آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

البلاغ رقم 178/2001


مقدم من: هـ . و. (الاسم محذوف) [يمثله محام]
الضحية المزعومة: مقدم البلاغ
الدولة الطرف: السويد
تاريخ البلاغ: 11 كانون الثاني/يناير 2001

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
المجتمعة 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2001،
وقد انتهت من نظرها في البلاغ رقم 178/2001، المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب، بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات التي أتاحها لها مقدم البلاغ والدولة الطرف،
تعتمد آراءها بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية.
1-1 مقدم البلاغ هو ه. و. وهو مواطن إيراني من مواليد 18 آذار/مارس 1973، ومقيم حاليا في السويد حيث يلتمس اللجوء. ويدعي أن عودته إلى جمهورية إيران الإسلامية بعد رفض طلبه اللجوء يمثل انتهاكاً من قبل السويد للمادة 3 من الاتفاقية. ويمثله محام.
1-2 ووفقاً للفقرة 3 من المادة 22 من الاتفاقية، أحالت اللجنة البلاغ رقم 178/2001 إلى الدولة الطرف في 23 كانون الثاني/يناير 2001. وعملاً بالفقرة 9 من مادة 108 من النظام الداخلي للجنة، طلب من الدولة الطرف عدم طرد مقدم البلاغ إلى إيران ريثما تنظر اللجنة في حالته. وفي مذكرة مؤرخة 20 آذار/مارس 2001، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأن مجلس الهجرة السويدي قرر، في 24 كانون الثاني/يناير 2001، إبقاء نفاذ أمر الطرد.

الوقائع كما عرضها مقدم البلاغ
2-1 ذكر المحامي أن مقدم الطلب وهو كردى بالمولد ومن مدينة سنداج، بدأ في عام 1990 يشارك في الأنشطة السياسية لصالح الشعب الكردي الموجهة ضد السلطات الإيرانية. وشملت هذه الأنشطة وضع صور آيه الله في وضع خاطئ وتشجيع طلاب مدرسته علي الاشتراك في المظاهرات ويدعي أن مقدم البلاغ قبض عليه في شباط/فبراير1994، واتهم بتوزيع المنشورات في مدرسته وكتابة شعارات ضد النظام. وذكر أنه استجوب لمدة يومين وعذب بطرق مثل ضربه علي باطن قدمه، وأفرج عن مقدم البلاغ بعد احتجازه لمدة شهرين. واكتشف حينئذ أنه طرد من مدرسته وعمل مؤخراً سائق تاكسي. وكف مقدم البلاغ بعد الإفراج عنه عن ممارسة الأنشطة السياسية خوفاً من الاضطهاد.
2-2 وفي 22 شباط/فبراير 1999، حظرت الحكومة رسميا المظاهرات في سنداج احتجاجا على اعتقـال حكومة تركيا عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني في نيروبي, وأشار مقدم البلاغ إلى أن نية الحكومة كانت تحويل الشعب الكردى ضد حكومتي الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
2-3 وخطط مقدم البلاغ وحوالي 15 من أصدقائه لاستغلال المظاهرات في التعبير عن رأيهم بشأن المظالم التي يعاني منها الشعب الكردي في إيران. وأعدوا ملصقات ومنشورات تحمل شعارات مناهضة لإيران وموالية لكردستان. وبعد أن بدأوا المظاهرات، انضم إليهم الآلاف وبدأوا في ترديد هتافات معادية للحكومة علي حين كان مقدم البلاغ وأصدقاؤه يوزعون الملصقات والمنشورات. وفتحت القوات العسكرية والحرس الثوري النار علي المتظاهرين وتم توقيف الكثيرين وأصيب جميل صديق مقدم البلاغ، بينما فرَّ هو نفسه. واعتبر أنه من المخاطرة الشديدة العودة إلى أسرته، ومن ثم اختفي في منزل صديقه لمدة 13 يوماً. وأبلغ مقدم البلاغ أثناء اختفائه بأن الحرس الثوري ألقوا القبض علي والده وأخيه وغادر مقدم البلاغ منزل صديقة للإقامة مع قريب له في أورمية، حيث أقام لمدة 24 يوماً. ووفر له قريب آخر جواز سفر بإسم مزيف وتأشيرة خروج. وسافر مقدم البلاغ إلى فان واسطنبول في تركيا، وبعد 20 يوماً استقل طائرة إلى السويد.
