المقررات التي اتخذتها لجنة القضاء على التمييز العنصـري بمقتضى المادة 14 من الاتفاقية


رأي بشأن البلاغ رقم 15/1999


مقدم من: إ. أ. ف. (يمثله محامٍ)
الشخص المدعى بأنه ضحية: صاحب البلاغ
الدولة الطرف: هولندا
تاريخ البلاغ: 4 أيار/مايو 1998 (تقديم أولي)
تاريخ اعتماد رأي اللجنة: 21 آذار/مارس 2001

إن لجنة القضاء على التمييز العنصري، المنشأة بموجب المادة 8 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري،
وقد اجتمعت في 21 آذار/مارس 2001،
وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 15/1999، المقدم إلى اللجنة بموجب المادة 14 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري،
وقد أخذت في الاعتبار جميع المعلومـات الكتابيـة التي أتاحها لها كل من صاحب البلاغ والدولة الطرف،
وإذ تضع في الاعتبار المادة 95 من نظامها الداخلي التي تقتضي منها إبداء رأيها في البلاغ المعروض عليها،
تعتمد ما يلي:

الرأي
1- صاحب البلاغ هو إ. أ. ف.، وهو مواطن هولندي من أصل سورينامي. وقدِّم بلاغه لأول مرة إلى اللجنة من طرف محاميه في 4 أيار/مايو 1998. وفي 8 تموز/يوليه 1999، قدَّم المحامي معلومات إضافية.
الوقائع كما قدمها صاحب البلاغ
2-1 يدَّعي صاحب البلاغ أنه صُرف من الأكاديمية الهولندية للشرطة لأسباب عرقية، ويشير إلى عدد من الحالات التي يُدَّعى وقوع تمييز فيها خلال فترة تدريبه في الأكاديمية بين عامي 1991 و1993 على النحو التالي:
كان يقال له مراراً وتكراراً إنه متعلم سيء وإن لغته الهولندية غير كافية، وأن عليه الاقتداء بمثال ضباط الشرطة الذكور من البيض.
وعندما كان طالب أبيض يصل متأخراً إلى صفوفه، لم يسجل ذلك. ولكن إذا وصل صاحب البلاغ متأخراً قليلاً، سُجِّل التأخير، مما يُسفر دوما عن توجيه الملاحظات إليه.
وطلب منه مدرِّس الرياضة أن يقوم بتمرين. وعندما بدا أنه لم يؤد التمرين كما ينبغي، قال المدرِّس للمجموعة: "إن العضلات اللازمة لأداء هذا التمرين كما يلزم غير متطورة على النحو الكافي لدى القِردة".
وكان ينبغي، كجزء من اختبار الرياضة، اجتياز مسافة في غضون فترة معينة من الزمن. وعندما انتهى صاحب البلاغ من ركض المسافة، بدا أن مدرِّس الرياضة نسي تسجيل الوقت. أما الطلاب البيض، فلم يواجهوا مثل هذه المشاكل.
وتلقت الأكاديمية دعوة للمشاركة في دورة لكرة القدم. وكان على صاحب البلاغ، بصفته عضواً في لجنة الرياضة، أن يقرر تشكيل الفريق. وقال لـه أحد الحاضرين: "احرص على حسن تمثيل الأكاديمية، فلا تختار من السود أكثر مما ينبغي".
وفي 9 تموز/يوليه 1993، أبلغ مدير الأكاديمية صاحب البلاغ خطياً بأنه يود أ، يناقش معه نتائج دراسته خلال شهر آب/أغسطس 1993. وكان من المقرر إحاطة صاحب البلاغ علماً خلال ذلك الاجتماع بأنه يجب أن يُنهي امتحاناته قبل نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 1993. غير أن صاحب البلاغ كان في سورينام في الفترة من 8 تموز/يوليه إلى 26 آب/أغسطس 1993. ولذلك، لم يكن على علم بأي شيء بشأن "الاتفاق" المتعلق بالموعد الأخير المحدد في تشرين الأول/أكتوبر 1993. ونتيجة لذلك، لم ينه صاحب البلاغ امتحاناته قبل نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 1993. وادعت الأكاديمية فيما بعد أنه كان عليه المغادرة لأنه لم يتقدم للامتحانات.
