آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

البلاغ رقم 49/1996


مقدم من: س. ف. وآخرون (الإسم محذوف) [يمثله محامٍ]
الضحية المزعومة: مقدمو البلاغ
الدولة الطرف: كندا
تاريخ البلاغ: 15 أيار/مايو 1996

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
المجتمعة في 15 أيار/مايو 2001،
وقد انتهت من نظرها في البلاغ رقم 49/1996 المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات التي وافاها بها مقدم البلاغ ومحاميه والدولة الطرف،
تعتمد آراءها بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية.
1- إن مقدمي البلاغ السيد س. ف. وزوجته وابنته وهم مواطنون سيريلانكيون، يلتمسون حالياً اللجوء في كندا. ويدَّعون بأن إعادتهم قسراً إلى سري لانكا يُشكل انتهاكاً ارتكبته كندا للمادتين 3 و16 من اتفاقية مناهضة التعذيب.
1-2 وفي 12 حزيران/يونيه 1996 أحالت اللجنة البلاغ إلى الدولة الطرف للتعليق عليه وطلبت إليها عدم طرد مقدمي البلاغ أثناء فترة نظر اللجنة في هذا البلاغ.

الوقائع كما عرضها مقدمو البلاغ
2-1 مقدم البلاغ تاميلي من منطقة جفنة الواقعة في شمال سري لانكا. وله وزوجته طفلان، ابنة في الثامنة من العمر وابن في الثانية من العمر مولود في كندا ويحمل الجنسية الكندية. ويدعي مقدمو البلاغ أنه في الفترة الممتدة من عام 1987 ولغاية رحيلهم من سري لانكا في عام 1992 تعرضوا، لا سيما مقدم البلاغ، لاضطهاد خطير من جانب كل من قوة حفظ السلام الهندية ونمور تحرير تاميل إيلام وجيش سري لانكا وشرطة كولومبو. واعتقل مقدم البلاغ في مناسبات عديدة وتعرض مرتين منها على الأقل للتعذيب على أيدي أفراد من الجيش ورجال من الشرطة. 2-2 وكان مقدم البلاغ عضواً في جبهة تحرير التاميل المتحدة، التي تدعو إلى إنشاء دولة مستقلة للتاميل في سري لانكا بالطرق السلمية. وفي تشرين الأول/أكتوبر 1987، اندلع نزاع عسكري بين جبهة نمور تحرير تاميل إيلام وقوات حفظ السلام الهندية. وأجبر مقدم البلاغ وزوجته على مغادرة منزلهما في ثيرونيلفلي الواقعة في جفنة، هرباً من القصف. إلا أنه عند عودتهما إلى منزلهما، وجدا أفراداً من قوة حفظ السلام الهندية استولت عليه. وعندما طلب مقدم البلاغ إليهم المغادرة، رفضوا ذلك واتهموه بأنه عضو في جبهة نمور تحرير تاميل إيلام. 2-3 وفي أيار/مايو 1988، احتجز مقدم البلاغ في معسكر أقامته في مكان يملكه الجبهة الثورية لتحرير شعب إيلام، وهي مجموعة تاميلية مسلحة متحالفة مع قوة حفظ السلام الهندية. ولقد احتجز لمدة عشرة أيام، تعرض أثناءها للضرب مراراً واستُجوب عن احتمال وجود صلة له مع جبهة نمور تحرير تاميل إيلام. 2-4 وفي عام 1990، استولت جبهة نمور تحرير تاميل إيلام على منطقة التاميل. واستولى رجالها على منزل مقدم البلاغ وهددوه بالسلاح عندما طلب إليهم إخلاء منزله. ومن ثم أرغموه على التخلي عن المنزل نهائياً وانتقلت الأسرة لتعيش في كايثادي، في جفنة. 2-5 وفي كانون الأول/ديسمبر 1990، قامت عناصر من جيش سري لانكا باحتجاز مقدم البلاغ في فافونيا أثناء سفره من كولومبو إلى جفنة. وتمّ استجوابه واتهامه بأن عضو في جبهة نمور تحرير إيلام وضُرب ضرباً مبرحاً. وبعد انقضاء ثلاثة أيام على هذه الحادثة، تعرض للضرب ثانية في محاولة للحصول على اعتراف منه. وقامت العناصر المذكورة بخبط رأسه بالحائط مرات عديدة حتى وقع فاقداً الوعي. ويدعي مقدمو البلاغ أن هذه الحادثة أسفرت عن إصابة مقدم البلاغ بتلف دماغي أعاق بشدة مقدرته على النطق. وإثر هذه الحادثة غادر مقدم البلاغ إلى كولومبو لتلقي العلاج الطبي. 2-6 وفي آذار/مارس 1991، بدأت الشرطة مطاردة جميع الذكور من التاميل الموجودين في كولومبو إثر اغتيال نائب وزير الدفاع السري لانكي. وفي 4 آذار/مارس 1991، قام أربعة ضباط شرطة مسلحين باحتجاز مقدم البلاغ الذي كان يقيم مع ابن عمه في كولومبو. وخضع للاستجواب بشأن وجوده في كولومبو واتهم بأنه عضو في جبهة نمور تحرير تاميل إيلام. وقام رجال الشرطة بضربه عدة مرات بالأيدي وبأخمص البندقية وبقي رهن الاحتجاز لمدة يومين. ولم يطلقوا سراحه إلا بعد تدخل محامٍ كان ابن عمه قد أوكله لهذا الأمر. ونصحه ابن عمه بألا يقيم معه بعد ذلك اليوم خشية تعرضه لمزيد من المشاكل مع الشرطة. فعاد مقدم البلاغ إلى جفنة. 2-7 وفي 18 شباط/فبراير 1992، حاولت جبهة نمور تحرير تاميل إيلام إرغام مقدم البلاغ على الانخراط في صفوف هذه الحركة. لكنه عندما رفض ذلك، أمروه بالحضور إلى مكتبهم في اليوم التالي. وحذروه بأنه إن لم يحضر فإنه سيعتبر عدواً لشعب التاميل. وفهم مقدم البلاغ هذا القول على أنه بمثابة تهديد بقتله فهرب إلى كولومبو مساء اليوم ذاته. 2-8 وفي 3 آذار/مارس 1992، داهمت الشرطة مكان إقامة مقدم البلاغ في كولومبو واحتجزته مع ذكور تاميليين آخرين. واقتيد إلى مركز شرطة ويلاوات حيث سئل عن أسباب وجوده في كولومبو وصلاته بجبهة نمور تحرير تاميل إيلام. وأُطلق سراحه في اليوم التالي شرط أن يمثل أمام الشرطة أسبوعياً وألا يغيّر عنوانه في كولومبو. 2-9 وانتاب مقدمَ البلاغ منذ ذلك الحين خوفٌ من احتمال اعتقاله في أية لحظة، وإخضاعه للتحقيق وتعرضه للتعذيب بتهمة أنه عضو من أعضاء جبهة نمور تحرير تاميل إيلام. واقتنع بأن سلامته باتت معرضة للخطر في أي مكان يلجأ إليه في سري لانكا. لذلك غادر إلى كندا في 13 آذار/مارس 1992، ووصل إليها في أيار/مايو(1) التالي. وطالب بمنحه صفة لاجئ بموجب الاتفاقية مستنداً إلى ما يعانيه من اضطهاد بسبب عرقه وآرائه السياسية وعضويته في مجموعة اجتماعية محددة.
