آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

البلاغ رقم 99/1997


مقدم من: ت. ب. س. (لم يعلن الاسم)
[يمثله محامٍ]
الشخص الذي يدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ
الدولة الطرف: كندا
تاريخ البلاغ: 19 أيلول/سبتمبر 1997

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
المجتمعة في 16 أيار/مايو 2000،
ولد انتهت من نظرها في البلاغ رقم 99/1997، المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب وفقاً للمادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات التي أتاحها لها مقدم البلاغ ومحاميه والدولة الطرف،
تعتمد آراءها بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية.
1- مقدم البلاغ هو السيد ت. ب. س.، وهو مواطن هندي ولد في عام 1952 وكان يلتمس اللجوء في كندا في تاريخ تسجيل البلاغ. وقد ادعى أن إعادته قسراً إلى الهند ستشكل انتهاكاً ترتكبه كندا للمادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب. ويمثله محامٍ.

الوقائع كما عرضها مقدم البلاغ
2-1 في كانون الثاني/يناير 1986، أدانت محكمة باكستانية مقدم البلاغ وأربعة متهمين آخرين بجريمة اختطاف طائرة تابعة للخطوط الجوية الهندية في أيلول/سبتمبر 1981 وحكم عليهم بالسجن مدى الحياة. ويوضح المحامي أنه لم يتم اللجوء إلى العنف أثناء عملية الاختطاف وأن الطائرة التي كانت في طريقها من نيودلهي إلى أمرستار قد هبطت بسلام في لاهور التي حول مسارها إليها. ولم يذكر أن أياً من الركاب قد تعرض لاساءة المعاملة. وكان الهدف من عملية الاختطاف هو توجيه الانتباه إلى إساءة المعاملة التي تمارسها حكومة الهند ضد السيخ بصورة عامة. ويذكر مقدم البلاغ أنه قد ألقي القبض عليه بعد ساعات من هبوط الطائرة وأرغم على التوقيع على اعتراف تحت تهديد السلاح. ويذكر أيضاً أنه قد تم حبسه على ذمة التحقيق لمدة أربعة أعوام دون أن يتمكن من الاتصال بمحامٍ. وليس من الواضح ما إذا كان يدعي أنه برئ لكنه يحتج بأن محاكمته لم تكن عادلة وأن الإدانة التي أسفرت عنها غير مشروعة.
2-2 وفي تشرين الأول/أكتوبر 1994، أفرجت حكومة باكستان عن مقدم البلاغ وعن المتهمين معه بشرط رحيلهم من البلد. ويذكر مقدم البلاغ أنه لم يستطع العودة إلى الهند خوفاً من الاضطهاد. وبمساعدة أحد وكلاء السفر وباستخدام اسم مستعار وجواز سفر مزيف، وصل إلى كندا في أيار/مايو 1995. ولدى وصوله، تقدم بطلب للحصول على مركز لاجئ باسمه المستعار ولم يكشف عن هويته وماضيه الحقيقيين. وفي أيلول/سبتمبر 1995، ألقت سلطات الهجرة القبض عليه واحتجزته. وأفرج عنه بعد ذلك بشرط توجهه مرة واحدة أسبوعياً إلى مكتب الهجرة في فانكوفر لإثبات وجوده.
2-3 وفي نهاية عام 1995، فتح تحقيق متعلق بالهجرة لتحديد ما إذا كان مقدم البلاغ قد ارتكب جريمة خارج كندا، تعد وفقاً لقوانينها، جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى عشر سنوات أو أكثر. وعلق طلبه الخاص باللجوء. وفي بداية عام 1996، قررت هيئة تحكيم أن مرتكب البلاغ قد ارتكب هذه الجريمة وبناء على ذلك، صدر أمر ترحيل مشروط ضده. وفي الوقت ذاته، طلب رأي وزيرة الهجرة الكندية بشأن ما إذا كان مقدم البلاغ يشكل خطراً على الكنديين. ورأي هذه الوزيرة سيحول دون نظر طلب مقدم البلاغ بشأن اللجوء وسيحرمه من وسائل الاستئناف المتاحة بموجب قانون الهجرة.
2-4 ونجح مقدم البلاغ في استئناف قرار هيئة التحكيم وأمرت محكمة كندا الاتحادية بإجراء تحقيق جديد. وأسفر التحقيق الثاني، عن صدور أمر ترحيل مشروط جديد ضد مقدم البلاغ. ولم يستأنف الحكم لعدم توافر الأموال اللازمة. وطلب من جديد رأي الوزيرة فيما إذا كان مقدم البلاغ يشكل خطراً على الجمهور. وأصدرت الوزيرة شهادة بذلك واحتجز مقدم البلاغ قصد ترحيله.
الشكوى
3- يذكر مقدم البلاغ أن اللجوء إلى تعذيب النشطين السيخ المشتبه فيهم في الهند مدعم بمستندات كافية. ويقدم إلى اللجنة مقاولات وتقارير في هذا الصدد. ويدعي أن لديه أسباباً حقيقية للاعتقاد بأنه سيتعرض للتعذيب لدى عودته إلى الهند. وفضلاً عن ذلك، هناك أدلة على أن حكومتي الهند وباكستان تتعاونان بنشاط مع الموظفين الكنديين المسؤولين عن إنفاذ القوانين من أجل طرد مقدم البلاغ. ونظراً لأنه قد أمضى مدة عقوبته، صواباً أو خطأً، ولأنه لا توجد تهم منسوبة إليه يجوز تسليمه بشأنها، فإنه يعتقد أن اهتمام الحكومة الهندية بإعادته يرجع لأسباب تخرج تماماً عن نطاق القضاء.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية
4-1 في 18 كانون الأول/ديسمبر 1997، قامت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، بإحالة البلاغ إلى الدولة الطرف للتعليق عليه وطلبت منها عدم طرد أو ترحيل مقدم البلاغ إلى الهند أثناء نظر اللجنة في بلاغه. وفي 29 كانون الأول/ديسمبر 1997، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأن مقدم البلاغ قد رحل من كندا إلى الهند في 23 كانون الأول/ديسمبر 1997. وأفادت بأن السلطات قد اتخذت ذلك القرار بعد أن تبين لها أنه لا توجد أسباب حقيقية للاعتقاد بأن مقدم البلاغ سيواجه خطر التعرض للتعذيب في الهند.
4-2 وفي رسالة أخرى مؤرخة في 11 أيار/مايو 1998، تشير الدولة الطرف إلى التحقيقات التي أجرتها السلطات الكندية. وأحال أحد كبار موظفي الهجرة طلب مقدم البلاغ الخاص باللجوء إلى شعبة تقرير وضع اللاجئين بموجب الاتفاقية بمجلس الهجرة واللاجئين الكندي في 26 أيار/مايو 1995. واستخدم مقدم البلاغ في مقابلته الأولى مع موظفي الهجرة اسماً مستعاراً وأكد أنه لم يسبق له قط ارتكاب جناية أو جنحة أو إدانته في هذا الصدد. وعلل مطالبته باللجوء بالاضطهاد الديني وأشار إلى واقعة إساءة معاملة ارتكبتها الشرطة الهندية.
4-3 وبعد ذلك، اكتشفت إدارة المواطنة والهجرة في كندا هويته الحقيقية وصدر تقرير يفيد بأن مقدم البلاغ مشتبه في انتمائه إلى فئة تعتبر مرفوضة بموجب قانون الهجرة نظراً لتورطه في أعمال ارهابية. وألقي القبض عليه في 21 أيلول/سبتمبر 1995. وفي مقابلة مع محقق هجرة تابع لإدارة المواطنة والهجرة الكندية واثنين من دائرة الاستخبارات الكندية، اعترف بأنه عضو نشط في جماعة دال كلسا الإرهابية وبأنه كان قد اشترك في اختطاف طائرة الخطوط الجوية الهندية. وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى أن مقدم البلاغ كان قد تعهد بمواصلة النضال من أجل كالستان في مقال نشر في الصحف الباكستانية في 19 تشرين الأول/أكتوبر 1994.
4-4 وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1995، صدر تقرير آخر يفيد بأن مقدم البلاغ ينتمي إلى فئة غير مقبولة أخرى، وهي فئة الأشخاص الذين توجد بشأنهم أسباب معقولة للاعتقاد بأنهم قد أدينوا خارج كندا بجريمة يعاقب عليها في كندا بالسجن لمدة لا تقل عن عشرة أعوام. ونتيجة للتقريرين، أجرت هيئة تحكيم تحقيقاً وخلصت إلى أن مقدم البلاغ قد سبق أن أدين فعلاً بجريمة يعاقب عليها في كندا بالسجن لمدة لا تقل عن عشرة أعوام.
