آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

البلاغ رقم 95/1997


المقدم من: ل. أو (الاسم مكتوم)
[يمثله محام]
الضحية المفترضة: صاحب البلاغ
الدولة الطرف: كندا
تاريخ البلاغ: 23 تشرين الأول/أكتوبر 1997

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
المجتمعة في 19 أيار/مايو 2000،
تعتمد ما يلي:

قرار بشأن المقبولية
1- صاحب البلاغ هو ل. أو. وهو مواطن من غاني، ولد في 27 كانون الأول/ديسمبر 1967، تم ترحيله إلى بلده قسرا بعد التماسه اللجوء في كندا. وهو يدعى أن ترحيله إلى غانا يشكل انتهاكا من جانب كندا للاتفاقية. ويمثله محام.
1-2 وفقا للفقرة 3 من المادة 22 من الاتفاقية، نقلت اللجنة البلاغ إلى الدولة الطرف في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1997. وطلبت اللجنة في نفس الوقت من الدولة الطرف، ووفقا للفقرة 9 من المادة 108، من نظامها الداخلي ألا تطرد صاحب البلاغ إلى غانا ما دام بلاغه موضع نظر اللجنة. وفي عرض مؤرخ في 22 كانون الثاني/يناير 1998، أعلمت الدولة الطرف اللجنة أن صاحب البلاغ قد أُبعد عن كندا في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1997، قبل أن تتلقى الدولة الطرف بلاغ اللجنة والتماسها اتخاذ تدابير انتقالية.
الوقائع كما قدمها صاحب البلاغ
2-1 في سنة 1987، أيام الدراسة الجامعية، اعتقل صاحب البلاغ في غانا عقب مظاهرات كبرى مناهضة للإصلاحات التربوية. وسنة 1990، بدأ صاحب البلاغ التعليم في مدرسة ثانوية. وأصبح سنة 1992 عضوا في الحزب الوطني الجديد، ومثّل هذا الحزب في مكتب اقتراع أثناء الانتخابات التي جرت في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من نفس السنة. وأبلغ عندئذ عن وقوع عدة مخالفات، لكن الشرطة تجاهلت ذلك.
2-2 في أيلول/سبتمبر 1992، بدأ صاحب البلاغ دراسته في جامعة العلوم والتكنولوجيا في كوماصي، وفي كانون الثاني/يناير 1993، أصبح عضوا فاعلا في الاتحاد الوطني لطلبة غانا. وفي 24 آذار/مارس 1994، مثّل الجامعة في المؤتمر السنوي الرابع والعشرين للاتحاد حيث أفصح عن معارضته لسياسة الإصلاح التربوي التي تنتهجها الحكومة وعن اعتراضه على الاعتقالات المتكررة للطلبة. وبسبب خطابه، طرد صاحب البلاغ من الجامعة ومعه 20 طالبا آخرين. وفي 31 آذار/مارس 1994، وعقب مظاهرة قام بها الطلبة احتجاجا على قرار الطرد الصادر عن رئيس الجامعة، اعتقل صاحب البلاغ بتهمة تحريض الطلبة على الحكومة. وذَكر أنه قد جرد من ثيابه، وتعرض للضرب ولمعاملة لا إنسانية من قبل الشرطة. وبعد اعتقال دام خمسة أيام، تم دفع رشوة لإطلاق سراحه، وانتهز فيما بعد هذه الفرصة لمغادرة البلاد.
2-3 وإثباتا لما يزعم، أشار صاحب البلاغ إلى رسالة وردت عن والده مؤرخة في 10 تشرين الأول/أكتوبر 1995، يعلمه فيها بأن الشرطة أتت إلى بيت الأسرة للبحث عنه. وقدم بالإضافة إلى ذلك شهادة عن طبيب نفساني تثبت أنه يعاني من إرهاق واضطراب مزمن وشديد ناتج عن صدمة. وذكر أيضا أن غانا ترزح تحت حكم استبدادي وحشي لا يسمح بالمعارضة السياسية.