2-10 وتقول زوجة مقدم البلاغ إن أفراداً من جبهة نمور تحرير تاميل إيلام جاءت إلى بيتها مرات عديدة في جفنة بحثاً عن زوجها. وطلب أحد أفراد الجبهة إليها أن تدفع مبلغ 000 200 روبيز عقاباً على تمرد زوجها، وأعطاها مهلة شهر واحد لتقديم المبلغ فهربت وابنتها إلى كولومبو جراء ذلك التهديد. ولما وصلت إلى هناك توجهت للتسجيل في مركز للشرطة صودرت هويتها الشخصية. واتُهمت بأنها من أنصار جبهة نمور تحرير تاميل إيلام. وفي آب/أغسطس 1992، قررت على إثر ملاحقة الشرطة للتاميليين أنه لا يوجد مكان آمن لها ولابنتها في سري لانكا فغادرت إلى كندا في أيلول/سبتمبر 1992. وعند وصولها طلبت إلى السلطات الكندية أن تمنحها وابنتها اللجوء.
2-11 ورأى مجلس الهجرة واللاجئين، بعد جلسة استماع عقدها في 4 آذار/مارس 1993، أنه لا يمكن منح مقدمتي البلاغ اللجوء. أولاً، لأن أعمال الابتزاز التي تمارسها جبهة نمور تحرير تاميل إيلام لا تشكل اضطهاداً بل بالأحرى مضايقة لا تبلغ حد الأذي الذي لا يطاق. وثانياً، لأن خيار المهرب الداخلي قد توفر لمقدمتي البلاغ في كولومبو؛ كما رأى المجلس أنه لا يوجد احتمال جدي لتعرض مقدم البلاغ للاضطهاد في كولومبو وبالتالي كان من المعقول أن يجد الملاذ في تلك المدينة.
2-12 وفي قرار مؤرخ 7 كانون الثاني/يناير 1994 رفضت شعبة المحاكمات في المحكمة الفيدرالية الطلب الذي تقدمت به الأسرة لمنحها مهلة زمنية كافية لتقديم طلب المراجعة القضائية وزعمت فيه وجود أخطاء وقائعية وقانونية في قرار مجلس اللاجئين.
2-13 وفي 28 كانون الثاني/يناير 1994، طلب مقدمو البلاغ إلى سلطات الهجرة الكندية أن تعيد النظر ضمن إطار برنامج ما بعد تحديد وضعية ملتمسي اللجوء في كندا بقرار عدم منحهم صفة اللاجئ. والهدف من ذلك هو أن يحدد البرنامج بموضوعية الأفراد الذين قد يواجهون خطراً ملموساً على حياتهم أو يتعرضون للمعاملة اللاإنسانية في حال عودتهم إلى بلدهم الأصلي بعدما تقرر رفض منحهم صفة اللاجئ بموجب الاتفاقية.
2-14 ورُفض في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1995 طلب مقدمي البلاغ بأن يجري البرنامج مراجعة للقرار. ويفيد رأي موظف البرنامج بأنه رغم الأسباب القوية التي تدفع مقدمي البلاغ للخوف من العودة إلى شمال سري لانكا، فقد أتيح لهم في كولومبو خيار اللجوء داخل البلد. ولاحظ، على وجه الخصوص، أن اعتداء جيش سري لانكا على مقدم البلاغ الذي يعاني من مشاكل طبية قد حدث بالقرب من جفنة. وأن عمليات الاحتجاز التي قامت بها شرطة كولومبو شكلت جزءاً من نمط تتبعه الشرطة بوجه عام لمضايقة التاميل ما جعله يعتقد بأنها لا تشكل "خطراً يمكن تحديده بموضوعية"، علماً بأن معظم المحتجزين قد أطلق سراحهم خلال ثلاثة أيام من تاريخ الطلب إلى البعض بدفع رشاوى لإطلاق سراحهم. وأشار كذلك إلى أن جزءاً من أسرة مقدمي البلاغ الممتدة يعيش في كولومبو ويمكن لأفرادها أن ييسروا بنجاح عملية توطينهم في المدينة. وإضافة إلى ذلك، فإن التقرير الطبي، الذي يشير إلى إصابة مقدم البلاغ باضطرابات إجهادية تالية للصدمة يمكن أن تتفاقم عند ترحيله إلى سري لانكا، لم يقدم إلا على أساس استشارة طبية واحدة وليس بناء على فترة علاج متواصلة، كما أن التقرير لم يكن محدداً فيما يتعلق بالظروف التي يمكن أن تبعث على ظهور هذا الاضطراب مجدداً.
2-15 وفي 13 أيار/مايو 1995، استأنف مقدمو البلاغ طلبهم مرة أخرى لدى وزير الهجرة بموجب الإجراء الذي يرد في المادة 114(2) من قانون الهجرة ويقوم على اعتبارات الإنسانية والشفقة. غير أن قراراً سلبياً صدر في 9 كانون الأول/ديسمبر 1996، كما رفضت المحكمة الفيدرالية في 11 نيسان/أبريل 1997 مبدأ إتاحة المهلة الزمنية لطلب المراجعة القضائية لذلك القرار.
الشكوى
3-1 يخشى مقدمو البلاغ تعرضهم للاضطهاد والمعاملة السيئة من جانب السلطات في سري لانكا بالنظر إلى ما خبروه ماضياً ولتغيبهم عن البلد منذ عام 1992. ويدّعون أن ترحيلهم من كندا يشكل انتهاكاً للمادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب.
3-2 ويوفّر مقدمو البلاغ الأدلة الطبية التي تؤكد أن الإصابات العقلية والبدنية التي تعرض لها مقدم البلاغ أثناء احتجازه كان لها آثار خطيرة على الأجل البعيد. إذ أنه يعاني من صعوبات في النطق وفي تحريك رقبته ومن أعراض اضطرابات إجهادية تالية للصدمة (وردت في التقارير الطبية النفسية). وتفيد هذه التقارير بأن مقدم البلاغ نظراً لما يعانيه من أمراض قد يتأثر بوجه خاص من المعاملة السيئة، كما أنه لن يلقى الرعاية الطبية التي يحتاجها في سري لانكا.