4-5 وطلب مقدم البلاغ إذناً بإعادة النظر القضائية في هذا القرار. ووافقت حكومة كندا على طلبه بعد أن تقرر أن هيئة التحكيم كانت قد أخطأت في عملية تقرير عدم قبول مقدم البلاغ. وأمرت شعبة المحاكمات بالمحكمة الاتحادية بإجراء تحقيق جديد. وخلصت هيئة التحكيم المكلفة بالتحقيق الثاني، في قرار مؤرخ في 30 أيار/مايو 1997، إلى أن مقدم البلاغ معروف بالإجرام والإرهاب. ونتيجة لذلك، صدر أمر بالترحيل المشروط. ولم يلتمس مقدم البلاغ إذناً بإعادة النظر القضائية في هذا القرار.
4-6 وفي رسالة مؤرخة في 5 حزيران/يونيه 1997، أبلغ مقدم البلاغ بأن إدارة المواطنة والهجرة الكندية تعتزم التماس رأي وزيرة المواطنة والهجرة بشأن ما إذا كان نظر مطالبته المتصلة بالهجرة يتنافى مع المصلحة العامة. وأعلم مقدم البلاغ أيضاً بأنه في إطار هذا الإجراء، ستنظر الوزيرة في أي ظروف إنسانية تستدعي الرأفة فيما يتصل بهذه الحالة، بما في ذلك وجود أي احتمال لتعرضه للخطر في حالة ترحيله إلى الهند. وطلب من مقدم البلاغ تقديم التماسات إلى الوزيرة، وقام بذلك فعلاً.
4-7 وفي 3 كانون الأول/ديسمبر 1997، وجهت إدارة المواطنة والهجرة الكندية إلى الوزيرة مذكرة، مرفقة بها التماسات مقدم البلاغ، ضمنتها تقييماً لخطر إعادته إلى الهند في ضوء الأدلة المستندية لحالة حقوق الإنسان في الهند وظروفه الشخصية. وخلص إلى أن مقدم البلاغ قد يواجه خطراً طفيفاً لدى عودته إلى الهند لكن هذا الخطر الطفيف يجب مقارنته بالأثر المترتب على منح كندا اللجوء لفرد سبق أن أدين باختطاف طائرة، وهو عمل ارهابي. وفي 8 كانون الأول/ديسمبر 1997، قررت الوزيرة أن نظر مطالبة مقدم البلاغ باللجوء يتنافى مع المصلحة العامة.
4-8 وفي 18 كانون الأول/ديسمبر 1997، طلب مقدم البلاغ إذناً بإعادة النظر القضائية في قرار الوزيرة. كما التمس إصدار أمر مؤقت لإيقاف تنفيذ أمر الترحيل. وعلمت حكومة كندا في اليوم ذاته، أثناء محادثة مع محامي مقدم البلاغ، أن مقدم البلاغ قد أرسل بلاغاً إلى اللجنة في أيلول/سبتمبر 1997 وأن اللجنة قد طلبت في 18 كانون الأول/ديسمبر 1997 عدم ترحيل مقدم البلاغ ريثما يتم النظر في بلاغه. وتلقت الدولة الطرف، في 19 كانون الأول/ديسمبر 1997، رسالة اللجنة التي تخطرها بالبلاغ وتطلب إليها اتخاذ تدابير مؤقتة.
4-9 وفي 22 كانون الأول/ديسمبر 1997، رفضت شعبة المحاكمات بالمحكمة الاتحادية طلب مقدم البلاغ فيما يتعلق بأمر الترحيل. وأكدت المحكمة أن مقدم البلاغ لن يحصل على مركز اللاجئ بموجب الاتفاقية بسبب أنشطته الارهابية السابقة وأنه ينبغي ألا تكون كندا ملاذاً للارهابيين وألا ينظر إليها على أنها كذلك. وأشارت إلى أنه كانت هناك فرصة كبيرة أمام مقدم البلاغ لاقتراح بلد آخر يرحل إليه بدلاً من الهند، وأن الهند لا تنتهج سياسة ولا تشجع وحشية الشرطة، وأن شهرة مقدم البلاغ ستوفر له الحماية ضد أي إساءة معاملة يمكن أن تمارسها ضده السلطات الهندية.
4-10 وفي 23 كانون الأول/ديسمبر 1997، أصدرت المحكمة حكماً تكميلياً فيما يتعلق بطلب مقدم البلاغ بأن تشهد المحكمة بما إذا كان هناك انتهاك لحقوق شخص ما بموجب الميثاق الكندي للحقوق والحريات يرتكب في حالة ترحيله إلى بلد يوجد فيه احتمال معقول لتعرضه للتعذيب، بناء على رأي يعرب عنه الوزير ويذهب إلى أن نظر مطالبة الفرد المتعلقة باللجوء يتنافى مع المصلحة العامة. وقررت المحكمة عدم إصدار شهادة بشأن سؤال مقدم البلاغ. وخلصت المحكمة في حكمها إلى أن مقدم البلاغ لم يثبت أن تعرضه للتعذيب لدى عودته إلى الهند هو أمر مرجح يمكن إثباته.
4-11 وفي 23 كانون الأول/ديسمبر 1997، تم ترحيل مقدم البلاغ من كندا. وصاحبه إلى نيودلهي موظف بإدارة المواطنة والهجرة الكندية وضابط شرطة. ولدى وصوله، عولج أمره بأسلوب طبيعي ولم تعامله الشرطة الهندية على نحو مختلف بأي شكل عن معاملتها للأفراد الآخرين المرحلين إلى الهند.
4-12 وفي 9 آذار/مارس 1998، رفضت شعبة المحاكمات بالمحكمة الاتحادية طلب مقدم البلاغ لإذن لإعادة النظر القضائية في رأي الوزيرة فيما يتعلق بمطالبته الخاصة باللجوء لعدم قيامه بإرسال سجل للطلب في غضون المهلة المقررة.
4-13 وتحتج الدولة الطرف بأن البلاغ الذي تنظر فيه اللجنة غير مقبول لعدم استنفاد وسائل الانتصاف المحلية. فأولاً، لم يلتمس مقدم البلاغ إذناً بإعادة النظر القضائية في قرار هيئة التحكيم الصادر في 30 أيار/مايو 1997 والذي يقضي بعدم قبوله لأسباب متعلقة بالارهاب والإجرام، بموجب قانون الهجرة. وإذا ما كان التمس الإذن وحصل عليه، فإن شعبة المحاكمات بالمحكمة الاتحادية كانت ستعيد النظر في ذلك القرار. وكانت الاستجابة لطلبه بإعادة النظر ستسفر عن إصدار أمر بإجراء تحقيق جديد وجعل القرار متسقا مع أسباب المحكمة. فلو كان قد تقرر أن الملتمس لا يدخل في إطار فئة مرفوضة، لانعدم سبب حرمانه من عملية تقرير اللجوء ولما كان سيرحَّل من كندا ريثما يتم النظر في مطالبته الخاصة باللجوء. وبالإضافة إلى ذلك، كان بوسع مقدم البلاغ تمديد الوقت اللازم لطلب الإذن بإعادة النظر القضائية. وعمليات التمديد هذه كثيرا ما تمنح وكانت ستسمح لمقدم البلاغ بتقديم طلب متأخر.
4-14 ويدعي مقدم البلاغ أنه لم يرفع استئناف أو يلتمس إعادة نظر قضائية بسبب عدم توافر الأموال. والواقع أنه لا توجد رسوم على طلب الحصول على إذن بإعادة النظر القضائية وهو إجراء منخفض التكلفة نسبيا. ومن الواضح أن مقدم البلاغ دبر الموارد المالية اللازمة للاستعانة بمحام - أو أن محاميه قد قام بهذا العمل تطوعاً - فيما يتعلق بعدد من الإجراءات السابقة واللاحقة، بما في ذلك إجراءات التظلم أمام اللجنة. ولم يوفر مقدم البلاغ أي دليل على أنه قد التمس المساعدة القانونية أو على أنه قد حُرم منها.
4-15 وثانيا، طلب مقدم البلاغ بالفعل إذناً بإعادة النظر القضائية فيما يتعلق برأي الوزيرة الذي يذهب إلى أن نظر مطالبته المتعلقة باللجوء يتنافى مع المصلحة العامة. بيد أن مقدم البلاغ لم يستكمل جميع الشروط المتصلة بطلبه بإرسال سجل للطلب في غضون الفترة المقررة. ونتيجة لذلك، رُفض طلبه. ولو كان مقدم البلاغ قد أرسل سجلاً للمطالبة وحصل على إذن، لكانت شعبة المحاكمات بالمحكمة الاتحادية قد محَّصت رأي الوزيرة. ولو كانت حدثت استجابة لطلبه لكانت المحكمة قد ردت المسألة إلى الوزيرة لاتخاذ قرار يتفق مع أسباب المحكمة.