2-4 ودخل مقدم البلاغ السويد في 21 نيسان/أبريل1999 وقدم طلب لجوء في اليوم التالي. ولم يكن مقدم البلاغ عند وصوله يحمل جواز سفر ولا وثيقة هوية. وعقد مجلس الهجرة السويدي مقابلة أولية مع مقدم البلاغ في 22نيسان/أبريل 1999، استمرت حوالي الساعة. وتمت مقابلة أكمل في 20 أيار/مايو، استمرت حوالي 4 ساعات. وفي 8 أيلول/سبتمبر 1999، رفض مجلس الهجرة السويدي طلب لجوء مقدم البلاغ. ووجد المجلس أن بيانات مقدم البلاغ غير موثوق بها، وأن مقدم البلاغ لم يثبت أنه يواجه خطر الاضطهاد إذا عاد إلى إيران.
2-5 وقدم صاحب البلاغ استئنافاً أمام محكمة استئناف الأجانب، مبينا أنه لم يكن يحمل وثائق هوية عند وصوله إلى السويد لأنه أرغم علي تسليم الوثائق إلى المهرب الذي أوصله إلى السويد، وأن السلطات الإيرانية قامت بالتحري عنه مرتين في منزل أسرته. وفي 11 آب/أغسطس 2000، رفض مجلس استئناف الأجانب طلبه للجوء.
2-6 وفي 1 أيلول/سبتمبر 2000، قدم صاحب البلاغ طلباً جديداً للجوء وتصريح إقامة إلى محكمة استئناف الأجانب. وقدم مزيداً من المعلومات، مبينا أن والده وشقيقه قد أفرج عنهما من الاحتجاز وأن السلطات الإيرانية قامت مرة أخري بالتحري عن مكان وجوده. وأشار إلى مناشدة من مجلس اللاجئين الإيرانية في ستوكهولم أعرب فيها عن قلقه علي أمنه إذا تم ترحيله إلى إيران. وأخيرا، تذرع بأسباب إنسانية للحصول علي تصريح إقامة بالاستناد إلى شهادة من طبيب أمراض نفسية تؤكد أنه يعاني من اضطرابات توتر بعدية بسبب ما مر به من تجارب ومن اكتئاب حاد وإلحاح ذكريات التعذيب السابقة علي تفكيره وأنه يعاني من ميول انتحارية. ورفض مجلس استئناف الأجانب طلبه مرة أخرى في 5 تشرين الأول/أكتوبر 2000.
2-7 وفي 7 تشرين الثاني/نوفمبر2000، قدم صاحب البلاغ طلباً جديداً إلى مجلس استئناف الأجانب، وقدم معلومات تستهدف توضيح المعلومات التي سبق أن قدمها في المرحلتين السابقتين من قضيته، مشفوعة بشهادة جديدة من طبيب أمراض نفسية بما يعانيه من توترات وبأن ميوله الانتحارية خطيرة. ورفض مجلس استئناف الأجانب الطلب في 12كانون الأول/ديسمبر 2000.
