آراء وقرارات لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية

البلاغ رقم 116/1998


مقدم من: ن. م. (الاسم محذوف)
(يمثله محام)
الضحية المفترضة: مقدم البلاغ
الدولة الطرف: سويسرا
تاريخ البلاغ: 10 تموز/يوليه 1998

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
المجتمعة في 9 أيار/مايو 1998،
وقد انتهت من نظرها في البلاغ رقم 116/1998، المقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات التي وافاها بها مقدم البلاغ ومحاميه والدولة الطرف،
تعتمد القرار التالي:
1-1 مقدم البلاغ هو السيد ن. م.، وهو مواطن من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ولد في 10 كانون الثاني/يناير 1968، ويعيش حالياً في سويسرا حيث طلب حق اللجوء في 1 كانون الأول/ديسمبر 1997. وبما أن طلبه رفض فإنه، يزعم أن إعادته قسرياً إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية ستشكل انتهاكاً لالتزامات سويسرا بموجب المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب. ويمثل صاحب البلاغ محام.
1-2 وعملاً بالفقرة 3 من المادة 22 من الاتفاقية، أرسلت اللجنة البلاغ إلى الدولة الطرف في 23 أيلول/سبتمبر 1998، وفي نفس الوقت طلبت اللجنة من الدولة الطرف، عملاً بالفقرة 9 من المادة 108 من نظامها الداخلي، ألا تعيد مقدم البلاغ إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية ما دام بلاغه قيد النظر. وفي 23 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنه تم اتخاذ تدابير كي لا يعاد مقدم البلاغ إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية ما دام بلاغه معروضاً على اللجنة.

الوقائع كما عرضها مقدم البلاغ
2-1 يزعم مقدم البلاغ أنه عمل في كينشاسا من عام 1992 وإلى عام 1997 كموظف في شركة اسمها هيوشاد يملكها السيد كونغولو موبوتو، ابن الرئيس السابق موبوتو. ويقول مقدم البلاغ، إن هذه الشركة كانت غطاءً لنهب ثروات البلد بطرق مختلفة، مثل ابتزاز المال من أصحاب المشاريع التجارية الأجانب، وأيضاً لتنظيم التظاهرات التي تستوجب الحصول على تراخيص من الدولة. ولم تكن الشركة تدفع أي ضرائب ولم يكن عليها أي التزام إداري. وكانت شركة "هيوشاد" تقوم أيضاً بأنشطة لفائدة النظام هي الدعاية وإحصاء أعضاء المعارضة لإبقائهم تحت شيء من الرقابة.
2-2 ويوضح مقدم البلاغ أن عمله كان يتمثل في القيام بدور الوسيط في بعض الصفقات التجارية مثل الحصول على تراخيص لرجال الأعمال الأجانب. ولكن مسؤولياته كانت تشمل أيضاً جمع المعلومات عن أعضاء المعارضة في منطقة جغرافية محددة من أجل الإبلاغ عن أي نشاط تخريبي. وفي أحد الأيام بلّغ عن والد أحد أصدقائه فعذب هذا الأخير حتى الموت. ويذكر صاحب البلاغ أنه كان يقدم تقارير إلى رؤسائه كل شهرين على الأقل وكان تدفع إليه مبالغ سخية. وعلاوة على راتبه، كان يحصل على مكافآت عن الإبلاغ ومجموعة كبيرة من الامتيازات الأخرى.
2-3 وخلال هذه الفترة، كان أصدقاؤه وأعداؤه على السواء ينبهونه إلى أن هذه الأنشطة يمكن أن تصبح في يوم من الأيام خطيرة عليه. وكان والداه، وخصوصاً والده، يحاولان إقناعه بالتخلي عن هذا العمل والعودة إلى الجامعة. وأخيراً، ترك صاحب البلاغ شركة "هيوشاد" في كانون الثاني/يناير 1997 وعاد إلى بيت والديه في انتظار فرصة لاستئناف دراسته في الجامعة.