تعليقات المحامي
5-1 في رسالة مؤرخة في 20 كانون الثاني/يناير 1998، ادعى المحامي أن الدولة الطرف لم تشر، في ردها المؤرخ في 29 كانون الأول/ديسمبر 1997، إلى كيفية توصل السلطات الكندية إلى استنتاجها المتعلق بالخطر الذي يواجهه مقدم البلاغ. ولم يمنح مقدم البلاغ فرصة قط لكي تُنظر مطالبته المتصلة باللجوء، ولم يُسمح لـه قط بسماع دعواه أمام محكمة مستقلة تتيح له الإدلاء بشهادته الشخصية فيما يتعلق بمخاوفه. وكانت فرصة مقدم البلاغ الوحيدة لتقديم مستندات بشأن ما يواجهه من خطر قد أتيحت عندما طُلب رأي وزيرة الهجرة بشأن ما إذا كان السماح لمقدم البلاغ بالمضي في مطالبته المتعلقة باللجوء يتنافى مع المصلحة العامة. وبمجرد توفير هذه المستندات، تولى موظفو الهجرة مجمل عملية اتخاذ القرار. ولم يُخطر المحامي حتى بالمواد الأخرى التي ستنظر فيها السلطات؛ ومن ثم لم تتح له قط فرصة التعليق أو الرد على جميع المواد التي قد تكون معروضة على الوزيرة.
5-2 ويشير المحامي إلى المذكرة المرسلة إلى الوزيرة والتي يُدعى أنها اعتمدت عليها في إصدار قرارها بأن السماح لمقدم البلاغ بالمضي في مطالبته المتعلقة باللجوء يتنافى مع المصلحة العامة. ويشير المحامي إلى أن المذكرة تشكل دليلا على عدم إجراء أي تحليل على الإطلاق للخطر الذي يواجهه مقدم البلاغ بصورة خاصة في الهند بالنظر إلى سجله الماضي والحالي. وقد ركزت بصورة رئيسية على ماضي مقدم البلاغ والتزامات كندا الدولية فيما يتعلق بمعاملة من يسمون بالإرهابيين؛ بيد أنه لم تكن هناك إشارة تذكر إلى الالتزامات الدولية المتعددة التي تقع على عاتق كندا بموجب معاهدات حقوق الإنسان، بما في ذلك اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين.
5-3 وقدم المحامي أيضا إفادة خطية مشفوعة بيمين موقعة من ابنة شقيق مقدم البلاغ التي كانت في الهند عند وصوله من كندا. وتذكر أن مقدم البلاغ قد خضع فور وصوله لاستجواب استمر قرابة ست ساعات وأن موظفين بمكتب التحقيقات المركزي قد هددوه شفوياً. وأعربت عن قلقها إزاء احتمال تعرضه للتعذيب أو للإعدام خارج نطاق القضاء. وتشير معلومات أخرى مقدمة من ابنة شقيق مقدم البلاغ إلى اللجنة بأن مقدم البلاغ وأسرته قد تعرضا لتخويف مستمر من الشرطة وبأن مقدم البلاغ قد أخطر لجنة حقوق الإنسان في البنجاب بذلك.
5-4 وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ، يحتج المحامي، في رسالة مؤرخة في 11 حزيران/يونيه 1998، بأنه في تاريخ صدور قرار هيئة التحكيم، لم تكن هناك ضرورة على الإطلاق لأن يلتمس مقدم البلاغ إذنا بإعادة النظر القضائية لكي يتمكن من المضي في مطالبته المتعلقة باللجوء. ولم تكن تكلفة الإجراءات القانونية سوى عامل واحد من العوامل التي أثرت على قرار مقدم البلاغ بعدم التماس إعادة النظر. وكان شاغله الرئيسي هو تجنب أي تأخير آخر في السير في مطالبته المتعلقة باللجوء. فقد كان قد أمضى قرابة عامين في كندا وكان يتوق إلى تقديم مطالبته الخاصة باللجوء إلى السلطات الكندية. ولم يكن راغبا في تأخير هذه العملية ببدء إعادة نظر قضائية أخرى. وثانيا، لم يكن هناك أمل كبير في النجاح في أي إعادة نظر قضائية.
5-5 وذكرت الدولة الطرف أنه لو كان قد تقرر عدم انتماء الملتمس إلى فئة غير مقبولة، لما أصبح هناك أساس لحرمانه من عملية تقرير مسألة اللجوء ولما تم ترحيله إلى حين النظر في مطالبته المتعلقة باللجوء. وأشار إلى أن هذا القول مضلل للغاية. وأوضح أن حكم هيئة التحكيم قد أسفر عن إصدار أمر ترحيل مشروط. ولا تعني هذه النتيجة بالضرورة عدم منح الفرد فرصة المضي في مطالبته المتعلقة باللجوء؛ بل إنها تجعل الترحيل مشروطا بنتيجة المطالبة الخاصة باللجوء.
5-6 ولئن كان من المسلَّم به أن قرار هيئة التحكيم يسمح لسلطات الهجرة بالتماس رأي الوزيرة فيما يتعلق بما إذا كان ينبغي إتاحة عملية اللجوء لهذا الشخص، فليس هناك ما يضمن سلوك هذا السبيل. وليس من واجب سلطات الهجرة الكندية، بل ليس من واجب الوزيرة ، منع مقدم البلاغ من المضي في مطالبته المتعلقة باللجوء. وقد سُدَّ المنفذ إلى عملية اللجوء أمام مقدم البلاغ لأسباب سياسية، وليس لأسباب قضائية أو شبه قضائية. وكان يمكن أن تستمر مطالبته المتعلقة باللجوء رغم قرار هيئة التحكيم.
5-7 ويبدو أن الدولة الطرف تحتج بأن العناية الواجبة تقتضي أن يحمي الشخص نفسه من أي احتمال قد يقع. ويحتج المحامي بأن هذا ليس هو المعيار الذي تقتضيه الفقرة 5 من المادة 22 من الاتفاقية. فلا يجوز إلقاء اللوم على شخص يتوق إلى اطلاع السلطات على قصة حياته لضمان حمايته، بسبب إحجامه عن تمديد كربه بالشروع في عملية مراجعة قضائية أخرى بينما لا تزال عملية اللجوء متاحة أمامه.
5-8 وفيما يتعلق بعدم استكمال مقدم البلاغ لطلب الإذن بإعادة النظر القضائية في رأي الوزيرة، يحتج المحامي بأن الموعد النهائي لذلك كان نهاية كانون الثاني/يناير 1998. بيد أن ترحيل مقدم البلاغ قد تم في 23 كانون الأول/ديسمبر 1997. وما كان يمكن إلغاء هذا الضرر بصرف النظر عن النتيجة المترتبة على أي طلب بإعادة النظر القضائية. وكان مقدم البلاغ مصرا فعلا على تقديم طلب بإعادة النظر القضائية في قرار الوزيرة، وتقدم المحامي إلى المحكمة الاتحادية في 20 كانون الأول/ديسمبر 1997 لالتماس تأجيل للترحيل انتظارا لنتيجة هذا الطلب. ومن المؤسف أن المحكمة الاتحادية اختارت أن تبت في مسألة يعتبرها المحامي الوقائع الموضوعية لمطالبة مقدم البلاغ بالحصول على مركز اللاجئ. وكانت النتيجة هي ترحيل مقدم البلاغ بعد ثلاثة أيام. ولم تذكر الدولة الطرف الإجراء الذي سيتبع لإعادة مقدم البلاغ سالما إلى كندا إذا ما أرغمت المحكمة الوزيرة على إصدار قرار آخر.
ملاحظات إضافية من الدولة الطرف بشأن المقبولية
6-1 في رسالة أخرى مؤرخة في 9 تشرين الأول/أكتوبر 1998، تحتج الدولة الطرف بأنه عند تلقي قرار، مثل قرار هيئة التحكيم في هذه الحالة، ليس لملتمس لجوء يمثله محام أن يفترض أن باستطاعته المضي في مطالبته المتعلقة باللجوء. وقد قررت هيئة التحكيم أن مقدم البلاغ شخص سبق إدانته خارج كندا بجريمة يعاقب عليها في كندا بالسجن لمدة تصل إلى عشرة أعوام أو أكثر وأنه شخص توجد بشأنه أسباب حقيقية للاعتقاد بأنه متورط في الإرهاب. وكان يفترض من شخص عاقل يمثله محام، عند تلقيه لهذا القرار، أن يتوقع اتخاذ إجراء بحرمانه من عملية البت المتعلقة باللجوء. والواقع أن هذا القرار يوحي بأن المطالب قد يُستبعد من تعريف اللاجئ بموجب الاتفاقية، الوارد في الفرع واو من المادة 1 من الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين والتي أُدرجت بالإشارة إليها في قانون الهجرة الكندي.
6-2 وبالإضافة إلى ذلك، أُخطر مقدم البلاغ بأنه بناء على التحقيق الأول، تعتزم إدارة المواطنة والهجرة الكندية التماس رأي الوزيرة بخصوص اعتبار مقدم البلاغ خطرا على الجمهور، وأن نتيجة إعلان هذا الرأي ستكون حرمانه من عملية البت المتعلقة باللجوء. والتمس مقدم البلاغ إعادة نظر قضائية في هذا القرار السابق ولذا كان يدرك النتائج التي يمكن أن تترتب على قرار هيئة التحكيم بأنه غير مقبول.
