آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

البلاغ رقم 123/1998


مقدم من ز. ز. (الاسم محذوف) (يمثله محام)
الضحية المزعومة: مقدم البلاغ
الدولة الطرف: كندا
تاريخ البلاغ: 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1998

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
المجتمعة في 15 أيار/مايو 2001،
وقد انتهت من نظرها في البلاغ رقم 123/1998، المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب وفقاً للمادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات التي أتاحها لها مقدم البلاغ ومحاميه والدولة الطرف،
تعتمد آراءها بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية.
1-1 مقدم البلاغ المؤرخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، هو السيد ز. ز.، وهو مواطن من أفغانستان، ولد في 8 تموز/يوليه 1948. وكان قد رُحّل إلى أفغانستان في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، بعد إدانته في كندا، بجرائم الاتجار بالمخدرات. ويدّعي أن ترحيله إلى أفغانستان يشكل انتهاكاً ترتكبه كندا للاتفاقية. ويمثله محام.
1-2 ووفقاً للفقرة 3 من المادة 22 من الاتفاقية، أحالت اللجنة البلاغ إلى الدولة الطرف في 11 كانون الأول/ديسمبر 1998 وطلبت منها أن تقدم ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وموضوعه.

الوقائع كما عرضها مقدم البلاغ
2-1 يدعي مقدم البلاغ أنه فر من أفغانستان في عام 1977 وقت التدخل المسلح للاتحاد السوفياتي في النـزاع الأفغاني. ويدعي أن القوات السوفياتية قتلت أخاه وإنه كان يخشى أن يلقى نفس المصير. ويقول إنه ذهب إلى إيران حيث ظل فيها سنتين دون أن تكون اقامته قانونية. ومن ثم غادر إلى باكستان حيث بقي سنتين أيضاً بشكل غير قانوني ومن باكستان، قرر مقدم البلاغ دخول الهند حيث طلب من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الاعتراف بوضعه كلاجئ. ويدعي أنه حصل على مركز اللجوء بموجب الاتفاقية لكنه لم يحتفظ بأي إثبات عن ذلك. ومع ذلك، ونظراً لأنه لم يحصل على تصريح عمل في الهند ولا على الحق في التعليم، فإنه قرر الالتحاق بأخيه الذي مُنح مركز اللاجئ في كندا.
2-2 ووصل مقدم البلاغ كندا في عام 1987 بجواز سفر مزور. وعند وصوله مونتريال، قدم طلب اللجوء. ورئي أن طلبه للحصول على اللجوء يقوم على أساس معقول، مما سمح لـه بتقديم طلب للحصول على الإقامة الدائمة وأصبح مقيماً دائماً في كندا في عام 1992.
2-3 وفي 29 حزيران/يونيه 1995 حكم على مقدم البلاغ بالسجن لمدة عشر سنوات بتهمة الاتجار بالمخدرات. وفي 10 نيسان/أبريل 1996، أعلن وزير الجنسية والهجرة أن مقدم البلاغ "خطر على الجمهور في كندا" وبالتالي قرر ترحيله إلى بلده الأصلي. وأشار الوزير إلى أن الجريمة الجنائية الخطيرة التي أدين بها مقدم البلاغ والحاجة إلى حماية المجتمع الكندي تتجاوز أية اعتبارات إنسانية أو قائمة على الشفقة. وقدم صاحب البلاغ طلباً إلى المحكمة الفيدرالية لإعادة النظر في هذا القرار لكن طلبه رُفض.
2-4 وفي 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، حضر مقدم البلاغ جلسة استماع لإعادة النظر في قرار احتجازه، وقيل لـه أثناء هذه الجلسة إنه سيظل محتجزاً وإنه سيرّحل إلى بلده الأصلي في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 1998. وفي نفس اليوم، أرسل محامي مقدم البلاغ فاكساً إلى المسؤول عن الترحيل يطلب منه تأجيل عملية الترحيل ريثما يتم على النحو الواجب تقييم المخاطر المترتبة عليها، مشيراً إلى وثيقة حديثة العهد تتعلق بالحالة في أفغانستان.
