آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

الشكوى رقم 179/2001


مقدم من: ب. م. (الاسم محذوف)
يمثله: مكتب المحاماة، مادلين سايدليتز، ستوكهولم
الدولة الطرف: السويد
تاريخ الشكوى: 23 آذار/مارس 2001

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
المجتمعة في 30 نيسان/أبريل 2002،
وقد انتهت من نظرها في الشكوى رقم 179/2001 المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات ذات الصلة التي أتاحها لها مقدم الشكوى ومحاميه والدولة الطرف،
تعتمد آراءها بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية.
1-1 مقدم الشكوى هو ب. م.، وهو مواطن من تونس، ينتظر حالياً الطرد من السويد. ويدعي أن إبعاده من تونس يمثل انتهاكا من قبل السويد للمادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية المهينة. ويمثله محام.
1-2 وفي 11 نيسان/أبريل 2001، أحالت اللجنة الشكوى إلى الدولة الطرف للتعليق عليها. وطلبت منها، بموجب المادة 108 من النظام الداخلي للجنة، عدم إعادة مقدم الشكوى إلى تونس أثناء نظر اللجنة في شكواه. ووافقت الدولة الطرف على هذا الطلب.

الوقائع كما عرضها مقدم الشكوى
2-1 أقام مقدم الشكوى وعمل في المملكة العربية السعودية من عام 1983 إلى 1998. وخلال هذه الفترة، كان نشطاً جداً في مجال العمل الإسلامي، ويجرى مناقشات دينية مع غيره من المسلمين ويجمع الأموال للفقراء وأسر السجناء من أعضاء حزب النهضة في تونس. ومقدم الشكوى ليس عضواً في ذلك الحزب ولكنه من مؤيديه النشطين. ويبين أن جميع المنظمات الإسلامية في تونس تعتبر أنها تعمل سياسياً ضد النظام التونسي، بما فيها حزب النهضة.
2-2 وفي الأعوام 1989 و1990 و1992، حينما كان مقدم الشكوى لا يزال مقيماً في المملكة العربية السعودية قام بزيارات عديدة إلى تونس. وكانت أول زياراته في عام 1989، للإعداد لعقد قرانه. وتم توقيفه في المطار واحتجازه واستجوابه في السجن ثم نقل للمثول أمام محكمة "القصبة" حيث أرغم على توقيع اعتراف بأنه يتبع المذهب الوهابي، الذي يمارس الإسلام وفقاً له في المملكة العربية السعودية. وقد عذب مقدم الشكوى حسبما يدعى خلال الاستجواب.
2-3 وفي عام 1990، دخل مقدم الشكوى تونس ثانية لإتمام الزواج. وتم توقيفه في المطار أيضا واتهم ثانية بأنه وهابي ثم أفرج عنه. وفي عام 1992، ذهب مع زوجته إلى تونس. وتم توقيفهما في المطار، واستجوب مقدم الشكوى بشأن أنشطته وآرائه الدينية. واتهم مرة أخرى بأنه وهابي وبأنه يجمع الأموال لأسر السجناء بسبب أنشطتهم ضد النظام التونسي. وبعد الاستجواب أفرج عنهما، ولكن صدر قرار بمنعه من السفر. وبعد بضعة أيام. اقتحم أفراد من الشرطة ممن يرتدون الزي الرسمي والملابس المدنية عنوة المنزل الذي كانا يقيمان فيه. وخلعت الشرطة الحجاب عنوة من على رأس زوجته، وضربت مقدم الشكوى. واقتيد الزوجان إلى مخفر حيث استجوب كل منهما على حدة زهاء ثلاث ساعات ثم أفرج عنهما بعد أن وقع مقدم الشكوى على اعتراف بأنه اعتنق الأفكار الوهابية وأنه أجبر زوجته على ارتداء الحجاب. وبعد الإفراج عنهما، ساعد صديق لمقدم الشكوى الزوجين على مغادرة البلد والعودة إلى المملكة العربية السعودية.