2-2 ويدَّعي صاحب البلاغ أيضا أنه صُرف من الأكاديمية في عام 1994 بعد أن قامت مجموعة من الطلاب بقيادته بالإدلاء ببيان عام اشتكوا فيه من حالة الطلاب الأجانب. وأدى ذلك البيان، وكذلك الضغوط من وسائل الإعلام، إلى قيام وزير الداخلية بتعيين "لجنة بوكراد"، المكلفة بالنظر في الشكاوى المتعلقة بأكاديمية الشرطة. ووفقاً لصاحب البلاغ، اعترفت اللجنة في تقريرها النهائي بأن الأكاديمية ارتكبت مخالفة أسفرت عن معاملة مجموعة معينة من الطلاب بصورة فظة، ووجهت عدداً من التوصيات إلى الوزير.
2-3 ورفع صاحب البلاغ قضيته أمام شعبة القانون الإداري في محكمة أمستردام، التي ألغت في حكمها الصادر في 3 نيسان/أبريل 1996 صرف صاحب البلاغ واعترفت بأنه تعرَّض للتمييز. غير أن المحكمة المركزية للاستئناف في المسائل المتعلقة بالخدمة العامة والضمان الاجتماعي في أوتريخت، حكمت بموجب قرارها الصادر في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1997 ببقاء قرار الفصل نافذاً.
الشكوى
3- يدَّعي المحامي أن الوقائع الوارد وصفها أعلاه تعتبر انتهاكاً من جانب الدولة الطرف للمـواد 2 و5 و6 و7 من الاتفاقية. ويقول إن أعمال التمييز التي تعرَّض لها صاحب البلاغ أسفرت عن أضرار مادية ومعنوية جسيمة ينبغي أن يُمنح تعويضاً عنها.
الملاحظات المقدمة من الدولة الطرف
4-1 تفيد الدولة الطرف بأن تعيين طلاب من الأقليات الإثنية في الأكاديمية الهولندية للشرطة كان في الأصل جزءاً من مشروع الشرطة والأقليات الإثنية الذي تلته في عام 1988 خطة العمل التصحيحي للشرطة والأقليات الإثنية. وأُنشئت منظمة الشرطة والأقليات الإثنية في عام 1991 وهي تضطلع بمجموعة من المشاريع المرتبطة بالتعيين والاختيار، والتدريب، وتقديم التوجيه في الحياة المهنية، والبحوث. وفي عام 1991، أُتيحت لهيئة التدريس في أكاديمية الشرطة فرصة حضور دورة تدريبية لتعزيز الخبرات وتعلُّم كيفية التعامل مع ثقافات الأقليات الإثنية. وفي 11 آذار/مارس 1992، عُيِّنت لجنة بريكلمانز من أجل تحليل اندماج طلاب الأقليات الإثنية وقدرتهم على التكيُّف، وتقديم التوصيات. وقدمت اللجنة توصياتها النهائية إلى مدير إدارة الشرطة في 18 تموز/يوليه 1992.
4-2 وفي 14 كانون الأول/ديسمبر 1993، قام 21 طالباً من الأقليات الإثنية من الملتحقين بأكاديمية الشرطة، بما فيهم صاحب البلاغ، بكتابة رسالة تحت عنوان "صرخة طلباً لمساعدة فورية" أرسلوها إلى المدير العام للأمن والسلامة العامين، والمعهد الوطني لاختيار وتدريب أفراد الشرطة، وإلى عدد من نقابات العمال. وكانت شكوى الطلاب تتعلق بالمواقف التمييزية التي تعرضوا إليها في الأكاديمية الوطنية للشرطة. وقامت مجموعة مختلفة من طلاب الأقليات الإثنية بكتابة رسالة تتحفظ فيها على مضمون الرسالة المؤرخة 14 كانون الأول/ديسمبر 1993. وحثت الرسالتان وزيري الداخلية والعدل، بالتشاور مع المعهد الوطني لاختيار وتدريب أفراد الشرطة، على القيام، في جملة أمور، ببدء تحقيق يركز على المسائل التالية: (أ) هل يعامل طلاب الأقليات الإثنية على نحو غير ملائم في الكلية الهولندية للشرطة، وإلى أي مدى، وفي هذه الحالة، ما هي الإجراءات التي اتخذت ضدها؛ (ب) هل تشير النتائج التي تم التوصل إليها إلى ضرورة اتخاذ تدابير، وفي هذه الحالة ما الذي ينبغي القيام به من أجل منع تكرارها؛ (ج) هل يتوقع من طلاب الأقليات الإثنية أن يضطلعوا بأي مهام ليس من المعقول أن يتوقع منهم أداؤها.