2-5 وبعد رفض هذا الطلب، تقدم مقدم البلاغ بطلب إلى قسم المحاكمات التابع للمحكمة الاتحادية، لوقف تنفيذ أمر الطرد، بحجة أنه سيتعرض للتعذيب في حالة ترحيله إلى أفغانستان بسبب أصله الإثني. وفي 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، رفضت المحكمة طلب الإيقاف. وأخيراً، وفي 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، قدم صاحب البلاغ طلباً إلى محكمة أونتاريو للعدالة، لكي تصدر أمراً قضائياً بوقف تنفيذ الأمر بالترحيل. ورفضت المحكمة النظر في الطلب لأن المحكمة الاتحادية كانت قد أصدرت قرارها في هذه المسألة.
2-6 ويدعي مقدم البلاغ، في رسالته التي قدمها إلى اللجنة والمؤرخة 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، أنه فيما يتعلق بمسألة استنفاد سبل الانتصاف الداخلية، فإنه منذ أن أصدرت المحكمة قرارها بشأن طلب وقف الترحيل، لم يعد أمامه أي سبيل آخر من سبل الانتصاف المحلية.
2-7 ويدعي مقدم البلاغ أن الدولة الطرف لم تجرِ أي تقييم مناسب للمخاطر المترتبة على الترحيل، عندما اتخذت قرارها في نيسان/أبريل 1996، كما أنها لم تجرِ أي استعراض لاحق لتقييم مخاطر الترحيل، على الرغم من وجود مشاكل كبيرة سياسية وتتعلق بحقوق الإنسان في البلد الذي من المقرر ترحيل مقدم البلاغ إليه. فقد أصبح الطالبان فاعلاً هاماً في الحالة السياسية في أفغانستان وتغيرت الأحوال في البلد تغيراً خطيراً نتيجة ذلك.
2-8 ومقدم البلاغ مسلم سني وهو من أفراد جماعة الطاجيك الإثنية. والجزء الأكبر من أفغانستان يخضع الآن لسيطرة طالبان الذين ينتمون وإن كانوا من السنة إلى مجموعة إثنية مختلفة وهي الباشتون.
2-9 ويشير مقدم البلاغ إلى أن أفغانستان لا تزال تشهد حرباً أهلية وتعاني من عدم الاستقرار السياسي وأن الانقسامـات الإثنية تؤثر بصورة متزايدة على القتال. وأن طالبان الذين ظهروا كقوة عسكرية وسياسية في عام 1994، هم حركة إسلامية محافظة متطرفة. وفي كانون الثاني/يناير 1997، كانوا يسيطرون على ثلثي مساحة أفغانستان بما فيها كابول العاصمة.
2-10 وفضلاً عن الحالة العامة التي لا يسودها الأمن والتي نجمت عن النزاع المسلح الداخلي بين طالبان والفصائل الأخرى، فإن حالة حقوق الإنسان في الأراضي التي يسيطر عليها طالبان تثير قلقاً بالغاً. ووفقاً لمقدم البلاغ، تعاني مختلف المجموعات الإثنية من التمييز. وقد احتجز طالبان مئات الأشخاص لمجرد أصلهم الإثني. ومن بين هذه المجموعات مجموعة الأوزبيك والطاجيك وهازارا، والمسلمين الشيعة والتركمان. ويدعي مقدم البلاغ أن عدداً كبيراً من الطاجيك قد احتجز وأن بعضهم قد اختفى.
2-11 كما يشير مقدم البلاغ إلى تقارير منظمة العفو الدولية التي تفيد بأن حراس الطالبان قاموا بضرب وركل الأشخاص المحتجزين وأن السجناء المحكوم عليهم لمدة طويلة تعرضوا لتعذيب قاسٍ. كما قيل أيضاً أنه وفقاً لتقرير هيئة رصد حقوق الإنسان بشأن إحدى أسوأ مذابح المدنيين التي ارتكبها طالبان في آب/أغسطس 1998 عندما احتلوا مزار الشريف، وهي مسقط رأس مقدم البلاغ، حيث قامت قوات طالبان، بعد أيام من الحادث، بتفتيش جميع الذكور من أصل هازارا وأوزبيك وطاجيك، الموجودين في المدينة، وألقوا القبض عليهم. وفضلاً عن ذلك، ونظراً لاكتظاظ سجن المدينة بالسجناء، نقل آلاف المحتجزين إلى مدن أخرى على متن شاحنات حاوية كبيرة تسع 100-150 شخصاً. وفي حادثين، معروفتين، توفى جميع الرجال الموجودين في الحاوية، تقريباً، إما نتيجة اختناقهم أو إصابتهم بضربة شمس.