2-4 وبعد عودة مقدم الشكوى إلى المملكة العربية السعودية في عام 1992 واصل أنشطته في مجال العمل الإسلامي. وفي تموز/يوليه من ذلك العام، حصل أيضا على جواز سفر جديد من السفارة التونسية في الرياض. وفي عام 1993، صدر "مرسوم سري"، يحظر على السفارات التونسية إصدار جوازات سفر جديدة أو تجديد جوازات السفر بدون استشارة وزارة الداخلية التونسية. وفيما يتعلق بالأشخاص المطلوبين، يمكن للسفارات أن تصدر فقط جواز مرور لرحلة عودة إلى تونس.
2-5 وفي عام 1996، تلقي مقدم الشكوى معلومات بأن السفارة التونسية تراقبه هو وتونسيين آخرين. وأبلغ أيضا بأن تونسياً آخر كان يعيش في المملكة العربية السعودية واعتاد حضور المناقشات الدينية تم توقيفه وسجنه عندما كان يزور تونس في إجازة.
2-6 وفي عام 1997، رفضت السفارة التونسية في الرياض تمديد جواز سفر تونسي آخر كان يمارس الأنشطة نفسها التي كان يمارسها مقدم الشكوى. وغادر مقدم الشكوى فيما بعد المملكة العربية السعودية وذهب إلى سويسرا. وفي 1 آب/أغسطس 1997، قدم صاحب الشكوى طلباً للجوء في سويسرا. ولكن بالنظر إلى أنه لم يكن يملك الدليل على الأخطار التي سيواجهها لدى عودته إلى تونس وبسبب رغبته في الإقامة في المملكة العربية السعودية، سحب طلبه وعاد إلى المملكة العربية السعودية.
2-7 وفي 27 تموز/يوليه 1997، انتهت صلاحية جواز سفر مقدم الشكوى. وطلب تمديده من السفارة التونسية في الرياض، ولكن طلبه رفض في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1997 "لأسباب إدارية". ويعتقد مقدم الشكوى أن جواز سفره لم يمدد بسبب أنه مطلوب من السلطات التونسية. وحاول بعدئذ، بمساعدة أصدقاء، الحصول على جواز سفر سعودي ولكنه فشل. وعلم مقدم الشكوى بأنه إذا أقام في المملكة العربية السعودية بدون جواز سفر صالح سيعاد قسراً إلى تونس حيث سيواجه التوقيف والسجن وأنه سيتعرض على الأرجح للتعذيب. وأجرى اتصالاً في المملكة العربية السعودية لشراء دمغات مزيفة لتمديد جواز سفره. وحصل بمساعدة أصدقاء على تأشيرة رجال أعمال دخل بها السويد في 26 آذار/مارس 1998.
2-8 ومنذ وصول مقدم الشكوى إلى السويد شارك في الأنشطة التي تجرى في المسجد وكان يلقى محاضرات عن الإسلام. وهو مقتنع بأن السلطات التونسية كانت على علم بهذه الأنشطة. وعادت زوجته من المملكة العربية السعودية إلى تونس. وتعرضت لشتى أنواع التحرش وفي النهاية "أجبرت" على الطلاق من مقدم الشكوى. وفي 14 أيار/مايو 1999. تزوج مقدم الشكوى من مواطنة سويدية من أصل تونسي ووقع طلاق بين الزوجين ولكن لهما ابنة معا.
2-9 وفي 1 آذار/مارس 1999، رفض مجلس الهجرة السويدي طلباً من صاحب الشكوى للحصول على مركز اللاجئ وتصريح إقامة. وقدم استئنافا ضد القرار إلى مجلس استئناف الأجانب، وفي 28 أيلول/سبتمبر 2000، رفض الاستئناف.
