آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

البلاغ رقم 137/1999


مقدم من: ج. ت. (الاسم محذوف)
[يمثله محامٍ]
الضحية المفترضة: مقدم البلاغ
الدولة الطرف: سويسرا
تاريخ البلاغ: 27 أيار/مايو 1999

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
وقد اجتمعت في 2 أيار/مايو 2000،
وقد انتهت من نظرها في البلاغ رقم 137/1999 المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات التي وافاها بها مقدم البلاغ والدولة الطرف،
تعتمد القرار التالي:
1-1 مقدم البلاغ، السيد ج. ت.، هو مواطن تركي من أصل كردي، مولود في عام 1975، ويقيم حالياً في سويسرا حيث طلب اللجوء بتاريخ 27 تموز/يوليه 1995. ويؤكد بعد أن رفض طلبه أن إعادته قسراً إلى تركيا ستشكل انتهاكاً من جانب سويسرا للمادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب. ويمثله محامٍ.
1-2 ووفقاً للفقرة 3 من المادة 22 من الاتفاقية، وجهت اللجنة انتباه الدولة الطرف إلى البلاغ في 18 حزيران/يونيه 1999. وفي الوقت ذاته طلبت اللجنة، عملاً بالفقرة 9 من المادة 108 من نظامها الداخلي، إلى الدولة الطرف عدم طرد مقدم البلاغ إلى تركيا ريثما تنظـر اللجنة في بلاغه. وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر 1999، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنها اتخذت التدابير لإيقاف ترحيل مقدم البلاغ إلى تركيا ريثما تنظر اللجنة في بلاغه.

الوقائع كما عرضها مقدم البلاغ
2-1 يعود أصل مقدم البلاغ إلى جنوب شرق تركيا؛ وقد ولد في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1975 في قرية تقع بالقرب من إرزينكان تدعى دوغان كوي، وعاش فيها حتى عام 1993. ويؤكد أنه إبان تلك الفترة، كان أبناء القرية يتعرضون للتعذيب على أيدي الجيش التركي وكان الشباب يعتقلون بطريقة منهجية بعد أن يشتبه في أنهم من الأنصار أو المقاومين أو أفراد العصابات وكان يتعرضون للتعذيب، وكان ذلك يحدث على نحو خاص في قرية دوغان كوي التي عُرف عنها، على حد قول مقدم البلاغ، انتماؤها لحزب العمال الكردستاني.
2-2 وغادر مقدم البلاغ هذه القرية مع والديه عندما كان شاباً وتوجهوا إلى اسطنبول للإقامة فيها. وكان نشيطاً جداً على الصعيد السياسي عندما كان طالباً. وقد تعاطف حتى عام 1992 مع منظمة الشبيبة الكردستانية التابعة لحزب العمال الكردستاني، فكان يشارك في المظاهرات والاجتماعات وفي توزيع المنشورات. وكان يقوم أيضاً بجمع الأموال لصالح القضية ويساهم في تجنيد نصراء جدد.
2-3 وفي 29 أيار/مايو 1995، غادر مقدم البلاغ تركيا للالتحاق بأخيه المقيم في سويسرا، والذي كان مواطناً سويسرياً، وقد دفعه أيضاً إلى هذا الرحيل خوفه من تأدية الخدمة العسكرية. وقدم في 27 تموز/يوليه 1995 طلب لجوء فرُفض في 3 تشرين الثاني/نوفمبر من العام ذاته. وأكدت اللجنة السويسرية للطعن في القضايا المتعلقة باللجوء، عندما بتت في الطعن الذي قدمه، قرار الرفض الأصلي في 29 نيسان/أبريل 1999.
2-4 ويدعي مقدم البلاغ أن الشرطة توجهت أكثر من مرة، منذ إقامته في سويسرا، إلى منزل والديه في اسطنبول لكونه معارضاً ناشطاً وفاراً من الخدمة الإلزامية. وبعد عدة زيارات، اعترف الوالدان للشرطة، تحت الضغط، بأن مقدم البلاغ هرب إلى سويسرا وطلب اللجوء فيها. ونتيجة لذلك، قامت القنصلية التركية في جنيف، مرتين بتوجيه استدعاء إلى أخيه طالبة منه الحضور إلى القنصلية كي يشرح مقدم البلاغ وضعه في سويسرا ومشكلة خدمته العسكرية. غير أن مقدم البلاغ لم يستجب لذلك.