الشكوى
3-1 ادعى مقدم البلاغ عند تقديمه لبلاغه، أن هناك خطراً كبيراً في تعرضه للتعذيب إذا ما تم ترحيله إلى أفغانستان، وأن القرار بترحيله قسراً إلى أفغانستان سيعني انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية. كما ادعى أن أي مسؤول مختص من الدولة الطرف لم يقيّم على النحو الواجب ما إذا كان هناك خطر تعذيب. ونتيجة ذلك، حدث انتهاك للاتفاقية من الناحيتين الموضوعية والإجرائية.
3-2 ويذكِّر مقدم البلاغ أن المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب تنص صراحة على منع محدد لترحيل الأشخاص إلى أماكن يواجهون فيها خطر التعرض للتعذيب. ويتعين على اللجنة، عند تحديد ما إذا كانت المادة 3 منطبقة أم لا، أن تستند إلى ما إذا كان هناك نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية وما إذا كان مقدم البلاغ يواجه خطراً شخصياً قد ينجم عن انتمائه إلى جماعة معينة أو بسبب سلوكه(1).
ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية
4-1 في رسالة مؤرخة 14 كانون الأول/ديسمبر 1999، أحالت الدولة الطرف إلى اللجنة ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية.
الملاحظات بشأن المقبولية
4-2 تدعي الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول لأن مقدم البلاغ لم يستنفد وسائل الانتصاف المحلية المنصوص عليها في الفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية والمادة 91 من النظام الداخلي للجنة. وتؤكد اللجنة أن وجوب استنفاد وسائل الانتصاف المحلية قبل التوجه إلى هيئة دولية لطلب الانتصاف، هو مبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي. ويتيح هذا المبدأ للدولة فرصة لتصحيح أي خطأ تم ارتكابه في الداخل قبل أن تصبح الدولة مسؤولة على المستوى الدولي.
4-3 وبموجب قانون الهجرة، يمكن التوجه إلى شعبة المحاكمات بالمحكمة الاتحادية، لالتماس إعادة نظر قضائية للقرارات. وذكر أن تقدم هذا الالتماس لا يحتاج إلا أن تكون القضية "قابلة للمناقشة إلى حد معقول" أو أن تكون "مسألة جادة ينبغي تحديدها" لكي يمنح إذناً بإعادة النظر القضائية.
4-4 وتحتج الدولة الطرف أن اللجنة وغيرها من المحاكم الدولية تعتبر إعادة النظر القضائية بمثابة وسيلة متاحة من وسائل الانتصاف الفعالة. وفي قضية م. أ. ضد كندا (CAT/C/14/D/22/1995)، مُنح مقدم البلاغ وضع اللجوء ثم اتضح فيما بعد أنه يشكل تهديداً لأمن كندا ولذلك تعين ترحيله من كندا. واعتبر البلاغ غير مقبول لأن مقدم البلاغ كان بصدد الطعن في قرار الترحيل من خلال المطالبة بإعادة النظر القضائية. وللمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكام قضائية مشابهة(2) فهي تعتبر أن إعادة النظر القضائية تشكل وسيلة انتصاف محلية فعالة بما يكفي في حالات اللجوء.
4-5 وفي البلاغ قيد لنظر، رُفض في 8 أيلول/سبتمبر 1997 طلب مقدم البلاغ الموجّه إلى شعبة المحاكمات بالمحكمة الاتحادية للحصول على إذن بإعادة النظر القضائية في رأي الوزير الذي يفيد بأن مقدم البلاغ يشكل خطراً للجمهور. وفي 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، طعن مقدم البلاغ أمام قسم المحاكمات بالمحكمة الاتحادية في قرار مفوض الترحيل بعدم تأجيل الترحيل. وبعد ذلك قدم هذا البلاغ إلى اللجنة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 قبل أن تنظر المحكمة الاتحادية في طلبه.
4-6 وفضلاً عن ذلك، لم يستكمل مقدم البلاغ جميع الشروط المتصلة بطلبه إعادة النظر القضائية عدم استيفاء عريضة الطلب في غضون الفترة المقررة. وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف، مرة أخرى، إلى الأحكام التي قضت بها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والتي تفيد بأنه يتعين على مقدمي الشكاوى احترام واتباع الإجراءات المحلية المتعلقة أيضاً بالمواعيد المحددة، قبل تقديم شكاوى على المستوى الدولي(3).