تعليقات المحامي
7- يحتج المحامي بأن قرار هيئة التحكيم كان محدداً للغاية (أي أن مقدم البلاغ كان قد أدين بجريمة وأنه توجد أسباب حقيقية للاعتقاد بأنه تورط في أعمال إرهابية). ويقتصر مجال إعادة النظر القضائية في هذا القرار على تحديد ما إذا كانت هيئة التحكيم قد أخطأت من الناحية القانونية أو ما إذا كان تقريرها للواقعة خاطئاً أو ينم عن هوى أو غير معقول بشكل واضح. وبصرف النظر عن موافقة أو عدم موافقة مقدم البلاغ على القرار، لم يكن في استطاعته الطعن فيه لأي من هذه الأسباب المبنية على الأدلة المقدمة. ودور المحامي هو تحديد ما إذا كانت مصلحة موكله العليا تقتضي رفع استئناف عندما لا يكون ذلك مجديا. وأي محام سيتردد في تقديم طلب غير ذي موضوع أمام المحاكم لمجرد تأخير إجراءات أخرى.
تعليقات الدولة الطرف على عدم التقيد بطلب اللجنة بموجب المادة 108 (ز) من نظامها الداخلي
8-1 في 24 حزيران/يونيه 1998، دعت اللجنة الدولة الطرف إلى تقديم تعليقات خطية بشأن عدم التقيد بالطلب الداعي إلى عدم ترحيل مقدم البلاغ إلى الهند أثناء نظر اللجنة في بلاغه.
8-2 وتشير الدولة الطرف، في ردها على اللجنة، إلى أن طلب اتخاذ تدابير مؤقتة هو توصية للدولة باتخاذ تدابير معينة وليس أمراً. ويمكن تبين ما يؤيد ذلك لا في كلمة ("ترجو") المستخدمة في الفقرة 9 من المادة 108 فحسب، بل أيضاً في حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية كروث فاراس وآخرون ضد السويد. فقد أعلنت المحكمة ما يلي فيما يتعلق بالطبيعة القانونية لطلب اتخاذ تدابير مؤقتة: "أولاً، يجب الإشارة إلى أن المادة 36 [المتعلقة بالتدابير المؤقتة] لا تحمل سوى صفة النظام الداخلي الذي وضعته اللجنة ... ونظرا لعدم وجود نص في الاتفاقية بشأن التدابير المؤقتة فلا يجوز اعتبار الاقتراح المقدم بموجب المادة 36 منشئاً لواجب ملزم للأطراف المتعاقدة".
8-3 ووفقا للفقرة 9 من المادة 108، يجوز توجيه طلب باتخاذ تدابير مؤقتة بغية تجنب وقوع "ضرر غير قابل للعلاج" على مقدم بلاغ. وتؤكد الدولة الطرف أن بحث إمكانية وقوع ضرر غير قابل للعلاج ينبغي أن يكون بالغ الدقة، وبخاصة إذا ما تبين أن الفرد المعني يشكل خطرا على الجمهور أو مثلما في حالة مقدم البلاغ، إذا ما تقرر أن استمرار وجوده في الدولة يتنافى مع المصلحة العامة. وخلُصت السلطات، استنادا إلى الأدلة المستندية التي قدمها صاحب البلاغ بالإضافة إلى أدلتها الخاصة فيما يتعلق بالخطر الذي سيواجهه مقدم البلاغ عند ترحيله إلى الهند، إلى أن الخطر ضئيل للغاية. وفضلاً عن ذلك، قرر أحد قضاة شعبة المحاكمات بالمحكمة الاتحادية أن الخطر الذي يواجهه مقدم البلاغ لا يكفي لتبرير إرجاء ترحيله.
8-4 وعلمت حكومة كندا للمرة الأولى ببلاغ الملتمس، بما في ذلك طلب اتخاذ إجراءات مؤقتة، عندما أشار محامي مقدم البلاغ إلى الطلب الذي أصدرته اللجنة، أثناء مناقشة دارت مع موظف بإدارة المواطنة والهجرة الكندية في 18 كانون الأول/ديسمبر 1997، أي بعد ثلاثة أشهر من تلقي اللجنة للبلاغ وطلب التدابير المؤقتة. وتظهر البيانات المعروضة على اللجنة أن طلب التدابير المؤقتة قد صدر، بعد عدة التماسات قدمها محامي صاحب البلاغ إلى اللجنة، وقبل ترحيله المقرر بأيام قليلة. ولم تكن حكومة كندا على علم بهذه الالتماسات ولم تعط فرصة التعليق على هذه الاتصالات التي أجراها الخصم مع اللجنة دون علمها.
8-5 وخلاصة القول، إن الدولة الطرف تولي اهتماماً جاداً لطلبات اللجنة باتخاذ تدابير مؤقتة، بصرف النظر عن الطبيعة القانونية لهذه الطلبات. بيد أن الدولة الطرف رأت أن منح تأجيل غير مناسب في هذه الحالة، في ضوء العوامل المذكورة آنفاً وبخاصة: (أ) أنه لا يوجد مبدئياً خطر شخصي كبير على مقدم البلاغ، كما ثبت من تقييم المخاطر الذي أُجري؛ (ب) أن استمرار وجود إرهابي مدان في كندا يتنافى مع المصلحة العامة؛ (ج) الطبيعة غير الملزمة التي يتسم بها طلب اللجنة.
تعليقات المحامي
9-1 يدعي المحامي أنه لم ير قط أن الدولة الطرف ملزمة قانوناً بالامتثال لطلب اللجنة باتخاذ تدابير مؤقتة. بيد أنه يحتج بأن من الطبيعي أن يتوقع الكنديون من حكومتهم الامتثال لطلب من الأمم المتحدة. وأشار إلى أن ذلك يتسق مع الاتفاقية والممارسة الماضية وفكرة الدولة الطرف عن نفسها كعضو إنساني في المجتمع الدولي.
9-2 واستبعد أن تكون الدولة الطرف قد أولت اهتماماً جاداً لطلب التدابير المؤقتة، بما أنها بعد علمها بالطلب في 18 كانون الأول/ديسمبر 1997 استمرت تكرس جهدها للقيام بترحيل مقدم البلاغ باعتراضها على طلب بإرجاء الترحيل إلى حين إعادة النظر في قرار الوزيرة الذي يذهب إلى أن السماح لمقدم البلاغ بالمضي في مطالبته المتعلقة باللجوء يتنافى مع المصلحة العامة. واختارت الدولة الطرف تعليل ذلك بأن الوزيرة قد أجرت تقييماً للمخاطر فيما يتعلق بصاحب البلاغ وبأنه ليس مطلوباً منها غير ذلك. ولم يكن في وسع مقدم البلاغ سوى تقديم التماسات خطية أولية. ولم تكن هناك جلسة استماع، ولا إمكانية لاستدعاء الشهود أو المقارنة بين أقوالهم، ولا لإتاحة الاطلاع على "الوثائق الداخلية للدولة" على النحو اللازم، وغير ذلك. وتبرر الدولة الطرف إجراءاتها استناداً إلى رفض المحكمة الاتحادية طلب مقدم البلاغ بإرجاء الترحيل. بيد أن حكم المحكمة الاتحادية فيما يتعلق بطلب التأجيل لم يخضع لأي مراجعة قضائية. فهو حكم قاض واحد يعارضه مقدم البلاغ. ولو كان مقدم البلاغ قد مَثَل أمام أي عدد من القضاة الآخرين في المحكمة الاتحادية لكانت نتيجة طلب التأجيل قد اختلفت.
قرار اللجنة بشأن المقبولية
10-1 بحثت اللجنة، في دورتها الحادية والعشرين، مقبولية البلاغ وتحققت من أن نفس المسألة لم تبحث ولا يجري بحثها بموجب إجراء آخر للتحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وفيما يتعلق باستنفاد وسائل الانتصاف المحلية، لاحظت اللجنة أن مقدم البلاغ قد تقدم بطلب للحصول على أمر مؤقت بإرجاء تنفيذ أمر الترحيل، وهو الطلب الذي رفضته شعبة المحاكمات بالمحكمة الاتحادية في 22 كانون الأول/ديسمبر 1997. ونتيجة لطلب آخر من مقدم البلاغ، أصدرت المحكمة حكماً تكميلياً ينص على أن مقدم البلاغ لم يظهر أن احتمال تعرضه للتعذيب لدى عودته إلى الهند احتمال مرجح يمكن إثباته. كما تقدم صاحب البلاغ أيضاً بطلب إذن بإعادة النظر القضائية في قرار الوزيرة الذي يرى أن نظر مطالبته المتعلقة باللجوء يتنافى مع المصلحة العامة. ومع ذلك، تم ترحيل مقدم البلاغ قبل الموعد النهائي لاستكمال شروط الطلب. كما لاحظت اللجنة أن مقدم البلاغ لم يلتمس إذناًُ لإعادة النظر القضائية في قرار هيئة التحكيم بأنه ينتمي إلى فئة غير مقبولة. بيد أن اللجنة لم تقتنع بأن وسيلة الانتصاف هذه كانت ستحقق نتيجة وبأنها كانت ضرورية، بالنظر إلى أن وسائل الانتصاف الأخرى المذكورة آنفاً كانت متاحة واستخدمت فعلاً.
