آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

البلاغ رقم 121/1998


المقدم من: س. ه (الاسم مكتوم)
[يمثله محام]
الضحية المفترضة : صاحب البلاغ
الدولة الطرف: النرويج
تاريخ البلاغ: 23 تشرين الأول/أكتوبر 1997

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
المجتمعة في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1999،
تعتمد ما يلي:

قرار بشأن المقبولية
1-1 صاحب البلاغ هو س. ه. وهو مواطن أثيوبي، ولد سنة 1965، ويقيم حاليا في النرويج، حيث التمس اللجوء هناك. وقد رُفض التماسه، ويخشى الآن طرده. ويزعم أن إعادته القسرية إلى أثيوبيا تمثل انتهاكا من جانب النرويج للمادة 3 من الاتفاقية. ويمثله محام.
1-2 وفقا للفقرة 3 من المادة 22 من الاتفاقية، أحالت اللجنة البلاغ إلى الدولة الطرف في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1998. وطلبت اللجنة في نفس الوقت من الدولة الطرف، ووفقا للفقرة 9 من المادة 108، من نظامها الداخلي ألا تطرد صاحب البلاغ إلى أثيوبيا ما دام بلاغه قيد نظر اللجنة. وفي عرض مؤرخ في 19 كانون الثاني/يناير 1999، أعلمت الدولة الطرف اللجنة أن صاحب البلاغ لن يبعد إلى بلده الأصلي أثيوبيا حتى إشعار آخر.
الوقائع كما قدمها صاحب البلاغ
2-1 ينتمي صاحب البلاغ إلى المجموعة الإثنية الأمهرية. في سنة 1991، اختفى والده، وكان طبيبا، بعد أن اعتقل، وانقطعت أخباره منذئذ. ويعتقد صاحب البلاغ أن اعتقال والده واختفاءه لهما صلة بأصله الإثني، وبتهم مفادها أنه من أنصار نظام منغستو. وسنة 1993، انضم صاحب البلاغ إلى المنظمة الشعبية لعموم الأمهريين(أ)، وبدأ يعمل منذ ذلك العهد مستشارا زراعيا في دبري برهان، إحدى مقاطعات الأمهرية. وكان مكلفا ضمن المنظمة الشعبية لعموم الأمهريين بنوعين من العمل: حيث كان معنيا من جهة بالدعاية وتجنيد أعضاء جدد، ومكلفا من جهة أخرى بتهريب الأسلحة، وشن غارات لجمعها ووضع الترتيبات اللازمة لتوزيعها فيما بعد.
2-2 وسنة 1995 اعتقلت قوات الأمن صاحب البلاغ إبان اجتماع سري عقده بالقرب من دبري برهان. وبعد ذلك بيومين نقل إلى مركز احتجاز سري تعرض فيه للتعذيب الشديد. وبعد مرور 9 أشهر على توقيفه، رشت أسرته أحد الحراس لمساعدته على الفرار. وبعد هربه بقي متوارياً عن الأنظار بعض الوقت في أديس أبابا إلى أن سافر إلى النرويج في تشرين الثاني/نوفمبر 1995.
2-3 وعند تقدمه بطلب اللجوء، تم استجوابه في قسم الشرطة بأسكر وبيروم يوم 3 ويوم 22 من تشرين الثاني/نوفمبر 1995. وفي 15 كانون الأول/ديسمبر 1995، رفضت مديرية الهجرة التماس صاحب البلاغ، لعدم تصديقهــا له للأسباب التالية: (أ) لم يكن صاحب البلاغ يعرف أي شيء عن اعتقال أعضاء آخرين من حزبه؛ (ب) صورتان لصاحب البلاغ وهو حرّ طليق تحملان تواريخ يزعم أنه كان معتقلا أثناءها؛ (ج) لا يحمل صاحب البلاغ أية آثار ظاهرة للتعذيب.
2-4 قدم صاحب البلاغ تظلما إلى وزارة العدل في 5 كانون الثاني/يناير 1996، رد من ضمنه الأسباب التي ذكرتها المديرية بما يلي: أنه كان على علم باعتقال عدد من أعضاء حزبه لكنه لا يعرف أسمائهم؛ كان نظام التأريخ الآلي لآلة التصوير التي استخدمت في أخذ الصورتين المذكورتين متعطلاً بسبب ضعف البطارية؛ وأنه كان يحمل ندوباً ناجمة عن التعذيب لم تأبه لها الشرطة النرويجية ولم تتفحصها.
