آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

البلاغ رقم 96/1997


مقدم من: أ. د. (لم يعلن الاسم)
[ويمثله محام]
الشخص المدعى أنه ضحية: مقدم البلاغ
الدولة الطرف: هولندا
تاريخ البلاغ: 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1997

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
المجتمعة في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1999،
وقد انتهت من نظرها في البلاغ رقم 96/1997، المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب وفقا للمادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات التي وافاها بها مقدم البلاغ ومحاميه والدولة الطرف،
تعتمد آراءها بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية.
1-1 إن مقدم البلاغ هو أ. د.، وهو مواطن سريلانكي من أصل سنهالي يقيم حاليا في هولندا التي طلب اللجوء إليها. ورفض طلبه الخاص باللجوء وهو مهدد بالترحيل. ويدعي أن عودته إلى سري لانكا ستعني إخلال هولندا بالتزاماتها بموجب المادة 3 من الاتفاقية. ويمثله محام.
1-2 ووفقا للفقرة 3 من المادة 22 من الاتفاقية، أحالت اللجنة البلاغ إلى الدولة الطرف في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1997.

الوقائع كما عرضها مقدم البلاغ
2-1 يذكر مقدم البلاغ أنه يعمل مصوّراً حراً في سري لانكا منذ عام 1974 وأنه بدأ في عام 1990 التقاط صور لقتلى أو جرحى. وكانت أولى الصور التي التقطها صورا لستة أشخاص محروقين وممددين على جانب طريق يربط بين مينوانغودا وجايلا ومقيدين بإطارات سيارات. واشتبه مقدم البلاغ في أن المجني عليهم من أنصار جبهة التحرير الشعبية القومية السنهالية. وكان قد التقط هذه الصور لنفسه بدافع الغضب، لكنه قرر نشرها بعد ذلك. ونشرت الصور في صحيفتين ("لكديوا" و"راجاتيا")، ومجلات أسبوعية ("إيرا" و"هانـدي" و"جناهيتا") ومجلة شهرية ("كولاما"). ولم يُنشر اسم مقدم البلاغ في ذلك الوقت. وفي عام 1991، عرضت بعض الصور الموقعة من مقدم البلاغ في الجمعية الوطنية لفن التصوير. ويبدو أن مجهولين قد تحروا عن هوية المصوِّر.
2-2 وفي 8 تشرين الأول/أكتوبر 1992 أو في حدود ذلك التاريخ، حضر ثمانية رجال مقنعين يرتدون ثيابا سوداء إلى معمل تصوير مقدم البلاغ. وسألوه عما إذا كان يعمل لحساب صحف ورغم إنكار مقدم البلاغ لذلك، قاموا بتحطيم معداته. كما أرغموه على إغلاق معمل التصوير والعودة إلى المنزل.
2-3 وبعد أيام قليلة، قام مجهولان باختطاف مقدم البلاغ من منزله في كولومبو واقتاداه معصوب العينين إلى مبنى من طابقين حيث احتجزاه مع 10 أشخاص آخرين في غرفة. ويعتقد مقدم البلاغ أن الأشخاص الآخرين كانوا أعضاء في جبهة التحرير الشعبية القومية السنهالية أو مؤيدين لها. ويذكر مقدم البلاغ أنه تعرض للتعذيب، وشمل ذلك ضربه ووضع إبر تحت أظافر يديه والقاءه من ارتفاع يناهز ثلاثة أمتار ووضع قضيب حديدي في شرجه وتثبيت كيس فلفل حار على رأسه وتعليقه من قدميه لمدة ثلاث ساعات مع إيهامه بالإعدام شنقا.
2-4 وأفرج عنه بعد 15 يوما. وتم اقتياده وهو معصوب العينين إلى مقبرة راجاجيريا حيث تم تركه. ومشى إلى منزله في مدجادا في كولومبو. واصطحبه جاره إلى كاندي، بالقرب من بريغاما، ولم يعد إلى كولومبو منذ ذلك الحين. وعمل في كاندي، داخل معمل تصويره في معظم الوقت، وكان يقلل من ظهوره في الأماكن العامة بقدر الإمكان.