10-2 ولهذا قررت اللجنة أن البلاغ مقبول.
ملاحظات الدولة الطرف على الوقائع الموضوعية
11-1 تذكر الدولة الطرف، في رسالتها المؤرخة في 12 أيار/مايو 1998، أنه وفقاً للمبدأ الذي تم إرساؤه في قضية سيد مورتيسا آمي ضد سويسرا(أ)، على اللجنة أن تحدد "ما إذا كانت هناك أسباب حقيقية للاعتقاد بأن [مقدم البلاغ] سيواجه خطر التعرض للتعذيب [في البلد الذي تجري إعادته إليه] "و" ما إذا كان سيتعرض شخصياً للخطر". كما تذكِّر بأن عبء الاثبات يقع على مقدم البلاغ الذي ينبغي أن يبرهن على وجود أسباب حقيقية للاعتقاد بأنه سيواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب.
11-2 وتؤكد الدولة الطرف أنه نظراً لأن الحماية التي تنص عليها المادة 3 هي، وفقاً للآراء السابقة للجنة، حماية مطلقة بصرف النظر عن سلوك مقدم البلاغ في الماضي، فإن البت في مسألة الخطر يجب أن يكون بالغ الدقة. وتشير في هذا الصدد إلى حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (قضية فيلفاراجا وآخرون ضد المملكة المتحدة)، الذي نص فيما يتعلق بالمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان على أن "بحث المحكمة لاحتمال إساءة المعاملة بالمخالفة للمادة 3 في الوقت المناسب يجب أن يكون دقيقاً بالنظر إلى الطابع المطلق لهذا الحكم".
11-3 ولتقييم خطر التعذيب الذي يواجهه مقدم البلاغ، تحتج الدولة الطرف بأهمية العوامل التالية: (أ) ما إذا كان هناك دليل على وجود نمط ثابت للانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة موضوع النقاش؛ (ب) ما إذا كان مقدم البلاغ قد تعرض لتعذيب أو إساءة معاملة ارتكبها موظف حكومي في الماضي أو تمت بموافقته؛ (ج) ما إذا كانت الحالة المشار إليها في (أ) قد تغيرت؛ (د) ما إذا كان مقدم البلاغ قد تورط في نشاط سياسي أو نشاط آخر داخل الدولة المذكورة أو خارجها على نحو يدعو إلى الاعتقاد بأنه معرّض بصورة خاصة لخطر التعذيب.
11-4 وتعترف الدولة الطرف بأن سجل حقوق الإنسان في الهند يبعث على القلق لكنها تؤكد أن الحالة، وبخاصة في البنجاب، قد تحسنت بشكل ملموس خلال العامين السابقين لرسالتها، وهو الأمر الذي ينبغي أن توليه اللجنة الاهتمام اللازم عند النظر في هذه الحالة.
11-5 وأشارت الدولة الطرف إلى أن هناك عدة تدابير قد اتخذت لتعزيز احترام حقوق الإنسان في الهند منذ أن تولت الحكومة مقاليد السلطة في حزيران/يونيه 1996. فتوقيع الهند على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في 14 تشرين الأول/أكتوبر 1997 يشير إلى عزمها على اتخاذ خطوات لمنع ومعاقبة أي أعمال تعذيب تحدث في أراضيها. ولئن كانت الدولة الطرف تعترف بانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك "حالات الاختفاء"، التي ارتكبتها شرطة البنجاب في الفترة ما بين عامي 1984 و1995، فإن مصادر معلومات موثوقاً بها تشير إلى إحراز تقدم كبير منذ عام 1995 في مجال "السيطرة على" شرطة البنجاب وإنصاف ضحايا الانتهاكات السابقة. وتشير وزارة الخارجية بالولايات المتحدة إلى أنه "يبدو أن نمط حالات الاختفاء الذي ساد في أوائل التسعينات قد انتهى" وأن إجراءات قد اتخذت ضد عدد من موظفي الشرطة المتورطين(ب).
11-6 وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى وثائق مؤيدة أخرى تفيد بأنه لئن كانت الحكومة قد أجازت انتهاكات حقوق الإنسان التي كانت ترتكبها الشرطة في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات وغضت النظر عنها، فإنها قد اتخذت إجراءات منذ ذلك الحين لضمان عدم إفلات مرتكبي هذه الانتهاكات من العقاب(ج). والدليل على هذا التغيير هو إحياء عدد كبير من القضايا المرفوعة ضد ضباط شرطة البنجاب والتي ظلت عدة سنوات معلقة أمام المحكمة العليا وبدء تحقيقات مؤخراً بقيادة المكتب المركزي للتحقيقات. وتشير هذه الإجراءات إلى نهاية مسألة إفلات شرطة البنجاب من العقاب، وإلى أنه رغم توقع استمرار بعض الانتهاكات، فإن احتمالات وقوع حالات اختفاء تتورط فيها شرطة البنجاب في المستقبل ضئيلة للغاية(د). ويلاحظ أخيراً أن الحماية القضائية للأشخاص المحتجزين أو المقبوض عليهم قد تحسنت. فبإمكان الشخص الذي يدعي أنه قد ألقي القبض عليه بشكل تعسفي أن يتصل بمحام وأن يلجأ إلى القضاء.
11-7 واستناداً إلى المصادر المذكورة آنفاً، فإن الدولة الطرف لا تعتبر التعذيب منتشراً حالياً في البنجاب. وتثبت الأدلة المستندية نفسها أيضاً أن التعذيب لا يمارس في جميع أرجاء الهند وأن مقدم البلاغ لن يكون على أي الأحوال معرضاً للخطر في جميع أنحاء البلد.
11-8 وتحتج الدولة الطرف أيضاً بأنه لا يوجد دليل على أن السلطات الهندية قد قامت بتعذيب مقدم البلاغ في الماضي أو منذ عودته إلى الهند. وتشير إلى مقالات الصحف التي تظهر عدم تعرض مقدم البلاغ للتعذيب أثناء استجوابه، نظراً لوعي السلطات الهندية الشديد بالمراقبة الدولية لمعاملتها لمقدم البلاغ(هـ).
11-9 وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن السلطات الهندية لن تستطيع تعذيب مقدم البلاغ بما أنه قد سبقت إدانته وأمضى فترة عقوبته. وأوضحت أن الهند قد استوعبت مبدأ عدم جواز المحاكمة على ذات الجرم مرتين في دستورهـا وبالانضمام إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يتضمن المبدأ المذكور في مادته 14(7). وأشارت إلى أن حقيقة عدم وجود تهم جديدة منسوبة لمقدم البلاغ تتفق كذلك مع عدم مطالبة الهند بتسليمه. وأخيراً، تذكر الدولة الطرف أن نائب مفوض الشرطة قد أكد في الصحف أنه لا يمكن اتخاذ إجراء ضد مقدم البلاغ بما أنه قد سبقت إدانته وأمضى مدة عقوبته.
11-10 وفيما يتعلق بالإفادة الخطية الموقعة من إبنة شقيق مقدم البلاغ، تدعي الدولة الطرف أنها تعتبر رواية عن الغير بما أنها تكرر الأقوال التي تعتقد أن مقدم البلاغ قد أدلى بها. وفضلاً عن ذلك، فإن قول إبنة شقيقه بأن "محقق المكتب المركزي للتحقيقات هدد عمها بأنهم سيظلوا على مقربة منه"، حتى وإن كان صحيحاً، فإنه لا تفتقر تماماً إلى الصواب بالنظر إلى ماضي مقدم البلاغ ولا يدل على وجود خطر تعذيب. وبالإضافة إلى ذلك، تحتج الدولة الطرف بأن الوقائع المذكورة في الإفادة الخطية الموقعة المشار إليها لا تصل إلى حد "التعذيب العقلي" نظراً لأنها لا تستوفي شروط الفقرة 1 من المادة 1 من الاتفاقية. وتؤكد أن السلطات الهندية لم ترتكب أي عمل يلحق عمداً بمقدم البلاغ ألماً أو عذاباً عقلياً شديداً.
11-11 وفيما يتعلق بالإشارة في البلاغ الأصلي إلى قتل اثنين من مختطفي الطائرة تمت تبرئتهما وحاولا دخول الهند في عام 1990، لا ترى الدولة الطرف الصلة بين ذلك الحادث وهذه الحالة ولا ترى أي تشابه بينهما. وتؤكد الدولة الطرف عدم وجود تشابه بين الحالتين بما أن مقدم البلاغ لم يقدم دليلاً على وجود أي خطر على أفراد أسرته بينما كانت الأسرة في الحالة الأخرى قد عانت من مضايقات مستمرة من السلطات الهندية. واستشهد مقدم البلاغ بقول الموظف المختص بعرض الحالة في إدارة الهجرة والمواطنة الكندية، الذي أفاد بأن مقدم البلاغ "سيعامل بقسوة، ربما بسبب اختطافه للطائرة الهندية" في حالة عودته إلى الهند. وتذكر الدولة الطرف أن التعليق قد جاء في سياق جلسة إعادة نظر في قرار كانت مهمة الموظفة فيها إثارة الشواغل بشأن خطر السفر المحتمل على مقدم البلاغ، لكنها لم تكن تبدي تعليقاً بشأن درجة الخطر الذي سيتعرض له مقدم البلاغ في حالة عودته ولم تكن لديها معلومات كافية تسمح لها بتحديد هذه الدرجة.