الشكوى
3- ادعى المحامي أن مخاوف مقدم البلاغ من إعادته إلى إيران، هي أنه سيتعرض للتوقيف لمشاركته في المظاهرات المناهضة للحكومة في سنداج في شباط/فبراير 1999. ورأى أيضا أن من المعقول أن تنظر السلطات الإيرانية في حالته في سياق أنشطته السابقة في مطلع التسعينات، وأن تستنتج أنه كان يعمل من أجل الاستقلال الكردي وضد السلطات الإيرانية، وهو ما يمثل من وجهة نظر النظام جريمة سياسية خطيرة ومن ثم سيعامل وفقاً لذلك. وأضاف المحامي أنه يوجد نمط ثابت من انتهاكات حقوق الإنسان ترتكبها السلطات الإيرانية، وبخاصة ضد المعارضين السياسيين والدينيين وهناك سبب قوي يدعو للاعتقاد بأن مقدم البلاغ سيتعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية إذا أعيد إلى إيران.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية
4- عارضت الدولة الطرف، في ملاحظاتها في 29 آذار/مارس 2001، مقبولية البلاغ، بالنظر إلى أن وسائل الانتصاف المحلية لم تستنفد بقرار مجلس استئناف الأجانب الصادر في 5 تشرين الأول/أكتوبر 2000. وتشير الدولة الطرف إلى أنه يجوز لمقدم البلاغ، بموجب الفرع 5 ب من الباب 2 من قانون الأجانب، تقديم طلب جديد بالحصول على تصريح إقامة إلى محكمة استئناف الأجانب في أي وقت، شريطة أن تضاف ظروف جديدة تستدعي اتخاذ قرار مختلف.
تعليقات مقدم البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف
5- في رسالة مؤرخة 24 نيسان/أبريل 2001، أعاد المحامي تأكيد النقاط التي سبق أن ذكرها في مذكرته الأولية. ولاحظ أيضاً أن اعتراضه الأساسي على قرار سلطات الهجرة في القضية هو عدم سلامة تطبيق الفرعين 1، 2 من الباب 8 من قانون الأجانب.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن الموضوعية
6-1 قدمت الدولة الطرف، ملاحظاتها في 21 حزيران/يونيه 2001، معلومات عن الأسس الموضوعية للقضية.
6-2 وأشارت الدولة الطرف إلى المعايير التي حددتها المادة 3 من الاتفاقية واللجنة: أولها، أن الحالة العامة لحقوق الإنسان في بلد ما يجب أن توضع في الاعتبار، وثانيها، أن الفرد المعني يجب ان يكون شخصياً في خطر التعرض إلى التعذيب، بما في ذلك أن يكون هذا التعذيب نتيجة ضرورية ومتوقعة لعودة الشخص إلى بلده.
6-3 وفيما يتعلق بالمعيار الأول، تلاحظ الدولة الطرف إلى أنه على الرغم من وجود إشارات إلى أن المجتمع الإيراني يشهد تغيرات يمكن أن تحقق قدراً من التحسن في ميدان حقوق الإنسان، فإن حكومة جمهورية إيران الإسلامية لا تزال حسبما تذكر التقارير من البلدان الرئيسية في مجال انتهاك حقوق الإنسان.
6-4 أما فيما يتعلق بالمعيار الثاني، فإن الدولة الطرف تعارض أن ثمة خطراً متوقعاً وحقيقياً وشخصياً لتعرض مقدم البلاغ للتعذيب إذا أعيد إلى إيران. وبينت أن أوجه التناقض والقصور الوقائعية فيما ذكره مقدم البلاغ تثير الشكوك في مصداقيته وفي دقة الأحداث التي سردها. وأشارت الدولة الطرف إلى الشروط الواردة في دليل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشأن إجراءات ومعايير تحديد مركز اللاجئ (جنيف 1992)، الذي يبين أنه يجب على طالب اللجوء:
"`1` قول الصدق ومساعدة الموظف الذي يفحص الطلب على الوجه الكامل في تحديد وقائع حالته؛
`2` بذل مجهود لدعم بياناته بأي دليل متاح وتقديم توضيحات مقنعة لعدم وجود دليل ويجب عند الضرورة بذل مجهود للحصول على أدلة إضافية".