2-5 في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1997، رفضت وزارة العدل قبول التظلم لعدم اقتناعها بتوضيحات صاحب البلاغ. وعلمت الوزارة أيضا عن طريق السفارة النرويجية في نيروبي أن قيادة المنظمة الشعبية لعموم الأمهريين لا تعرف صاحب البلاغ، وأن الاجتماع الذي زعم صاحب البلاغ أنه قد اعتقل خلاله لم يعقد أبداً. كما تبين أن وثيقتين من الوثائق المقدمة مع طلب اللجوء مزيفتين.
2-6 ويزعم صاحب البلاغ أنه لم تتح له الفرصة للتعليق على تقرير السفارة النرويجية، سيما أن التقرير استند على تحريات أجراها محام من أديس أبابا لم يكشــف له أبدا عن هويته. ذلك أن المحامي توجه إلى دبري برهان فلم يجد أية مكاتب للمنظمة الشعبية لعموم الأمهريين. فاستنتج من ثمة أنه لم يعقد لها اجتماع قط في 27 كانون الثاني/يناير 1995 وأنه لا يمكن التأكد مما إذا كان صاحب البلاغ قد اعتقل. كما تبين أيضا للمحامي أن المنظمة الشعبية لعموم الأمهريين، وحتى إبان وجودها وعملها في دبري برهان، لم يكن اسم رئيسها ولا اسم نائبه مطابقين لما ورد على لسان صاحب البلاغ في طلبه.
2-7 وفي 21 كانون الأول/ديسمبر 1997، قدم صاحب البلاغ طلبا لإعادة النظر في قضيته معلقا فيه على تقرير تقصي الحقائق وعلى تفسير الوزارة له. وزعم أنه اعتقل واحتجز بشكل مخالف للقانون، ولا يتوقع منه من ثمة أن يقدم أدلة موثقة على حدوث ذلك. وأضاف أنه لم يشر البتة إلى أي مكتب للمنظمة الشعبية لعموم الأمهريين في دبري برهان، بل أشار إلى أنه كانت له صلات بمكتب أديس أبابا. وذكر صاحب البلاغ أن هناك خطأ في تهجئة اسمي عضوي المنظمة المذكورين في تقرير تقصي الحقائق، وأن هذين الاسمين على كل حال هما من الشيوع بحيث كان ينبغي استعمال عناصر أخرى لتحديد الهوية. وقال إن منصب هذين الشخصين في المنظمة أسيء فهمه، وذكر أن زعيم المنظمة، "أسكات ولداياس"، سجن بسبب أنشطته السرية. وأضاف أن السلطات النرويجية لم تبد أي اهتمام برؤية آثار الجروح عليه، وأنها مسؤولة، بموجب المادة 17 من القانون الإداري، عن طلب المشورة الطبية بهذا الصدد.
2-8 وقدم صاحب البلاغ لوزارة العدل نسخة من التقرير الطبي الذي أجراه خبير في شؤون ضحايا التعذيب في 4 شباط/فبراير 1998. ويشير التقرير للأساليب التي وصفها صاحب البلاغ الذي زعم أنه كان يتعرض كل يوم وطوال أسبوعين للضرب بالعصي على الركبتين والرأس وقفا القدمين، ويتعرض أيضاً لغرس الابر في قدميه وهو مشدود اليدين وملقا أرضاً على ظهره. ويشير التقرير إلى جملة من المشكلات البدنية والنفسية التي قد تكون مرتبطة بمعاملة من هذا القبيل، كالإحساس بألم في الركبة اليمنى والقدم اليسرى، وبالصعوبة في المشي، وبالصداع، وبأوجاع عند التبول، وبالاكتئاب، والنوم المضطرب. وخلص الطبيب إلى أن صاحب البلاغ قد تعرض للتعذيب، وأحاله على متخصص في الأمراض الرئوية وإلى فريق نفساني واجتماعي لإجراء المزيد من الفحوصات عليه.
2-9 وأصدر الفريق النفساني والاجتماعي المخصص للاجئين في شمال النرويج تقريراً في 20 نيسان/أبريل 1998 يشير إلى أنه من الواضح، واستناداً إلى ما أجري من مقابلات، أن صاحب البلاغ قد تعرض للتعذيب وأنه قد صدم بما خبره في السجن، وأنه تظهر على صاحب البلاغ كافة علامات الاضطراب الناجم عن الاجهاد والذي يتبع الإصابة بصدمة بما يجعله في حاجة لمتابعة نفسانية علاجية. وقد أرسل التقرير إلى وزارة العدل في 21 نيسان/أبريل 1998.