4-3 وأجرت التحقيق لجنة مكونة من ثلاثة أعضاء تعرف باسم لجنة بوكراد، واستنتجت أنه لا يوجد أي تمييز مؤسسي منتظم موجه ضد طلاب الأقليات الإثنية داخل الأكاديمية الهولندية للشرطة. غير أنها خلصت أيضاً إلى أن الأكاديمية الهولندية للشرطة لم توفر بعد تعليماً متعدد الثقافات فعلياً، وأن السياسة الرامية إلى تحقيق هذا الهدف يعتريها خلل. وقدمت اللجنة 14 توصية ترمي إلى إقامة تعليم متعدد الثقافات فعلاً. وأشارت التوصية 4 إلى تعيين لجنة خاصة من الخبراء الخارجيين للنظر في الحالات الفردية لعدد من الطلاب من الأقليات الإثنية الذين لم يتقدموا في دراساتهم. وتحقيقاً لهذا الغرض، أنشئت اللجنة المعنية بتقدم طلاب الأقليات الإثنية.
4-4 ورفعت اللجنة المعنية بتقدم طلاب الأقليات الإثنية تقريراً عمّا خلصت إليه من نتائج إلى وزير الداخلية في 30 آب/أغسطس 1995، وقدمت توصيات بشأن حالات الطلاب التسعة التي نظرت فيها. ومن بين الطلاب التسعة، أتم ثلاثة الدورة في نهاية الأمر، وسيتخرج أحدهم في غضون السنة، بينما تم تعيين إثنين في أماكن أخرى عن طريق إجرء إعادة التوجيه المهني، واستفاد إثنان من برنامج استحقاقات اجتماعية، بينما يقوم أحدهم بإجراءات قانونية بشأن ما إذا كان قد تكبد خسارة في الدخل بسبب فشله في إنجاز الدورة.
4-5 وولد صاحب البلاغ في سورينام ويعيش في هولندا منذ سنوات عديدة. وقبل دراسته في الأكاديمية الهولندية للشرطة، حضر دورة للتعليم المهني العالي في كلية العمل الاجتماعي، وعمل بعد ذلك مدرساً. والتحق بالأكاديمية الهولندية للشرطة في 20 آب/أغسطس 1991 بعد أن اجتاز بنجاح مسابقة قبول لا تختلف عن عملية الدخول العادية للطلاب من أصل هولندي إلاّ في بعض التفاصيل الطفيفة. وكان قبوله يعني أنه بصفته طالباً، كان في الوقت ذاته موظفاً حكومياً معيناً بعقد مؤقت من جانب وزير الداخلية.
4-6 وفي 6 تموز/يوليه 1992، عند نهاية السنة الدراسية الأولى لصاحب البلاغ في الأكاديمية الهولندية للشرطة، أبلغه أمين مجلس الامتحانات أنه لن يُقبل في السنة الثانية وذلك لأن نتائجه غير مرضية. وكانت نتائجه بالفعل سيئة إلى درجة كان يمكن أن يُطرد فيها من الأكاديمية. غير أنه منح فرصة إعادة السنة الأولى. وفي ذلك الوقت لم يشتك صاحب البلاغ من أي مواقف تمييزية داخل الأكاديمية، إن كان ذلك فيما يتعلق به أم بزملائه الطلاب. وعند نهاية السنة الثانية، كانت نتائج صاحب البلاغ سيئة مرة أخرى إلى درجة أن المدرسين قرروا أن حالته "تستدعي النقاش". ونظراً إلى أنه كان غائباً (بسبب المرض) ولم يتقدم بالتالي إلى جميع الامتحانات المطلوبة، قررت الأكاديمية منحه فرصة أخرى للتقدم للامتحانات. وبغية تنفيذ هذا القرار، دعا مدير الأكاديمية صاحب البلاغ إلى اجتماع من أجل مناقشة نتائجه وتقييمها.