6-5 وفي هذا الصدد، بينت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم أي دليل كان، لدعم ادعائه أنه تم توقيفه مع أبيه وأخيه، ولم يقدم شهادة أو شيئاً من هذا القبيل بشأن توقفه عن الذهاب إلى المدرسة، ولا معلومات دقيقة بشأن مكان احتجازه والإفراج عن أبيه وأخيه.
6-6 وبالإضافة إلى ذلك، تلاحظ الدولة الطرف أن مقدم البلاغ بيَّن أمام مجلس الهجرة السويدي أنه إذا أعيد فسوف يعتبر مسؤولاً عن تنظيم المظاهرة في سنداج. بيد أنه ذكر، لدى علمه أن السلطات السويدية تعتبر هذا الافتراض غير محتمل، أنه شارك في المظاهرة ولم ينظمها. وتشير الدولة الطرف أيضاً، في هذا السياق، إلى بيان مقدم البلاغ بأن 20 شخصاً قتلوا في مظاهرة سنداج، بينما أشارت التقارير إلى أن حوالي 20 شخصاً قتلوا في ذلك الوقت في البلد بأكمله.
6-7 وفيما يتعلق بمسألة كيف علمت السلطات الإيرانية في رأيه بمشاركته في المظاهرة، أجاب أمام مجلس الهجرة السويدي بأنه يظن أنه تم تصويره في فيلم من طائرة مروحية (هليكوبتر). وترى الدولة الطرف أنه من غير المحتمل التعرف على شخص وسط جماهير متحركة تضم آلاف الناس بهذه الطريقة. وعندما ووجه مقدم البلاغ بذلك، أضاف أن ثمة وسائل أخرى يحتمل أن تكون قد استخدمت في التعرف عليه.
6-8 وتبين الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قدم معلومات متناقضة عن مكان احتجاز أبيه وأخيه، قائلاً في البداية أنهما احتجزا في أورمية ثم في سنداج. كما غير أقواله عما إذا كانت أسرته تمارس نشاطاً سياسياً. فقد بيَّن أمام مجلس الهجرة السويدي أنه باستثناء أخيه المتوفى لم تكن الأسرة ناشطة سياسياً، على حين بيَّن في بلاغه إلى اللجنة أن الأسرة كانت نشطة سياسياً لسنوات. وبالإضافة إلى ذلك تشير الدولة الطرف إلى ما ذكره مقدم البلاغ أمام مجلس الهجرة السويدي حيث قال في البداية إن جواز سفره دمر في تركيا، وقال بعد ذلك إنه أعاد جواز السفر المزيف إلى المهرب الذي ساعده في السفر إلى السويد.
6-9 وفيما يتعلق بتشخيص إصابته باضطرابات توتر بعدية، ترى الدولة الطرف أن لهذا أهميته في التقييم العام لمصداقية مقدم البلاغ. وتلاحظ أن الوثيقة الطبية المذكورة لا تستند فيما يبدو إلا إلى البيانات التي ذكرها مقدم البلاغ بنفسه. وأشير إلى أن مقدم البلاغ لا يظهر عليه دليل جسدي على التعذيب المزعوم وأنه لا توجد حسبما قاله هو نفسه إصابات ظاهره وأنه لم يكن في حاجة إلى رعاية طبية في وقت الضرب المزعوم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المشاكل العقلية لمقدم البلاغ لم تذكر في جلسات الاستماع السابقة أو في طلبه إلى مجلس الهجرة السويدي أو في أول استئناف له أمام مجلس استئناف الأجانب.
6-10 وعلى أساس ما ورد أعلاه، تشك الدولة الطرف في أقوال مقدم البلاغ في نقاط عديدة، ومن ثم في مصداقيته العامة. وبالإشارة إلى البلاغ رقم 149/1999، أ. س. ضد السويد، ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم معلومات كافية لتغيير عبء الإثبات.