2-4 وفي 17 أيار/مايو 1997، وصل المتمردون بقيادة السيد كابيلا إلى كينشاسا. وفي ليلة 18 حزيران/يونيه 1997، اقتحم جنود منزل والدي مقدم البلاغ لإلقاء القبض عليه. وفي غيابه اعتقل الجنود والده. ولما علم صاحب البلاغ بما حدث لأسرته، قرر أن يختبئ في زائير السفلى حيث أقام عند صديق حتى منتصف أيلول/سبتمبر. وأصيب عندئذ بحمى التيفويد وقرر العودة إلى كينشاسا حيث أقام عند أخته.
2-5 وفي 6 تشرين الأول/أكتوبر 1997، تم الإفراج عن والده بشرط أن يحضر إلى مخفر الشرطة كل أسبوعين حتى يعود مقدم البلاغ. وذهب الأب، يوم أفرج عنه، لزيارة مقدم البلاغ، ولكن تبعه ثلاثة ضباط يرتدون الزي المدني ومعهم أمر بالقبض على مقدم البلاغ وصورته. وتم القبض على مقدم البلاغ واقتيد إلى معسكر كوكولو. وسمح لوالده بمرافقته إلى المدخل فقط.
2-6 ويؤكد مقدم البلاغ أنه عُزل في زنزانة لمدة ثلاثة أيام دون طعام. واقتيد بعد ذلك إلى مكتب قائد المعسكر حيث علم أنه متهم بالخيانة والابتزاز والاشتراك في جريمة قتل. وفي حين أنه كان ينفي هذه التهم، اقتيد، بأمر من القائد، إلى زنزانة أخرى ضربه فيها عدة جنود، وتلقى فيها ضربات على أعضائه التناسلية. وبقي في المستشفى حتى 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1997، عندما ساعده طبيب، رشته أخته، على الهروب؛ وعندئذ قرر مغادرة البلد على الفور.
2-7 ولما وصل إلى سويسرا، في 1 كانون الأول/ديسمبر 1997، طلب اللجوء فرفض المكتب الفيدرالي لشؤون اللاجئين هذا الطلب في 25 آذار/مارس 1998. وطعن عندئذ في هذا القرار فاعتبر طعنه غير مقبول في 18 حزيران/يونيه 1998 من قبل اللجنة السويسرية للطعون المعنية بمسائل اللجوء لأنه لم يسدد مجموع المبالغ المطلوبة لتغطية تكاليف الإجراءات إلا بعد أربعة أيام من التاريخ المحدد.
موضوع الشكوى
3-1 ويقول صاحب البلاغ إنه إذا تم ترحيله إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، فإنه سيتعرض للتعذيب ويعدم بإجراءات موجزة. إن كونه مارس نشاطه المهني في حيه، وتسبب في موت العديد من سكان هذا الحي أو على الأقل في تعرضهم للتعذيب، وكان يتمتع بامتيازات عديدة، عوامل تحمل على اعتقاد أنه لم ينس بالتأكيد، وأن مصيره سيكون متناسباً مع أفعاله لو عاد إلى كينشاسا. والأدلة العديدة التي قدمها أثناء إجراءات اللجوء تشكل أيضاً أسباباً وجيهة تحمل على اعتقاد أن الخطر الذي يخشاه حقيقي.
ملاحظات الدولة الطرف
4-1 قالت الدولة الطرف في رسالة مؤرخة 23 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، إنها لا تعترض على مقبولية البلاغ. غير أنها طلبت من اللجنة في ملاحظاتها المؤرخة 11 آذار/مارس 1999، أن تتأكد من أن المسألة نفسها غير معروضة على هيئة دولية أخرى للتحقيق أو التسوية.
4-2 وفيما يتعلق بالجوانب الموضوعية للبلاغ، تؤكد الدولة الطرف أولاً أنها عملاً بسوابق أحكام اللج(أ)، لا تعترض بتاتاً على الطابع المطلق للمادة 3. وتؤكد أيضاً أنه إذا كان خوف مقدم البلاغ سيحلل في سياق الحالة العامة السائدة في البلد، فلا بد أيضاً من إثبات أن هذا الخوف شخصي وحقيقي ومتوقع.