2-10 وفي شباط/فبراير 2001، قدم صاحب الشكوى طلباً ثانياً للجوء والحصول على تصريح إقامة إلى مجلس استئناف الأجانب. ورفض طلبه الثاني أيضا، على الرغم من أنه قدم الدمغات المزورة التي اشتراها في المملكة العربية السعودية لتمديد جواز سفره، ورسالة ثانية من رئيس النهضة يشهد فيها بمعرفته الشخصية بمقدم الشكوى ويشير إلى احتمال تعرضه للتعذيب إذا أعيد إلى تونس، ورسالة من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تبين ما يلي، "إنه ليس لدى المفوضية أسباب تدعو للشك في أن الشهادة المذكورة أعلاه حقيقية (الشهادة الصادرة عن رئيس النهضة). وعلى ضوء هذا ومراعاة لكون أعضاء حزب النهضة لا يزالون يواجهون خطر الاضطهاد في تونس، فإننا ننصح بعدم عودة مقدم الشكوى إلى تونس".
2-11 وفي 6 آذار/مارس، قدم صاحب الشكوى طلباً ثالثاً إلى مجلس استئناف الأجانب للنظر فيه. وأرفق به مقدم الشكوى رسالة من منظمة العفو الدولية (السويد) والتقرير القطري لوزارة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، يرد فيها وصف لحالة حقوق الإنسان العامة في تونس. وتبين رسالة منظمة العفو أيضا أن من رأي المنظمة أن مقدم الشكوى سيكون في خطر التعرض للتعذيب إذا أعيد إلى تونس بسبب ضلوعه مع النهضة. وفي 19 آذار/مارس 2001، رفض مجلس استئناف الأجانب طلبه، مبيناً أن مقدم الشكوى أشار إلى المعلومات نفسها التي وردت في طلبيه السابقين.
2-12 ويقول مقدم الشكوى إن حالة حقوق الإنسان العامة في تونس سيئة إلى حد بعيد. وهناك آلاف من السجناء بسبب معتقداتهم الدينية أو السياسية. ويشير إلى تقارير مختلفة من منظمة العفو الدولية تذكر أنه يوجد خطر شديد لتعرض أعضاء النهضة والمتعاطفين معها للاضطهاد.
الشكـوى
3-1 يدعى مقدم الشكوى أنه بسبب ضلوعه مع النهضة، وحقيقة أنه سبق توقيفه واستجوابه من قبل السلطات التونسية، ووجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. توجد أسباب قوية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب لدى العودة إلى تونس، وعليه، فإن السويد ستكون منتهكة للمادة 3 من الاتفاقية إذا أعيد إلى تونس.
3-2 ويبين مقدم الشكوى أن قرار مجلس الهجرة بعدم منحه اللجوء استند إلى تقييم خاطئ للأدلة المعروضة عليه، وأن المعلومات الهامة جداً التي وفرها مقدم الشكوى، بما في ذلك رسائل رئيس النهضة والرسالة الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمعلومات الواردة من منظمة العفو الدولية، كلها تشير بصورة محددة إلى خطر أن مقدم الشكوى سيتعرض للتعذيب، ولكنها لم تؤخذ في الاعتبار في تكوين القرار.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية وتعليقات مقدم الشكوى عليها
4-1 لم تثر الدولة الطرف أي اعتراض على مقبولية الشكوى. وفي 8 تشرين الأول/أكتوبر 2001، قدمت الدولة الطرف تعليقاتها على الأسس الموضوعية للشكوى. وبينت الدولة الطرف أنه حينما رفض مجلس الهجرة طلب صاحب الشكوى للجوء والحصول على تصريح إقامة، كان قد أمر أيضا بطرده إما إلى تونس أو إلى المملكة العربية السعودية.
4-2 وذكرت الدولة الطرف أنه يتعين على مقدم الشكوى في المقام الأول جمع وتقديم الأدلة دعماً لطل(أ). وبالإضافة إلى ذلك، فإنها ترى أن السلطة الوطنية المختصة التي تعقد جلسات استماع لطالبي اللجوء هي التي في أفضل وضع للحكم على صحة ما يعرضه مقدم الشكوى بصفة عامة، ومن ثم فإنه يجب أن تولي أهمية كبيرة إلى تقديرها. وترى الدولة الطرف أن مقدم الشكوى لم يثبت بالأدلة صحة ادعائه بأنه سيواجه خطراً شخصياً وحقيقياً ومتوقعاً بأنه سيتعرض للتعذيب إذا أعيد إلى تونس.