6-11 وعليه، فإن الدولة الطرف لا تؤيد ما ذكره مقدم البلاغ من الوقائع. وحتى إذا اعتبر مصدقاً، فإن الدولة الطرف ترى أن مقدم البلاغ لم يوضح حتى الآن بما فيه الكفاية أنه يواجه خطر التوقيف أو التعذيب إذا أُعيد إلى إيران. وبينت أنه من الواضح أن مقدم البلاغ لم يكن في أي منصب قيادي في المعارضة ضد النظام وأنه حتى لم يكن عضواً في الكومالا، ولم يزعم أنه كان مسجلاً لدى السلطات على أساس ميوله السياسية، ولكنه أوضح أنه لم يكن موضع اهتمام السلطات حتى وقوع المظاهرات في شباط/فبراير 1999.
6-12 وتخلص الدولة الطرف إلى أن مقدم البلاغ أخفق في إثبات ادعائه بأنه سيكون في خطر شخصي وحقيقي ومتوقع للتعذيب إذا أعيد إلى إيران، ومن هنا فإن أمر الطرد لا يمثل انتهاكا للمادة 3 من الاتفاقية.
تعليقات مقدم البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف
7-1 فيما يتعلق بملاحظة الدولة الطرف أن مقدم البلاغ قال أن هويته حددت في المظاهرة بفيلم صور من طائرة مروحية، بيَّن المحامي أن مقدم البلاغ يعني أنه كان الممكن تحديد هويته بواسطة الطائرة المروحية أو بطريقة أخرى.
7-2 وبالإضافة إلى ذلك ادعى المحامي أن ما ذكره مقدم البلاغ هو أن شقيقه فقط هو الذي كان ناشطاً في المنظمة السياسية الكردية وعندما ذكر مقدم البلاغ في مذكرته إلى اللجنة أن أسرته كانت ناشطة سياسياً لعدة سنوات، كان يعني أن أسرته نسب إليها دور سياسي بسبب أنشطته هو نفسه وأنشطة أخيه السياسية. وذكر أيضاً أن المعلومات التي تلقاها عن احتجاز أبيه وأخيه، كان مصدرها والدته، عن طريق صديق بالنظر إلى أنه لم يكن بوسع مقدم البلاغ أن يكون على اتصال مباشر بأسرته.
7-3 ويدعي المحامي أن الدولة الطرف لا تطبق نفس المعايير التي تطبقها اللجنة في تناول طلب اللجوء. ويرى أن الدولة الطرف كثيراً ما تتجاهل الوثائق التي يوفرها مقدم الشكوى مثل التقارير الطبية. وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أن مقدم البلاغ لم يلتزم بتوفير معلومات موثقة، بيَّن المحامي أن الدولة الطرف نادراً ما تولى هذه الأدلة أي قيمة، ويرى أنه من التعسف أن تستند في رفضها الدولة الطرف، في هذه القضية الخاصة، إلى نقص مثل هذه الأدلة. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه من غير الممكن السعي إلى الحصول على وثائق بشأن سجن مقدم البلاغ في عام 1994 أو سجن أخيه وأبيه في شباط/فبراير 1999 ويشير المحامي إلى أن مقدم البلاغ غادر إيران على عجلة من أمره وعليه، فإنه لم يتمكن من جمع أية وثائق.
7-4 ويبين المحامي أن عدم ذكر المشاكل الصحية العقلية لمقدم البلاغ في مرحلة أسبق يمكن تفسيره بأن مقدم البلاغ لم يكن يعرف أي نوع من المعلومات يجب تقديمه وأشير في هذا الصدد إلى إن مقدم البلاغ لم يحصل سوى على التعليم الأساسي.
7-5 وبشأن ادعاء الدولة الطرف أن مقدم البلاغ ذكر أنه كان أحد منظمي المظاهرات في سنداج، بيَّن المحامي أنه عندما أدرك مقدم البلاغ أن الدولة الطرف أساءت فهم مستوى مشاركته في المظاهرات، قدم إيضاحات لذلك.
7-6 وأضاف المحامي أنه بصفة عامة كثيراً ما يحدث سوء فهم خلال المقابلات مع طالبي اللجوء، ويرجع ذلك إلى أن طالبي اللجوء يكونون منهكين من الرحلات الطويلة ومن آثار تجاربهم ومصابين بالرعب من السلطات.