4-7 وتحتج الدولة الطرف أنه كان بإمكان المحكمة الاتحادية أن تنظر في البلاغ لو أن الطلب المقدم في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 كان مستوفياً لجميع شروطه ولو أن الإذن بإعادة النظر القضائية كان قد مُنح، مما كان سيؤدي إلى إعادة النظر في البلاغ.
4-8 كما أن مقدم البلاغ رفع دعوى أمام قسم المحاكمات بالمحكمة الاتحادية للطعن بدستورية المادة التي تحرمه من فرصة المطالبة بالحماية التي يتمتع بها اللاجئ. كما أنه يدعي أن قانون الهجرة وإجراءات الهجرة تتناقضان مع الميثاق الكندي للحقوق والحريات لأنها لا تشترط إجراء تقييم للمخاطر. إلا أن مقدم البلاغ لم يستمر في دعواه، التي كانت وقت تقديم البلاغ، لا تزال معلّقة. وكان بإمكان مقدم البلاغ بالفعل أن يوجه تعليمات إلى محاميته لمواصلة الدعوى بالنيابة عنه. ولهذا السبب، تدعي الدولة الطرف أن ترحيل مقدم البلاغ لا يجعل حقوقه أو الدعاوى المعلقة التي رفعها، غير فعالة أو غير قائمة على أساس.
4-9 كما تدعي الدولة الطرف أنه كان بإمكان مقدم البلاغ أن يطالب بتقييم قضيته على أساس إنساني ولأن حالته التي تستدعي الرأفة. وتشير إلى القضية س. ضد السويد حيث وجدت اللجنة أن مثل هذا الطلب هو وسيلة فعالة من وسائل الانتصاف لأن مجلس الطعون كان في هذه الحالة مخولاً بمنح أصحاب البلاغ تصريح الإقامة(4). وكان هذا الخيار متاحاً أمام مقدم البلاغ قبل صدور قرار ترحيله ولم يكن هناك أي موعد نهائي لتقديمه.
4-10 وترى الدولة الطرف أن وسائل الانتصاف المشار إليها أعلاه هي وسائل فعالة حسب مفهـوم المـادة 22(5) من الاتفاقية. ولذلك كان يتعين على مقدم البلاغ أن يلجأ إليها قبل تقديم شكوى إلى اللجنة وأنه لم يتوخَ الحيطة اللازمة عندما لم يفعل ذلك.
الملاحظات بشأن الأسس الموضوعية
4-11 وفيما يتعلق بالخطر الذي يواجهه مقدم البلاغ، تشير الدولة الطرف إلى المبدأ الذي أرسته اللجنة في قضية سيد مورتيسا آي ضد سويسرا(5)، والقائل انه يتعين عليها أن تحدد "ما إذا كانت هناك أسباب حقيقية للاعتقاد بأن (مقدم البلاغ) سيتعرض لخطر التعذيب (في البلد الذي تجرى إعادته إليه)" و"ما إذا كان سيتعرض شخصياً للخطر". كما تذكر الدولة الطرف بأن عبء الإثبات يقع على مقدم البلاغ الذي ينبغي أن يبرهن على وجود أسباب حقيقية للاعتقاد بأنه سيواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب.
4-12 وتؤكد الدولة الطرف أنه نظراً لأن الحماية التي تنص عليها المادة 3 هي، وفقاً للآراء السابقة للجنة، حماية مطلقة بصرف النظر عن سلوك مقدم البلاغ في الماضي، فإن البت في مسألة الخطر يجب أن يكون بالغ الدقة. ولهذا، فإنها تشير إلى حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الذي ينص فيما يتعلق بالمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان على أن "بحث المحكمة لاحتمال إساءة المعاملة بالمخالفة للمادة 3 في الوقت المناسب يجب أن يكون دقيقاً بالنظر إلى الطابع المطلق لهذا الحكم"(6).
4-13 ولتقييم خطر التعذيب الذي يواجهه مقدم البلاغ، تحتج الدولة الطرف بأهمية العوامل التالية: (أ) ما إذا كان هناك دليل على وجود نمط ثابت للانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة موضوع النقاش؛ (ب) ما إذا كان مقدم البلاغ قد تعرض للتعذيب أو إساءة معاملة ارتكبها موظف حكومي في الماضي أو تمت بموافقته؛ (ج) ما إذا كانت الحالة المشار إليها في (أ) قد تغيرت؛ (د) ما إذا كان مقدم البلاغ قد تورط في نشاط سياسي أو نشاط آخر داخل الدولة المذكورة أو خارجها على نحو يدعو إلى الاعتقاد بأنه معرّض بصورة خاصة لخطر التعذيب.