2-10 وفي 10 أيلول/سبتمبر 1998، رفضت وزارة العدل طلب إعادة النظر في القضية. ورفضت الوزارة أن تسلم بأن المشاكل الصحية الحالية لصاحب البلاغ ناتجة عما خبره في إثيوبيا. وحيث أنها لم تصدق ما زعمه بشأن أنشطته السياسية، فإن اصاباته لا يمكن أن تكون متصلة بتلك الأنشطة. وفي 14 أيلول/سبتمبر 1998، أرسل محامي صاحب البلاغ وثيقة عن طريق الفاكس إلى وزارة العدل يطلب فيها تأجيل تنفيذ القرار بطرد موكله استناداً إلى المادة 42 من القانون الإداري، الذي ينص على أنه إذا كان أي مدعٍ ينوي رفع قضيته، أو رفعها بالفعل، إلى المحكمة، يجوز للإدارة أن تؤجل تنفيذ القرار المتعلق به ريثما يصدر الحكم النهائي. وفي 16 أيلول/سبتمبر 1998 أجابت الوزارة بأن تنفيذ القرار الصادر في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1997 لن يؤجل نظراً لعدم تقديم معطيات جديدة.
2-11 ويتحجج صاحب البلاغ بأن السلطات النرويجية لم تبادر في مناسبات عديدة إلى التحقيق في ادعاءاته بالتعرض للتعذيب، بالرغم من أنها ملزمة بموجب المادة 17 من القانون الإداري بالنظر في جميع الجوانب المتصلة بالقضية. وإن عدم القيام بذلك يتنافى مع المواد 15 و16 و17 من قانون الأجانب. وأشار صاحب البلاغ إلى أن الوزارة رفضت طلب إعادة النظر في القضية من غير الرجوع إلى التقارير الطبية وتجنب أي تعليق عليها.
2-12 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً على أنه لا يوجد أي تناقض فيما رواه من أحداث، وأنه يعارض أغلب ما ساقته الوزارة من حجج لرفض طلبه. وذكر على سبيل المثال ما ورد في قرار الوزارة المؤرخ في 10 أيلول/سبتمبر 1998، من أن لجنة الصليب الأحمر الدولية تستطيع زيارة معظم مراكز الاحتجاز الرسمية في إثيوبيا، وأنها وضعت تقارير عن حصول حالات تعذيب وغير ذلك من أشكال سوء المعاملة البدنية زاء السجناء السياسيين. ولكن هذه التقارير لم تتطرق إلى تعذيب أعضاء المنظمة الشعبية لعموم الأمهريين المحتجزين في مراكز احتجاز سرية، في حين تؤكد الكثير من تقارير المنظمات غير الحكومية ولا سيما منها تقارير منظمة العفو الدولية، وجود مثل هذه المراكز.
2-13 وذكرت الوزارة أيضاً أن المعلومات المتاحة لا تشير إلى اللجوء إلى التعذيب إلا إزاء الأشخاص ذوي الصلة بمجموعات المتمردين وإلى أن احتجاز الأشخاص المنتمين إلى المجموعات المعارضة الأكثر مسالمة على غرار المنظمة الشعبية لعموم الأمهريين أمر نادر ولا ينطوي على احتمالات التعرض للتعذيب. ولكن صاحب البلاغ لم يسلم بذلك، وعرض نسخة من تقرير منظمة العفو الدولية لسنة 1995 فيه إشارة إلى اعتقال مئات من أنصار المنظمة الشعبية لعموم الأمهريين في سنة 1994 وبداية سنة 1995. كما قدم نسخة من مقال نشر في مجلة الدفتر الإثيوبي يصف فيه المدعى عليهم الآخرون، في محاكمة رئيس المنظمة بتهمة المشاركة في تمرد عسكري في دبري برهان، ما مورس من تعذيب عليهم بعد اعتقالهم سنة 1994، حتى في منطقة دبري برهان نفسها. وتتطابق هذه الرواية في رأي صاحب البلاغ مع ما يسوقه هو نفسه من ادعاءات.
2-14 وذكرت الوزارة أن المنظمة نفت أن يكون لها جناح سري. فرد صاحب البلاغ قائلاً إن منظمات من هذا النوع لا تكشف عما تقوم به سراً إلا نادراً.