ملاحظات أخرى من الدولة الطرف
8-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظات إضافية بشأن الأسس الموضوعية للقضية في 2 ‏تشرين الأول/أكتوبر 2001. وتعترض الدولة الطرف على بيان المحامي بأنه لا جدوى من تقديم وثائق إلى السلطات السويدية. وتشدد على أن سلطات الهجرة السويدية تبحث كل قضية معروضة عليها بأشمل ما في الإمكان، بما في ذلك أي دليل يقدم إليها.
8-2 وتلاحظ الدولة الطرف أن مقدم البلاغ استند في طلبه على الاحتجاز المزعوم لوالده ولأخيه، على الرغم من أنه لم يتمكن من الاتصال بأي منهما ولم يقدم وثائق بشأنهما. وترى الدولة الطرف أنه كان ينبغي لمقدم البلاغ أن يتمكن على الأقل من توضيح ذلك عندما أتصل آخر مرة بأسرته نوع الجهود التي بذلها للاتصال بهما وأسباب عدم نجاحه في ذلك. كما تشير الدولة الطرف إلى ك. م. ضد سويسرا، البلاغ رقم 109/1998، وترى أنه لا يوجد ما يشير إلى أن أفراد أسرة مقدم البلاغ قد تعرضوا للإكراه منذ الإفراج عن أبيه وأخيه في منتصف عام 1999.
8-3 وفيما يتعلق بمصداقية مقدم البلاغ، تشير الدولة الطرف إلى أن مقدم البلاغ بيَّن في جلسة الاستماع مع مجلس الهجرة السويدي أنه فهم ما قاله المترجم. وفي جلست الاستماع التالية التي عقدت بعد شهر من وصول مقدم البلاغ إلى السويد، تلي عليه ما جاء في المحضر مترجماً ولم يعترض مقدم البلاغ على المحتوى. وعندما سئل مقدم البلاغ عن حالته الصحية، أجاب بأنه في حاله صحية جيدة. وتشدد الدولة الطرف على أن مقدم البلاغ لم يذكر في المقابلتين مع مجلس الهجرة السويدي الآثار البعدية للتعذيب الذي أدعي أنه تعرض له في عام 1994.
ملاحظات أخرى من مقدم البلاغ
9-1 في 25 ‏تشرين الأول/أكتوبر 2001، قدم المحامي تعليقات أخرى على ملاحظات الدولة الطرف في 2‏ تشرين الأول/أكتوبر 2001. وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف أنه كان ينبغي لمقدم البلاغ أن يوفر وثائق تؤيد دعواه، ذكر المحامي أن هذا أمر محفوف بالخطر، ومن ثم، فإن من الصعب أن ترسل إليه وثائق من إيران.
9-2 أما بشأن حجة الدولة الطرف أنه لا يوجد في القضية ما يشير إلى أن أسرة مقدم البلاغ تعرضت للإكراه بعد منتصف عام 1999، ذكر المحامي أن السلطات الإيرانية لاحقت مقدم البلاغ بعد مشاركته في المظاهرات في عام 1999 ولكن يحتمل أنها توقفت عن البحث عنه لأنها أدركت أن مقدم البلاغ غادر إيران. بيد أن كون مقدم البلاغ لم تصله معلومات عن التحرش بأسرته بعد عام 1999 لا تعني أن السلطات لم تعد مهتمة به.
9-3 وأشار المحامي أيضاً إلى تقرير صادر في عام 2000 من السيدة جيت شتيت بقسم الأمراض النفسية بجامعة ستوكهولم تنتقد فيه إجراءات مقابلة طالبي اللجوء التي يتبعها مجلس الهجرة السويدي ويزعم التقرير بصفة خاصة أن مسؤولي المجلس يفشلون في إقامة علاقات ثقة مع مقدمي الطلبات، وبالنظر إلى أن الأسئلة معقدة، يستتبع ذلك حالات سوء فهم.