2-5 ووصل مقدم البلاغ إلى هولندا في أيار/مايو 1993. وفي 23 أيلول/سبتمبر 1993، قدم طلباً للحصول على اللجوء أو على إذن إقامة لأسباب إنسانية. وبالإضافة إلى الأحداث السالف ذكرها، أبلغ مقدم البلاغ أيضا سلطات اللجوء بأنه كان قد حضر اجتماعا نظمته "الرابطة الدولية لفن التصوير" في هولندا حيث ألقى خطابا انتقد فيه النظام في سري لانكا.
2-6 وفي 19 تشرين الأول/أكتوبر 1993، رفضت وزيرة العدل طلبه مستندة إلى أن مقدم البلاغ لم ينهض بأي أنشطة سياسية ولا يُعتبر لاجئا وفقا لاتفاقية عام 1951 المتعلقة بمركز اللاجئين. كما أكدت الوزيرة أن مقدم البلاغ قد مكث في هولندا لمدة أربعة أشهر قبل أن يتقدم بطلب اللجوء وأنه كان قد سافر بجواز سفر يحمل إسمه. وأخيرا، أشارت الوزيرة إلى أن الآراء التي أعرب عنها مقدم البلاغ في هولندا فيما يتعلق بحكومة سري لانكا ليست سببا لمنحه مركز اللاجئ. وفي 22 تشرين الأول/أكتوبر 1993، طلب مقدم البلاغ إعادة النظر في القرار، لكن الوزيرة رفضت إيقاف تطبيقه.
2-7 ورفع مقدم البلاغ دعوى مستعجلة أمام المحكمة المحلية في لاهاي بغية استصدار حكم من رئيسها بعدم ترحيله إلى أن ينتهي إجراء إعادة النظر. ورفض هذا الطلب في 14 كانون الأول/ديسمبر 1993 كما رفضت وزيرة العدل طلب إعادة النظر في 29 تموز/يوليه 1994.
2-8 وفي 10 آب/أغسطس 1994، استأنف مقدم البلاغ حكم الوزيرة أمام المحكمة المحلية في لاهاي، ورفضت المحكمة الاستئناف في 14 تموز/يوليه 1995. وأخيراً في 5 كانون الأول/ديسمبر 1995، تدخل فرع منظمة العفو الدولية في هولندا لصالح مقدم البلاغ، لكن الوزيرة ردّت في 16 أيار/مايو 1997 بأنها لن تلغي قرارها لأسباب من بينها التغيير الذي شهدته الحالة السياسية في سري لانكا منذ عام 1992.
2-9 ويذكر مقدم البلاغ أنه ما زال يعاني من مشاكل صحية نتيجة للتعذيب الذي تعرض له. وأشار إلى تقرير طبي مؤرخ في 11 كانون الأول/ديسمبر 1995، ويفيد بأنه يعاني من مشاكل في كتفه وظهره وقدمه اليسرى وأن هذه الحالة ليست بعيدة عن التعذيب الذي تعرض له على نحو ما سبق وصفه. وفي تقرير طبي آخر مؤرخ في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1997 وأعده فريق بحث طبي تابع لمنظمة العفو الدولية، ذُكر أن الفحص الطبي قد أظهر علامات في الجسد تثبت أنواع التعذيب التي وصفها مقدم البلاغ، مثل إدخال إبر تحت أظافر اليدين. كما أشار التقرير إلى أنه رغم عدم معاناة مقدم البلاغ من أعراض اضطرابات نفسية لاحقة للإصابة في تاريخ إعداد التقرير، فإن سوابق المريض توحي بأنه قد عانى على الأرجح منها في الماضي وأنه تمكن من إيجاد حيل فعالة للتغلب عليها. وأفاد التقرير بوجود مظاهر كثيرة للاضطرابات النفسية اللاحقة للإصابة، مثل سلوك التهرب وفقدان الذاكرة الجزئي واضطرابات النوم.