2-4 والتمس صاحب البلاغ اللجوء في كندا في نيسان/أبريل 1994، ونظر مكتب الهجرة واللجوء في طلبه الحصول على وضع اللاجئ في 15 كانون الأول/ديسمبر 1994، ولكن في كانون الثاني/يناير 1995، رُفِض طلبه. فقدم صاحب البلاغ طلباً إلى محكمة كندا الفيدرالية لإعادة النظر في قرار المكتب بدعوى أن القرار آية في عدم التعقل ولا يستند إلى الإثباتات المقدمة. وفي أيلول/سبتمبر 1995، رفضت محكمة كندا الفيدرالية طلب إجراء المراجعة القضائية. ويؤكد صاحب البلاغ أن الغرض من المراجعة القضائية المطلوبة إنما هو القيام بمجرد مراجعة محدودة للأخطاء القانونية الفادحة وليس طلباً للنظر في الوقائع الموضوعية. وهو يتحجج أيضا بأن هذا الانتصاف لا يؤدي إلى وقف تنفيذ القرار المذكور، ولا يحول من ثمة دون إبعاد ملتمس اللجوء إلى بلاده حتى وإن كان طلبه عالقا ينتظر البتّ فيه من قبل المحكمة.
2-5 وفي كانون الأول/ديسمبر 1996، طلب صاحب البلاغ مراجعة إدارية يجريها مسؤول عن البت في الأحكام الصادرة بعد تقديم الشكاوى وفقاً لبرنامج ما بعد البت في الأحكام بخصوص اللاجئين في كندا. ويشكل هذا البرنامج مراجعة قضائية دون الاستماع إلى شهادات شفهية ويكتفي في أغلب الأحيان، حسب ما يقول صاحب البلاغ، بترديد الأسباب التي يسردها مكتب الهجرة واللجوء في تبرير رفضه لأي التماس. وفي 10 كانون الثاني/يناير 1997، رُفض طلب صاحب البلاغ بموجب هذا البرنامج.
2-6 في 16 كانون الثاني/يناير 1997، طلب صاحب البلاغ إجراء مراجعة قضائية لقرار المسؤول عن البت في الأحكام الصادرة بعد تقديم الشكاوى. وفي 8 تموز/يوليه 1997 رفضت محكمة كندا الفيدرالية طلبه بإجراء المراجعة القضائية. فكان بعد ذلك اعتقال صاحب البلاغ بغرض إبعاده عن البلاد.
2-7 وفي 27 تشرين الأول/أكتوبر 1997، نقلت الدولة الطرف صاحب البلاغ إلى غانا. ويقول المحامي إن صاحب البلاغ يقيم منذ 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 في هولندا دون أية صفة قانونية، وهو يرغب في متابعة بلاغه ضد كندا.
الشكوى
3-1 يقول صاحب البلاغ إنه مهدد بالتعرض للتعذيب حال عودته إلى غانا، ومن ثمة فإن إعادته قسرا إلى بلاده من قبل السلطات الكندية يشكل انتهاكا للاتفاقية.
3-2 يقوم بتقدير المخاطر في كندا أحد موظفي الهجرة، وهؤلاء حسب ادعاء صاحب البلاغ لا يتمتعون بما يلزم من الكفاءة في مجال القوانين الدولية لحقوق الإنسان أو ما سوى ذلك من الشؤون القانونية الأخرى، ولا تتوفر فيهم شروط أساسية مثل الحياد والاستقلالية عند اتخاذ قرارات من هذا القبيل. ويستشهد صاحب البلاغ في هذا الصدد بقضية عرضت على المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (شاهال ضد المملكة المتحدة) تشير إلى الضمانات القضائية التي يتعين على البلد المقدم الذي ينفّذ عملية الإبعاد التقيّد بها:
"في حالات من هذا القبيل وبالنظر إلى استحالة رفع الضرر الذي قد يحدث إذا ما تحقق احتمال التعرض لإساءة المعاملة، وإلى الأهمية التي توليها المحكمة للمادة 3، يتطلب مفهوم سبل الانتصاف الفعالة وفقا للمادة 13، تفحصا مستقلا للادعاء بوجود أسباب جوهرية تبرر الخشية من خطر فعلي بالتعرض لمعاملة تتنافى مع المادة 3. وينبغي القيام بهذا التفحص بغض النظر عما قد يكون الشخص قد فعله ليستحق الطرد أو بغض النظر عن احتمال وجود تهديد للأمن الوطني للدولة القائمة بالطرد ... ولا يتعين بالضرورة أن يتم هذا التفحص من جانب سلطة قضائية، ولكنه إذا لم تجريه مثل هذه السلطة، تصبح الصلاحيات والضمانات النابعة عنها ذات الصلة بالبت فيما إذا كان الانتصاف أمام هذه السلطة بشأنها فعالا أم لا."