2-15 ويشتكي صاحب البلاغ في الختام مما نقلته الشرطة عما ورد أثناء استجوابه، ذلك أن ما نقل لا يتطابق تماماً مع أقواله ولا سيما فيما يتصل بألوان التعذيب التي ذاقها.
الشكوى
3- يدعي صاحب البلاغ أنه، بالنظر إلى أنه تعرض للتعذيب وإلى العلاج الطبي الذي يتلقاه نتيجة ذلك، وإلى الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان المرتكبة بانتظام في إثيوبيا، من المرجح جداً أنه سيعذب مرة أخرى إذا ما هو أُعيد إلى بلاده.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ
4-1 تعترض الدولة الطرف في عرضها المؤرخ في 19 كانون الثاني/يناير 1999 على مقبولية البلاغ لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، وتطلب إلى اللجنة أن تسحب طلبها بموجب المادة 108 (9) من نظامها الداخلي. وتذكر أن سلطات الهجرة، عندما تأخذ قراراً بموجب قانون الهجرة لسنة 1988، تضع في اعتبارها التزامات النرويج الدولية(ب) ومن ذلك التزاماتها بموجب الاتفاقية. علماً أن المادة 15 من هذا القانون تنص على أنه يحظر إبعاد أي شخص أجنبي إلى منطقة قد يخشى عليه فيها من التعرض للاضطهاد بما يبرر قبوله لاجئاً، ويحظر ابعاده إلى حيث يحتمل ارساله إلى تلك المنطقة. ولذا يمنح ما يتناسب من الحماية إلى أي أجنبي يكون لأسباب مشابهة لما ذكر في تعريف اللاجئ، في حالة وجود خطر محدق قد يؤدي به إلى الموت أو المعاناة من معاملة لا إنسانية. وترى الدولة الطرف أن المادة 15 من قانون الهجرة تتفق مع المادة 3 من الاتفاقية. وبالرغم من أن القانون لا يشير إلى الاتفاقية بصفة صريحة، فإن سلطات الهجرة تطبقها، كما أن المحاكم تأخذ بها كلما تم الاحتكام إليها.
4-2 وتجدر الإشارة إلى أن ملتمسي اللجوء الذين تقابل طلباتهم بالرفض من قبل الإدارة، لهم أن يقدموا طلباً إلى المحاكم من أجل إجراء مراجعة قضائية. ذلك أن أي طرف معني يحق له، وفقاً للفصل 15 من قانون إنفاذ الأحكام لسنـة 1992، أن يطلب من المحاكم إصدار أمر قضائي زاجر بوقف التنفيذ، إما بعد إثارة القضية أمام المحاكم أو قبل ذلك، ومطالبة المحكمة بإصدار أمر إلى الإدارة بتأجيل إبعاد ملتمس اللجوء. ويمكن إصدار هذا الأمر الزاجر إذا ما أثبت المدعي أن القرار المطعون فيه يحتمل إبطاله عند الفصل في القضية الأساسية. وفي القضية المشمولة بالبلاغ، يتعين ألا تفسر الرسالة التي أرسلتها الوزارة في 16 أيلول/سبتمبر 1988 عن طريق الفاكس إلى صاحب البلاغ مُعلمة أياه بأن وقف الإبعاد غير وارد، على أنها بمثابة قرار من الوزارة بتنفيذ الإبعاد حتى وإن كان صاحب البلاغ قد عرض قضيته على المحاكم وفرغ من ذلك. وإلى هذا كله، فإن صاحب البلاغ لم يعلن عزمه على عرض القضية أمام المحاكم.
4-3 رفعت إلى المحاكم النرويجية، منذ سنة 1987، ما يزيد عن 150 قضية تتصل بمشروعية قرارات تقضي برفض اللجوء. وتنطوي أغلب هذه القضايا على طلبات تدعو إلى إصدار أمر زاجر بوقف التنفيذ. هذا، وللمحاكم صلاحية الأمر بوقف التنفيذ، وإذا ما أثبت المدعي أن مستلزمات إصدار الأمر الزاجر متوفرة، فإن الوزارة لا تستطيع حينئذ المضي قُدماً في عملية الإبعاد ويتعين عليها أن تمتثل بأمر المحكمة. ويستدل من التجربة أن الوزارة نفسها، تقرر إدارياً، في أغلب قضايا اللجوء المرفوعة إلى المحاكم، وقف تنفيذ قرارها إلى أن تبت المحكمة الابتدائية في طلب إصدار الأمر الزاجر بعد سماع الدعوى.