2-10 ويشير مقدم البلاغ إلى أن حالة حقوق الإنسان في سري لانكا كانت مثيرة للجزع في عام 1992. وكان المصورون والصحفيون مستهدفين بصورة خاصة. ويشير إلى التقارير الصحفية التي تفيد بأن فرق الاغتيال المعروفة باسم "القطط السوداء" كانت تعمل في أوائل التسعينات بدعم من الحكومة. وقد اختفى عدد كبير من النشطين في مجال حقوق الإنسان. وبعد انتخابات عام 1994، فقد الحزب الوطني المتحد السلطة وحلت محله حكومة التحالف الشعبي. ومع ذلك استمر تخويف الصحفيين واختفاؤهم وإعدامهم. ويذكر أن هناك قصور في ملاحقة ومعاقبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي وأن الحكومة لا تسيطر على الشرطة والجيش.
الشكوى
3- يحتج مقدم البلاغ بأنه سيتعرض لخطر التعذيب إذا ما أرغم على العودة إلى سري لانكا. ويذكر أن هناك نمطاً ثابتاً من الانتهاكات الجسيمة الصارخة التي تتم على نطاق واسع في ذلك البلد وأنه يخشى من محاولة المسؤولين عن أعمال القتل التي قام بتصويرها الانتقام منه. ويقول إنه لا يجوز مطالبة من تعرض لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الماضي بالعودة إلى البلد الذي وقعت فيه هذه الانتهاكات.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والوقائع الموضوعية
4-1 في رسالة مؤرخة في 19 كانون الثاني/يناير 1998، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنها تعتقد أن مقدم البلاغ قد استنفد وسائل الانتصاف المحلية المتاحة وأنها توافق على قبول البلاغ. وفي رسائل مؤرخة في 19 أيار/مايو 1998 و28 ايار/مايو 1998 و19 حزيران/يونيه 1998، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها فيما يتعلق بالوقائع الموضوعية للبلاغ.
4-2 وتشير الدولة الطرف إلى أنه أثناء الاجراءات المحلية، أجري تقييم دقيق لحالة حقوق الإنسان بصورة عامة في سري لانكا وإمكانية العودة إليها. ووفقا للمعلومات التي أتيحت للدولة الطرف، كانت فرق الاغتيال المعروفة باسم "كتائب القطط السوداء للإعدام" نشطة في الفترة ما بين عامي 1988 و1990، حينما كان الحزب الوطني المتحد في السلطة. وبعد تولي التحالف الشعبي السلطة في عام 1994، تحسنت حالة حقوق الإنسان في سري لانكا وألغيت جميع القيود السابقة على حرية الصحافة. وفي أيلول/سبتمبر 1995، عندما نشب النـزاع المسلح بين الحكومة وحركة نمور تحرير التاميل مرة أخرى في الشمال، فرضت الرقابة على التقارير الخاصة بالعمليات العسكرية في تلك المنطقة. ورغم ما تشكله حالة الطوارئ والرقابة على التقارير المتعلقة بالعمليات العسكرية في الشمال من قيود على الصحفيين، فإن الدولة الطرف تشير إلى أنه ليست لديها معلومات بشأن تعرض الصحفيين لمضايقات فيما يتعلق بتقارير الحرب.
4-3- وبالنظر إلى أقوال مقدم البلاغ وما وفره من أدلة مستندية، فإن الدولة الطرف لا يساورها شك في أن مقدم البلاغ يعمل مصوراً وأنه قد التقط صوراً لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان ابتداءً من عام 1990، بصرف النظر عما إذا كان ذلك قد تم بناء على تعليمات من مختلف الأحزاب السياسية أو بدون تعليمات، وأن هذه الصور قد نُشرت في مختلف الصحف. كما تقر الدولة الطرف بأن مقدم البلاغ قد اختُطف فعلاً بسبب أنشطته.