4-14 وخلافاً لادعاءات مقدم البلاغ، تؤكد الدولة الطرف أن وزيرة الجنسية والهجرة أجرت في نيسان/أبريل 1996 تقييماً للأخطار التي يمكن أن يتعرض لها مقدم البلاغ عند عودته إلى أفغانستان، عندما نظرت في مسألة ما إذا كان مقدم البلاغ يشكل خطراً على الجمهور. كما أن الأحكام التي أشار إليها مقدم البلاغ لدعم حجته، لم تتبع دائماً وهي الآن مستأنفة أمام محكمة الاستئناف الاتحادية. وفضلاً عن ذلك، تؤكد الدولة الطرف أنه ليس من حق اللجنة بحث إجراءاتها الداخلية فيما يتعلق بتقييم الأخطار. وأخيراً، قامت شعبة المحاكمات بالمحكمة الاتحادية أيضاً بتقييم المخاطر عند نظرها في طلب وقف الترحيل.
4-15 وترى الدولة الطرف أن مقدم البلاغ لم يثبت بدليل ظاهر أنه معرض شخصياً لخطر التهديد بسبب أصله الإثني. وعلى الرغم من أن أحداً لا ينكر ارتكاب الطالبان لانتهاكات لحقوق الإنسان، فليس هناك ما يشير إلى أن الطاجيك هم المستهدفون بوجه الخصوص. وتشير الدولة الطرف إلى معلومات وردت من مديرية البحوث التابعة لمجلس الهجرة واللجوء الكندي تشير إلى أن الملاحقة تستهدف، بالأحرى، الشيعة من هازار وأنصار الجنرال دوستم الناطقين باللغة التركية. ويؤكد نفس المصدر على "أنه بوجه عام، يتعرض الأشخاص الذين يشتبه بكونهم من المؤيدين للتحالف الشمالي، لمراقبة مشددة من قبل قوات الأمن التابعة للطالبان. والانتماء الإثني ليس هو السبب الرئيسي للتعرض لملاحقة الطالبان ... وإن كان الطاجيك الذين يعيشون تحت سلطة الطالبان يتوخون الحيطة والحذر عند السير في شوارع كابول". وفضلاً عن ذلك، يشير التقرير إلى أن بإمكان الطاجيك العيش بحرية وأمان في شمال أفغانستان وأن الطاجيك الذين يعيشون في الأراضي التي يسيطر عليها الطالبان ليسوا أهدافاً للمراقبة بصورة منتظمة. كما أنه ليست هناك أدلة تفيد بقيام الطالبان بتعذيب الطاجيك بصورة روتينية، بل أن مقدم البلاغ يعترف بنفسه في بلاغه "بأن التعذيب ليس، فيما يبدو، ممارسة روتينية في جميع الحالات".
4-16 كما تحتج الدولة الطرف بأن مقدم البلاغ لم يقدم أية أدلة تثبت أنه سيتعرض شخصياً للتعذيب في أفغانستان. وليست هناك أدلة تفيد بأن مقدم البلاغ كان قد احتجز في أي وقت من الأوقات كما أن الأسباب التي حملته على مغادرة بلاده في عام 1977 لم تعد قائمة. وفضلاً عن ذلك فإن مقدم البلاغ لم يشر إلى أن الأشخاص المحيطين به تعرضوا للملاحقة أو للتعذيب لكونهم من الطاجيك، كما أنه لم يشر إلى مشاركته في نشاط سياسي ربما يجذب انتباه الطالبان. ولذلك فإن الوقائع المدعاة لا تعد دليلاً ظاهراً على أن طرده سيؤدي إلى تعريضه للتعذيب.
4-17 وتؤكد الدولة الطرف على أن البلاغ الحالي يستند على وجه التحديد إلى نفس الوقائع التي قدمت إلى وزير الجنسية والهجرة عندما أفصح عن "رأيه المتعلق بالخطر" والوقائع المقدمة إلى قسم المحاكمات بالمحكمة الاتحادية عند إعادة النظر القضائية. ولذلك، وبما أن الإجراءات الوطنية لم تكشف النقاب عن أي خطأ صريح أو لا معقولية ولم تشبها إساءة استعمال الإجراء القضائي، وسوء النية، والتحيز الصريح أو التجاوزات الخطيرة، فإنه يتعين على اللجنة ألا تحل محلها استنتاجاتها هي بشأن ما إذا كان مقدم البلاغ معرضاً للتعذيب في أفغانستان؛ وينبغي ألا تصبح اللجنة "درجة قضائية رابعة" تعيد النظر في استنتاجات الوقائع التي توصلت إليها السلطات الداخلية.