4-7 وفي الاجتماع الذي عُقد في 6 أيلول/سبتمبر 1993، أحاط المدير صاحب البلاغ علماً بأن عليه التقدم للامتحانات المتبقية قبل حلول نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 1993. ومرة أخرى، لم يشر صاحب البلاغ إلى أي شيء له علاقة بالتعرض للتمييز. وفي 16 أيلول/سبتمبر 1993، كان مشروع جدول زمني قد أُعد ودعي صاحب البلاغ لمناقشته، غير أنه رفض ذلك. ووجهت إليه بعد ذلك دعوى رسمية للتقدم للامتحانات. استجابة لذلك، اتصل للإبلاغ عن مرضه ولم يحضر في التواريخ المحددة للامتحان.
4-8 وفي 24 أيلول/سبتمبر 1993، عُقد اجتماع للفريق الطبي - الاجتماعي في الأكاديمية الهولندية للشرطة، أُشير فيه إلى أن مدرسي صاحب البلاغ يعتبرون أنه قادر تماماً على تحقيق نتائج جيدة، ولكن أثيرت شكوك بشأن الأسباب التي قدمها لغيابه. ولم ترد أي إشارة إلى لونه أو خلفيته الإثنية.
4-9 وفي كانون الأول/ديسمبر 1993، قرر مجلس الامتحانات أن يقترح على مدير الأكاديمية الهولندية للشرطة إنهاء تسجيل صاحب البلاغ في 1 آذار/مارس 1994. وأشعر المدير صاحب البلاغ بفصله في 26 كانون الثاني/يناير 1994، الأمر الذي رد عليه ممثل صاحب البلاغ بالرسالتين المؤرختين 18 شباط/فبراير 1994 و24 آذار/مارس 1994. وعلى الرغم من طلب الممثل منح صاحب البلاغ فرصة أخرى، تم فصله عن الخدمة في 1 تشرين الأول/أكتوبر 1994.
4-10 وقدم صاحب البلاغ اعتراضاً على فصله في 5 آب/أغسطس 1994. وادعى أن علاماته السيئة وغيابه المتكرر كانا مجرد نتيجة للأسلوب الذي يعامله به المدرسون في الأكاديمية الهولندية للشرطة. وأكد أيضاً على أن الوزير أغفل خطأ التوصية رقم 4 المذكورة أعلاه والصادرة عن لجنة بوكراد في حالته. وفي الجلسة التي عُقدت في 26 أيلول/ستبمبر 1994 كجزء من إجراءات الاعتراض، قدم صاحب البلاغ أمثلة من أجل إثبات التحيز الذي واجهه من المدرسين. غير أن هذه الأمثلة لم تكن لها أية علاقة بالتمييز:
- عدم السماح بحساب علامة النجاح في "الدورات التدريبية" للسنة التالية؛
- إدراج النتائج المحققة في دورة بعض الظهر في علامة مادة الإحصاءات، على الرغم من الاتفاق المزعوم على عكس ذلك؛
- تجاهل الرأي الثاني بشأن امتحان علم النفس لصاحب البلاغ والمقدم من أحد أعضاء هيئة التدريس في جامعة أمستردام الحرة؛
- الادعاء المتعلق بمنح طلاب آخرين علامات نجاح بعد مناقشة حالتهم، في حين لم يُمنح صاحب البلاغ ذلك؛
- الادعاء المتعلق بأن خريجي الحقوق قد فشلوا في الواقع في امتحان الاحصاءات، ومع ذلك أعطت لهم علامات النجاح.