2-5- وإضافة إلى الوقائع المذكورة أعلاه، يشير مقدم البلاغ إلى مشاكل يواجهها أفراد أسرته ويمكن أن تلحق به الضرر عند عودته. ويؤكد في هذا الصدد أن اثنين من أبناء عمه واثنتين من بنات عمه، كانوا يعيشون في القرية التي ولد فيها وقاموا بنشاطات سياسية فعالة ضمن إطار حرب العصابات التي يشنها حزب العمال الكردستاني، قد قتلوا خلال مواجهات مع الجيش التركي. ولقد شوه وجه إحدى الفتاتين إلى درجة أنه لم يُتمكن من التعرف عليها إلا من خلال سن من ذهب كانت موجودة في فمها.
الشكوى
3-1 يؤكد مقدم البلاغ أن إعادته قسراً إلى تركيا ستشكل انتهاكاً من جانب سويسرا لالتزاماتها بموجب الاتفاقية، ذلك أنه، نظراً إلى الأسباب التي استدعت رحيله من تركيا، تتوفر أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأنه قد يتعرض للتعذيب.
3-2 ويؤكد صاحب البلاغ، بعد أن قدم لمحة تاريخية عن المشكلة الكردية، أن التعذيب يتم بطريقة منهجية في تركيا وأن هناك ما يقارب 000 250 شخص اعتقلوا لأسباب سياسية خلال الفترة الواقعة بين 1980 و1988 وتعرضوا جميعهم تقريباً للتعذيب، حسب ما أفادت به منظمة العفو الدولية. كما يشير مقدم البلاغ إلى ما ذكرته منظمة العفو الدولية بأن 000 250 شخص، قتلوا عام 1996 وحده وأن حالة الطوارئ ظلت سارية المفعول طوال ذلك العام. والمدة القصوى للتوقيف قيد النظر في حالات الطوارئ هي عشرة أيام، منها أربعة في الحبس الانفرادي. ويسلم في هذه الحالة بوجه عام بأن الحبس الانفرادي يشجع على ارتكاب أعمال التعذيب. ولقد ذكر شخص يدعى ك. س. أنه هرب أثناء فترة أدائه الخدمة الإلزامية فتعرض لمعاملة وحشية بالغة، مثل إدخال هراوة في شرجه وتعريض أعضائه التناسلية للصدمات الكهربائية.
3-3 وقالت منظمة العفو الدولية كذلك إن اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب أكدت، في إعلانها الثاني العام عن تركيا، أن التعذيب لا يزال سائداً على نطاق واسع في البلد وأنه وجدت وسائل تعذيب جديدة في مخفري الشرطة في ديار بكر وأنقره في عام 1992، ولا سيما آلة معدلة لإجراء الصدمات الكهربائية وآلة أخرى لتعليق الشخص من ذراعيه. كما تشير منظمة العفو الدولية إلى حكم صدر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وأعلنت فيه المحكمة مسؤولية قوى الأمن عن حرق المنازل في قرية تقع في جنوب شرق تركيا.
3-4 أما فيما يتعلق بالخدمة العسكرية، فيبين مقدم البلاغ أنه، على حد قول منظمة العفو الدولية، لا يعُترف في تركيا بالحق في الاستنكاف الضميري وأنه لم ينص على أية خدمة مدنية بديلة للخدمة العسكرية. وإضافة إلى ذلك، يستشهد مقدم البلاغ بما قالته دنيس غراف، التي يصفها بأنها إحدى الشخصيات الأكثر دراية بحالة المتمردين والهاربين من الخدمة في تركيا - من أن الجنود الأتراك ذوي الأصل الكردي يرسلون عادة إلى الأقاليم الخاضعة لحالة الطوارئ. فهناك مخاطر حقيقية بأن تساء معاملة الجنود ذوي الأصل الكردي، الذين يؤدون خدمتهم العسكرية في تلك المناطق، لا سيما إذا ما شاركوا هم أنفسهم، أو أحد أعضاء أسرهم، في أنشطة سياسية.