4-3 أما عن ادعاء مقدم الشكوى بأنه تعرض لإكراه من قبل الشرطة بسبب معتقداته السياسية والدينية، في الأعوام 1989 و1990 و1992، فإن الدولة الطرف ترى أن أياً من الحادثين اللذين وقعا في عامي 1989، و1990 لم يمنعه من العودة إلى البلد. ولكن الحادث الذي وقع في عام 1989 هو الذي أدي فيما يظهر إلى خطر انتهاك لحقوقه. وتؤكد الدولة الطرف، في هذا الشأن، أن صاحب الشكوى لم يقدم أي تفاصيل عن سوء معاملته ولا أية معلومات عن الآثار البعدية المحتملة ولا أي أدلة تؤيد طلبه. وأشارت في هذا الصدد إلى التعليق العام للجنة عن تنفيذ المادة 3 من الاتفاق(ب). وأضافت الدولة الطرف أيضاً أنه على الرغم من أن مقدم الشكوى كان بالفعل في هذا الوقت متهما، في جملة أمور، بتوفير الدعم المالي لأسر السجناء بسبب أنشطتهم ضد النظام، فإنه لم تصدر إدانة ضده نتيجة لهذه الادعاءات المزعومة ضده. وعلى خلاف ذلك، وحسب أقوال مقدم الشكوى نفسه، فقد أصدرت المحكمة في عام 1989 شهادة تبين أنه غير مطلوب من السلطات. وترى الدولة الطرف أنه فيما يتعلق بالواقعتين الأخريين اللذين ادعى مقدم الشكوى أنه استجوب فيهما، لم يزعم أنه عذب، وتلاحظ الدولة الطرف في هذا الشأن أن خطر الاحتجاز غير كاف لتبرير حماية المادة 3 من الاتفاقية، وتشير إلى ي. أ. و. ضد السويد(ج).
4-4 وترى الدولة الطرف أن ادعاء مقدم الشكوى أن السلطات التونسية كانت تراقبه منذ وصوله إلى المملكة العربية السعودية لم يثبت بالأدلة، وليس هناك ما يشير إلى أنها علمت بأنشطته في المملكة العربية السعودية أو أنها أظهرت أي اهتمام خاص به في أي وقت آخر بين عامي 1992 و 1997. وفي هذا السياق، لم يزعم مقدم الشكوى أن التونسيين الآخرين، الذين شاركوا في الأنشطة التي يدعى أن السلطات التونسية قامت بتوقيفه بسببها، لم يتعرضوا للتعذيب(د). وبالإضافة إلى ذلك، تلاحظ الدولة الطرف أن السفارة التونسية منحته جواز سفر جديداً في تموز/يوليه 1992 ويبدو أنه كان على اتصال بالسفارة بدون أن يتلقى أي إشارات عن أنه مطلوب من السلطات التونسية أو مطلوب منه العودة إلى تونس.
4-5 وعلى ضوء ما سبق، ترى الدولة الطرف أن ادعاء مقدم الشكوى أنه رفض طلبه في عام 1997 لتمديد جواز سفره على أساس أنه مطلوب القبض عليه من السلطات التونسية هو إدعاء مشكوك فيه فيما يبدو. أما عن وجود مرسوم صدر في عام 1993 بمنع إصدار جوازات سفر للمواطنين التونسيين المطلوبين، فإن الدولة الطرف لم ترد لها معلومات تؤكد هذا. وتلاحظ الدولة الطرف أن رفض السفارة إصدار جواز جديد لمقدم لشكوى كان "لأسباب إدارية"، ولم يبين أنه ربما كانت هناك أية أسباب أخرى.