4-11 وفي 1 كانون الأول/ديسمبر 1994، أعلن الوزير أن اعتراض صاحب البلاغ لا أساس له. وفي عملية التوصل لهذا القرار، أخذ في الاعتبار أن صاحب البلاغ لم يحصل على وعد، كما يدعي، بعدم اتخاذ أي خطوات تؤثر على مركزه القانوني في انتظار نتائج تحقيق لجنة بوكراد. وأشار الوزير أيضاً إلى أنه توقعاً لتوصيات اللجنة، اتُخذ قرار بشأن الفصل بأكبر درجة ممكنة من العناية. ويرى الوزير أن سبب الفصل راجع إلى كونه ثبت أن صاحب البلاغ ليس أهلاً لمتابعة هذه الدورة الدراسية كما يتضح ذلك من خلال علامات صاحب البلاغ السيئة، ولم يثبت صاحب البلاغ على نحو مرضٍ أدنى علاقة سببية بين علاماته السيئة والتمييز الذي يدعي أنه تعرض له.
4-12 واستأنف صاحب البلاغ القرار أمام محكمة مقاطعة أمستردام التي رأت أنه قائم على أساس صحيح استنتاداً إلى أنه كان ينبغي للوزير أن يأخذ بالنتائج التي توصلت إليها لجنة بوكراد في عملية اتخاذ القرار. ورأت المحكمة أيضاً أن الوزير، بتعيينه اللجنة المعنية بتقدم طلاب الأقليات الإثنية، قد تحمل ضمنياً المسؤولية عن المشاكل التي يواجهها طلاب الأقليات الإثنية. ونظراً إلى أن الطلاب الآخرين من الأقليات الإثنية مُنحوا فرصة قيام اللجنة المعنية بتقدم طلاب الأقليات الإثنية بتقييم فردي، ولم يتم ذلك في حالة صاحب البلاغ، حكمت المحكمة بأن الوزير تصرف بشكل لا يتمشى مع مبدأ المساواة.
4-13 وفي 27 شباط/فبراير 1997، استأنف الوزير حكم محكمة المقاطعة أمام المحكمة المركزية للاستئناف. وأكد الوزير، في جملة أمور، أن محكمة المقاطعة افترضت خطأ أن صاحب البلاغ كان في نفس مركز الطلاب التسعة من الأقليات الإثنية الذين دُرست حالتهم في إطار تحقيق اللجنة المعنية بتقدم طلاب الأقليات الإثنية. فكان جميع هؤلاء الطلاب التسعة قد تلقوا تعليمهم السابق في بلد خارج المملكة ولم يكونوا متواجدين في هولندا لفترة طويلة عندما بدأوا دراساتهم في الأكاديمية الهولندية للشرطة. ولذلك، لم يكونوا قد اندمجوا اندماجاً تاماً بعد في المجتمع الهولندي. وكان هؤلاء الطلاب قد اتبعوا إجراءات دخول منفصلة وضعت خصيصاً للطلاب من الأقليات الإثنية "الأصيلة"، ولا سيما إجراء الاختيار الذي أنشئ بموجب خطة العمل التصحيحي. وصاحب البلاغ لا ينتمي إلى هذه الفئة. فكان إجراء الاختيار الذي طبق في حالته مختلفاً عن الإجراء العادي للطلاب من أصل هولندي في بضعة تفاصيل ثانوية فحسب. ولذلك، لم يوجد سبب لإجراء تقييم فردي من جانب اللجنة المعنية بتقدم طلاب الأقليات الإثنية فيما يتعلق بصاحب البلاغ.