4-3 وتلاحظ الدولة الطرف أن مقدم البلاغ أدلى بأقوال عديدة متعارضة بشأن نقاط أساسية في روايته أثناء جلسات الاستماع إليه. وهكذا، لم يتحدث مقدم البلاغ في أول جلسة استماع عن أحداث 18 حزيران/يونيه 1997، بل وأوضح أنه لم يواجه أي مشكلة مع السلطات الكونغولية الجديدة قبل 6 تشرين الأول/أكتوبر 1997. وعلاوة على ذلك، لم يذكر الظروف التي أحاطت بمغادرته لكينشاسا إلى زائير السفلى إلا في جلسة الاستماع الثانية. كذلك تناقضت أقواله فيما يتعلق بالشخص الذي ساعده على الخروج من المستشفى، حيث قال في المرة الأولى إن من ساعده ممرض، وقال في المرة الثانية إنه طبيب. وأخيراً قال، أثناء جلسة الاستماع الثانية، إن بإمكانه أن يعطي اسم هذا الشخص وعنوانه التقريبي، بينما قال بعد فترة قصيرة إنه لا يتذكره. وتلاحظ الدولة الطرف أن مقدم البلاغ لم يعط أي تفسير لهذه التناقضات في بلاغه.
4-4 وفضلاً عن ذلك، تشكك الدولة الطرف في صحة بعض الوقائع التي لم يثرها مقدم البلاغ إلا في نهاية الإجراءات، وبدون سبب واضح، ولكنها يمكن أن تعزز أسباب طلبه اللجوء. فقد ذكر أن العمل في "هيوشاد" كان يقتضي الانضمام إلى حركة الثورة الشعبية (الحزب الوحيد لنظام الرئيس موبوتو). أما فيما يتعلق بأسباب اعتقاله في تشرين الأول/أكتوبر 1997 فإنه لم يشر إلى الخيانة والاشتراك في جريمة قتل والاختلاس سوى في نهاية الإجراءات.
4-5 وترى الدولة الطرف، أن بعض أقوال مقدم البلاغ لا يمكن تصديقها على الإطلاق، مثل هروبه من المستشفى في سرير متنقل مختفيا تحت غطاء سرير. كذلك توجد شكوك كبيرة فيما يتعلق بهروبه من بلده، لأنه وصل إلى أوروبا بالطائرة، أي أكثر وسائل النقل خضوعاً للرقابة، بينما يدعي أنه كان ملاحقاً بسبب ارتكابه أعمالاً خطيرة.
4-6 وترى الدولة الطرف أن من الغريب ألا يقدم صاحب البلاغ شهادة طبية بينما يدعي أن آثار التعذيب الذي تعرض لها ما زالت موجودة وأنها من الحداثة بحيث يمكن لطبيب أن يلاحظها. وبذلك، لا توجد أي وثيقة مقنعة تفسر تناقضات مقدم البلاغ، ومن ثم لا يمكـن له أن يحتج بسوابق أحكام اللجنة التي أكدت فيها أن الآثار الناتجة عن اضطرابات عصبية تالية لصدمة نفسية كما هو الحال بالنسبة للعديد من ضحايا التعذيب يمكن أن تفسر "التناقضات التي ترد في [بعض] البيانات"(ب).
4-7 وتعترف الدولة الطرف، بأن التعرض للتعذيب في الماضي لا يشكل شرطاً أساسياً للخوف عن صواب من مثل هذه الأفعال في المستقبل، لكنها تلاحظ أنه لا توجد لدى مقدم البلاغ أدلة إضافية يمكن أن تثبت وجود هذا الخطر. وهكذا تلاحظ، استناداً إلى قرار اللجنة في بلاغ سعيد مرتضى آيمي ضد سويسرا(ج)، أنه حتى وإن كانت وظيفة صاحب البلاغ في هيوشاد تقتضي حقاً انضمامه إلى حزب حركة الثورة الشعبية فإنه لم يمارس أنشطة سياسية على درجة كافية من الأهمية بحيث تجعله يعتقد أن الحكومة الحالية ستلاحقه.