3-3 ويبين مقدمو البلاغ أيضاً أن ابنتهم نيتارشا معوقة بدنياً وعقلياً، فهي تعاني من شلل دماغي ومن فالج نصفي خفيف في الجهة اليمنى وتشكو من نوبة صرع شديدة. لذا، فهي تحتاج إلى رعاية وعلاج وتعليم من نوع خاص. وهي لن تتلقى ذلك في سري لانكا.
3-4 ويقول مقدمو البلاغ إنه نظراً لهذه الظروف الطبية، فإن ترحيل الأسرة يمكن أن يرقى إلى حد المعاملة اللاإنسانية والمهنية من جانب السلطات الكندية ويشكل انتهاكاً للمادة 16 من اتفاقية مناهضة التعذيب.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية
4-1 اعترضت الدولة الطرف بموجب مذكرة مؤرخة 9 حزيران/يونيه 1997 على مقبولية البلاغ. وبينت أن مقدمي البلاغ لم يلتمسوا مراجعة قضائية لقرار برنامج ما بعد تحديد وضعية ملتمسي اللجوء في كندا ولو أن المحكمة مددت المهلة الزمنية لتقديم طلب المراجعة القضائية لبقيت وسيلة الانتصاف هذه متاحة. كما أنه لو شهد قاضي شعبة المحاكمات بأن القضية تطرح مشكلة خطيرة تكتسي طابعاً هاماً بوجه عام، لتابع مقدمو البلاغ سعيهم لتحديد المهلة الزمنية اللازمة لالتماس المراجعة القضائية، ولتمكنوا من الاستئناف لدى محكمة الاستئناف الفيدرالية. ويمكن كذلك الطعن، بناء على إذن بقرار محكمة الاستئناف الفيدرالية لدى المحكمة العليا في كندا.
4-2 ويحق لمقدمي البلاغ أثناء المراجعة القضائية أن يقدموا الحجج بموجب ميثاق الحقوق والحريات الكندي. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن المحكمة العليا في كندا قررت فيما يتعلق بتسليم المجرمين، أن ترحيل شخص ما إلى أحد البلدان في ظروف "تأباها ضمائر الكنديين" ينطوي على انتهاك للمادة السابعة من الميثاق.
تعليقات المحامي بشأن المقبولية
5-1 بين المحامي في رد قدمه بتاريخ 28 نيسان/أبريل 1998 أن مقدمي البلاغ تقدموا بطلب إجراء مراجعة قضائية للقرار الذي اعتمده مجلس الهجرة واللاجئين. غير أن المحكمة الفيدرالية رفضت الموافقة على الاستماع إليهم بشأن هذه المسألة. وبذلك، لم تتوفر لهم إمكانية الطعن بهذا القرار. وكانت هذه الخطوة خطوة نهائية في القواعد القانونية المتبعة لتحديد وضعية اللاجئ التي تتضمن عملية قضائية أو شبه قضائية للنظر في فحوى المسألة؛ فجميع الضوابط القضائية التالية لا تنظر إلا في الاجراءات.
5-2 وكان الاستعراض الذي أجري في الفترة ما بعد التحديد، في تشرين الثاني/نوفمبر 1995، سلبياً في نتائجه. وانتقد اللاجئون والمحامون والجمعيات الكنسية هذا الإجراء لأنه لا يفضي أبداً إلى أي قرار ايجابي.
5-3 والمسألة الوحيدة العالقة التي تتناولها الدولة الطرف هي ما إذا كان المفترض أن يفضي رفض برنامج ما بعد تحديد وضعية ملتمسي اللجوء في كندا إلى الطلب إلى المحكمة الفيدرالية أن تجري المراجعة القضائية وما إذا كانت إمكانية اللجوء إلى هذا الطعن ما زالت متاحة. وأشار المحامي إلى أن مقدمي الطلب لم يسعوا للمراجعة القضائية للإجراء الذي اتخذه البرنامج نظراً لعدم امتلاكهم الموارد المالية اللازمة لهذه المراجعة ولعدم جدواها. وتثبت بوضوح السوابق القضائية للمحكمة الفيدرالية أن قرار الموظف المسؤول عن شكاوى ما بعد تحديد الوضعية هو قرار استنسابي صرف وبأن المحكمة ليست معنية إلا بالمسائل الاجرائية.
5-4 وقدم، عوضاً عن طلب المراجعة القضائية، استئناف استند إلى أسباب إنسانية ويشمل المسائل القانونية ذاتها. وتم عرض مسألة الاضطرابات الاجهادية التالية للصدمة على أكمل وجه، وكذلك ما يترتب على العودة من مخاطر. ولقد وثقت أعمال التعذيب توثيقاً كاملاً واعتبر موظف الهجرة الرواية صحيحة لكنه رفض منح اللجوء بسبب توفر بديل اللجوء الداخلي.
5-5 ولقد اعترض في المحكمة الفيدرالية على رفض طلب مقدمي البلاغ بالاستئناف على أسس إنسانية، ورُفض الطلب بمنحهم المهلة الزمنية الكافية لتقديمه. ووفقاً لقوانين هذه المحكمة الثابتة، فإن القرارات مثل القرار قيد النظر هي قرارات خاضعة للسلطة التقديرية وعليه، فالمحكمة لا تتدخل في جوهر القضايا، بل تبت حصراً فيما إذا كانت الاجراءات المتبعة منصفة. غير أنها نظرت في جميع الحجج القانونية وفصلت فيها.
5-6 وقال المحامي إنه من المستحيل من الناحية الموضوعية الطلب إلى المحكمة الفيدرالية بأن تقاضي مرة ثانية بشأن ذات المسائل. ومن شأن المحكمة أن تعتبر أن ذلك يشكل بوضوح تجاوزاً للمحاكمة.
5-7 واستنتجت السلطات الكندية أن مقدمي البلاغ كانوا في خطر في شبه الجزيرة جفنا، وبأن كولومبو كان يمكن أن تصبح ملاذا آمناً لهم. غير أن المحامي أشار إلى أن الشرطة في كولومبو قد أساءت إلى حد خطير معاملة مقدم البلاغ في آذار/مارس 1991، وتعرض للاحتجاز تعسفاً في آذار/مارس 1992 وبأن هناك في كولومبو ضد التاميل نمطاً ثابتاً من الاعتقالات التعسفية والاحتجاز التعسفي وأحياناً حالات من الاختفاء والإعدام خارج نطاق القانون التي تمارس ضدهم.