4-6 وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى ادعاءين ذكرهما مقدم الشكوى خلال إجراءات اللجوء: الأول، أنه تلقى رسائل من زوجته أشارت فيه إلى أنها تعرضت للإكراه من الشرطة بعد عودتها إلى تونس؛ والثاني أنه تلقى معلومات عن أن الشرطة استجوبت والده عن مكان وجوده في عام 1994. وفيما يتعلق بالمسألة الأولى، تلاحظ الدولة الطرف أن مقدم الشكوى لم يوفر أي تفاصيل عن الظروف المحيطة بالتحرش المزعوم، ولم يقدم الرسائل، ولم يذكر أي سبب لعدم قيام بذلك. وفيما يتعلق بالمسألة الثانية، ترى الدولة الطرف أن مجلس استئناف الأجانب فحص الوثائق المقدمة كأدلة في قراره الأول واعتبرها لعدة أسباب أنها غير حقيقية.
4-7 وفيما يتعلق بالرسالة الثانية الواردة من رئيس النهضة، ترى الدولة الطرف أنه "في ضوء التقييم الذي أجرى للشهادة الأولى، فإن صحة الشهادة الثانية مشكوك فيها" وقد قرر مجلس استئناف الأجانب أن الرسالة الأولى أصدرت بدون معرفة شخصية لرئيس النهضة بمقدم الشكوى.
4-8 وفيما يتعلق بالرسالة الواردة من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ترى الدولة الطرف أنها تستند فقط فيما يبدو على شهادة رئيس النهضة، وعلى الرغم من أن الدولة الطرف تعتقد أن الشهادة حقيقية، فإنه يبدو أن المفوضية لم تقيم مصداقيتها من زاوية وجود "خطر متوقع وحقيقي وشخصي".
4-9 وفيما يتعلق بالرسالة الواردة من منظمة العفو الدولية (السويد)، ترى الدولة الطرف، أولاً، أنه لا يمكن التعرف من الرسالة على الوقائع التي قدمها صاحب الشكوى إلى تلك المنظمة، وعليه، فإنه لا يكمن استبعاد وجود اختلافات هامة في المحتوى وفي التفاصيل بين المعلومات المتاحة لسلطات الهجرة والمعلومات المتاحة لمنظمة العفو الدولية. ثانياً، ليس هناك ما يشير في الرسالة إلى أن منظمة العفو الدولية أجرت تقييماً لبيان مقدم الشكوى للوقائع الموضوعية. وليس هناك ما يشير إلى أن التقييم أجرى على ضوء معيار "الخطر المتوقع والحقيقي والشخصي" وعليه، ترى الدولة الطرف أن الاستنتاج المفترض في الرسالة لا يمكن أن تكون لـه سوى أهمية محدودة في تقييم الحالة المتناولة. وبالإضافة إلى ذلك، ترى الدولة الطرف أن التقارير الواردة من جهات منها منظمة العفو الدولية تشكل في الواقع جزءاً من المعلومات التي أتيحت لسلطات الهجرة السويدية في عملية اتخاذ القرار.
4-10 وفيما يتعلق بإشارة مقدم الشكوى إلى أنه، بالإضافة إلى ارتباطه بالنهضة يواجه مقدم الشكوى أخطار التوقيف والتعذيب لدخوله السويد بجواز سفر تونسي مزور، فإن الدولة الطرف ترد على هذا بما يلي، أولاً، كان من رأى المجلس أن مقدم الشكوى لم يزوِّر جواز سفره. ثانياً، ليس هناك ما يشير إلى أنه حتى إذا كان مقدم الشكوى متهماً في تونس بتزوير جواز سفره، فإنه ليس معرضاً بالضرورة لسوء المعاملة أو التعذيب. ثالثاً، لم تقدم معلومات تشير إلى أن السلطات التونسية تعلم أن مقدم الشكوى كان بحوزته جواز سفر غير قانوني.
