الإنساني الدولي؛
21- مكافحة تعرض غير المواطنين لسوء المعاملة والتمييز على أيدي رجال الشرطة، والوكالات الأخرى لإنفاذ القوانين، وموظفي الخدمة المدنية، وذلك بالتطبيق الصارم للقوانين والأنظمة ذات الصلة التي تنص على عقوبات، ومن خلال كفالة حصول جميع الموظفين الذين يتعاملون مع غير المواطنين على تدريب خاص، بما في ذلك تدريبهم في مجال حقوق الإنسان؛
22- تضمين القانون الجنائي حكماً ينص على أن ارتكاب فعل إجرامي بدوافع أو أهداف عنصرية يشكل ظرفاً مشدداً يجيز توقيع عقوبة أقسى؛
23- ضمان التحقيق الشامل في ادعاءات غير المواطنين بتعرضهم للتمييز العنصري، وإخضاع الشكاوى المرفوعة ضد المسؤولين، لا سيما تلك المتعلقة بسلوك تمييزي أو عنصري، للتدقيق بشكل مستقل وفعال؛
24- التنظيم القانوني لعبء الإثبات في القضايا المدنية المنطوية على تمييز قائم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو العرقي، بحيث أنه عندما يرفع شخص من غير المواطنين دعوى ظاهرة الوجاهة بأنه ضحية لمثل هذا التمييز، يتوجب على المدعى عليه تقديم دليل يستند إلى مبررات موضوعية ومقبولة للمعاملة المتمايزة؛
سادساً - إبعاد غير المواطنين وطردهم
25- ضمان عدم تمييز القوانين المتعلقة بالإبعاد أو خلافه من أشكال ترحيل غير المواطنين عن ولاية الدولة الطرف من حيث الغرض أو الأثر ضد هؤلاء الأشخاص على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو العرقي، وضمان تمتع المواطنين بإمكانية الوصول على قدم المساواة إلى وسائل الانتصاف الفعالة، بما في ذلك حق إيقاف أوامر الإبعاد الصادرة بحقهم والسماح لهم بالتماس سبل الانتصاف بفعالية؛
26- ضمان عدم إبعاد غير المواطنين بصورة جماعية، لا سيما في السياقات التي لا تتوفر فيها ضمانات كافية تبين أن الظروف الشخصية لكل واحد من الأشخاص المعنيين قد أُخذت بعين الاعتبار؛
27- ضمان عدم إعادة أو إبعاد غير المواطنين إلى بلد أو إقليم يكونون فيه عُرضة لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان الخاصة بهم، بما في ذلك التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛
28- تجنب إبعاد غير المواطنين، ولا سيما المقيمين لفترات طويلة، الذي يؤدي إلى تدخل غير متناسب في الحق في الحياة العائلية؛
سابعاً - الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
29- إزالة العقبات التي تعترض تمتع غير المواطنين بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا سيما في مجالات التعليم والسكن والعمل والصحة؛
30- ضمان فتح أبواب المؤسسات التعليمية أمام المواطنين وأبناء المهاجرين المقيمين على أراضي الدولة الطرف دون وثائق رسمية؛
31- تجنب التفريق العنصري في المدارس وتطبيق معايير مختلفة في معاملة غير المواطنين تقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو العرقي في المدارس الابتدائية والمتوسطة، وفيما يتعلق بالوصول إلى مراحل التعليم العالي؛
32- ضمان المساواة بين المواطنين وغير المواطنين في التمتع بحق المسكن اللائق، ولا سيما من خلال تفادي التفريق العنصري في الإسكان، وضمان امتناع وكالات الإسكان عن الممارسات التي تنطوي على تمييز؛
33- اتخاذ التدابير لاستئصال التمييز ضد غير المواطنين فيما يتعلق بشروط ومتطلبات العمل، بما في ذلك قواعد وممارسات التوظيف التي تنطوي على أغراض أو آثار تمييزية؛
34- اتخاذ التدابير الفعالة لمنع ومعالجة المشاكل الخطيرة التي يواجهها عادة العمال غير المواطنين، ولا سيما خدم المنازل منهم، بما في ذلك عبودية الدَّيْن وحجز جوازات السفر والحبس غير القانوني والاغتصاب والاعتداء الجسدي؛
35- الاعتراف بأنه إذا كان يجوز للدول الأطراف أن ترفض منح فرص عمل لغير المواطنين الذين لم يحصلوا على تصاريح عمل، فإنه يحق لجميع الأشخاص التمتع بحقوق العمل والاستخدام، بما في ذلك حرية التجمع وتكوين الجمعيات، ما أن تبدأ علاقة عمل وإلى أن تنتهي هذه العلاقة؛
36- ضمان احترام الدول الأطراف لحق غير المواطنين في الصحة، وذلك من خلال جملة أمور منها الامتناع عن حرمانهم من التمتع بالخدمات الصحية الوقائية والعلاجية والملطفة، أو تقييد تمتعهم بها؛
37- اتخاذ التدابير الضرورية لمنع الممارسات التي تحرم غير المواطنين من هويتهم الثقافية مثل المتطلبات القانونية أو المفروضة بحكم الواقع، التي تملي عليهم تغيير أسمائهم لكي يحصلوا على حق المواطنة، واتخاذ التدابير التي تمكن غير المواطنين من الاحتفاظ بثقافتهم وتطويرها؛
38- ضمان حق وصول غير المواطنين، دون أي تمييز يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو العرقي، إلى أي مكان أو خدمة مُعدّة للاستخدام من قبِل عامة الجمهور، مثل وسائل النقل والفنادق والمقاهي والمطاعم والمسارح والمتنزهات؛
39- تحل هذه التوصية العامة محلّ التوصية العامة الحادية عشرة (1993).
_______________________
* وثيقة الأمم المتحدة HRI/GEN/1/Rev.7/Add.1.

العودة للصفحة الرئيسية