4-4- وتود الدولة الطرف أن توجه انتباه اللجنة إلى التضارب بين الحجج والأقوال التي يستند إليها البلاغ وأقوال مقدم البلاغ في الدعوى المحلية الأولى. ففي الدعوى المحلية، أكد مقدم البلاغ بصفة مستمرة أنه قد اختُطف في آذار/مارس 1991 وبقي أسيراً لمدة 15 يوماً. ولم يذكر مقدم البلاغ، عن طريق منظمة العفو الدولية، أن اختطافه وما ادعى التعرض له من تعذيب لم يقعا في آذار/مارس 1991 بل في 8 تشرين الأول/أكتوبر 1992، إلا بعد انتهاء الدعوى المحلية. ولم يوفر مقدم البلاغ تفسيراً لهذا التضارب، رغم أهميته لتقييم أقواله. فإذا ما كان الاختطاف قد تم في عام 1991، يصبح عدم ذهاب الرجال إليه ومطالبتهم له بغلق معمله إلا في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 1992 أمراً مثيراً للفضول. وعلى أي الأحوال، لم يوفر مقدم البلاغ أي معلومات عن الفترة ما بين آذار/مارس 1991 و8 تشرين الأول/أكتوبر 1992. وتشير الدولة الطرف إلى أن تعليله لذلك بأنه لم يتمكن من الإبلاغ كما ينبغي لعدم وجود مترجم شفوي سنهالي غير مقنع. فالملف الوطني لمقدم البلاغ يوضح أن إلمامه باللغة الإنكليزية كان يسمح له باستكمال روايته.
4-5 وفضلاً عن ذلك، لجأ مقدم البلاغ، بعد رفض استئنافه إلى تغيير الأقوال التي كان قد أدلى بها أثناء الدعوى المحلية والتي أفاد فيها بأنه لم يقرر مغادرة سري لانكا حتى أيار/مايو 1993. ويبدو أنه قد ذكر لمنظمة العفو الدولية أنه كان قد قرر مغادرة بلده بعد عملية الاختطاف التي ادعى التعرض لها في 8 تشرين الأول/أكتوبر 1992. ولم يوفر كذلك تفسيراً كافياً لهذا التضارب. وتعتقد الدولة الطرف أن مقدم البلاغ لجأ على الأرجح إلى تغيير روايته لكي تتسق منطقياً.
4-6 وبالإضافة إلى ذلك، تشير الدولة الطرف إلى أن مقدم البلاغ قد تمكن، منذ إطلاق سراحه في تشرين الأول/أكتوبر 1992 حتى رحيله في أيار/مايو 1993، من تجنب التعرض لأي مشاكل أخرى بالانتقال إلى منطقة أخرى من البلد. وتؤكد الدولة الطرف أنها ليست لديها معلومات كافية للتحقق مما إذا كان مقدم البلاغ قد اضطر إلى العمل في الخفاء، على حد تأكيده. وأخيراً، تحتج الدولة الطرف بأن نشاط التصوير الذي قام به مقدم البلاغ كان يتعلق بعرض الأعمال الوحشية التي ارتكبها نظام الحزب الوطني المتحد السابق ولم يكن سيعرضه لاضطهاد الحكومة الحالية.
4-7 أما فيما يتعلق بتقييم الدليل الطبي الذي وفره مقدم البلاغ، فتلاحظ الدولة الطرف أن الشهادة الطبية المؤرخة في 11 كانون الأول/ديسمبر 1995 أفادت بأن العنف الذي وصفه مقدم البلاغ قد يكون سبباً لما يعاني منه من آلام في كتفيه وظهره. وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى الفحص الطبي الذي أجراه فريق البحث الطبي التابع لمنظمة العفو الدولية بعد انتهاء الدعوى المحلية رسمياً، وتلاحظ أنه رغم كشف الفحص الجسماني عن مجموعة متنوعة من أعراض الخلل المتسقة مع نوع التعذيب الذي وصفه مقدم البلاغ، فإن مقدم البلاغ لم يف بالمعايير اللازمة لتشخيص حالته بأنها أعراض اضطرابات نفسية لاحقة للصدمة، والقول بأنه رغم احتمال معاناته من هذه الظواهر في الماضي فقد تمكن من إيجاد وسائل فعالة للتغلب عليها.