4-4 وأما عن ادعاء صاحب البلاغ أن وضعه المالي لا يسمح له برفع دعاوى أمام المحاكم، فإن الدولة الطرف تشير إلى أن هذه الحجة حتى لو افترض أنها صحيحة لا تكفي لإبطال سريان الشروط الواردة في الفقرة 5 من المادة 22 من الاتفاقية. ذلك أن صياغة هذه الأحكام واضحة ولا تسمح بالتذرع بهذه الحجة. كما أن الدولة الطرف تشير إلى أن صاحب البلاغ كان يمثله محام أمام اللجنة بالفعل.
4-5 وفي القضايا المماثلة للقضية قيد البحث، تكون المحاكم المحلية أنسب من الهيئات الدولية لتقييم الأدلة، ويتأكد ذلك بالخصوص عندما يتعلق الأمر بالاستماع إلى الأطراف والشهود بشأن موثوقية الروايات وصدقها. وأمام المحاكم، تخضع الشهادات الشفوية لتمحيص الطرفين وحتى لنظر المحكمة نفسها. وليس من مجال لاتباع هذه الإجراءات أمام اللجنة. ذلك أن وقائع القضية على ما تبدو عليه من خلال الوثائق المقدمة بالغة التعقيد والتفصيل، ومن الضروري فهم التفاصيل بالرجوع إلى الشهادات الشفوية التي يدلى بها أمام المحكمة. وحينئذ تصبح متطلبات استنفاد سبل الانتصاف المحلية أكثر إلزاماً من ذي قبل.
تعليقات المحامي
5- يدعي المحامي أن وزارة العدل تميل إلى عدم السماح لطالبي اللجوء البقاء في البلاد إبان قيامهم بإعداد شكوى قضائية أو أثناء نظر المحكمة في القضية. وأما عن إشارة الدولة الطرف إلى عرض ما يزيد عن 150 حالة تتعلق بمدى مشروعية قرارات رفض اللجوء على المحاكم النرويجية، فقد قال المحامي إن 150 دعوى على مدى 12 عاماً رقم ضئيل جداً مما يثبت صعوبة العودة إلى المحاكم. وادعى المحامي في الأخير أن صاحب البلاغ لم يتمكن من جمع ما يكفي من المال لعرض قضيته على المحاكم.
معلومات إضافية قدمتها الدولة الطرف
6-1 في عرض إضافي مؤرخ في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1999، أعلمت الدولة الطرف اللجنة بأن لمتلمس اللجوء وفقاً لقانون الهجرة الحق في الحصول على المشورة القانونية بشأن الإجراءات الإدارية مجاناً. ويقتصر ذلك بالأساس على خمس ساعات يخصصها المحامي لما يتصل بالطلب الموجه للجهات الإدارية الابتدائية، وثلاث ساعات أخرى يكرسها للاستئناف الإداري. وتستند هذه التقديرات على تقييم ما يلزم لتقديم المساعدة الملائمة. وبالإمكان طلب تمديد فترة هذه المساعدة.
6-2 وأما عن الإجراءات أمام المحاكم، فيمكن طلب مساعدة قانونية مجانية من محافظ المقاطعة وفقاً لقانون المساعدة القضائية رقم 35 الصادر في 13 حزيران/يونيه 1998. والشرط المطلوب للحصول على مثل هذه المساعدة هو ألا يتجاوز دخل المتقدم بالطلب حداً معيناً، وهذا لا يتوفر في طالبي اللجوء عادة حتى وإن كانوا يتقاضون دخلاً عن عمل يقومون به إضافة إلى الإعانات التي تقدمها الدولة ذاتها. وإذا ما قدمت المساعدة القانونية، فقد تشمل نفقات المحامي كلها أو جزءاً منها. وقد تشمل المساعدة أيضاً تكاليف الدعوى وغير ذلك من التكاليف المتصلة بالإجراءات، مثل نفقات الترجمة الفورية. وذكرت الدولة الطرف أيضاً أنه يتعين على أولئك الذين يحصلون على المساعدة القانونية المقدمة مجاناً فيما يتصل بإجراءات المحاكم يجب أن يتحملوا جزءاً من التكاليف الاجمالية يتمثل في دفع رسم ثابت متواضع يقارب 45 دولاراً أمريكياً، بالإضافة إلى نسبة 25 في المائة من مجمل النفقات المالية المتكبدة التي تتجاوز هذا الرسم الأساسي. ولكن هذا المبلغ لا يتم تقاضيه إذا كان دخل الشخص المعني لا يتجاوز عتبة معينة.