4-8 وتثير الدولة الطرف شكوكاً كبيرة في النشاط المهني لمقدم البلاغ بل وفي شركة هيوشاد نفسها، ذلك لأن صاحب البلاغ لم يتمكن أبداً من تقديم أي وثيقة تتعلق بعمله في هذه المؤسسة بينما استطاع أن يحصل على مجموعة من الوثائق الأخرى، وكان يمكن لأسرته، الموجودة في البلد، أن تساعده في هذا البحث. وفضلاً عن ذلك، ترى الدولة الطرف أنه لكي يكون عمل المخبر، الذي كان يقوم به مقدم البلاغ، فعالاً حقاً، كان ينبغي أن يساعده مخبرون آخرون. غير أن مقدم البلاغ أوضح دائماً أنه كان يعمل بمفرده، الأمر الذي يبدو غير منطقي من وجهة نظر الدولة الطرف.
4-9 وفيما يتعلق بعدم وجود أدلة، تبدي الدولة الطرف نفس الملاحظة التي أبدتها في الفقرة السابقة، بخصوص هروب مقدم البلاغ من المستشفى: فقد كان يمكن لأخته أو للشخص الذي ساعده تزويده بشهادة.
4-10 وأخيراً، وفيما يتعلق بالحالة العامة السائدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، تقبل الدولة الطرف ملاحظات اللجنة بشأن بلاغ سين وصاد وعين ضد السويد(د)، وتذكر بأن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين لم تصدر حتى الآن توصيات بعدم إعادة طالبي اللجوء المرفوضين إلى هذا البلد.
ملاحظات إضافية لمقدم البلاغ
5-1 أبدى مقدم البلاغ في رسالة مؤرخة 28 نيسان/أبريل 1999 ملاحظات بشأن تعليقات الدولة الطرف بخصوص موضوع البلاغ.
5-2 وفيما يتعلق بالتناقضات التي لاحظتها الدولة الطرف في أقوال مقدم البلاغ، يحيل هذا الأخير إلى الطعن الذي قدمه إلى لجنة الطعون السويسرية المعنية بمسائل اللجوء في 30 نيسان/أبريل 1998 والذي قدم فيه جميع الإيضاحات بشأن هذا الموضوع. وذكر فيه بشكل خاص أنه لم يُسجل بالفعل أثناء جلس الاستماع الأولى أن مقدم البلاغ واجه مشاكل مع السلطات في 18 حزيران/يونيه 1997، ولكنه كان في الواقع يريد أن يقول إنه لم يتعرض للإيذاء الجسدي من قبل السلطات قبل 6 تشرين الأول/أكتوبر من نفس السنة. وفيما يخص النقطة ذاتها يلفت مقدم البلاغ الانتباه أيضاً إلى أن المشاكل التي واجهها في 18 حزيران/يونيه 1997 تبرز بوضوح من تقرير جلسة الاستماع الثانية بما أنه يتضمن إشارة إلى إقامته في زائير السفلى اعتباراً من هذا التاريخ. أما فيما يتعلق بوظيفة الشخص الذي ساعده على الهروب من المستشفى، أشير إلى أن مقدم البلاغ، الذي هو قليل الخبرة في هذا المجال، لم يعرف أبداً حقيقةً ما إذا كان الأمر يتعلق بممرض أم بطبيب، حيث ما زال من الصعب جداً معرفة الفرق بينهما في جمهورية الكونغو الديمقراطية. أما فيما يتعلق باسم هذا الشخص، فمن الطبيعي أن يصعب على مقدم البلاغ تذكره لأن شريكاً كهذا لا يكشف إلا نادراً عن اسمه حفاظاً على سلامته. وحاول مقدم البلاغ إعطاء اسم في بداية جلسة الاستماع ثم امتنع بعد ذلك.