4-14 وأعلنت المحكمة المركزية للاستئناف أن استئناف الوزير قائم على أساس صحيح، وألغت حكم محكمة المقاطعة. ورأت أن أياً من تقرير لجنة بوكراد أو تقرير اللجنة المعنية بتقدم طلاب الأقليات لا يقدم أي أسباب لاستنتاج أن أداء صاحب البلاغ السيء كان بسبب التمييز. ورأت أيضاً أن حالة صاحب البلاغ تختلف أساساً عن حالة الطلاب الذين لم يعيشوا في هولندا إلا لفترة قصيرة قبل بدء دراستهم، ولم تكن معرفتهم باللغة الهولندية جيدة، كما لم يكونوا قد اندمجوا بعد إدماجاً تاماً في المجتمع الهولندي. ولذلك، لا توجد أي مسألة تتعلق بانتهاك شرط الرعاية الواجبة و/أو مبدأ المساواة.
4-15 وتفند الدولة الطرف ادعاء صاحب البلاغ بأن التمييز والعنصرية ممارسات مؤسسية ومنتظمة داخل خدمة الشرطة، وبأن الوزير لا يتخذ تدابير مناسبة كافية لمكافحتها.
4-16 ويؤكد صاحب البلاغ، على وجه الخصوص، على أن شبكة برامج الأخبار التلفزيونية ركزت على حالته والجانب المؤسسي من التمييز داخل خدمة الشرطة. غير أنه لا يوضح على الإطلاق السياق الذي عُرض فيه الفيلم الوثائقي وماهية الاستنتاجات التي ينبغي التوصل إليها منه. ولذلك، تعتبر الدولة الطرف أن هذه الإشارة لا تمت بصلة للموضوع قيد المناقشة.
4-17 ويؤكد صاحب البلاغ خطأ على أن اللجنة المعنية بتقدم طلاب الأقليات الإثنية متحيزة في ظاهرها، نظراً إلى أنها أنشئت من جانب وزارة الداخلية والكلية الهولندية للشرطة. بيد أن هذه اللجنة مكوّنة من ستة أفراد مستقلين ولم يكن لأي من الحكومة أو الكلية أي تأثير على أعمالهم.
4-18 ورأت الحكومة أن الادعاءات التي قدمها 21 طالباً من الأقليات الإثنية بشأن التمييز على أساس الأصل الإثني كانت سبباً كافياً لإجراء تحقيق مستقل في وجود أي تمييز. وتم التحقق من الشكاوى وقدمت توصيات من أجل منع التمييز في المستقبل. وتم اتباع جميع هذه التوصيات. واستناداً إلى هذه الوقائع، يجب استنتاج أن الحكومة عملت وفقاً للفقرة 1(ب) من المادة 2 والمادة 7 من الاتفاقية.
4-19 ولم تختر اللجنة المذكورة صاحب البلاغ لإجراء تحقيق فردي. وكان أحد الأسباب الهامة لذلك أنه كان قد فصل عندما بدأت اللجنة تحقيقها. ولكن، حتى ولو كان مسجلاً في الأكاديمية الهولندية للشرطة في ذلك الوقت، لم يكن مع ذلك مؤهلاً لأن تختاره اللجنة، ذلك أنه لم تكن هناك أية دلائل على الإطلاق تشير إلى وجود أية علاقة بين نتائجه السيئة وخلفيته الإثنية. غير أن وزير الداخلية تحقق مع ذلك من ادعاء صاحب البلاغ بأن علاماته السيئة تعزى إلى التمييز من جانب المدرسين خلال عملية اتخاذ القرار بشأن فصله، وذلك حتى الجلسة التي عقدتها المحكمة المركزية للاستئناف وخلالها.
4-20 ولا يثبت صاحب البلاغ زعمه إنه فصل لأنه كان وراء مبادرة توجيه الرسالة المعنونة "صرخة طلباً لمساعدة فورية"، وأن المحكمة المركزية للاستئناف أصدرت حكمها بالاستناد إلى وقائع خاطئة. أما فيما يتعلق بادعائه بأن الوزير لم يراع النتائج التي توصلت إليها لجنة بوكراد عند اتخاذ قراره بشأن اعتراض صاحب البلاغ، تؤكد الدولة الطرف على أن الوزير قام فعلاً بإدماج هذه النتائج في عملية استعراض قراره الأولي، غير أنها لم تقدم له أي سبب لعكس ذلك القرار.