ويؤكد صاحب البلاغ على أن إجراءات تقدير المخاطر التي تطبقها الدولة الطرف تشكل انتهاكاً لمبدإ لزوم "الفحص المستقل" الإلزامي. وذلك لأن السلطات التي تدرس لزوم الإبعاد عن الأراضي الكندية هي نفسها التي تقوم بعملية الإبعاد.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية
4-1 أكدت الدولة الطرف في عرض مؤرخ في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 أن البلاغ عديم المقبولية لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية وفقا لما تتطلبه الفقرة 5 (ب) من المادة 22 من الاتفاقية والمادة 91 من النظام الداخلي للجنة.
4-2 وأكدت الدولة الطرف على أن استنفاد سبل الانتصاف المحلية قبل طلب الانتصاف من أية هيئة دولية مبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي. حيث يمنح هذا المبدأ فرصة للدولة الطرف بأن تتدارك محلياً أي خطأ ارتكبته قبل استنهاض مسؤوليتها الدولية.
4-3 وتقول الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يسع لطلب استثناء وزاري من باب الإنسانية والرأفة بموجب القسم الفرعي 114(2) من قانون الهجرة الكندي والقسم 2-1 من لوائح الهجرة الملحقة به. فهذا سبيل انتصاف كان بإمكان صاحب البلاغ اللجوء إليه بالتقدم إلى وزير الهجرة والجنسية في أي وقت طالبا منه إعفاءه من شروط قانون الهجرة أو قبوله في كندا من باب الإنسانية والرأفة. وأشارت الدولة الطرف في هذا الصدد إلى اجتهادات اللجنة ومن ذلك مقررها بخصوص ك. ضد كندا (البلاغ رقم 42/1996، 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1997)، الذي ثبت فيه أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية بما أنه لم يطلب استثناء وزاريا على أساس الإنسانية والشفقة.
4-4 وأشارت الدولة الطرف أيضا إلى شكوى صاحب البلاغ من أن قيام محكمة كندا الفيدرالية بالمراجعة القضائيـة ليس له مفعول وقف سريان القانون ويخول للدولة الطرف بناء على ذلك حق إبعاد صاحب الطلب إلى بلاده أثناء نظر المحكمة الفيدرالية في مشروعية هذا الإبعاد. وأكدت الدولة الطرف على أنه يمكن في مثل هذه الحالات التقدم بطلب إلى المحكمة الفيدرالية لإصدار أمر مؤقت بإيقاف التنفيذ طالما لم تفرغ المحكمة من البت في القرار. وتتمثل المعايير التي تطبقها المحكمة الفيدرالية لإصدار مثل هذه الأوامر المؤقتة في: (أ) خطورة القضية التي يثيرها صاحب البلاغ؛ (ب) والضرر الذي لا يمكن تداركه الواقع على صاحب البلاغ في حال إبعاده؛ (ج) وإذا كان توازن المصالح يستدعي إصدار مثل هذا الأمر.
تعليقات المحامي
5-1 يصرّ صاحب البلاغ على أنه كان قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية قبل أن يقدّم بلاغه. ويزعم أن الاعتقاد بأن المراجعة الوزارية لأسباب إنسانية، إذا ما استندت إلى المخاطر المترتبة على الإبعاد وحدها، كانت ستختلف عن المراجعة ما بعد البت لا يعدو كونه ضرباً من الوهم.
5-2 ويقول بأن طلبات الحصول على استثناء وزاري من باب الإنسانية والرأفة، ومراجعة ما بعد البت تخضع لنظر نفس الأشخاص أو أشخاص من نفس المستوى في نفس الدائرة. وبناء على ذلك، فإنه من الجلي أن القرار سيظل على حاله ما لم تقدم قرائن جديدة.