5-8 واستنتاج موظف الهجرة المعني بعملية المراجعة القائمة على أسس الإنسانية والشفقة هو أن هناك مخاطر. واستند في استنتاجه إلى تقرير طبيب أجرى كشفاً لمقدم البلاغ وأكد أن الأخير يعاني من اضطرابات إجهادية تالية للصدمة وبأن أعراض هذه الاضطرابات قد ازدادت بسبب القلق من إمكانية ترحيله إلى سري لانكا. ويعتقد الطبيب أن مقدم البلاغ قد يواجه صعوبة كبيرة في العمل في هذا البلد نظراً للمشاكل العصبية التي يعاني منها. ورغم هذا، رُفض الطلب لأسباب تتعلق "بعدم المقبولية الطبية" ولأن مقدمي البلاغ لم يبينوا أنهم قد وفروا لأنفسهم أسباب الاستقرار الاقتصادي في كندا. فقد كانت الأسرة تعتمد على المساعدة الاجتماعية منذ قدومها إلى كندا ونظراً للظروف التي تعاني منها فقد تتحول إلى حالة مستعصية من حالات الرعاية الاجتماعية.
5-9 كما يبين الطبيب في التقرير الطبي الذي أشار إليه موظف الهجرة، أن بعض اللاجئين من التاميل الذين أجرى لهم فحصاً طبياً قالوا له إنهم عرضة لخطر أكبر في سري لانكا، لو أن السلطات اكتشفت أن على أجسادهم جروحاً أو آثار إصابة، إذ إنه يمكن أن تعتبرها بمثابة الدليل على اصابتهم أثناء القتال في صفوف جبهة نمور تحرير تاميل إيلام. ويمكن اعتبار أن حالات القصور العصبي التي يعاني منها مقدم البلاغ قد حدثت على هذا النحو. وإنه لن يكون قادراً على التعبير شفوياً عن نفسه في حال قيام السلطات في سري لانكا باستجوابه، وإن من لا علم له بحالات القصور العصبي التي يشكو منها قد يعتبر تصرفه هذا تصرفاً ينمّ عن العداء وعدم التعاون.
5-10 وقال المحامي إن كلا من حكومة كندا ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لم تقيّم الخطر الموضوعي على الأفراد في هذه القضية بالتحديد، إلا أنهما نظرا عموماً في مسألة ترحيلهم إلى سري لانكا.
5-11 وادعى المحامي أن إعادة شخص يعاني من اصابة بدنية وعقلية خطيرة ناجمة عن انتهاكات حقوق الإنسان إلى البلد الذي تعرض فيه إلى هذه الانتهاكات يشكل معاملة لا إنسانية. فالافتقار إلى الرعاية الطبية أو إلى المساعدة النفسية اللازمة في سري لانكا يمكن في حد ذاته أن يشكل انتهاكاً للمادة 16 من الاتفاقية. غير أن المحامي طرح هذه المسألة باعتبارها ظرفاً من الظروف التي تزيد من خطورة المعاملة اللاإنسانية التي ينطوي عليها الترحيل.
قرار اللجنة بشأن عدم المقبولية
6-1 بحثت اللجنة في دورتها العشرين في مسألة مقبولية البلاغ. ورأت اللجنة أنه بمجرد الانتهاء من الاجراءات لاعتبارات الإنسانية والشفقة، ومنها تقديم طلب بتمديد المهلة إلى المحكمة الفيدرالية، تكون سبل الانتصاف المحلية المتاحة قد استنفدت جميعاً. وبالتالي، فإن الفقرة 5 (ب) من المادة 22 لم تمنع اللجنة من النظر في البلاغ. واعتبرت اللجنة أنه لا توجد أية عقبات أخرى تحول دون قبول البلاغ. وقررت بناء على ذلك أن البلاغ مقبول.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ
7-1 تفيد الدولة الطرف أن محكمة محلية مختصة ومستقلة نظرت، في إطار محاكمة عادلة، في الوقائع كما عرضها مقدمو البلاغ، ووفقاً لاجراءات تحديد وضعية اللاجئ إلى كندا. وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أن مقدمي البلاغ كانوا ممثلين بمحام أثناء إجراءات المحاكمة، وكانت الترجمة الشفوية متوفرة وقد أدلى مقدم البلاغ بشهادة شفوية.
7-2 رأى مجلس اللاجئين أن المسألة الرئيسية فيما يتعلق بحالة مقدم البلاغ هي أن الشرطة قد أطلقت سراحه. فذلك يبين بوضوح أن مقدم البلاغ لم تكن تعتبره ذات السلطات التي يخشاها فرداً من أفراد جبهة تمور تحرير تاميل إيلام أو أحداً من المؤيدين لها. وقال المجلس في الأسباب التي عرضها إنه بحث في ادعاءات مقدم البلاغ بشأن تعرضه للضرب على أيدي أفراد جيش سري لانكا وفي التقارير الطبية التي قدمها إلى المجلس. غير أن المجلس بين أن تعريف "اللاجئ بموجب الاتفاقية" هو تعريف تطلعي وبأن الخبرات السابقة، رغم أهميتها، لا تشكل عاملاً حاسماً في التقييم. ويبين المجلس أن ذلك يصدق أيضاً على المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب.
7-3 وفي ما يتعلق بزوجة مقدم البلاغ وابنته، قرر المجلس عدم اعتبارهما لاجئتين بموجب الاتفاقية لأنهما لم تتعرضا للمشاكل عندما كانتا في كولومبو. وإضافة إلى ذلك وبما أن شكواهما أرفقت بشكوى مقدم البلاغ وهي معتمدة عليها، وقرر المجلس عدم اعتبارهما لاجئتين بموجب الاتفاقية.
7-4 وفيما يتعلق بالطلب الذي عرضه مقدم البلاغ على برنامج ما بعد تحديد وضعية ملتمسي اللجوء إلى كندا، تبين الدولة الطرف أن تعريف اللاجئ بموجب الاتفاقية يتداخل في معظم الحالات مع المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب. وفي الحالات التي لا يحدث فيها هذا التداخل، يتعين على الموظفين الذين يتولون عملية المراجعة التالية لفترة ما بعد تحديد وضعية ملتمسي اللجوء أن يولوا الاهتمام للمادة 3 من هذه الاتفاقية. ووفقاً لمعايير عمليات المراجعة هذه، قام الموظف المسؤول عن مرحلة ما بعد التحديد بمراجعة مذكرات مكتوبة موجهة من مقدمي البلاغ كان قد أعدها المحامي بالنيابة عنهم، والوثائق المرفقة بها ووثائق عن الوضع في سري لانكا. وتضمنت المذكرات أدلة لم تقدم في جلسة الاستماع أمام مجلس اللاجئين، لا سيما التقرير الطبي وتقرير منظمة العفو الدولية لعام 1994(2).