5-3 وفيما يتعلق بالحجج الأخرى التي قدمتها الدولة الطرف، يحيل مقدم البلاغ إلى المذكرة التكميلية المؤرخة 4 حزيران/يونيه 1998 والتي تم تقديمها إلى لجنة الطعون السويسرية المعنية بمسائل اللجوء. ويشرح مقدم البلاغ فيها بشكل خاص سبب اختيار الذهاب إلى أوروبا بالطائرة وكيف نظم سفره بطريقة لا يمكن معها التعرف عليه. وفي الواقع، حصل على تذكرة إياب لأحد الرعايا الزائيريين يقيم في إيطاليا. ويؤكد أيضاً أنه لم يعد له أي اتصال بأسرته، مما يمنعه تحديداً من الحصول على بعض الوثائق. وأخيراً يلاحظ مقدم البلاغ فيما يتعلق بأنشطته من أجل النظام وأنشطته السياسية أنه لم يُطرح عليه سوى القليل جداً من الأسئلة بشأن هذا الموضوع وأنه بالتالي لم يستطع تقديم جميع الإيضاحات اللازمة لمواجهة شكوك السلطات المسؤولة عن إجراءات اللجوء.
5-4 ويرى مقدم البلاغ أن الدولة الطرف لم تحترم التزاماتها الدولية في الطريقة التي عالجت بها طلب اللجوء الذي قدمه، وعلى الخصوص برفض الطعن المقدم إلى لجنة الطعون السويسرية المعنية بمسائل اللجوء في 30 نيسان/ أبريل 1998 بسبب التمسك المفرط بالشكليات (دفع رسوم الطعن 250 فرنك سويسري - بعد أبعة أيام من التاريخ المحدد).
5-5 ويوضح مقدم البلاغ أن ملاحظات الدولة الطرف فيما يتعلق ببلاغه ترضيه نوعاً ما حيث أن بواعثه وحججه دُرست لأول مرة دراسة حقيقية. غير أنه يأسف لأن هذه الدراسة لم تقم بها السلطة القضائية نفسها، التي تمثل عادة السلطة المختصة في مسائل اللجوء، وإنما الحكومة، التي تمثل، بسبب الإجراءات، طرفاً في البلاغ، ومن ثم لا تتسم بالاستقلال والحياد اللذين تتسم بهما السلطة القضائية.
5-6 ويرى مقدم البلاغ أن الدولة الطرف، بتوقيعها على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، التزم بعدم طرد أو إعادة أي شخص أو تسليمه إلى بلد إذا وجدت أسباب حقيقية تدعو إلى اعتقاد أن من الممكن أن يتعرض للتعذيب. ولتحليل هذا الخطر، يتعين على الدولة الطرف أن تأخذ في حسبانها جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك وجود انتهاكات جسيمة منتظمة لحقوق الإنسان في البلد المعني. غير أن مقدم البلاغ يرى أن الاعتبارات ذات الصلة لم تُدرس بما أن السلطات السويسرية المختصة لم تبحث في أي وقت من الأوقات جوهر طلب اللجوء.
5-7 وفيما يخص غياب الشهادة الطبية، يذكر مقدم البلاغ بأنه خضع لفحص طبي عند وصوله إلى سويسرا، ولكنه، لجهله بمختلف جوانب الإجراءات، لم يخطر بباله أن يطلب فحص آثار التعذيب الذي تعرض له.
5-8 أما فيما يتعلق بنشاطه السياسي في "هيوشاد"، فحتى وإن لم تكن أفعاله سياسية بالمعنى الضيق للكلمة، فإنها كانت على قدر كاف من الأهمية يجعل الناس يتذكرونه في كينشاسا. وفيما يتعلق بعدم وجود وثائق تثبت مهنته، أضاف قائلاً إنه لا يمكن العثور على أي وثيقة بشأن أنشطته في "هيوشاد" عند والديه نظراً لجوهر أنشطة هذه الشركة نفسه.
5-9 وأخيراً، يرى صاحب البلاغ أنه قدم ما يكفي من التفاصيل المقنعة التي تثبت صحة روايته ويرى أنه لو لفق سيناريو لتفكك من تلقاء نفسه.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
6-1 قبل أن تنظر لجنة مناهضة التعذيب في أي شكوى يتضمنها بلاغ ما، لا بد أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وتحققت اللجنة، على النحو المطلوب بموجب الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 5 من المادة 22 من الاتفاقية من أن المسألة نفسها لم تُبحث وليست قيد البحث في هيئة دولية أخرى من هيئات التحقيق أو التسوية الدولية. وفي القضية قيد النظر، تلاحظ اللجنة أيضاً أنه تم استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية وأن الدولة الطرف لم تعترض على مقبولية البلاغ وترى بالتالي أن البلاغ مقبول. وبما أن كلا من الدولة الطرف وصاحب البلاغ قدما ملاحظات بشأن موضوع البلاغ، فإن اللجنة تباشر النظر في هذا الموضوع.