11-12 وأخيراً، تؤكد الدولة الطرف أن وزيرة المواطنة والهجرة قد بحثت بعناية الأدلة التي تشير إلى ما يمكن أن يتعـرض له مقـدم البلاغ عنـد عودته إلى الهند وأنها اعتبرت الخطر ضيئلاً للغاية. وقد صدقت شعبة المحاكمات بالمحكمة الاتحادية على هذا القرار. وتؤكد الدولة الطرف أنه ينبغي أن تولي اللجنة اعتباراً كبيراً لقراري المحكمة والوزيرة.
11-13 وللأسباب السالف ذكرها، ترى الدولة الطرف أنه لا يوجد ما يشير إلى أن مقدم البلاغ سيتعرض لخطر التعذيب في حالة عودته إلى الهند.
تعليقات مقدم البلاغ بشأن الوقائع الموضوعية
12-1 في رسالة مؤرخة في 11 حزيران/يونيه 1998، يحتج مقدم البلاغ بأن التقييم الذي أجرته الدولة الطرف لحالة حقوق الإنسان في الهند استناداً إلى الوثائق المقدمة إلى اللجنة مضلل(و). وأشار إلى أن الدولة الطرف تستشهد بملاحظات خارج سياقها، لكنها لا تشير إلى المعلومات الواردة من المصادر نفسها والتي تؤكد وقوع انتهاكات في الوقت الحاضر.
12-2 ويواجه مقدم البلاغ انتباه اللجنة إلى أنه قد جاء في إحدى الوثائق المؤيدة التي أشارت إليها الدولة الطرف ما يلي: "بدأت بالسؤال عما إذا كان هناك ما يدعو شخصاً هرب من الهند في أوائل التسعينات، في ذروة الاضطرابات، إلى الخوف من العودة إلى البنجاب حالياً. وسألت أيضاً عما إذا كان باستطاعة شخص هارب أن أن يختبئ بين أفراد طائفة سيخ موجودة في مدينة أو منطقة خارج البنجاب. وكان الرد على السؤالين، والموضوع الثابت في المقابلات، هو أن أشهر الهاربين فقط، الذين لا يتجاوزون حفنة من الأشخاص، هم من يتوافر لديهم سبب للخوف أو للملاحقة خارج البنجاب"(ز). ويوجه مقد م البلاغ الانتباه أيضاً إلى أن هذه التعليقات قد أبديت قبل انتخابات شباط/فبراير 1997، عندما تدهورت حالة حقوق الإنسان.
12-3 ويشير مقدم البلاغ، تأييداً لأقواله بشأن الحالة الراهنة لحقوق الإنسان في البنجاب، إلى المعلومات الواردة من مديرية البحوث بمجلس الهجرة واللاجئين في أوتاوا. وتشير هذه المديرية إلى أن التعذيب في السجون ما زال مشكلة في الهند، وبخاصة في البنجاب. وفضلاً عن ذلك تؤكد أن المحاكمات التي تمت مؤخراً لضباط الشرطة ليست دليلاً على حدوث تغيير حقيقي في مجال احترام حقوق الإنسان والضمانات الدستورية. وأخيراً، تشير إلى أن الأشخاص المعرضين للخطر هم الأشخاص الذين ما زالوا أعضاءً في الجماعات القومية النشطة أو الذين يرفضون الاستجابة لمطالب الدولة كما في حالة مطالبة الشرطة لشخص بأن يصبح مخبراً لها، وهذا ما حدث تحديداً لمقدم البلاغ، على حد قوله. ويشير مقدم البلاغ إلى الرد على طلب المعلومات الموجه إلى مديرية البحوث بمجلس الهجرة واللاجئين في أوتاوا، الذي أُعد لدائرة الهجرة والجنسية بالولايات المتحدة فيما يتعلق بالحالة في البنجاب في عام 1997، والذي جاء فيه أنه رغم حدوث تحسن بوجه عام على مر السنين و"رغم أن النشطين والمقربين منهم هم الفئة الرئيسية للأفراد المعرضين، للخطر، فإن مخاوف النشطين السياسيين والنشطين في مجال حقوق الإنسان من الاضطهاد في الهند قد يكون لها أيضاً ما يبررها"(ح(.
12-4 وفي ضوء ما تقدم، يوجه مقدم البلاغ انتباه اللجنة إلى التضارب في تقييم الدولة الطرف لما يواجهه مقدم البلاغ من خطر تعرض للتعذيب في الهند. ويحتج مقدم البلاغ بأنه عندما قررت السلطات الكندية أن تحرم مقدم البلاغ من مركز اللاجئ، صورته على أنه نشط إرهابي بارز وقومي من السيخ. بيد أن الدولة الطرف عندما تنظر في عودة مقدم البلاغ إلى الهند وفي المخاطر التي يواجهها حالياً، لا تصوره على هذا الأساس.
12-5 وفيما يتعلق بخطر التعرض للتعذيب الذي يواجهه مقدم البلاغ، يلاحظ أن التحقق من خطر التعذيب في المستقبل لا يتطلب أدلة على التعذيب في الماضي، وبخاصة لأن مقدم البلاغ لم يذهب إلى الهند منذ سجنه في باكستان. فالدليل أو الخطر الظاهر الوحيد في هذه المرحلة هو الإفادة الخطية الموقعة من إبنة شقيق مقدم البلاغ. وكما أكد مقدم البلاغ، لا يوجد دليل على وجود تعذيب فعلي، ولكن ينبغي اعتبار الإفادة الخطية الموقعة دليلاً على احتمال مواجهة هذه المعاملة. وفضلاً عن ذلك، فإن ما يذكر من عدم وجود أساس قانوني لإلقاء القبض على مقدم البلاغ في الوقت الحاضر أكثر مدعاة للقلق بما أن سجل حقوق الإنسان في الهند مليء بالأمثلة على التصرف خارج نطاق القضاء.
12-6 ويصر مقدم البلاغ أيضاً على التشابه بين حالته وحالة غورفندر سينغ المشار إليها في البلاغ الأصلي. فقد حوكم هذا الشخص مع ثمانية أشخاص وتم تبرئتهم من جريمة اختطاف طائرة متجهة من الهند إلى باكستان في عام 1984. ثم قتل بالرصاص مؤخراً على الحدود مع باكستان أثناء محاولته العودة إلى الهند. وقد حوكم مقدم البلاغ مع أربعة آخرين على جريمة اختطاف الطائرة التي وقعت في عام 1981. وكان هناك في المجموع 14 شخصاً اعتبرتهم السلطات الهندية إرهابيين واستمرت تربط بينهم بدون مراعاة للفرق بين أحكام المحكمة بالبراءة وأحكامها بالإدانة، أو بين تواريخ عمليات الاختطاف. ويتجلى ذلك في رسالة موجهة من مكتب التحقيقات المركزي الهندي إلى المفوضية العليا الكندية في نيودلهي بتاريخ 24 تموز/يوليه 1995 وتحيل إلى مجموعة من الصور التي التقطت لكل من الأشخاص الذين يدعى قيامهم بعملية الاختطاف.ولا تشير هذه الرسالة إلى أن هؤلاء الأشخاص ال 14 قد تلقوا نفس المعاملة فحسب، بل أيضاً إلى أن السلطات الهندية مهتمة بصورة خاصة بعودتهم إلى الهند وأن الدولة الطرف قد تعاونت مع حكومة الهند منذ 1995 على الأقل. ولذا ينبغي أن تأخذ اللجنة بعين الاعتبار كل ما حدث لهؤلاء الأشخاص ال 14 في تقييمها للخطر.
تعليقات إضافية من الدولة الطرف
13-1 في رسائل مؤرخة في 9 تشرين الأول/أكتوبر 1998 و7 حزيران/يونيه 1999 و30 أيلول/سبتمبر 1998 و28 شباط/فبراير 2000، أرسلت الدولة الطرف ملاحظات إضافية بشأن الوقائع الموضوعية.
13-2 وتحتج الدولة الطرف بأنه رغم احتمال تعرض النشطين البارزين للخطر في الهند، فإن مقدم البلاغ لا يدخل في هذه الفئة التي قد تشمل شخصاً يتضح أنه زعيم منظمة نشطة أو شخصاً يشتبه بارتكابه لعملية اعتداء إرهابية، أو شخصاً يشتبه في قيامه بأنشطة معادية للدولة. ولا يمكن أن تنطبق أي من هذه الصفات على مقدم البلاغ. ولئن كان قد ارتكب عملية اختطاف الطائرة في عام 1981، فإنه قد أدين بهذه الجريمة وأمضى مدة عقوبته ويفترض أنه لم يتورط في أنشطة أخرى خلال فترة سجنه كما أنه غير متورط حالياً في هذه الأنشطة. وفي رسالة أخرى، تذكر الدولة الطرف أنها لم تنكر قط أن مقدم البلاغ قد يعتبر "بارزاً". بيد أنها لا تعتبره منتمياً إلى الفئة الصغيرة ل "النشطين البارزين" المعرضين للخطر.