6-3 وذكرت الدولة الطرف أنها لا تدري ما إذا كان صاحب البلاغ قد طلب مساعدة قانونية مجانية أم لا فيما يتصل بالإجراءات القضائية المنتظرة. ولكنها تشير أيضاً إلى أن كون المساعدة القانونية المجانية غير مشروطة عندما يستأنف المتقدم بالطلب قراراً إدارياً أمام المحاكم، فإن ذلك لا يعفي صاحب البلاغ من ضرورة استنفاد سبل الانتصاف المحلية.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
7-1 قبل النظر في الادعاءات الواردة في البلاغ، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية.
7-2 تشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف تطعن في مقبولية البلاغ على أساس أنه لم يتم استنفاد جميع سبل الانتصاف المتاحة والفعالة. كما تشير إلى أنه يمكن الطعن في مشروعية أي إجراء إداري أمام المحاكم النرويجية. ويمكن لملتمسي اللجوء الذين تقابل طلباتهم بالرفض من قبل مديرية الهجرة وكذلك من قبل وزارة العدل عند استئناف القرار لديها، أن يطلبوا إجراء مراجعة قضائية أمام المحاكم النرويجية.
7-3 وتحيط اللجنة علماً بأنه وفقاً للمعلومات المتاحة لديها، لم يشرع صاحب البلاغ في أي إجراء لطلب المراجعة القضائية لقرار رفض طلبه باللجوء، كما أحاطت علماً بادعاءات صاحب البلاغ بشأن الأعباء المالية المترتبة على طلب إجراء هذه المراجعة، وتذكر اللجنة بإمكانية طلب المساعدة القانونية بشأن الإجراءات القضائية، ولكنها تذكر أيضاً بعدم وجود أي معلومات تشير إلى أنه تم القيام بذلك في القضية قيد النظر.
7-4 ولكن، وفي ضوء القضايا المماثلة الأخرى التي سبق عرضها على اللجنة، وبالنظر إلى أن الساعات المخصصة للمساعدة القانونية المجانية المتاحة لملتمسي اللجوء من أجل الإجراءات الإدارية محدودة، توصي اللجنة الدولة الطرف باتخاذ ما يلزم من التدابير للتأكد من إطلاع ملتمسي اللجوء على النحو الواجب على جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة لهم، ولا سيما إمكانية طلب إجراء المراجعة القضائية أمام المحاكم وبإمكانية الحصول على مساعدة قانونية لهذا الغرض.
7-5 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ عن النتيجة المحتملة لعرض القضية على المحاكم. ولكنها ترى أن صاحب البلاغ لم يقدم ما يكفي من المعلومات الموضوعية لدعم حجته بأن سبيل الانتصاف هذا أطول من المعقول أو أنه لا يرتجى منه أي حل فعلي. ولذا تعتبر اللجنة أنه لم يتم تلبية الشروط المنصوص عليها في الفقرة 5 (ب) من المادة 22 من الاتفاقية.
8- وبناء عليه تقرر اللجنة ما يلي:
(أ) عدم مقبولية البلاغ بالصيغة المقدم بها؛
(ب) يجوز مراجعة القرار وفقاً للمادة 109 من النظام الداخلي للجنة عند تلقي طلب من صاحب البلاغ أو باسمه يتضمن معلومات مفادها أن أسباب عدم المقبولية لم تعد قائمة؛
(ج) تبليغ الدولة الطرف وصاحب البلاغ بهذا القرار.
[حرر بالإسبانية، والانكليزية، والروسية، والفرنسية، على أن النص الانكليزي هو النسخة الأصلية.]
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/55/40، المرفق الثامن.
(أ) وفقاً لتقارير منظمة العفو الدولية أنشئت المنظمة الشعبية لعموم الأمهريين سنة 1992 كحزب سياسي مرخص له معارض للحكومة بالطرق السلمية فحسب.
(ب) تنص المادة 4 من قانون الهجرة على أن "القانون يطبق وفقاً للمبادئ الدولية التي تلتزم بها النرويج إذا كان الغرض من هذه المبادئ هو تعزيز موقف مواطن أجنبي".

العودة للصفحة الرئيسية