7-5 أما فيما يتعلق بمراجعة القضية لاعتبارات الإنسانية والشفقة وبموجب الجزء 114 (2) من قانون الهجرة، فإن الدولة الطرف تزعم أن الموظف المكلف بعملية المراجعة قد أخذ في الاعتبار جميع المذكرات الموجهة من مقدمي الطلب باللجوء وأحاط بمجموعة كبيرة من الظروف، بما في ذلك خطر تعرضهم لمعاملة قاسية أو لا إنسانية لا موجب لها في بلد العودة، وبالظروف الحالية في البلد وما حدث من تطورات جديدة في سري لانكا منذ انعقاد جلسة الاستماع أمام مجلس اللاجئين والمراجعة التي أجراها البرنامج ما بعد تحديد وضعية ملتمسي اللجوء إلى كندا. وأشار موظف الهجرة إلى "وجود مخاطر"(3) لكنه لم يؤكد أن التعذيب كان واحداً منها. كما أن تقييم المخاطر لا يقتصر على خطر التعرض للتعذيب(4).
7-6 وتفيد الدولة الطرف بأن الاجراءات الوطنية المذكورة أعلاه تبين عدم ارتكاب أخطاء واضحة وبأنها كانت اجراءات معقولة ولا تشوبها التجاوزات أو النوايا السيئة، أو الانحياز أو المخالفات الخطيرة. وتقول كذلك إن تقييم وقائع وأدلة قضية محددة ليس من اختصاص اللجنة.
7-7 وترى الدولة الطرف أن البلاغ يبين أن مقدميه قد غادروا بلدهم خوفاً من جبهة نمور تحرير تاميل إيلام أو الوقوع بين الجبهة والسلطات الحكومية. غير أن هذه المخاوف لا تكفي بموجب الاتفاقية لتعزيز البلاغ بالأدلة والبراهين. ويذكر مقدمو البلاغ كذلك في رسالتهم أمراً يؤكده التقرير الطبي وهو أنهم يخشون التعذيب على أيدي أفراد جبهة نمور تحرير تاميل إيلام في حال عودتهم إلى سري لانكا. ويزعم مقدم البلاغ ذاته أن تلقيه الأمر بالانخراط في صفوف هذه الجبهة هو الذي دفعه إلى مغادرة كولومبو في عام 1992. وبناء على ذلك، تزعم الدولة الطرف أن مقدمي البلاغ لا يخشون السلطات السريلانكية في شمال البلاد بل جبهة نمور تحرير تاميل إيلام.
7-8 وتؤكد الدولة الطرف أن الأعمال التي ترتكبها جبهة نمور تحرير تاميل إيلام لا يشملها اختصاص اللجنة بما أن تعريف "التعذيب" الوارد في الاتفاقية يشير بوضوح إلى "أعمال ارتكبها أو حرض عليها أو افق عليها أو سكت عنها موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية". والأعمال التي ترتكبها هذه الجبهة لا يمكن أن تعزى إلى الدولة وبالتالي فهي أعمال لا تشملها الاتفاقية.
7-9 أما فيما يتعلق بالمخاطر المزعومة بالتعرض للتعذيب على أيدي أفراد من الدولة، تدعي الدولة الطرف أن مقدمي البلاغ لم يقدموا أسباباً وجيهة تدفع إلى الاعتقاد بأن خطر تعرضهم للتعذيب، سواء في الوقت الحاضر أم في المستقبل، هو خطر قائم في حال ترحيلهم إلى سري لانكا. وتبين أن السلطات غير مهتمة بمقدمي البلاغ وهي تعرض النقاط التالية في هذا الصدد:
على الرغم من أن مقدم البلاغ زعم أمام مجلس اللاجئين بأنه يؤيد بحماس جبهة تحرير التاميل المتحدة، لم يكشف أبداً عن أنه عضو في هذه الحركة أو أنه شارك في أنشطتها السياسية. وعلى أية حال، فإن جبهة تحرير التاميل المتحدة هي الآن ممثلة في البرلمان وتؤيد المبادرات السلمية التي تتخذها الحكومة؛ ادعى مقدم البلاغ في طلبه التماساً للجوء أنه اختار كندا لعدم استطاعته الذهاب إلى أي مكان آخر. غير أنه يبين في الاستمارة التي قدم فيها لدى وصوله كندا معلومات عن حياته الشخصية، أنه سافر إلى بلدان كثيرة مختلفة ومكث فيها لفترات طويلة، وقد عاد في كل مرة طوعاً إلى بلده، حتى بعد الحوادث التي زعم أثناءها وقوع مشاكل بينه وبين السلطات. ولقد غادر مقدم البلاغ على وجه التحديد، بلده إلى سنغافورة وعاد منها إلى سريلانكا بمحض إرادته، بعد مضي عام واحد تقريباً على زعمه بأنه تعرض للتعذيب على أيدي الجيش في كانون الأول/ديسمبر 1990؛
سافر مقدم البلاغ مرات كثيرة إلى كولومبو ولم يتعرض إلى مشاكل مع السلطات إلا في آذار/مارس 1991 وفي آذار/مارس 1992. وهذا يؤكد بأن مقدم البلاغ ليس متهماً بالتورط مع جبهة نمور تحرير تاميل إيلام؛
على الرغم من زعم مقدم البلاغ بأنه تعرض للتعذيب من جانب السلطات عندما احتجزته في كانون الأول/ديسمبر 1990 وفي آذار/مارس 1991 وفي آذار/مارس 1992، لم يقدم أية أدلة تبين أنه عانى في آذار/مارس 1991 من أية آلام بلغت حد التعذيب حسبما تعرّفه الاتفاقية. كما زعم أن اعتقاله آخر مرة في عام 1992، كان الحدث الذي دفعه إلى مغادرة البلد، لكنه لم يتعرض حينئذ للضرب، بل أطلق سراحه في اليوم التالي وفرض عليه التزام واحد هو أن يحضر أمام السلطات مرة واحدة كل أسبوع؛
فيما يتعلق بالحالة البدنية لمقدم البلاغ، قالت زوجته إن زوجها لم يواجه أية مشكلة مع الشرطة عندما كان في كولومبو سوى إخضاعه للتحقيق لفترة طويلة بسبب صعوبات النطق التي يعاني منها. ولقد ذكر مقدم البلاغ بنفسه أن رجال الشرطة لم يكونوا قادرين على فهمه عندما كان يتحدث إليهم؛
فيما يتعلق بالحجة التي مفادها أن من شأن مقدم البلاغ أن يتعرض للتعذيب بسبب ما يعانيه من صعوبات في النطق، تزعم الدولة الطرف بأن هذا مجرد افتراض ويعتمد على التقرير الطبي الذي يبين أن "بعض اللاجئين التاميل، الذين قمت بإجراء كشف طبي لهم عبروا عن اعتقادهم بأنهم سيتعرضون لخطر التعذيب إن هم عادوا إلى سري لانكا وعلى أجسادهم جروح أو علامات تدل على الإصابة إذ يمكن أن تعتبرها السلطات قرينة على إصابات أصيبوا بها أثناء القتال في صفوف جبهة نمور تحرير التاميل إيلام". هذه الاعتقادات لا يمكن أن تشكل الأسباب الجوهرية التي تستوجبها المادة 3 من الاتفاقية؛
لم تعتقل السلطات زوجة مقدم البلاغ نفسها ولم تكن تواجه أي مشكلة مع الشرطة في سري لانكا. لهذا تنعدم الأدلة على أنها متهمة بمناصرة جبهة نمور تحرير تاميل إيلام أو يشتبه بأنها من مناصريها؛
لا توجد أية أدلة، خلافاً لما زعمته زوجة مقدم البلاغ، تفيد بأن سلطات سري لانكا قد انتزعت منها هويتها الشخصية. وعلى أية حال، فإنها لم تعتقل أو تحتجز أو تتهم أو يطلب إليها تقديم أية تقارير لاحقة إلى الشرطة؛
حصل مقدم البلاغ في عام 1991 وزوجته في عام 1992 بطريقة مشروعة على جوازي سفر في سري لانكا؛
لم يدع مقدمو البلاغ بأن أياً من أقاربهم، لا سيما أفراد أسرتهم، قد تعرض للاعتقال أو التعذيب.