6-2 ويجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كانت إعادة مقدم البلاغ إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية ستشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف، بموجب المادة 3 من الاتفاقية بعدم طرد أو إعادة أي شخص إلى دولة أخرى إذا كانت هناك أسباب وجيهة لاعتقاد أنه سيكون معرضاً للتعذيب.
6-3 ويجب على اللجنة أن تقرر، عملاً بالفقرة 1 من المادة 3، ما إذا كانت هناك أسباب وجيهة تدعو إلى اعتقاد أن من الممكن أن يتعرض مقدم البلاغ للتعذيب إذا أعيد إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. ولاتخاذ هذا القرار، يجب على اللجنة، عملاً بالفقرة 2 من المادة 3، أن تراعي كافة الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك وجود مجموعة من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية المنتظمة لحقوق الإنسان. بيد أن الهدف من هذا التحليل هو تحديد ما إذا كان الشخص المعني سيواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب في البلد الذي سيعاد إليه. وبذلك فإن وجود مجموعة من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية المنتظمة لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته، سبباً كافياً لتحديد ما إذا كان من الممكن أن يتعرض شخص بعينه للتعذيب عند عودته إلى ذلك البلد. ويجب أن تكون هناك أسباب أخرى تحمل على اعتقاد أن الشخص المعني سيكون معرضاً للخطر شخصياً. وبالمثل فإن عدم وجود مجموعة من الانتهاكات الفادحة والمنتظمة لحقوق الإنسان لا يعني أن الشخص لن يتعرض للتعذيب في ظروفه الخاصة.
6-4 وتذكر اللجنة بملاحظتها العامة بشأن تطبيق المادة 3، ونصها كما يلي: "بما أن على الدولة الطرف واللجنة التزاماً بالبت فيما إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى اعتقاد أن من الممكن أن يتعرض صاحب البلاغ للتعذيب إذا طرد أو أعيد أو سُلم، فمن اللازم أن يقيم خطر التعذيب على أسس تتجاوز مجرد الافتراضات أو الشكوك. غير أنه ليس من اللازم إثبات أن الخطر محتمل جداً" (A/53/44، المرفق التاسع، الفقرة 6).
6-5 وفي الحالة قيد النظر، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ذكرت المعلومات المتضاربة والتناقضات التي تنطوي عليها أقوال مقدم البلاغ والتي تثير شكوكاً في صحة ادعاءاته. وتحيط علماً أيضاً بالإيضاحات التي قدمها المحامي في هذا الصدد.
6-6 وتعتبر اللجنة الحجج التي ساقها مقدم البلاغ دعماً لادعاءاته المتعلقة بتعرضه للتعذيب قبل هروبه من جمهورية الكونغو الديمقراطية حججاً متناقضة وغير مقنعة.
6-7 وترى اللجنة أن مقدم البلاغ لم يقدم أدلة كافية تجعلها تعتبر أنه سيتعرض بصورة شخصية ومتوقعة وحقيقية لخطر التعذيب في حالة إعادته إلى بلده الأصلي.
6-8 ولجنة مناهضة التعذيب، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ترى أن قرار الدولة الطرف إعادة مقدم البلاغ إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية لا يشكل على الإطلاق انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.
[حرر بالفرنسية (النسخة الأصلية) والإنكليزية والإسبانية والروسية]
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/55/40، المرفق الثامن.
(أ) غوركي ارنستو تابيا بايز ضد السويد، البلاغ رقم 39/1996، الفقرة 14-5.
(ب) بابيكير ضد سويسرا. البلاغ رقم 38/1995.
(ج) سعيد مرتضى آيمي، البلاغ رقم 34/1995.
(د) سين وصاد وعين ضد السويد، البلاغ رقم 61/1996.

العودة للصفحة الرئيسية