13-3 وتطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تولي قدراً من الأهمية ل "تقرير الفرع 27" لأنه وثيقة أعدها أحد صغار موظفي الهجرة وتشير فقط إلى أن الشخص قد لا يكون مؤهلاً لقبول كندا. أما القرار النهائي فسيتخذه أحد كبار موظفي الهجرة وهو القرار الذي يخضع وحده لإعادة النظر القضائية. وفضلاً عن ذلك، فإن "تقرير الفرع 27" يذكر فحسب أن مقدم البلاغ عضو في منظمة دال كلسا. ويُحتج بأن مجرد العضوية في منظمة إرهابية لا تجعل الشخص "نشطاً بارزاً".
13-4 وتنكر الدولة الطرف بقوة أي تعاون مع السلطات الهندية للبحث عن مقدم البلاغ وتؤكد أنها لم تتلق أي طلب من الهند لإعادته. ولا تظهر الرسالة التي أشار إليها مقدم البلاغ في رسالته السابقة أن السلطات الهندية كانت تبحث عنه لكنها تظهر بالأحرى أن الدولة الطرف كانت قلقة بشأن احتمال وصول مختطفي الطائرة المفرج عنهم إلى أراضيها وكانت تريد تحديد هويتهم. وخلافاً لتأكيدات مقدم البلاغ بأن الهند كانت مهتمة بعودته، لم تتلق الدولة الطرف ما يدل على هذا الاهتمام. وحتى إن كانت الهند قد أظهرت اهتماماً بعودة مقدم البلاغ، فإن ذلك لا يشكل دليلاً على أنه معرض للتعذيب.
13-5 وفيما يتعلق بوصول مقدم البلاغ إلى مطار دلهي حيث كان في انتظاره، حسبما قيل، ما يزيد على 40 ضابط شرطة وجيش، تكرر الدولة الطرف أن الضابط المرافق لمقدم البلاغ قد أكد أنه قد حظي بمعاملة عادية.
13-6 وتحتج الدولة الطرف بأن الرسالة التي قدمها صاحب البلاغ إلى اللجنة ويشير فيها إلى تجربته في الهند منذ وصوله ليست سوى تعبير عن آرائه ولا تشكل بالتالي دليلاً جازماً أو تم التثبت من صحته. وينبغي ألا تولي اللجنة اهتماماً كبيراً لهذه الوثيقة. ويُحتج أيضاً بأن المضايقة التي يدعي مقدم البلاغ أنه قد تعرض لها لا تشكل دليلاً على أنه معرض للتعذيب. وفضلاً عن ذلك، فإنه في تاريخ تقديم الرسالة، كان قد مر عامان تقريباً على عودة مقدم البلاغ إلى الهند ويبدو أن أسلوب معاملة السلطات لمقدم البلاغ لم يزداد سوءاً.
13-7 وتؤكد الدولة الطرف أولاً بأنه نظراً لادعاء مقدم البلاغ بأنه معرض ل "الاضطهاد"، حتى وإن كان هذا التعبير مجرد خطأ غير مقصود من جانبه، فإن الدولة الطرف تذكِّر بأن المسألة التي تبحثها اللجنة تتعلق بتحديد ما إذا كان مقدم البلاغ معرضاً لخطر "التعذيب"، وليس "الاضطهاد". وتحتج بأن خطر التعذيب وفقاً لتعريفه في الاتفاقية يفرض معياراً أعلى وأدق مما يفرضه خطر الاضطهاد الذي تنص عليه اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين. وفي هذه الحالة، تكرر الدولة الطرف أنها لا تعتبر مقدم البلاغ معرضاً لخطر التعذيب.
تعليقات إضافية من مقدم البلاغ
14-1 في رسائل إضافية مؤرخة في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1998 و30 أيار/مايو 1999 و14 تموز/يوليه 1999 و26 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، يذكر مقدم البلاغ أن الدولة الطرف تحاول، في إطار سياستها، تقييد الدخول إلى أراضيها، إلى حد أدى إلى انخفاض معدل قبول ملتمسي اللجوء بشكل حاد منذ عام 1996، وبخاصة ملتمسو اللجوء من أبناء البنجاب. ورغم اعتراف مقدم البلاغ بضرورة مكافحة إساءة تصرف المهاجرين لأسباب اقتصادية وملتمسي اللجوء المحتالين، فإن ذلك لا يبرر الوصف الايجابي غير الواقعي للحالة في البنجاب.
14-2 ويطلب محامي مقدم البلاغ إلى اللجنة أن تنظر في رسالة كتبها مقدم البلاغ بتاريخ 2 كانون الأول/ديسمبر 1998 وتكشف المشاكل التي عانى منها منذ عودته إلى الهند. ويذكر مقدم البلاغ أنه تلقى تهديدات من الشرطة فور وصوله من كندا لعدم إدلائه للمعلومات المطلوبة. وقد تعرض هو وأسرته لمضايقات أفراد الشرطة منذ عودته إلى حد جعله غير قادر على تحمل رؤيتهم. وبعد أن قدم شكوى إلى لجنة حقوق الإنسان في البنجاب، أرغم على التوقيع على إقرار يحل الشرطة من تبعة أي فعل غير مشروع. ويشير محامي مقدم البلاغ إلى أن هذه الأفعال تشكل "تعذيباً عقلياً منهجياً وبطيئاً" وأنه لا توجد ضرورة للبحث عن دليل على التعذيب الجسدي.
14-3 ويعترض المحامي أيضاً على القول بأن الإجراءات التي اتخذها مكتب التحقيقات المركزي الهندي ضده فور عودته لا تشكل "تعذيباً عقلياً". ويحتج بأن على الدولة الطرف أن تنظر في هذه الإجراءات مقترنة بالصعوبات الأخرى التي واجهها مقدم البلاغ وأسرته منذ وصوله وحالة حقوق الإنسان بصورة عامة في الهند. وثانياً، ذكر أن من غير اللائق أن تلجأ الدولة الطرف إلى استخدام عناصر بأثر رجعي، أي تعرض مقدم البلاغ للتعذيب منذ عودته إلى الهند، لتبرير قرارها بطرده. ويدعي المحامي أن مقدم البلاغ يعاني حالياً من التعذيب، ولكن حتى إن لم يصح ذلك، ينبغي أن تحدد اللجنة ما إذا كان هناك احتمال كبير للتعذيب يتعرض له مقدم البلاغ حالياً، وسبق أن تعرض له عند ترحيله من كندا.
14-4 وفيما يتعلق بالمخاطر الشخصية، يحتج المحامي بأن مقدم البلاغ قد وفر أدلة كافية، في رسالته وفي الإفادة الخطية الموقعة من إبنة شقيقه، على أنه تعرض لخطر تعذيب كبير منذ وصوله إلى الهند وأن السلطات الهندية ما زالت توليه درجة عالية من الانتباه. وبناء على ذلك، يؤكد من جديد أن ترحيل مقدم البلاغ هو عملية تسليم مقنعة حتى مع عدم توافر أركان طلب التسليم الرسمي.
14-5 ويوجه المحامي انتباه اللجنة إلى مصادر إضافية تفند تأكيد الدولة الطرف بأن حالة حقوق الإنسان في البنجاب قد تحسنت(ط). ويحتج المحامي بأن المصادر تؤكد أن حالة العاملين في مجال حقوق الإنسان قد تدهورت في نهاية عام 1998. كما يشير المحامي إلى معلومات تفيد بأن الأشخاص الذين تقدموا بشكاوى إلى اللجنة الشعبية قد زارتهم الشرطة وهددتهم بالتصفية أو بإلقاء القبض عليهم بتهم زائفة.