5-3 وتنطبق نفس الحجة أيضا على صعيد المحكمة الفيدرالية: فإذا ما رفض الإذن بإجراء المراجعة القضائية في مرحلة ما بعد البت، فكيف يعقل أن تجري هذه المراجعة في مرحلة لاحقة إذا ما كانت الوقائع والملابسات هي نفسها.
5-4 وأكد صاحب البلاغ على الجانب الوهمي في المراجعة من باب الإنسانية والرأفة عندما تكون المحكمة الفيدرالية قد فرغت سلفاً من النظر في المسائل الموضوعية. وبالتالي فإنه في ضوء الاجتهادات النظامية الصادرة عن محكمة كندا الفيدرالية، لا يبقى أي سبيل آخر للتظلم يمكن أن تتاح له فرصة فعلية بالنجاح، ومن ثمة فإن من الواضح أن القضية تندرج في إطار الاستثناء الذي تنص عليه الفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
6-1 تود اللجنة التركيز على أنها وإن طلبت من الدولة الطرف، وفقا للمادة 108(9) من نظامها الداخلي، ألا تقوم بإبعاد صاحب البلاغ ما دام بلاغه معروضا عليها، فإن الدولة الطرف لم يسعها الامتثال لهذا الطلب لأنها تلقته بعد فوات الأوان. ذلك أن الإبعاد حصل قبل شهر تقريبا من إحالة البلاغ.
6-2 وقبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ من البلاغات، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان يمكن قبول البلاغ وفقا للمادة 22 من الاتفاقية أم لا. وقد تحققت اللجنة، وكما هو مطلوب في الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن هذه المسألة نفسها لا يجري بحثها بموجب أي من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية. وتشير أيضاً إلى أن البلاغ ليس فيه إساءة لاستعمال الحق في تقديم مثل هذه البلاغات ولا يتنافى مع أحكام الاتفاقية.
6-3 وأما فيما يتصل باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، فإن اللجنة قد أحاطت علما بالملاحظات التي ساقتها الدولة الطرف وبتلك التي ساقها محامي صاحب البلاغ. وبناء على الفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية، لا يجوز أن تنظر اللجنة في أي بلاغ ما لم يقم الدليل على استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ ولكن هذه القاعدة لا تسري في حالة إطالة مدة تطبيق وسائل الانتصاف بصورة غير معقولة أو في حالة عدم احتمال إنصاف الشخص الذي وقع ضحية لانتهاك هذه الاتفاقية على نحو فعال.
6-4 وقد تحججت الدولة الطرف في القضية المشمولة بالبلاغ بأن صاحب البلاغ لم يطلب إيقاف عملية إبعاده من المحكمة الفيدرالية ولم يطلب استثناء وزارياً من باب الإنسانية والرأفة.
6-5 ولا ينكر صاحب البلاغ أنه لم يطلب وقف إبعاده ولم يلتمس استثناء وزارياً من باب الإنسانية والرأفة. وتشير اللجنة أولاً في هذا الصدد إلى أن طلب استثناء وزاري من باب الإنسانية والرأفة يمثل انتصافا قانونيا. وتشير أيضاً إلى أن رفض الوزير منح الاستثناء يفتح المجال لمراجعة قضائية أمام صاحب البلاغ كما يتيح طلب وقف الإبعاد. وفي الختام، وإن كان صاحب البلاغ يزعم بأن سبل الانتصاف هذه مجرد أوهام، فإنه لم يقم الحجة على أنها لا يمكن أن تؤدي إلى نتيجة. ولذا تعتبر اللجنة أن الشروط المنصوص عليها في الفقرة 5 (ب) من المادة 22 من الاتفاقية لم تستوفَ.
7- وبناء على ذلك قررت اللجنة ما يلي:
(أ) عدم مقبولية البلاغ؛
(ب) يمكن مراجعة هذا القرار وفقا للمادة 109 من النظام الداخلي للجنة عند تلقي طلب من صاحب البلاغ أو ممن ينوبه يحتوي على معلومات تبيّن أن أسباب عدم المقبولية لم تعد قائمة.
(ج) تبليغ الدولة الطرف وصاحبَ البلاغ وممثلَه بهذا القرار.
[حرّر بالإسبانية، والإنكليزية، والروسية، والفرنسية، على أن النص الإنكليزي هو النسخة الأصلية.]
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/55/40، المرفق الثامن.

العودة للصفحة الرئيسية