4-8 وأخيراً، تحتج الدولة الطرف بأن عدداً من العوامل الفردية التي اعتبرتها اللجنة ذات أهمية حاسمة في بلاغات أخرى عالجتها ليس له دور يُذكر أو أي دور على الإطلاق في هذا البلاغ، مثل الأصل العرقي أو الأنشطة السياسية للشخص المعني. وفي الحالة المعروضة الآن، لم يواجه مقدم البلاغ أي مشاكل تتعلق بأصله السنهالي، كما أنه لم يكن من المتعاطفين أو من الأنصار النشطين لأي حزب سياسي.
4-9 وتخلص الدولة الطرف إلى أن مقدم البلاغ لم يثبت العناصر التي تسمح بالاستنتاج بأنه قد يتعرض للتعذيب عند عودته إلى سري لانكا، بسبب أصله العرقي وما يدعيه من انتماء سياسي وقصة الاحتجاز. وبناء على ذلك، فإنها تعتبر أن هذا البلاغ لا أساس له من الصحة.
تعليقات المحامي
5-1 يلاحظ المحامي، في رده على رسالة الدولة الطرف، أن الدولة الطرف لا تطعن في أهم عناصر رواية مقدم البلاغ المتعلقة بأنشطته كمصور، أي الاختطاف والهروب من سري لانكا. وقال إن التضارب الذي تشير إليه الدولة الطرف لا يثير شكوكاً في صحة ادعائه عموماً وينبغي تفسيره بعدم وجود مترجم شفوي سنهالي أثناء إجراءات اللجوء الأولى وبتعرض مقدم البلاغ سابقاً للتعذيب ولأنواع خطيرة من إساءة المعاملة.
5-2 ويلاحظ المحامي أيضاً أن الدولة الطرف تحتج بأن أنشطة مقدم البلاغ في سري لانكا لم تكن مستندة إلى عقيدة سياسية وبأنه لم يكن قط عضواً في حزب سياسي. ويرى المحامي أن موقف الدولة الطرف يعكس تعريفاً خاطئاً وضيقاً ل"المعتقد السياسي". فرغم أن مقدم البلاغ لم يكن عضواً في حزب سياسي، فإن السلطات قد نسبت إليه معتقداً سياسياً بسبب قيامه بنشر صور لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. ووفقاً للسوابق القضائية الهولندية وقانون اللاجئين الدولي، يعتبر المعتقد السياسي المنسوب إلى الشخص معياراً لتقرير مركز اللاجئ.
5-3 ويدحض المحامي حجة أن انتقال مقدم البلاغ إلى مكان آخر في سري لانكا قــد سمح له بتجنب أي صعوبات أخرى ابتداء من تشرين الأول/أكتوبر 1992 حتى رحيله. ويؤكد المحامي أن مقدم البلاغ قد لجأ إلى الاختباء والعمل في الخفاء ويشير إلى أن الدولة الطرف نفسها تعترف بأن ليس لديها بيانات كافية للتحقق مما إذا كان مقدم البلاغ قد اضطر فعلاً إلى العمل في الخفاء. ولم يسبق إثارة مسألة الهروب الداخلي كبديل أثناء الدعوى المحلية ومن ثم لا يجوز طرحها أمام اللجنة. ورأى أن بديل الهروب الداخلي لن يكون عملياً على أي الأحوال، لأن السلطات كانت تضطهد مقدم البلاغ.
5-4 وفيما يتعلق بالدليل الطبي، يؤكد المحامي أنه كان على الدولة الطرف أن تجري فحصها الطبي الخاص بالنظر إلى ادعاء مقدم البلاغ بأنه قد تعرض للتعذيب. وكان يمكن إثبات تسبب التعذيـب الذي تعرض له مقدم البلاغ في سري لانكا في اضطرابات نفسية لاحقة للإصابة بفحص طبي يجريه مكتب المشورة الطبية التابع لوزارة العدل.