3-5 ويعتقد مقدم البلاغ أنه في حالة إعادته إلى تركيا، سيعتقل على الفور في مطار أنقره وسيتعين عليه الاعتراف بأنه طلب اللجوء في سويسرا لمختلف الأسباب التي ورد ذكرها آنفاً. وبالتالي، سيجند في الجيش ويرسل إلى المناطق التي ينتمي إليها وسيعامل هناك معاملة سيئة ويجبر على ارتكاب الاساءات بحق أبناء شعبه. وسيحاكم أثناء خدمته الإلزامية بسبب فراره سابقاً منها وستفرض بحقه عقوبة بمجرد الانتهاء من أداء هذه الخدمة، كما أنه قد يتعرض لمزيد من سوء المعاملة أثناء تنفيذه لهذه العقوبة.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وصحته
4-1 لم تطعن الدولة الطرف في مقبولية البلاغ، بل قدمت ملاحظاتها بشأن صحته في رسالة مؤرخة في 20 كانون الأول/ديسمبر 1999.
4-2 وتشير الدولة الطرف إلى أن اللجنة السويسرية للطعن في القضايا المتعلقة باللجوء أجرت دراسة شاملة لادعاءات مقدم البلاغ المتعلقة بخطر تعرضه للتعذيب إذا ما أعيد إلى تركيا.
4-3 ففيما يتعلق بالمخاطر التي قد تترتب على فراره من خدمة العلم، رأت اللجنة بدايةً أن تشريع الدولة الطرف الخاص باللجوء لا يسمح بمنح شخص مركز اللاجئ لمجرد أنه يكره أداء الخدمة الإلزامية أو لأنه يخشى القتال. وإضافة إلى ذلك، يتعين في الواقع إثبات أمرين، إما أن العقوبة الخاصة بالتمرد أو بالفرار هي عقوبة غير متناسبة بحيث تكون هناك أسباب موجبة لمنح اللجوء، أو أن الشخص الفار من الخدمة الإلزامية سيتعرض للتعذيب للأسباب ذاتها، وذلك، مثلاً، كما في القضية الحالية، إذا كانت الدولة التركية تدعو فئات من السكان لأداء خدمة العلم وفقاً لمعايير سياسية أو معايير مماثلة. وحسب المعلومات المقدمة إلى اللجنة، ليست هذه هي الحالة في تركيا، فالاستدعاءات لأداء خدمة العلم تستند حصراً إلى جنسية المدعو للخدمة أو مكان ولادته. وبالتالي فإن الأصل الإثني الكردي لمقدم البلاغ لا يمثل خطراً عليه بأن يرسل إلى الجبهة الشرقية. وبينت اللجنة كذلك أن مقدم البلاغ لم يعرض أي دليل يثبت فيه أن السلطات التركية كانت تبحث عنه لهذا السبب. وتشير اللجنة أيضاً إلى أن مقدم البلاغ لم يُشر إلى تمرده على أداء الخدمة العسكرية إلا لأنه سئل، عندما قدم طلب اللجوء، عما إذا كانت لديه مشاكل مع الجيش. وكان قد أكد حتى ذلك الوقت عدم وجود أسباب أخرى لطلبه اللجوء. كما أن إجابات مقدم البلاغ عن الأسئلة التي وجهت إليه بشأن خدمته العسكرية كانت غامضة جداً، الأمر الذي بين عدم إلمامه بإجراءات التجنيد، والذي يولد شكوكاً جدية إزاء حقيقة ادعاءاته في هذا الصدد، نظراً لما يتسم به الهرب من الخدمة من أهمية. وأخيراً، بينت اللجنة السويسرية للطعن في القضايا المتعلقة باللجوء أنه وفقاً للمعلومات المتوفرة لديها، ليس هناك من عقوبات غير متناسبة على الفارين من خدمة العلم في تركيا.