القرار بشأن المقبولية وبحث الأسس الموضوعية
10- يجب أن تقرر لجنة مناهضة التعذيب، قبل النظر في أي ادعاء وارد في البلاغ، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وتأكدت اللجنة، كما هو مطلوب منها بموجب الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، أن المسألة نفسها لم تبحث ولا يجرى بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تثر أي اعتراض على مقبولية البلاغ (انظر ملاحظات الدولة الطرف المؤرخة 20 آذار/مارس 2001) وعليه، فإن اللجنة لا تجد أي عوائق أمام مقبولية البلاغ، وتشرع في بحث الأسس الموضوعية للبلاغ.
11- وعملاً بالفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية، يجب أن تقرر اللجنة ما إذا كانت هناك أسباب قوية تدعو إلى الاعتقاد بأن مقدم البلاغ سيكون في خطر التعرض للتعذيب إذا أعيد إلى إيران. وللتوصل إلى هذا، يجب على اللجنة، عملاً بالفقرة 2 من المادة 3، أن تأخذ في الحسبان جميع الاعتبارات ذات الصلة بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. وبعبارة أخرى، فإن وجود نمط ثابت من انتهاكات حقوق الإنسان في نطاق المعنى الوارد في الفقرة 2 من المادة 3، يعزز اقتناع اللجنة بوجود أسباب قوية تدخل في نطاق معنى الفقرة.
12- غير أنه يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان الشخص المعنى سيكون شخصياً في خطر التعرض للتعذيب في البلد الذي سيطرد إليه. وبالتالي، فإن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد معين لا يمثل بحد ذاته أساساً كافياً لاستنتاج أن شخصاً بعينة سيكون في خطر التعرض للتعذيب بعد العودة إلى بلده؛ ويجب أن توجد أسس إضافية لاستنتاج أن الشخص المعني في خطر شخصي. وبالمثل، فإن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان لا يعنى أنه لا يمكن اعتبار شخص ما في خطر التعرض للتعذيب بسبب ظروفه المحددة.
13- وعليه فإنه يجب على اللجنة، في هذه الحالة، تقرير ما إذا كان طرد مقدم البلاغ إلى إيران ستكون له الآثار المتوقعة لطرده إلى بلد يواجه فيه خطراً حقيقيا وشخصياً للتوقيف والتعذيب.
14- وأشارت الدولة الطرف إلى أوجه التناقض والتعارض في بيانات مقدم البلاغ التي تثير في رأيها الشك في صحة ادعاءاته، وحتى بافتراض صدق بيانات مقدم البلاغ بشأن تجربة احتجازه في إيران، فإن اللجنة ترى، بالاستناد إلى المعلومات المقدمة أن الأنشطة السياسية التي يدعي مقدم البلاغ أنه قام بها قبل وأثناء المظاهرات في شباط/فبراير1999 ليس لها ذلك الطابع الذي يؤدي إلى استنتاج أنه في خطر التعرض للتعذيب لدى عودته. ومما يؤيد هذا الرأي أيضاً أن مقدم البلاغ لم يكن موضع اهتمام من السلطات الإيرانية بعد الإفراج عنه من الاحتجاز عام 1994، على افتراض أن هذا حدث، حتى وقت وقوع المظاهرات في شباط/فبراير 1999.
15- وترى اللجنة، بالاستناد إلى الاعتبارات المبينة أعلاه، أن مقدم البلاغ لم يثبت بالأدلة صحة ادعائه بأنه سيتعرض للتعذيب لدى عودته إلى جمهورية إيران الإسلامية.
16- وتخلص لجنة مناهضة التعذيب، عملاً منها بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، إلى أن ترحيل مقدم البلاغ إلى إيران لا يمثل انتهاكاًَ للمادة 3 من الاتفاقية.
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/57/40، المرفق السابع.

العودة للصفحة الرئيسية