7-10 وتشير الدولة الطرف إلى ما انتهت إليه اللجنة من أن مقدمي البلاغ قصروا عن تبيان أن الخطر يتهدد أشخاصهم وهو خطر ماثل(5)). كما تشير إلى قضية كانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد اتخذت قراراً بشأنها يقضي بإبعاد مواطنين سري لانكيين. غير أن الإدعاء في هذه القضية بانتهاك المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان قد رفض لأن المدعين لم يثبتوا أن وضعهم الشخصي كان أسوأ من وضع أي من الأفراد الآخرين من الجالية التاميلية الذين أعيدوا إلى بلدهم. وإن مجرد احتمال أن يتعرضوا للمعاملة السيئة لم يكن في حد ذاته كافياً للتنبؤ بأنهم سيتعرضون لها فعلاً عند عودتهم(6).
7-11 وتزعم الدولة الطرف أن هذا البلاغ يستند أساساً إلى الحالة العامة لحقوق الإنسان في سري لانكا. ومقدمو البلاغ لا يربطون بين الوضع العام ووضعهم هم. أما بخصوص الوضع العام في سري لانكا، فيبين تقرير الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي (1998) أن الأشخاص الذين أُعلن في أحيان كثيرة عن احتجازهم أو اختفائهم كانوا شباناً من التاميل وجهت إليهم تهمة الانتماء إلى جبهة نمور تحرير تاميل إيلام أو التعاون معها أو مساعدتها أو تأييدها أو أنه اشتبه في قيامهم بذلك. وتزعم الدولة الطرف أن مقدمي البلاغ لا ينتمون إلى هذه الفئة.
7-12 وإضافة إلى ذلك، تذكر الدولة الطرف أن المعلومات التي قدمتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تبين أن التعذيب وغيره من أشكال المعاملة السيئة لا تمارسه الشرطة وسلطات الأمن في كولومبو. ويشير التقرير القطري الصادر عن وزارة خارجية الولايات المتحدة لعام 1998 (مؤرخ في شباط/فبراير 1999) إلى عدم وجود تقارير عن حالات اختفاء في كولومبو وفي جفنة. وفي آذار/مارس 1997، أفادت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن ملتمسي اللجوء الذين لم تقبل التماساتهم والذين وصلوا ومعهم وثائق سفر وطنية لن يتعرضوا لمشاكل عند وصولهم إلى مطار كولومبو.
7-13 وتزعم الدولة الطرف كذلك بأنه ينبغي للجنة أن تراعي في تقييمها للبلاغ مختلف التدابير التي اتخذتها سلطات سري لانكا للتحري بشأن حدوث أعمال تعذيب ومنع تلك الأعمال، فضلاً عن إتاحة وسائل الانتصاف لمقدمي البلاغ. وفي هذا السياق، تلاحظ الدولة الطرف، في جملة أمور، أنه يتعين إبلاغ لجنة حقوق الإنسان (المنشأة في عام 1997) خلال 48 ساعة، بجميع حالات الاعتقال والاحتجاز، وبتقارير لجان التحقيق الرئاسية الثلاث في حالات اختفاء سابقة قد نشرت، واستكملت التحقيقات في 485 من أصل 861 3 قضية من قضايا الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان وأدانت المحكمة العليا 150 شخصاً يزعم أنهم ارتكبوا هذه الانتهاكات، وأنشأت الحكومة دائرة تعمل اليوم كله على معالجة الشكاوى العامة بشأن مضايقات صدرت عن عناصر قوات الأمن.
7-14 أما فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 16 من الاتفاقية، تدعي الدولة الطرف أن هذه المادة تلزم الدول الأطراف بأن تطبق الالتزامات الواردة في المواد 10 و11 و12 و13 على المعاملة والعقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وبما أن المادة 16 لا تذكر المادة 3، فهي لا تنص على التزام بعدم إبعاد شخص ما من أية دولة في الظروف التي تتناولها هذه المادة(7).
7-15 وتعتقد الدولة الطرف أنه ينبغي ألا تنطبق المادة 16 من الاتفاقية على الحالة التي يزعم فيها أن الإبعاد يشكل في حد ذاته معاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة إلا في ظروف استثنائية للغاية. ويزعم أن ترحيل مقدمي البلاغ الذي أدى إلى تفاقم حالتهم الصحية لم يبلغ حد نمط المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة المتوخاة في المادة 16 من الاتفاقية والذي يمكن أن يعزى إلى الدولة الطرف؛ وقد أشير في هذا الصدد إلى قرار اللجنة بشأن قضية ج. ر. ب ضد السويد. وإضافة إلى ذلك، فإن المادة 16 من الاتفاقية تلزم الدول بأن تمنع المعاملة المحظورة، غير أنها لا تبتكر أي واجب إيجابي يقضي بتقديم الرعاية الطبية في حال زعم مقدمو البلاغ عدم حصولهم على رعاية طبية مماثلة في بلدهم. كما يزعم عدم وجود أية أدلة تفيد بأن كفاية الرعاية الطبية اللازمة في سري لانكا غير كافية. وأخيرا، تبين الفقرة 2 من المادة 16 أن أحكام الاتفاقية لا تخل بأحكام أي قانون وطني يتصل بالطرد.