4-4 أما فيما يتعلق بالأنشطة السياسية لمقدم البلاغ، فإن الدولة الطرف تؤكد أن اللجنة ذاتها رأت أن أقواله لم تكن مدعومة بما يكفي من الأدلة وأنه لم يعتقل أبداً ولم يلاحق للسبب الذي قدمه، وأنه سبق وأكد أنه غادر بلده لسبب وحيد هو عدم رغبته في الالتحاق بالجيش التركي.
4-5 أما فيما بتعرض مقدم البلاغ بوجه أعم للاضطهادات بسبب انتمائه الإثني الكردي، فقد تبين للجنة السويسرية للطعن في القضايا المتعلقة باللجوء أنه كان يقيم في غرب تركيا (بورسا ، وانتقل من بعدها إلى اسطنبول) وإن المشاكل التي كان يواجهها هناك لم تكن ذات أهمية كبيرة أو لم تكن على أية حال أكثر أهمية من المشاكل التي يواجهها بقية السكان الأكراد في تلك المنطقة.
4-6 وتذكّر الدولة الطرف بأن خطر التعرض للتعذيب لا يقيّم، بموجب المادة 3 من الاتفاقية، من زاوية الحالة العامة لحقوق الإنسان السائدة في البلد المعني فحسب، بل تؤخذ كذلك في الاعتبار العناصر التي تتكون منها شخصية مقدم البلاغ ذاتها. وتؤكد الدولة الطرف، بالتالي، وجوب أن يكون هناك خطر متوقع وحقيقي وبأن يتعرض مقدم البلاغ شخصياً للتعذيب في بلده الذي سيعاد إليه.
4-7 وتشير الدولة الطرف إلى أن اللجنة أكدت بعد نظرها في بلاغات أخرى صادرة عن مواطنين أتراك، أن حالة حقوق الإنسان في تركيا تدعو للقلق، ولا سيما حقوق مناضلي حزب العمال الكردستاني الذين تعرضوا مراراً للتعذيب. غير أن اللجنة، في الحالات التي كانت تلاحظ فيها حدوث انتهاك للمادة 3 من الاتفاقية، كانت تلاحظ مسبقاً أن مقدمي البلاغات قد اتخرطوا في العمل السياسي لحزب العمال الكردستاني أو اعتقلوا وعذبوا قبل مغادرتهم البلد، أو أنهم قدموا أدلة إضافية تثبت صحة ادعاءاتهم. وعلى النقيض من ذلك، فإن اللجنة في الحالات التي لم تكن تلاحظ حدوث انتهاك، كانت ترى أن مقدم البلاغ لم يلاحق على الإطلاق لارتكابه أفعالاً محددة أو أن بعض أفراد أسرته هم الذين تعرضوا لملاحقات قضائية، أو أيضاً أنه منذ مغادرته تركيا، لم يتعرض هو أو أفراد أسرته لتهديد أو لملاحقة كما أنه لم يعد يتعاون مع حزب العمال الكردستاني.
4-8 وفي القضية الحالية، تشير الدولة الطرف أولاً إلى اجتهادات اللجنة التي تفيد بأن خطر الاعتقال لا يشكل في حد ذاته دليلاً على خطر التعرض للتعذيب. فيتعين على مقدم البلاغ أيضاً أن يثبت أن فراره من الخدمة الالزامية وأنشطته السياسية هما السبب في وجود خطر حقيقي بأن يتعرض للتعذيب في حال عودته.
4-9 وتشير الدولة الطرف إلى الوقت الذي استغرقه مقدم البلاغ لتقديم طلب اللجوء وترى إن ذلك لا يتمشى مع موقف شخص يخشى التعرض للتعذيب إذا ما أعيد إلى بلده. وترى كذلك أن مقدم البلاغ لم يطلب اللجوء إلا بعد أن اعتقلته شرطة فريبورغ بتاريخ 8 تموز/يوليه 1995، وذلك كي يتجنب الطرد الفوري.