4-18 وعليه، فإن الدولة الطرف ترى أنه، بالاستناد إلى المعايير المشار إليها في الفقرة 4-13 أعلاه، فليست هناك إشارة إلى: (أ) ما إذا كان مقدم البلاغ قد تعرض للتعذيب أو إساءة معاملة ارتكبها موظف حكومي في الماضي أو تمت بموافقته؛ (ب) ما إذا كان حالياً ملاحق من قبل السلطات الأفغانية؛ (ج) ما إذا كان الأشخاص المحيطين به مباشرة قد تعرضوا للاحتجاز أو التعذيب لكونهم من الطاجيك؛ (د) ما إذا كان الطاجيك مستهدفين على وجه الخصوص لتلقي إساءة المعاملة؛ (ه) ما إذا كان مقدم البلاغ قد شارك في أي نشاط بارز يجذب انتباه طالبان.
4-19 لذلك ترجو الدولة الطرف، إذا تقررت مقبولية البلاغ، أن يعلن أنه لا يقوم على أسس موضوعية.
تعليقات المحامية
بشأن المقبولية 5-1 في رسالة مؤرخة 21 كانون الثاني/يناير 2000، قدمت محامية مقدم البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف. وتذكِّر المحامية، فيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف الداخلية، بأن مقدم البلاغ منح إقامة دائمة في عام 1992 وأنه أدين فيما بعد بجريمة جنائية أدت إلى إصدار أمر ترحيله. وبموجب قانون الهجرة، يجوز ترحيل شخص ما من كندا وحرمانه من اتخاذ الإجراء المتعلق باللجوء، إذا أصدر الوزير شهادة بأن ذلك الشخص يشكل "خطراً على الجمهور في كندا". وفي هذه الحالة، فإن المسألة الوحيدة هي مسألة تتعلق بما إذا كان هذا الشخص يشكل خطراً على الجمهور في كندا" أم لا. وليس ما إذا كان الشخص معرضاً للمخاطر. ونتيجة ذلك، فلا يعود أمام الشخص الذي يُتخذ بشأنه مثل هذا القرار، الحق في الاستئناف أمام شعبة الاستئناف كما أنه يحرم من الحق في تقديم طلب اللجوء.
5-2 وتؤكد المحامية على أن إجراء التصديق على أن الشخص يشكل خطراً على الجمهور في كندا ليس تقييماً مناسباً للمخاطر. وترى أن موقف الدولة الطرف كان باستمرار، في بعض الظروف، هو ترحيل الأشخاص الذين يشكلون خطراً على الجمهور، إلى بلدانهم الأصلية، حتى إذا كانت هناك مخاطر لتعرضهم للتعذيب. وكان ذلك أيضاً هو مضمون الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف في قضية سوريش ضد وزير الجنسية والهجرة. وتفسير محكمة الاستئناف الاتحادية هو أن الاتفاقية لا تحظر في جميع الحالات الترحيل إلى بلدان يكون فيها خطر التعرض للتعذيب كبيراً. ولذلك، تؤكد المحامية على أن الموقف الرسمي للدولة الطرف، الذي تدعمه ثاني أعلى محكمة في كندا، هو أنه يجوز ترحيل الأشخاص إلى بلدان يكون فيها خطر التعذيب كبيراً إذا اقتضت مصلحة الدولة ذلك. وتؤكد المحامية ضرورة قيام اللجنة بإجراء عاجل لكي توضح للدولة الطرف أن الترحيل إلى بلدان فيها خطر التعرض للتعذيب أمر غير مسموح به أياً كانت الظروف.