5-5 وبالنسبة للحالة السياسية العامة في سري لانكا، يوجه المحامي انتباه اللجنة إلى أنه بالنظر إلى خطورة وعدم استقرار الحالة السائدة في البلد، امتنعت سلطات هولندا لفترة زمنية عن ترحيل ملتمسي اللجوء السريلانكيين. ولا يوجد حالياً ضمان لعدم تعرض مقدم البلاغ لاضطهاد الحكومة الحالية في سري لانكا، ولا لتمتعه بحماية فعلية توفرها الحكومة في حالة تعرضه لاضطهاد أو تعذيب أصحاب السلطة السابقين.
ملاحظات إضافية من الدولة الطرف والمحامي
6-1 في 14 كانون الأول/ديسمبر 1998، قدمت الدولة الطرف ملاحظات إضافية إلى اللجنة رداً على تعليقات المحامي. وأشارت إلى أن تعليقات المحامي فيما يتعلق بالامتناع عن ترحيل ملتمسي اللجوء السريلانكيين من هولندا غير صحيحة. ففي ربيع عام 1998، رأى وزير العدل بهولندا أنه ليس هناك ما يدعو إلى تغيير السياسة الخاصة بترحيل ملتمسي اللجوء فيما يتصل بالحالة في سري لانكا. وفي 23 حزيران/يونيه 1998، أبلغ وزير العدل مجلس العموم في البرلمان بأن ملتمسي اللجوء التاميل الذين رُفضت طلباتهم لن يرحلوا من هولندا، إلى حين صدور حكم محكمة بشأن استئناف رفعه أحد التاميل وفي ضوء الأمر الزجري الممنوح في تلك الحالة. ومن ثم فإن قرار عدم ترحيل هذه الفئة من الأشخاص خلال فترة زمنية معينة كان مسألة إجرائية. وفي حكم مؤرخ في 9 تشرين الأول/أكتوبر 1998، اعتبرت محكمة لاهاي المحلية أنه كان من حق وزير العدل تماماً أن يخلص إلى أن ترحيل ملتمسي اللجوء التاميل الذين رُفضت طلباتهم إلى سري لانكا لا يعتبر تدبيراً بالغ القسوة. ولهذا فما زالت سياسة إعادة ملتمسي اللجوء السريلانكيين إلى بلدهم سارية.
6-2 وأبلغت الدولة الطرف اللجنة أيضاً بأنه في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، أبلغ وزير العدل المحامي بأن مقدم البلاغ قد يكون مؤهلاً للحصول على إذن إقامة للعلاج الطبي. ووفقاً للمعلومات التي وفرتها الدولة الطرف، كان مقدم البلاغ قد طلب الحصول على هذا الإذن الذي كان يتوقع حصوله عليه خلال فترة قصيرة. وأكدت الدولة الطرف أنه متى حصل مقدم البلاغ على إذن إقامة للعلاج الطبي، فإنه لن يكون معرضاً للطرد ومن ثم فستنتفي الأسباب التي يستند إليها في طلبه المقدم إلى اللجنة.
6-3 وفي 22 نيسان/أبريل 1999، أبلغ المحامي اللجنة بأن مقدم البلاغ لم يحصل بعد على أي إذن إقامة للعلاج الطبي. وبالإضافة إلى ذلك، أشار إلى أن هذا الإذن سيكون مؤقتاً وينتهي سريانه متى قرر المستشار الطبي لوزارة العدل أن العلاج الطبي لم يعد لازماً. ويؤكد المحامي أن كل ما يحققه هذا الإذن هو إرجاء احتمال الطرد فحسب وأن هذا لا يكفي للوفاء بشروط المادة 3 من الاتفاقية.