4-21 واستناداً إلى ما ورد أعلاه، تؤكد الدولة الطرف أن الحكومة امتثلت لالتزاماتها بموجب المادة 5(أ) والمادة 6 من الاتفاقية بكفالة تمتع ضحايا التمييز العنصري بحماية قانونية فعالة وحصولهم على تعويض عن أي ضرر تكبدوه نتيجة لهذا التمييز. وتستنتج الدولة الطرف أيضاً أنها لم ترتكب أي انتهاك للاتفاقية فيما يتعلق بصاحب البلاغ.
تعليقات المحامي
5-1 يلاحظ المحامي وجود عدد من الأمور الخاطئة فمما قدمته الدولة الطرف(1)، الأمر الذي يبين أنه لم يتم النظر في القضية بعناية كبيرة. وعلى سبيل المثال، كان صاحب البلاغ قد أقام في هولندا لمدة 6 سنوات قبل دراسته في الأكاديمية الهولندية للشرطة وليس مجرد "سنوات عديدة"، كما تشير إلى ذلك الدولة الطرف. وعلاوة على ذلك، لم يدرس صاحب البلاغ في كلية العمل الاجتماعي؛ بل درس الطب في جامعة أمستردام في الفترة من 1987 إلى 1990 ولم يعمل أبداً كمدرس.
5-2 ويدعي المحامي أن كون صاحب البلاغ من بين الطلاب من الأقليات الإثنية في الأكاديمية الهولندية للشرطة الذين لم يكونوا بحاجة إلى تسهيلات دراسية إضافية (مثل دروس اللغة الهولندية) لم يحمِ صاحب البلاغ من التمييز العنصري. وبقيت الآليات الاستبعادية في الأكاديمية على حالها على الرغم من توفير فرصة للهيئة التدريسية لحضور دورة تدريبية بغية تعلم كيفية التعامل مع الطلاب من خلفيات ثقافية مختلفة.
5-3 أما الرسالة رداً على رسالة "صرخة طلباً لمساعدة فورية"، فلم تكن من طلاب آخرين من الأقليات الإثنية وإنما من طلاب بيض، وبذلك أظهرت أن حوادث وقعت يمكن وصفها بأنها عنصرية. ودعا الطلاب البيض إلى حوار من أجل إيجاد حل(2).
5-4 ولئن كانت لجنة بوكراد قد خلصت إلى عدم وجود أي تمييز مؤسسي في الأكاديمية، إلا أنها ذكرت حدوث تمييز وأوصت الأكاديمية بوضع قانون محدد لمناهضة التمييز.
5-5 وتشير شكوى صاحب البلاغ إلى أن اللجنة المعنية بتقدم طلاب الأقليات الإثنية لم تنظر أبداً في قضيته، على الرغم من أنه كان أحد الموقعين على الرسالة المعنونة "صرخة طلباً لمساعدة فورية". ولا يفهم سبب تحقيق اللجنة في حالة تسعة طلاب فقط من أصل الموقعين على الرسالة والبالغ عددهم 21 شخصاً، ويعرب عن شكوك بشأن استقلال اللجنة عن وزارة الداخلية. ويقول إن أمين اللجنة كان أحد موظفي مديرية الشرطة التابعة لوزارة الداخلية وأن رئيسها كان عضواً في لجنة بوكراد. ويدعي صاحب البلاغ أنه كان على تحقيق مستقل أن ينظر في جميع جوانب المشكلة وليس فقط في حالة بعض الأفراد. ويعرب عن شكوك أيضاً فيما يتعلق باستقلال الفريق الطبي - الاجتماعي التابع للأكاديمية، إذ أن جميع أعضائه منتسبون إلى الأكاديمية. ولم يصدقه الفريق تماماً عندما شرح أسباب غيابه من المدرسة. وفي الواقع، تم التشكيك في كل ما قاله. ومن الأدلة الإضافية على التمييز أنه أُشعر بقرار الفصل من الأكاديمية بمهلة يومين فقط، بدلاً من فترة الثلاثة أشهر التي ينص عليها القانون. ولم تصحح الأكاديمية ذلك إلا عندما هدد باتخاذ إجراءات قانونية.