4-11 وفي ضوء جميع الحجج الوارد أعلاه، تشك الدولة الطرف في صحة ادعاءات مقدم الشكوى بصفة عامة. وترى أنه لا ينبغي منح مقدم الشكوى "البراءة لعدم توافر الأدلة" بدون تقديم تفاصيل وأدلة إضافية(هـ).
4-12 ولا تنفي الدولة الطرف أن حالة حقوق الإنسان بصفة عامة في تونس "بعيده عن المثالية"، وتشير إلى تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2001 والتقرير القطري عن ممارسات حقوق الإنسان لعام 200 الصادر عن وزارة خارجية الولايات المتحدة. وتترك للجنة تقدير ما إذا كان هذا يمثل نمطاً ثابتاً من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان.
4-13 وفيما يتعلق باحتمال الطرد إلى المملكة العربية السعودية، تلاحظ الدولة الطرف أن مقدم الشكوى لم يزعم أنه مطلوب هناك أو انه معرض للتوقيف و/أو التعذيب هناك. غير أن الدول الطرف ترى أنه يجب على مقدم الشكوى أن يثبت أن هناك أيضا خطراً متوقعاً وحقيقياً وشخصياً لإعادته من المملكة العربية السعودية إلى تونس، التي يدعى أنه سيتعرض للتعذيب فيها. وأشارت الدولة الطرف إلى أنه يسمح للأجانب بالإقامة والعمل في المملكة العربية السعودية بشرط أن يكفلهم مواطن أو رجل أعمال محلي وأن يكون لديهم تصاريح إقامة صحيحه. وقد عاش مقدم الشكوى في المملكة العربية السعودية لمدة 15 عاماً وعليه، فلا بد من أن يكون لـه كفيل من نوع ما. وترى الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يقدم معلومات تشير إلى أنه لن يتم تمديد تصريح إقامته السعودي إذا أُعيد إلى المملكة العربية السعودية أو أن السلطات السعودية ستسلمه إلى السلطات التونسية. والواقع أنه منح إذن بالعودة إلى هناك في غضون 6 شهور من مغادرته.
4-14 وفي معرض الرد على مذكرة الدولة الطرف، طعن مقدم الشكوى في الصيغة التي قدمت بها الدولة الطرف الوقائع. وفيما يتعلق برد الدولة الطرف على الرسالة الواردة من منظمة العفو الدولية، أشار مقدم الشكوى إلى رسالة أخرى واردة من منظمة العفو الدولية، مؤرخة 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، تؤكد فيها أن المعلومات التي استندت إليها في تقييم حالة مقدم الشكوى "وردت في التحقيق الذي أجرته سلطات الهجرة السويدية والقرارات التي اتخذتها". وبينت منظمة العفو الدولية أيضاً أنها "أجرت في الواقع تقييمها للخطر على ضوء معيار الخطر المتوقع والحقيقي والشخصي على النحو الذي أعدت به المنظمة في مناسبات عديدة تقارير عن الانتهاكات ضد أعضاء النهضة والمتعاطفين معها، وكذلك ضد آخرين متهمين بتأييد الجماعة". وتشدد منظمة العفو الدولية على، أنه بالإشارة إلى قرارات السلطات السويدية، أن الأفراد حتى ذوى الصلات الضعيفة بالنهضة تعرضوا للاضطهاد في تونس.
4-15 وفيما يتعلق بالمعلومات الواردة من مفوضيه الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بين مقدم الشكوى أنه قد وردت رسالتان بينت فيهما موقفها الواضح بأن جميع أعضاء النهضة يواجهون خطر الاضطهاد. وهذا البيان يجاوز في مداه ما هو أكثر من تقييم الخطر الفردي.