6-4 وفي رسالة مؤرخة في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1999، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنه في 7 حزيران/يونيه 1999، منح وزير العدل مقدم البلاغ إذن إقامة للعلاج الطبي، يمتد سريانه من 9 كانون الأول/ديسمبر 1998 إلى 30 أيلول/سبتمبر 1999(أ). وبالإضافة إلى ذلك، طلب مقدم البلاغ تمديد هذا الإذن. ولم يكن هناك احتمال لطرده أثناء النظر في طلبه.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
7-1 قبل أن تنظر لجنة مناهضة التعذيب في أي ادعاءات يتضمنها بلاغ ما، يجب أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وتحققت اللجنة، على النحو المطلوب بموجب الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تبحث وليس قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف تعتبر أن مقدم البلاغ قد استنفد وسائل الانتصاف المحلية وأنها تقر مقبولية البلاغ. وتخلص اللجنة إلى عدم وجود موانع أخرى أمام مقبولية البلاغ. وبما أن الدولة الطرف ومحامي مقدم البلاغ كليهما قدما ملاحظات بشأن الوقائع الموضوعية للبلاغ، فإن اللجنة تواصل عملها بالنظر في هذه الوقائع الموضوعية.
7-2 ويجب أن تقرر اللجنة، عملاً بالفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية، ما إذا كانت هناك أسباب حقيقية للاعتقاد بأن مقدم البلاغ سيواجه خطر التعرض للتعذيب عند عودته إلى سري لانكا. وللتوصل إلى هذا القرار، يجب على اللجنة، عملاً بالفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية، أن تراعي جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. بيد أن الغرض من تحديد ذلك هو تقرير ما إذا كان الفرد المعني سيواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب في البلد الذي سيعود إليه. وبالتالي فإن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل، في حد ذاته، سبباً كافياً لكي يتقرر أن شخصاً معيناً سيواجه خطر التعرض للتعذيب عند عودته إلى ذلك البلد؛ ويجب أن تكون هناك أسباب إضافية تبين أن الفرد المعني سيتعرض شخصياً للخطر. وبالمثل، فإن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لا يعني أنه لا يمكن اعتبار شخص ما معرضاً لخطر التعذيب في ظروفه الخاصة.
7-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد أفادت بأن مقدم البلاغ ليس معرضاً للطرد، ريثما يتم النظر في طلبه الخاص بتمديد إذن إقامته للعلاج الطبي. وتلاحظ اللجنة أن أمر طرد مقدم البلاغ ما زال سارياً، ومن ثم فإن احتمال منح الدولة الطرف مقدم البلاغ تمديداً للإذن المؤقت للعلاج الطبي لا يكفي للوفاء بالتزامات الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية.
7-4 وتعتبر اللجنة أن أنشطة مقدم البلاغ في سري لانكا وقصة احتجازه وتعذيبه وثيقة الصلة بالموضوع لتقرير ما إذا كان سيواجه خطر التعرض للتعذيب عند عودته. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أنه رغم إشارة الدولة الطرف إلى التضارب في رواية مقدم البلاغ للأحداث، فإنها لم تطعن في صحة ادعائه بصورة عامة. وتلاحظ اللجنة أيضاً الدليل الطبي الذي يشير إلى أنه رغم عدم توافر المعايير التي تسمح حالياً بتشخيص الحالة على أنها اضطرابات نفسية لاحقة للاصابة، فمن المحتمل أن يكون مقدم البلاغ قد عانى من هذه المتلازمة في الماضي. بيد أن اللجنة تلاحظ أيضاً أن ما يدعي مقدم البلاغ التعرض له من مضايقة وتعذيب كانت له علاقة مباشرة بعرضه لصور انتهاكات لحقوق الإنسان وقعت أثناء تولي الحكومة السابقة السلطة في سري لانكا. وتدرك اللجنة حالة حقوق الإنسان في سري لانكا لكنها ترى أنه في ضوء التغيير الذي طرأ على السلطة السياسية والظروف الراهنة، لم يدعم مقدم البلاغ ادعاءه بأدلة تفيد بأنه سيتعرض شخصياً للتعذيب في حالة عودته إلى سري لانكا.
8- ولجنة مناهضة التعذيب، إذ تعمل بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ترى أن قرار الدولة الطرف بإعادة مقدم البلاغ إلى سري لانكا لا يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.
[حرر بالإسبانية والإنكليزية والروسية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي.]
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/55/40، المرفق الثامن.
(أ) أكد المحامي هذه المعلومات.

العودة للصفحة الرئيسية