4-10 إن العناصر التي وردت آنفاً قد دفعت الدولة الطرف كذلك بالاعتقاد بأن مقدم البلاغ لم يغادر في حقيقة الأمر تركيا في 2 حزيران/يونيه 1995 كما ادعى. فيتبين في الواقع من ملف مقدم البلاغ أن هذا الأخير حصل على تأشيرة دخول إلى سويسرا في 15 حزيران/يونيه 1992. إلا أنه لا توجد على جواز سفره أية إشارة تؤكد عودته إلى تركيا بعد انتهاء صلاحية هذه التأشيرة. وعليه، وبالنظر إلى المعلومات التي تفيد بصرامة الرقابة على جوازات السفر عند دخول الأراضي التركية، تستنتج الدولة الطرف أن مقدم البلاغ وصل في حقيقة الأمر إلى الأراضي السويسرية في 15 حزيران/يونيه 1992 وليس في 2 حزيران/يونيه 1995، وعاش فيها بطريقة غير شرعية حتى تاريخ تقديم طلب لجوئه. وأن تأكيدات مقدم البلاغ بأنه انخرط في صفوف حزب العمال الكردستاني خلال عام 1993 تفقد بالتالي مصداقيتها إذ إنه كان يفترض أن يكون في سويسرا خلال هذه الفترة.
4-11 وإن خشية مقدم البلاغ من اعتقاله بسبب أنشطته السياسية، ولا سيما بسبب اعتقال بعض رفاقه الذين شاركوا في المظاهرة ذاتها، تتعارض مع أقواله التي أفادت بأنهم كانوا يشاركون في المظاهرات تحت أسماء حركية؛ فبهذه الطريقة لم يكن بوسع مقدم البلاغ أو رفاقه أن يعرفوا في واقع الأمر أسماءهم الحقيقية.
4-12 كما تؤكد الدولة الطرف أن مقدم البلاغ عرض في بلاغه ثلاث حجج جديدة لم يثرها من قبل أبداً عندما تقدم بطلب لجوئه، علماً بأنه لم يكن هناك ما يمنعه من ذلك. وهي أن قريته عُرفت بمساندتها لحزب العمال الكردستاني وبحث الشرطة عنه في منزل والديه في تركيا كما زعم، ووفاة اثنين من أبناء عمه واثنتين من بنات عمه نظراً لانخراطهم في أنشطة حزب العمال الكردستاني. وهذه الحجج التي من المدهش أنها لم تُثر سابقاً، لا يمكن أن تبرر مخاطر التعرض للتعذيب التي أثارها مقدم البلاغ ما دام قد غادر في عام 1990 القرية التي ولد فيها ولم يتحدث مطلقاً عن مشاكل واجهته في مختلف المناطق التي انتقل للعيش فيها فيما بعد. وبالمثل، علاوة على أن وفاة بعض أفراد عائلته ليست موثقة بأي دليل، فإن اضطهاد بعض أفراد عائلته ووفاتهم لا يسمحان، حسب اجتهادات اللجنة، باستنتاج وجود خطر بأنه سيتعرض للتعذيب.
4-13 أما فيما يتعلق بالمستندات الجديدة التي تقدم بها صاحب البلاغ بشأن رفضه الالتحاق بالتجنيد، فتلاحظ الدولة الطرف أنه يمكن الشك في صحة التصريح الصادر عن عمدة كالجي. فضلاً عن أن منح تصاريح من هذا القبيل ليس من صلاحيات عمدة القرية، فإن الوثيقة لا تقدم، في حقيقة الأمر، أي عنصر ملموس عن كيفية تلقي واضعها للمعلومات، الأمر الذي يدعو الدولة الطرف إلى الاعتقاد بأن الوثيقة هي وثيقة مجاملة، كما أن من المدهش أن يترجم هذه الوثيقة ترجمان محلف في القنصلية التركية في جنيف في حين أن هذا الأخير هو الذي قام بعملية البحث عن مقدم البلاغ. وإن مخاوف مقدم البلاغ بشأن هذا البحث تتعارض مع طلبه بأن تقدم له هذه الخدمة. وقيما يتعلق برسالة أخيه التي تم فيها التأكيد على أن مقدم البلاغ قد تلقى من القنصلية التركية استدعاءين عسكريين في عام 1997 و1998، فإن الدولة الطرف غير مقتنعة بالتبرير الذي قدمه الأخ بأنه لو توقع حدوث مثل هذه المشاكل لمقدم البلاغ لاحتفظ بهذين الاستدعاءين، في حين أن مقدم البلاغ كان يستأنف قرار مكتب اللاجئين عند تلقيه الاستدعاءين. وعلاوة على ذلك، فإن هناك تناقضاً بين مقدم البلاغ وأخيه فيما يتعلق بتاريخي الاستدعاءين، فالأول يقول إنهما وصلا في عامي 1995 و1997 بينما يذكر الأخ أنهما وصلا بين عامي 1997 و1998.