14-6 ويحتج المحامي بأن الدولة الطرف لم تكن متسقة في تقييمها للخطر. فبينما تصف مقدم البلاغ حالياً بأنه شخص لا يهم السلطات الهندية، كانت قد وصفته من قبل بأنه نشط بارز، بل إنها أشارت إلى صلاته بمنظمة دال كلسا، وهي منظمة معروفة موالية لكليستاني، كما أشارت إلى أنه قد هدد سلطات الهجرة بقوله إنه يستطيع "أن يسحق أي شخص بإبهامه"، وإلى وجود دليل على إدلائه بأقوال مؤيدة لكليستاني ومعادية للحكومة الهندية. وبذلك يكون ادعاء الدولة الطرف بأن مقدم البلاغ ليس نشطاً بارزاً كاذباً، من وجهة نظر المحامي. ويقدم المحامي معلومات إضافية لكي يثبت أن مقدم البلاغ هو في الواقع "نشط بارز": تعليق لهيئة الإذاعة البريطانية في ايار/مايو 1982 تصف فيه منظمة دال كلسا بأنها منظمة معادية للدولة وانفصالية ومتطرفة؛ ومقال نُشر في صحيفة نيوز انترناشيونال في تشرين الأول/أكتوبر 1994 عن مقدم البلاغ نفسه ويصفه بوضوح بأنه نشط. وأخيراً يشير المحامي إلى المعلومات الواردة في ملف الحكومة الكندية المتعلق بترحيل مقدم البلاغ من كندا ("تقرير الفرع 27")، ويشير هذا الملف المؤرخ في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1995 إلى أن مقدم البلاغ "عضو في منظمة دال كلسا الإرهابية المعروفة". ويبرز المحامي استخدام صيغة الحاضر في الجملة ليثبت أن وجود دال كلسا وعضوية مقدم البلاغ فيها كليهما لا ينتميان إلى الماضي. ويشير المحامي إلى أن هذه العناصر هي مؤشر واضح على أن الدولة الطرف كانت في الواقع تعتبر مقدم البلاغ نشطاً بارزاً ولذا كانت على علم بالمخاطر التي سيتعرض لها في حالة عودته إلى الهند.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
15-1 يجب أن تقرر اللجنة، وفقاً للفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية، ما إذا كانت هناك أسباب حقيقية للاعتقاد بأن مقدم البلاغ سيواجه خطر التعرض للتعذيب عند عودته إلى الهند. وللوصول إلى هذا القرار، يجب أن تأخذ اللجنة في حسبانها جميع الاعتبارات المتصلة بالموضوع، وفقاً للفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. بيد أن القصد من البت في المسألة هو تحديد ما إذا كان الفرد المعني سيواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب في البلد الذي سيعود إليه. وبناء على ذلك فإن وجود نمط ثابت للانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً لتقرير أن شخصاً بعينه سيواجه خطر التعرض للتعذيب عند عودته إلى ذلك البلد؛ إذ يجب أن تكون هناك أسباب إضافية تظهر أن الفرد المعني سيتعرض شخصياً للخطر. وبالمثل، فإن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لا يعني أنه لا يجوز اعتبار شخص ما معرضاً للتعذيب في ظروفه الخاصة.
15-2 وتلاحظ اللجنة أولاً أن مقدم البلاغ قد رُحل إلى الهند في 23 كانون الأول/ديسمبر 1997، رغم توجيه طلب باتخاذ التدابير المؤقتة وفقاً للمادة 108(9) من النظام الداخلي، وهو الطلب الذي دعيت فيه الدولة الطرف إلى عدم ترحيل مقدم البلاغ إلى أن تبت اللجنة في بلاغه.
15-3 ومن العوامل التي تحكمت في الإسراع بالترحيل ادعاء الدولة الطرف أن "استمرار وجود مقدم البلاغ في كندا يشكل خطراً على الجمهور". بيد أن اللجنة لم تقتنع بأن تمديد البقاء في كندا لبضعة أشهر أخرى كان سيتنافى مع المصلحة العامة. وتود اللجنة أن تشير في هذا الصدد إلى احدى قضايا المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (شهال ضد المملكة المتحدة) التي تقرر فيها أن فحص المطالبة "يجب أن يتم بصرف النظر عن الأعمال التي يمكن أن يكون الشخص قد ارتكبها وتبرر طرده أو عن أي تهديد ملموس للأمن القومي للدولة التي تقوم بالطرد".
15-4 أما فيما يتعلق بالوقائع الموضوعية للبلاغ، فتلاحظ اللجنة أن مقدم البلاغ يعيش حالياً في الهند منذ أكثر من عامين. ورغم ادعائه بأنه قد تعرض هو وأسرته لمضايقات وتهديدات من الشرطة في عدة مناسبات خلال هذه الفترة، فيبدو أن أسلوب معاملة السلطـات له لم يزداد سوءاً. وفي ضوء هذه الظروف، ونظراً لمرور فترة كبيرة منذ ترحيل مقدم البلاغ - أي وقت كاف لتحقق ادعاءاته، لا يسع اللجنة سوى أن تخلص إلى أن هذه الادعاءات لم يكن لها أساس من الصحة.
15-5 وترى اللجنة أنه بعد مرور فترة تناهز العامين ونصف العام، يستبعد أن يكون خطر التعرض لأعمال التعذيب مستمراً.
16-1 وتعتبر اللجنة أن الدولة الطرف، بتصديقها على الاتفاقية وقبولها طوعاً اختصاص اللجنة بموجب المادة 22، قد تعهدت بالتعاون بحسن نية في تطبيق الاجراء. والالتزام بالتدابير المؤقتة التي تدعو اللجنة إلى اتخاذها في الحالات التي تعتبرها معقولة أمر أساسي لحماية الشخص الذي ينظر في حالته من الضرر الذي لا يمكن علاجه والذي قد يلغي فضلاً عن ذلك النتيجة النهائية للاجراءات المرفوعة إلى اللجنة. وتشعر اللجنة بقلق بالغ لعدم قبول الدولة الطرف طلبها باتخاذ تدابير مؤقتة بموجب الفقرة 3 من المادة 108 من نظامها الداخلي وقيامها بترحيل مقدم البلاغ إلى الهند.
16-2 وعملاً بالفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، تخلص لجنة مناهضة التعذيب إلى أن قيام الدولة الطرف بترحيل مقدم البلاغ إلى الهند لا يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.
[حُرر بالإسبانية والإنكليزية والروسية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي.]

رأي فردي للسيد جبريل كامارا عضو اللجنة
1- بموجب الفقرة 9 من المادة 108 من النظام الداخلي، يجوز للجنة مناهضة التعذيب أن تتخذ خطوات لتجنب وقوع انتهاك للاتفاقية ومن ثم وقوع ضرر لا يمكن علاجه. وهذا الحكم هو خاصية منطقية للاختصاص الممنوح للجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، وهي المادة التي قدمت الدولة الطرف إعلاناً بشأنها. وبالتمسك بالمادة 22، يخضع مقدم البلاغ قراراً نافذ المفعول لحكم اللجنة، مع المراعاة الواجبة لشرط استنفاد وسائل الانتصاف المحلية. ومن ثم فإذا ما نفذ القرار رغم طلب اللجنة بتعليقه، فإن الدولة الطرف تجعل المادة 22 عديمة الجدوى. وهذه الحالة بعينها تشكل بالأساس عدم التزام بروح المادة 22، إن لم يكن بنصها.
2- وبالإضافة إلى ذلك، يتضح من صيغة المادة 3 من الاتفاقية أن وقت تقييم ما إذا كانت هناك "أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه [مقدم البلاغ] سيكون في خطر التعرض للتعذيب" هو وقت الطرد أو الإعادة أو التسليم. وتظهر الحقائق بوضوح أنه وقت طرده إلى الهند كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيواجه خطر التعرض للتعذيب. ومن ثم فقد انتهكت الدولة الطرف المادة 3 من الاتفاقية بطردها لمقدم البلاغ.
3- وأخيراً، فإن ما ثبت في هذه الحالة من عدم تعرض مقدم البلاغ للتعذيب بعد ذلك ليس له تأثيـر على حقيقة انتهاك الدولة الطرف للاتفاقية بقيامها بطرده. ومسألة ما إذا كان خطر التعرض - لأعمال التعذيب في هذه الحالة تحقق فعلياً لا تهم إلا فيما يتعلق بأي جبر أو تعويضات تلتمسها الضحية أو أشخاص آخرون يحق لهم المطالبة.
4- وينبغي أن تمارس لجنة مناهضة التعذيب اختصاصها أيضاً من أجل الوقاية. وفي الحالات المتعلقة بالمادة 3، ليس من الحكمة بالتأكيد انتظار وقوع الانتهاك لكي يحاط علماً به.
[حُرر بالإسبانية والإنكليزية والروسية والفرنسية، والنص الفرنسي هو النص الأصلي.]
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/55/40، المرفق الثامن.
(أ) الآراء، البلاغ رقم 34/1995، CAT/C/18/D/34/1995 ، 9 أيار/مايو 1997.
(ب) US State Department, India Country Report on Human Rights Practices for 1996.
(ج) فرع الوثائق والمعلومات والبحوث بمجلس الهجرة واللاجئين، "India: Information from four Specialists on the Punjab", Ottawa, 17 February 1997.
(د) المرجع نفسه.
(هـ) "Hijacker OK in the old country: An Indo-Canada newspaper reports an assurance that Tejinder Pal Singh will be safe in India", Vancouver Sun, 5 January, 1998.
(و) US State Department, India Country Report on Human Rights Practices for 1996; Human Rights World Report 1997.
(ز) انظر الحاشية (ج) أعلاه.
(ح) وثائق مديرية الأبحاث التابعة لمجلس الهجرة واللاجئين في أوتاوا IND26992.E ص.3.
(ط) Document IND30759.EX and document IND26992.E of the research Directorate of the Immigration and Refugee Board in Ottawa.

العودة للصفحة الرئيسية