4-16 أما فيما يتعلق بالرسائل الواردة من رئيس النهضة، يلاحظ مقدم الشكوى أن الرسالة الثانية تظهر بوضوح أنه على معرفة شخصية بمقدم الشكوى. والواقع أن الدولة الطرف نفسها أوضحت أنه ليس لديها سبب يدعو للشك في أن الرسالة حقيقية.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
5-1 يجب على لجنة مناهضة التعذيب، قبل النظر في أي ادعاءات واردة في بلاغ ما، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول، بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وتأكدت اللجنة في هذا الشأن، حسبما هو مطلوب منها بموجب الفقرة 5 (أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تبحث ولا يجري بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أيضا أن جميع وسائل الانتصاف المحلية قد استنفدت ولا توجد عوائق أخرى أمام مقبولية البلاغ. وعليه تشرع اللجنة في النظر في الأسس الموضوعية.
5-2 ويجب أن تقرر اللجنة ما إذا كانت العودة القسرية لمقدم الشكوى إلى تونس تمثل انتهاكا من قبل الدولة الطرف لالتزامها بموجب الفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية، بعدم طرد (رد) أو إعادة فرد ما إلى دولة أخرى حيث توجد أسباب قوية للاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب. وللتوصل إلى هذا الاستنتاج، يجب أن تأخذ اللجنة في الحسبان جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسمية أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية. بيد أن الهدف من هذا هو تقرير ما إذا كان الفرد المعني يواجه شخصياً خطر التعذيب في البلد الذي سيعود إليه. وبالتالي، فإن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسمية أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يمثل بحد ذاته أسباباً قوية لتقرير ما إذا كان الشخص بعينه سيكون في خطر التعرض للتعذيب لدي عودته إلى ذلك البلد؛ ويجب توفير أسباب إضافية تبين أن الفرد المعني سيكون شخصياً في خطر.
5-3 وتلاحظ اللجنة حجة مقدم الشكوى بأنه يوجد خطر متوقع لأن يتعرض للتعذيب إذ طرد إلى تونس بسبب مشاركته مع النهضة، وحقيقة أنه سبق أن استجوب وعذب على أيدي السلطات التونسية. وتحيط اللجنة علماً بالمعلومات المقدمة من منظمة العفو الدولية، ولكنها تلاحظ أن مقدم الشكوى لم يعارض في أنه لم يكن عضوا في النهضة وأنه لم يكن ضالعاً في أي نشاط سياسي، ولكنه كان مشاركاً فحسب في عمل ذي طبع إنساني. وبالإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة أن مقدم الشكوى لم يوفر أي أدلة على أنه عذب على أيدي السلطات التونسية، ولم يزعم وجود أي ظروف أخرى تظهر أنه معرض بصفة خاصة لخطر التعذيب. وتدعم هذا الاعتبار أيضاً حقيقة أن مقدم الشكوى، مع ادعائه أنه عذب في تونس 1989، فقد عاد إليها في عام 1990 بدون أن يتعرض للتعذيب. وترى اللجنة للأسباب السالفة الذكر، أن مقدم الشكوى لم يقدم أسباباً قوية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعذيب إذا أعيد إلى تونس وأن هذا الخطر شخصي وقائم.
6- وتخلص اللجنة، عملاً منها بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، إلى أن ترحيل مقدم الشكوى لا يمثل انتهاكاً من قبل الدولة الطرف للمادة 3 من الاتفاقية.
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/57/40، المرفق السابع.
(أ) تشير الدولة الطرف إلى س. ل. ضد السويد، الشكوى رقم 150/1999، المقرر المعتمد في 11 أيار/ مايو2001.
(ب) الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الدورة الثالثة والخمسون، الملحق رقم 44 (A/53/44)، المرفق التاسع، الفقرة 8(ج).
(ج) القضية رقم 65/1997.
(د) تشير الدولة الطرف إلى ج. ى. أ ضد سويسرا، القضية رقم 100/1997، المقرر المعتمد في 10تشرين الثاني/نوفمبر 1998.
(هـ) تشير الدولة الطرف إلى أ. س. ضد السويد، القضية رقم 149/1999، المقرر المعتمد في 24 تشرين الثاني/نوفمبر2000.

العودة للصفحة الرئيسية