4-14 كما تؤكد الدولة الطرف على أن التجنيد في الجيش التركي يقوم حصراً على أساس جنسية المدعوين ومكان ميلادهم، وأن التجنيد على أساس الانتماء الإثني مستحيل من الناحية التقنية نظراً لطبيعة نظام تسجيل السكان في تركيا. كما أن إرسال المجندين الأكراد بطريقة منهجية إلى جنوب شرقي تركيا ليس بأمر منطقي، فالدولة التركية مضطرة لأن ترسل إلى هذه المنطقة جنوداً أوفياء لها وتثق بهم كل الثقة. وأخيراً، فإن القضاة المختصين بمسألة الفرار من الخدمة لم يصدروا حتى الآن سوى أحكام خفيفة جداً فيما يتعلق برفض الخدمة العسكرية.
ملاحظات إضافية لمقدم البلاغ
5-1 عرض مقدم البلاغ في رسالة مؤرخة فى 25 شباط/فبراير 2000 تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن صحة البلاغ.
5-2 وفيما يتعلق بقرار اللجنة السويسرية للطعن في القضايا المتعلقة باللجوء، يعرض مقدم البلاغ،كمثال على إرسال جندي إلى الشمال لمحاربة أكراد آخرين، وحالة أ. ب. الذي استشهدت به دنيس غراف، والذي توفي في صيف عام 1999 وهو يؤدي خدمة العلم، ولا تزال أسباب وفاته مجهولة.
5-3 أما فيما يتعلق بالاستدعاءين، فلقد ذكر مقدم البلاغ أن أخاه هو الذي أعلمه بأمر الالتحاق الذي صدر بحقه في تركيا وهو الذي تلقى الاستدعاءين. وكان على الشقيق، وفقاً للاستدعاءين أن يحضر إلى القنصلية التركية في جنيف وأن يبرر وضع مقدم البلاغ. ومما يدعو للأسف أن القنصلية لم تحتفظ بنسخة من هذين الاستدعاءين اللذين أعيدا حسب العادة المتبعة إلى تركيا بعد فترة شهر. وإضافة إلى ذلك، يذكر مقدم القرار أنه قال بوضوح تام، لدى ذكر التاريخين 1995 و1997، "إذا لم أكن على خطأ"؛ وبالتالي، فإن حجة الدولة الطرف بشأن هذه النقطة لا أساس لها.
5-4 ويذكّر مقدم البلاغ بأنه علاوة على فرض عقوبة السجن لمدة تتراوح بين سنتين وثلاث سنوات على الفارين من الخدمة العسكرية، فإن هؤلاء لا يعفون من خدمتهم العسكرية بعد تنفيذهم للعقوبة؛ ويستنكر مقدم البلاع هذا الظلم على وجه التحديد.
5-5 ويؤكد مقدم البلاغ أن أنشطته السياسية تمثلت في الاشتراك في المظاهرات والاجتماعات وتوزيع المنشورات وتجنيد الأشخاص وجمع الأموال.
5-6 أما فيما يتعلق بالمادة 3 من الاتفاقية، فإن مقدم البلاغ لا يخشى العقوبة التي سيتعرض لها بسبب فراره من الخدمة الالزامية والتعذيب الذي سيتعرض له خلال تنفيذه لهذه العقوبة فحسب، بل إنه يخشى كذلك إرساله إلى الجبهة وتعرضه لخطر القتل في حال حدوث أية مجابهة هناك.