5-6 ولا يشاطر صاحب البلاغ الدولة الطرف رأيها وأن الحوادث التي أشار إليها في الجلسة المعقودة في 26 أيلول/سبتمبر 1994 لا تشكل تمييزاً(3). وكان ينبغي أن تحقق اللجنة المعنية بتقدم طلاب الأقليات الإثنية في هذه الحوادث, على النحو الذي أوصت به لجنة بوكراد. كما أن صاحب البلاغ لا يشاطر الدولة الطرف رأيها وأن توصيات بوكراد لا تنطبق عليه، ويوجه اهتمام اللجنة إلى أن محكمة مقاطعة أمستردام وافقته في ذلك موافقة تامة. وعلاوة على ذلك، يبدو أن الدولة الطرف تشير ضمناً إلى أنه من غير الممكن أن يتعرض صاحب البلاغ للتمييز نظراً إلى معرفته الجيدة باللغة الهولندية. ويلاحظ، على الرغم من هذه الصفة المميزة، أن لون بشرته أسمر.
5-7 ويعترض صاحب البلاغ اعتراضاً شديداً على حجة الدولة الطرف أن نتائجه السيئة هي سبب فصله، ويؤكد على أن نتائجه السيئة كانت نتيجة مباشرة لحالته النفسية الناجمة عن تعرضه للتمييز. ولا تستطيع الدولة الطرف أن تنكر أن عدد الطلاب الذين ينتمون إلى أقليات إثنية والذين تركوا الشرطة أعلى من عدد أولئك الذين انضموا إليها، ويعود ذلك إلى تمييز مؤسسي.
5-8 وأخيراً، يلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لا تنكر في ملاحظاتها أنه تعرض فعلاً للحوادث المشار إليها في الفقرة 2-1 أعلاه. غير أنه يخالف استنتاج الدولة الطرف أن هذه الحوادث قد أخذت في الاعتبار عند اتخاذ القرار بفصله. ونظراً إلى أن الحوادث المعنية هي أساس نتائجه السيئة، كان ينبغي التحقيق بعناية في حالته وتنفيذ توصيات لجنة بوكراد.
القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة
6-1 قبل أن تنظر لجنة القضاء على التمييز العنصري في أي ادعاءات واردة في أي بلاغ، عليها أن تقرر، عملاً بالفقرة 7(أ) من المادة 14 من الاتفاقية والمادتين 86 و91 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لا تثير اعتراضات على مقبولية البلاغ، وأنها قدمت ملاحظات مفصلة بشأن جوهر الموضوع. وترى اللجنة أنه قد تم تلبية جميع الشروط الواردة في الأحكام المذكورة أعلاه. ولذلك تقرر أن البلاغ مقبول.
6-2 وفيما يتعلق بأساس البلاغ، ترى اللجنة أن بعض الادعاءات التي قدمها صاحب البلاغ والموجزة في الفقرة 2-1 أعلاه تنطوي على دلالات عنصرية خطيرة. غير أنها لا تشكل موضوع المطالبات المعروضة على محكمة مقاطعة أمستردام والمحكمة المركزية للاستئناف، التي تناولت أساساً مسألة الفصل من أكاديمية الشرطة. وعلاوة على ذلك، لا يبدو من المعلومات التي وردت إلى اللجنة أن قرار فصل صاحب البلاغ من أكاديمية الشرطة كان نتيجة التمييز بسبب العرق. كما لم تقدم أي أدلة لإثبات ادعاء أن نتائجه الأكاديمية السيئة كانت مرتبطة بالحوادث المشار إليها في الفقرة 2-1.
7- وترى لجنة القضاء على التمييز العنصري، عملاً بالفقرة 7(أ) من المادة 14 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، أن الوقائع المقدمة لا تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للاتفاقية.
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/56/40، المرفق الثالث.
(1) الفقرة 4-5 أعلاه.
(2) الفقرة 4-2 أعلاه.
(3) الفقرة 4-10 أعلاه.

العودة للصفحة الرئيسية