5-3 وتدعي المحامية أنه نظراً لتنفيذ طلب الترحيل ولعدم قدرتها على تلقي تعليمات من مقدم البلاغ، فإن الالتزام بالطعن في القرار بتنفيذ الترحيل، من خلال اللجوء إلى وسائل الانتصاف المحلية أصبح مسألة نظرية لا ترتكز على وقائع ملموسة. وينطبق ذلك على التشكيك في دستورية الحكم الذي يحرم مقدم البلاغ من فرصة تقديم طلب للتمتع بالحماية التي يتمتع بها اللاجئ. ونتيجة ذلك، فإنه بمجرد فشل مقدم البلاغ في الحصول على إيقاف تنفيذ أمر الترحيل وترحيله بالفعل، تكون جميع وسائل الانتصاف المحلية قد استنفدت بسبب تنفيذ أمر الترحيل. ولذلك ترى المحامية أن استيفاء طلبات الطعن في قرار تنفيذ الترحيل، لا جدوى لـه، في ظل هذه الظروف.
بشأن الأسس الموضوعية 5-4 فيما يتعلق بموضوع البلاغ، ترى المحامية أن أحداً لم يقم بتقييم المخاطر التي يتعرض لها مقدم البلاغ تقييماً كافياً ومناسباً. فالسماح بإجراء أي تقييم للمخاطر في إطار سياق تحديد ما إذا كان الشخص يشكل خطراً على الجمهور مما يسمح بترحيله، هو في رأي المحامية، أمر غير مرضٍ. فينبغي إجراء تقييم للمخاطر بصورة مستقلة عن أي تقييم للخطر. وتؤكد المحامية أنه يتعين على اللجنة أن تعرف ما إذا كانت الدولة الطرف قد استنتجت أم لا أن مقدم البلاغ معرض للخطر. ولهذا أهمية خاصة في ضوء موقف الدولة الطرف المتمثل في أن الترحيل إلى بلدان يتعرض فيها الشخص للتعذيب أمر ممكن في ظل ظروف معينة.
5-5 وفضلاً عن ذلك، ترى المحامية أن التقييم الذي أجرته الدولة الطرف للمخاطر بعد ترحيل مقدم البلاغ هو تقييم لا يبعث على الارتياح. فقد كان يتعين إجراء التقييم قبل الترحيل.
5-6 أما فيما يتعلق بالحالة الراهنة لمقدم البلاغ، فإن المحامية تعترف بأنها لم تتمكن من الاتصال به. ومع ذلك تؤكد المحامية على أن الدولة الطرف لم تبذل أي جهد للتحقق من الحالة الراهنة لمقدم البلاغ وتحديد ما إذا كان يعيش في أمان أو أنه معرض لخطر التعذيب.
تعليقات إضافية مقدمة من الدولة الطرف
6-1 في رسالة مقدمة في 10 أيار/مايو 2000، تحتج الدولة الطرف فيما يتعلق بمقبولية البلاغ بأنه لو كان قد صدر قرار إيجابي بشأن طلبه بالاستناد إلى أسباب إنسانية تدعو إلى الرأفة لكان مقدم البلاغ قد ظل في كندا. وفضلاً عن ذلك، تعيد الدولة الطرف تأكيدها على حججها بأن ترحيل مقدم البلاغ لا يجعل حقوقه أو دعاواه المعلقة، غير فعالة أو لا تقوم على أساس.
6-2 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، تدعي الدولة الطرف أن الوزير قد أجرى عند النظر فيما إذا كان مقدم البلاغ يشكل خطراً على الجمهور في كندا، تقييماً للمخاطر التي تواجه مقدم البلاغ في حالة عودته إلى أفغانستان. كما أن شعبة المحاكمات بالمحكمة الاتحادية أجرت بدورها مثل هذا التقييم في قرارها الصادر في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1998.
6-3 وأخيراً تؤكد الدولة الطرف من جديد حرصها على ألا تصبح اللجنة درجة قضائية رابعة من خلال إعادة تقييم الاستنتاجات التي توصلت إليها المحاكم الوطنية ما لم يكن هناك خطأ واضح أو ما لم تشب القرار شائبة مثل سوء استخدام السلطات، وسوء النية، والتحيز الصريح أو التجاوزات الخطيرة.
تعليقات إضافية مقدمة من المحامية بالنيابة عن مقدم البلاغ
7-1 في رسالة مؤرخة 7 حزيران/يونيه 2000، أكدت المحامية على أن الطلب الذي يستند إلى أسس إنسانية وتستدعي الرأفة ليس وسيلة فعالة من وسائل الانتصاف لأنه لا يوقف تنفيذ الأمر بالترحيل؛ وأياً كان الحال، فلا جدوى من الاستمرار في طلب للطعن في قرار الترحيل بعد تنفيذ الترحيل.