5-7 وفيما يتعلق بالفترة الزمنية الواقعة بين تاريخ وصوله إلى سويسرا وتاريخ طلبه اللجوء، فلقد سبق لمقدم البلاغ أن أوضح للجنة السويسرية للطعن في القضايا المتعلقة باللجوء أن هذا التأخير لا علاقـة له بأسباب تقديم طلب اللجوء. وإضافة إلى ذلك، قال مقدم البلاغ إن أخاه نصحه بأن يأخذ قسطاً من الراحة قبل أن يقدم طلبه، إذ إنه كان خائفاً ومجهداً.
5-8 وينفي مقدم البلاغ، بشأن تاريخ وصوله إلى سويسرا أن تكون المراقبة عند دخول الأراضي التركية مراقبة منهجية. ويبين كذلك أنه كان يبلغ السابعة عشرة من العمر عندما عاد إلى تركيا، وإن مظهره الخارجي لم يكن يجذب انتباه حرس الحدود.
5-9 ويؤكد مقدم البلاغ الطابع الرسمي للتصريح الذي صدر عن عمدة كالجي وأن المترجم الشفوي للقنصلية غالباً ما يتم انتقاؤه في فريبورغ ليعمل كمترجم وانه يعمل بتكتم محترماً أسرار مهنته.
5-10 ويؤكد مقدم البلاغ من جديد أقواله التي مفادها أن الأكراد الفارين من الخدمة العسكرية يتم ارسالهم بطريقة منتظمة إلى الجبهة الجنوبية الشرقية لمحاربة غيرهم من الأكراد ويشير مرة أخرى في هذا الصدد إلى ما قالته دينس جراف.
5-11 وأخيراً، يقدم صاحب البلاغ وقائع جديدة بأنه فقد أباه في 11 شباط/فبراير 2000 في بورسا وانه لم يرغب، بدافع الخوف، في الذهاب لحضور مراسم الدفن في حين أن أفراد أسرته جميعاً ذهبوا لحضورها. وإضافة إلى ذلك، فإن تطور النزاع بين الدولة التركية والأكراد يدفع بمقدم البلاغ للاعتقاد بأن المخاطر التي تتعلق بشخصه لا تزال مخاطر كبيرة. ويستند مقدم البلاغ إلى مقالات صحفية مختلفة ليشير بوجه خاص إلى الاساءات التي ارتكبها حزب الله ضد الأكراد وإلى أن إعلان حزب العمال الكردستاني تخليه عن النضال المسلح يهدف بشكل خاص إلى انقاذ رأس قائده. ولكي يبين مقدم البلاغ أن النزاع لا يزال مستمرا بالفعل، فإنه يذكّر بأن ثلاثة من المخاتير قد اعتقلوا مؤخراً لافتراض وجود صلات بينهم وبين حزب العمال الكردستاني.
مداولات اللجنة
6-1 قبل أن تنظر لجنة مناهضة التعذيب في أية شكوى يتضمنها بلاغ ما، لا بد أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب المادة 22 من الاتفاقية. ولقد تأكدت اللجنة، حسبما تتطلبه الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 5 من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تبحث وليست قيد البحث أمام هيئة تحقيق أو تسوية دولية أخرى. وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة كذلك أن جميع سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت وأن الدولة الطرف لم تعترض على قبول البلاغ. فهي ترى إذاً أن البلاغ مقبول. ونظراً لأن كلاً من الدولة الطرف ومقدم البلاغ قد قدما ملاحظاتهما حول موضوع البلاغ، فإن اللجنة ستقوم بالنظر في هذا الموضوع.
6-2 ويجب على اللجنة أن تبت في مسألة معرفة ما إذا كان إجبار مقدم البلاغ على العودة إلى تركيا سيشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بموجب المادة 3، من الاتفاقية بعدم طرد أو إعادة أي شخص إلى بلد آخر حيثما وجدت أسباب جوهرية للاعتقاد بأنه سيتعرض للتعذيب.