تعليقات المحامي بشأن الأسس الموضوعية
8-1 يعترض المحامي على تأكيد الدولة الطرف بأن "محكمة محلية مختصة ومستقلة" قد نظرت في هذه القضية. ويزعم بأن مجلس الهجرة واللاجئين لم يحط الإحاطة الكافية بكل من وقائع القضية والقانون الساري.
8-2 ويقول المحامي إن الدليل الذي توفر مؤخراً من سري لانكا يكشف عن حالة من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان ينطبق عليها ما هو وارد في الفقرة 2 من المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب. ولقد حدثت هجمات انتحارية عديدة في كولومبو وفي مناطق أخرى من البلاد كما شنت جبهة نمور تحرير تاميل إيلام هجوماً كبيراً في الشمال. وثمة تقارير تفيد بعمليات مطاردة واسعة للتاميل في وسط البلد وفي عاصمته، كما تكشف عن ظهور حالات من الاختفاء القسري تتسم بالخطورة(8).
8-3 ويشير المحامي إلى التعليق العام للجنة بشأن المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب ويقول إن المادة 3 تنطبق على حالة مقدم البلاغ على النحو التالي. (أ) يوجد في سري لانكا وضع ينم عن "نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان". ويتضح من أية قراءة لهذا الوضع أن التعذيب يحدث بشكل كثيف ومنتظم وكذلك الإفلات من العقاب عليه؛
(ب) وإن مقدم البلاغ تعرض لمعاملة سيئة في الماضي صدرت عن موظفين حكوميين في سري لانكا. وأصيب بتلف دماغي نتيجة تعرضه لمعاملة سيئة وقاسية من جانب جنود جيش سري لانكا. واحتجز في أكثر من مناسبة في كولومبو وأساءت الشرطة معاملته. ولقد حدث ذلك قبيل مغادرته كولومبو؛
(ج) وثمة أدلة طبية ونفسية مستقلة أقامها الأطباء والأطباء النفسيون وقدمها المركز الكندي لضحايا التعذيب تثبت بوضوح أنه ضحية من ضحايا التعذيب. وقد أثر التعذيب على مقدم البلاغ وأسرته تأثيراً مستديماً؛
(د) ولم يطرأ أي تغيير هام على الحالة في سري لانكا منذ أن غادر مقدم البلاغ البلاد. وقيل إن الحالة كانت وقت تقديم مذكرة المحامي في غاية الجدية والخطورة. وإن هناك مستوى من القمع بلغ حداً خطيراً بجانب ترسانة من القوانين التي تسمح بالإفلات التام من العقاب؛
(هـ) وكان مقدم البلاغ من مساندي حزب التاميل الرئيسي الذي يدعى جبهة تحرير التاميل المتحدة. وهو أصيل الشمال وقد عانى من التعذيب في الماضي. وإن وضعه كضحية من ضحايا التعذيب في الماضي تعرضه اليوم للخطر إلى حد كبير؛
(و) وإن مقدم البلاغ موضع ثقة كبيرة، ويلقى مساندة قوية من المنظمات الهامة في كندا. فالقرار الأصلي لم يطلق الحكم عليه على المصداقية؛
(ز) وإن ما يقوله مقدم البلاغ هو منطقي ويمكن تصديقه. وإن أمنه الشخصي وحياته معرضان اليوم للخطر في سريلانكا.
8-4 ويحتج المحامي كذلك على الادعاء بأن نمور تحرير التاميل هم من يخشاهم مقدمو البلاغ بصورة رئيسية. ويزعم المحامي بأن القوانين التي استشهدت بها السلطات الكندية تبدو ذات صلة بالقضايا التي لم تكن موثقة بالأدلة أو التي لم يتعرض فيها مقدم البلاغ المعني في مرحلة سابقة للتعذيب أو لم يكن مستهدفاً بصورة مباشرة.
8-5 ويبين المحامي بأنه لا يصح القول بأن التعذيب لم يعد موجوداً في كولومبو. فجميع تقارير حقوق الإنسان الدولية المتوفرة تفيد نقيض ذلك. وحتى محكمة كندا الفيدرالية سلمت، في قرارها، بمنح مقدم البلاغ الإقامة، بأن مقدم البلاغ سيكون في خطر التعرض إلى ضرر لا يمكن إصلاحه إن هو أعيد إلى البلد، وهذا ما قاله موظف الهجرة عندما نظر في قضيته.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
9-1 نظرت لجنة مناهضة التعذيب في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات المتاحة لها من جانب الطرفين على النحو المنصوص عليه في الفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.
9-2 والموضوع المعروض أمام اللجنة هو ما إذا كانت عودة مقدمي البلاغ إلى سري لانكا قسراً يمكن أن يشكل خرقاً للالتزام الذي عقدته كندا بموجب المادة 3 من الاتفاقية التي تقضي بعدم طرد أي شخص إلى دولة أخرى إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون عرضة للتعذيب.
9-3 ويتعين على اللجنة، في توصلها إلى هذا القرار، أن تراعي جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. غير أن الهدف من تحديد ذلك هو إثبات ما إذا كان هناك احتمال بأن يتعرض الأفراد المعنيون للتعذيب في البلد الذي يرحلون إليه. كما أن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في البلد لا يشكل في حد ذاته أساساً كافياً للبت في احتمال تعرض شخص معين لخطر التعذيب عند عودته إلى ذلك البلد؛ بل يتعين أن تتوفر أسباب إضافية تبين أن الفرد المقصود سيتعرض شخصياً للخطر. وبالمثل، فإن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لا يعني بأنه لا يمكن اعتبار أن شخصاً بعينه هو عرضة لخطر التعذيب في ظروفه المحددة.
9-4 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام بشأن تطبيق المادة 3 الذي ينص على ما يلي:
"إذا وضع في الاعتبار أن على الدولة الطرف واللجنة التزاماً بتقدير ما إذا كانت هناك أسباب جوهرية للاعتقاد بأن الفاعل سيتعرض لخطر التعذيب إذا طرد أو أعيد أو سلم، يجب أن يقدر خطر التعذيب على أسس تجاوز مجرد النظرية أو الشك. غير أنه لا يتحتم أن يكون هذا الخطر موافقاً لاختبار مدى احتمال وقوعه". (A/53/44، المرفق التاسع، الفقرة 6).