7-2 وكررت المحامية أيضاً أن "الرأي المتعلق بالخطر" لا يشكل تقييماً للمخاطر وأن قرار المحكمة الاتحادية استند إلى سوء تفسير الأدلة، وأن القاضي لم تكن لديه الخبرة في تقييم المخاطر.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
8-1 قبل أن تنظر اللجنة في أي شكوى يتضمنها بلاغ ما، لا بد أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب المادة 22 من الاتفاقية.وتحققت اللجنة، على النحو المطلوب بموجب الفقرة الفرعية 5 (أ) من المادة 22 من الاتفاقية من أن المسألة نفسها لم تُبحث وليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.
8-2 وفيما يتعلق باستنفاد وسائل الانتصاف المحلية، أخذت اللجنة علماً بملاحظات الدولة الطرف وملاحظات محامية مقدم البلاغ. وعملاً بالفقرة الفرعية 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية، لا يجوز أن تنظر اللجنة في أية بلاغات ما لم تتحقق من أن الفرد قد استنفد جميع وسائل الانتصاف المحلية. إلا أن هذه القاعدة لا تسري إذا ثبت أن تطبيق وسائل الانتصاف المحلية قد استغرق أو يمكن أن يستغرق وقتاً أطول من المعقول أو إذا كان من غير المرجح أن يؤدي تطبيقها إلى الانتصاف الفعلي للضحية المغتصبة. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أنه تم ترحيل مقدم البلاغ إلى أفغانستان في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1998. ولذلك تعلن اللجنة عن مقبولية البلاغ.
8-3 وتلاحظ اللجنة أن كلاً من الدولة الطرف ومحامية مقدم البلاغ قدما ملاحظات بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. ولذلك تقرر اللجنة النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ في المرحلة الراهنة.
8-4 وترى اللجنة أن مقدم البلاغ لم يقدم أية أدلة بأنه سيقع شخصياً ضحية التعذيب في حالة عودته إلى أفغانستان. كما تلاحظ اللجنة أن مقدم البلاغ لم يشر إلى أنه تعرض للتعذيب في الماضي. كما أنه لم يزعم أنه اشترك في أي نشاط سياسي أو ديني يجعل عودته إلى أفغانستان تجذب انتباه الطالبان إلى درجة تعرضه شخصياً لخطر التعذيب.
8-5 ولم يقدم صاحب البلاغ إلا معلومات عن الحالة العامة في أفغانستان وادعى أنه سيتعرض للتعذيب عند عودته إلى أفغانستان لكونه فرداً من مجموعة الطاجيك الإثنية. وعلى الرغم من أن اللجنة تسلّم بالصعوبات التي تواجهها بعض المجموعات الإثنية في أفغانستان، لكنها تعتبر أن مجرد الادعاء بالانتماء إلى مجموعة الطاجيك الإثنية يثبت بما يكفي خطر تعرض مقدم البلاغ للتعذيب عند عودته إلى أفغانستان.
9- وعليه، فإن لجنة مناهضة التعذيب، إذ تعمد بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ترى أن الوقائع التي قدمها مقدم البلاغ والتي توصلت إليها اللجنة لا تكشف عن انتهاك للمادة 3 من الاتفاقية.
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/56/40، المرفق السابع.
(1) خان ضد كندا، البلاغ رقم 15/1994 (CAT/C/13/D/15/1994)؛ موتومبو ضد سويسرا، البلاغ رقم 13/1993 (CAT/C/12/D/13/1993).
(2) انظر فيلفارافا وآخرون ضد المملكة المتحدة، 14 E. H. R. R. 218 (30 تشريـن الأول/ أكتوبر 1991).
(3) انظر باهـادار ضـد هولنـدا، البـلاغ رقم 145/1996/764/965 (19 شباط/ فبراير 1998).
(4) س. ضد السويد، البلاغ رقم 64/1997 (19 تشرين الثاني/نوفمبر 1997).
(5) آراء، البلاغ رقم 34/1995 CAT/C/18/D/34/1995، 9 أيار/مايو 1997.
(6) انظر أعلاه، الحاشية 3.
(7) سيني ضد كندا (وزير الجنسية والهجرة) (1998) 3 F. C. 315 (T.D.) (1998)؛ فرهادي ضد كندا (وزير الجنسية والهجرة) (1998) 4 F. C. 325 (T.D).

العودة للصفحة الرئيسية