6-3 ويجب على اللجنة أن تقرر، عملاً بالفقرة 1 من المادة 3، ما إذا كانت هناك أسباب جوهرية للاعتقاد بأن مقدم البلاغ سيتعرض للتعذيب إذا أعيد إلى تركيا. ومن أجل التوصل إلى هذا القرار يجب على اللجنة، عملاً بالفقرة 2 من المادة 3، أن تراعي كافة الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. بيد أن الهدف من هذا التحليل هو تقرير ما إذا كان الفرد المعني سيواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب في البلد الذي سيعاد إليه. وبالتالي، فإن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً لتحديد ما إذا كان شخص بعينه سيواجه خطر التعرض للتعذيب عند عودته إلى ذلك البلد، ويجب تقديم أسباب اضافية تبين أن الفرد المعني سيكون معرضاً للخطر شخصياً. وبالمثل، فإن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة والمنهجية لحقوق الإنسان لا يعني أنه لا يمكن اعتبار شخص ما معرضاً لخطر التعذيب في الظروف الخاصة به.
6-4 وتذكّر اللجنة بملاحظتها العامة بشأن تطبيق المادة 3، وهي: "إذا وضع في الاعتبار أن على الدولة الطرف واللجنة التزاماً بتقدير ما إذا كانت هناك أسباب جوهرية للاعتقاد بأن الفاعل سيتعرض للتعذيب إذا طرد أو أعيد أو سلِّم، يجب أن يقدر خطر التعذيب على أسس تتجاوز مجرد النظرية أو الشك. إلا أن من غير الضروري أن يُبين أن احتمال وقوع هذا الخطر هو احتمال كبير." (A/53/44، المرفق التاسع، الفقرة 6).
6-5 وفي هذه الحالة، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف وجدت في روايات مقدم البلاغ أقوالاً متناقضة ومتضاربة دفعتها إلى الشك في صحة ادعاءاته. كما تأخذ اللجنة علماً بالايضاحات التي قدمها المحامي في هذا الصدد.
6-6 واستناداً إلى المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ، تلاحظ اللجنة أن الحوادث التي استدعت مغادرته تركيا تعود إلى عام 1995. غير أن العناصر التي قدمتها الدولة الطرف بشأن التاريخ الحقيقي لوصول مقدم البلاغ إلى سويسرا لم تحمل مقدم البلاغ على تقديم حجج مقنعة إلى اللجنة أو تقديم أدلة تثبت وجوده في تركيا خلال الفترة موضع الجدل.
6-7 وتلاحظ اللجنة كذلك أن مقدم البلاغ لم يقدم أي مستند يثبت انتماءه لحزب العمال الكردستاني أو لمنظمة الشباب الكردستاني والمشاركة في أنشطتهما.
6-8 وأخيراً، ترى اللجنة أن العناصر التي قدمها صاحب البلاغ بشأن استدعائه لأداء خدمة العلم اتسمت بعدم الترابط، وأن المدهش أن مقدم البلاغ لم يتمكن من تقديم الاستدعاءين المزعومين الصادرين عن القنصلية التركية في جنيف، وأن الوثيقة الوحيدة التي قدمت إثباتا لصحة الاستدعاء لم تكن تتضمن أي عنصر يسمح بإثبات حقيقة الوقائع التي يذكرها.
6-9 وإن اللجنة إذ تستند إلى الاعتبارات الواردة أعلاه، تعتقد بأن المعلومات المعروضة عليها لا تبين أن هناك أسباباً جوهرية تدعو إلى الاعتقاد بأن مقدم البلاغ قد يتعرض للتعذيب شخصياً إذا ما أعيد إلى تركيا.
6 -10 وترى لجنة مناهضة التعذيب، عملاً بالفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بأن قرار الدولة الطرف بإعادة مقدم البلاغ إلى تركيا لا يشكل أي انتهاك للمادة 3 من الاتفاقية.
[حرر بالاسبانية والانكليزية والروسية والفرنسية، علماً بأن الفرنسية هي الأصل]
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/55/40، المرفق الثامن.

العودة للصفحة الرئيسية