9-5 كما تشير اللجنة إلى أن التزام الدولة الطرف بالامتناع عن إعادة أي شخص قسراً إلى دولة أخرى حيث توجد أسباب جوهرية للاعتقاد بأنه سيتعرض لخطر التعذيب يرتبط ارتباطاً مباشراً بتعريف التعذيب كما هو وارد في المادة 1 من الاتفاقية. فلأغراض هذه الاتفاقية، وفقاً لما تنص عليه المادة 1، يقصد "بالتعذيب" أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث - أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أي كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية". وتعتبر اللجنة أن مسألة ما إذا كان يترتب على الدولة الطرف التزام بالامتناع عن طرد شخص قد يتعرض للألم أو العذاب من جانب كيان غير حكومي، دون موافقة أو قبول الحكومة، مسألة تخرج عن نطاق المادة 3 من الاتفاقية. وبناء على ذلك، لا تستطيع اللجنة أن تنظر في المسألة التي يستند إليها مقدمو البلاغ في جزء من شكواهم وهي أنهم قد يتعرضون للتعذيب من جانب جبهة نمور تحرير تاميل إيلام أو غيرها من الكيانات غير الحكومية عند عودتهم إلى سري لانكا.
9-6 أما فيما يتعلق بإمكانية تعرض مقدم البلاغ للتعذيب على أيدي أفراد من الدولة عند عودته إلى سري لانكا، تلاحظ اللجنة أن ادعاءاته بأنه تعرض للتعذيب من قبل جيش سري لانكا في كانون الأول/ديسمبر 1990 وبأن هذه المعاملة التي جعلته عاجزاً، بلغت حد التعذيب وفقاً لشروط المادة 3 من الاتفاقية. كما تحيط اللجنة علماً بالادعاءات التي تفيد بأن الشرطة في كولومبو قد أساءت معاملته في عام 1991. غير أن اللجنة تحيط علماً كذلك بادعاء الدولة الطرف الذي لم يدحضه مقدم البلاغ، ومفاده أنه كان يغادر سري لانكا بانتظام وكان يعود إليها دائماً، حتى بعد الحادثة التي حصلت في كانون الأول/ديسمبر 1990. وتشير اللجنة، فيما يتعلق بحادثة آذار/مارس 1992، التي يفيد مقدم البلاغ أنها كانت السبب في رحيله، إلى أن السلطات لم تسئ معاملته وأطلقت سراحه فيما بعد. وإضافة إلى ذلك، لم يبيِّن مقدم البلاغ أن السلطات تلاحقه منذئذ. وفي واقع الأمر، لم يدع مقدم البلاغ بأنه انخرط في أنشطة سياسية أو في غيرها من الأنشطة داخل الدولة أو خارجها، كما لم يدع أية ظروف أخرى يمكن أن تعرضه على وجه التحديد لخطر لتعذيب. وللأسباب الوارد ذكرها أعلاه، تجد اللجنة أن مقدم البلاغ لم يوفر الأسباب الجوهرية التي تدعو إلى الاعتقاد بأنه قد يعرّض للتعذيب عند عودته إلى سري لانكا وبأن هذا الخطر خطر ماثل يتهدده شخصياً.
9-7 وبالمثل، فإن زوجة مقدم البلاغ وابنته لم تحتجزا أو تتعرضا للتعذيب على الإطلاق. وإن التعهد بالتسجيل لدى مركز الشرطة في كولومبو والادعاء، الذي دحضته الدولة الطرف، بأن الشرطة استولت على هويتها الشخصية ليسا بسببين جوهريين للاعتقاد بأنهما في خطر التعرض للتعذيب إذا ما أعيدتا إلى سري لانكا وبأن مثل هذا الخطر ماثل ويتهدد كلتيهما.
9-8 وتشير اللجنة إلى أنه لأغراض المادة 3 من الاتفاقية، لا بدّ أن يكون الفرد المعني مواجهاً لخطر متوقع وحقيقي ويهدده شخصياً في التعرض للتعذيب في البلد الذي سيعود إليه. وفي ضوء ما سبق، تعتبر اللجنة أن مقدمي البلاغ لم يثبتوا وجود مثل هذا الخطر. وإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة أن المادة 3 لا تنطبق سوى على حالات التعذيب التي حددتها المادة 1 من الاتفاقية.
9-9 أما فيما يتعلق بادعاء مقدمي البلاغ بأن قرار طردهم يشكل في حد ذاته معاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة تتنافى مع مضمون المادة 16 من الاتفاقية، تشير اللجنة إلى أن مقدمي البلاغ لم يقدموا ما يكفي من الأدلة تأييداً لهذا الادعاء.
10- ولجنة مناهضة التعذيب إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، تستنتج أن إبعاد الدولة الطرف مقدمي البلاغ إلى سري لانكا لن يشكل انتهاكاً للمادة 3 أو للمادة 16 من الاتفاقية.
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/56/40، المرفق السابع.
(1) تعتقد الدولة الطرف أن مقدم البلاغ ذهب أولاً إلى ماليزيا حيث مكث فيها حتى 16 أيار/مايو 1992، ثم غادرها إلى سنغافورة في 16 أيار/مايو 1992 ووصل أخيراً إلى كندا في 19 أيار/مايو 1992، ولم يطلب مقدم البلاغ الحماية في أول بلدين وصل إليهما.
(2) تقدم الدولة توضيحاً عن هذا الاجراء في المبادئ التوجيهية لبرنامج ما بعد تحديد وضعية ملتمسي اللجوء إلى كندا.
(3) لا تذكر الدولة الطرف طبيعة المخاطر المحددة التي كانت تتعلق بهذه القضية.
(4) قدمت الدولة الطرف النص المعنون "طلبات الهجرة في كندا التي تقدم لاعتبارات الإنسانية أو الشفقة"، الذي ينص تفصيلاً على هذه الإجراءات.
(5) X v. The Netherlands (036/1995), J.U.A. v. Switzerland (100/1997), H.D. v. Switzerland (112/1998), S.M.R. and M.M.R. v. Switzerland (103/1998).
(6) لم تقدم الدولة الطرف اسم هذه القضية أو رقم تسجيلها.
(7) الأعمال التحضيرية للاتفاقية.
(8) قدم المحامي تقارير منظمة العفو الدولية وغيرها من المنظمات تأييداً لهذه الحجة.

العودة للصفحة الرئيسية