المقررات التي اتخذتها لجنة القضاء على التمييز العنصـري بمقتضى المادة 14 من الاتفاقية


رأي بشأن البلاغ رقم 11/1998


المقدم من: ميروسلاف لاكو
الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الالتماس
الدولة الطرف المعنية: الجمهورية السلوفاكية
تاريخ البلاغ: 21 تشرين الأول/أكتوبر 1998

إن لجنة القضاء على التمييز العنصري، المنشأة بموجب المادة 8 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري،
وقد اجتمعت في 9 آب/أغسطس 2001،
تعتمد ما يلي:

الرأي
1- صاحب الالتماس هو ميروسلاف لاكو، وهو مواطن سلوفاكي من الغجر. ويدعي أنه ضحية انتهاكات الجمهورية السلوفاكية للمواد 2 و3 و4 و5 و6 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. ويمثله كمحام المركز الأوروبي لحقوق الغجر، وهو منظمة غير حكومية يقع مقرها في بودابست.
الوقائع كما قدمها صاحب الالتماس
2-1 في 24 نيسان/أبريل 1997 توجه صاحب الالتماس برفقة أشخاص آخرين من الغجر إلى مطعم السكك الحديدية الواقع في محطة السكك الحديدية الرئيسية في كوسيتش في سلوفاكيا، لتناول مشروب. وبعد دخوله المطعم بفترة وجيزة طلبت نادله منه ومن مرافقيه مغادرة المطعم. وأوضحت النادلة أنها إنما تطيع أمراً لصاحب المطعم بعدم خدمة الغجر. وطلب صاحب الالتماس مخاطبة المشرف فأُرشد إلى رجل أوضح له أن المطعم لا يقدم خدماته إلى الغجر لأنه قد سبق لعدد منهم إتلاف معداته. وعندما ذكر صاحب الالتماس للشخص المسؤول أنه لم يسبق له ولا لمرافقيه إتلاف أي معدات، كرر المسؤول أن المطعم لن يقدم خدماته سوى للغجر المهذبين.
2-2 وفي 7 أيار/مايو 1997، قدم صاحب الالتماس شكوى إلى مكتب النائب العام في براتيسلافا، طالباً إجراء تحقيق لتحديد ما إذا كان جرم قد ارتكب. وأُحيلت الحالة إلى مكتب المدعي العام للمقاطعة في كوسيتش الذي أحال المسألة إلى شرطة السكك الحديدية. وقام صاحب البلاغ في الوقت ذاته بالتظلم أمام الرقابة التجارية السلوفاكية المسؤولة عن الرقابة على الأداء القانوني للمؤسسات التجارية. وفي رسالة موجهة إلى صاحب الالتماس، مؤرخة 12 أيلول/سبتمبر 1997، أشارت الرقابة إلى أنها أجرت تحقيقاً في الشكوى تبين أثناءه أن المطعم قدم خدماته إلى نساء من الغجر وأن صاحب المطعم قد اتخذ الترتيبات لمنع تكرار التمييز ضد أي من الزبائن المهذبين، بمن فيهم الغجر.
2-3 وبموجب قرار مؤرخ 8 نيسان/أبريل 1998، أشارت إدارة شرطة السكك الحديدية في كوسيتش إلى أنها أجرت تحقيقاً في الحالة ولم تجد أدلة على ارتكاب مخالفة. واستأنف صاحب الالتماس أمام المدعي العام للمقاطعة الذي أصدر قراراً مؤرخاً 24 نيسان/أبريل 1998 يشير فيه إلى أن مقرر إدارة شرطة السكك الحديدية سليم وأنه ليست هناك وسيلة انتصاف قانونية أخرى متاحة.
الشكوى
3-1 يذكر المحامي أن عدم معالجة التمييز في هذه الحالة يعكس عدم وجود أي تشريع سلوفاكي يحرم بشكل صريح وفعال التمييز العنصري في مجال الوصول إلى الأماكن العامة. وكان على السيد لاكو أن يتحمل حالة من عدم اليقين المستمر - تبعاً لهوى صاحب المطعم المحكوم بدوافعه العنصرية - فيما يتعلق بإمكانية دخوله المطعم في أي يوم محدد. فإذا قرر صاحب المطعم يوماً ما أن يقدم المطعم خدماته إلى الغجر "المهذبين"، فقد يحصل صاحب الطلب على الخدمة إذا ما اعتبر على درجة كافية من التهذيب. أما إذا قرر صاحب المطعم ألا يقدم المطعم خدماته إلى الغجر في ذلك اليوم، أو أن صاحب الطلب يفتقر إلى التهذيب الكافي، فإنه سيحرم من الخدمة.
3-2 ويدعي المحامي أن عدداً من الحقوق المكفولة لصاحب الالتماس بموجب الاتفاقية قد انتهكت، بما في ذلك الفقرة 1 (د) من المادة 2، مقترنة مع المادة 5 (و)، والفقرات 2 و3 و4 (ج) من المادة 2، والمادة 6 من الاتفاقية.
3-3 ويدعي المحامي أن القانون الجنائي السلوفاكي لا يتضمن أحكاماً واجبة التطبيق على الانتهاك المذكور في هذه الحالة وفقاً لما تقضي به الفقرة 1 من المادة 2، مقترنة بالمادة 5 (و) من الاتفاقية. وقد حرم صاحب الالتماس من المساواة أمام القانون نظراً لمعاناته هو ورفاقه الغجر من التمييز في مجال الحصول على خدمة المطعم لأسباب متعلقة بالعنصر و/أو العرق.
3-4 ويدعي المحامي أن صاحب الالتماس بحرمانه من الخدمة في المطعم ومطالبته بمغادرته لأسباب عنصرية فحسب، ثم ابلاغه بأن السماح بالدخول يقتصر على الغجر "المهذبين" فقط، قد تعرض لسياسات الفصل العنصري. وتقاعس الدولة الطرف عن توفير أي وسائل انتصاف وعدم وجود أي قاعدة قانونية تمنع صراحة التمييز في مجال الوصول إلى الأماكن العامة يشكلان تخلفاً عن التقيد بالالتزامات بموجب المادة 3 من الاتفاقية.
3-5 والواقع أن تقاعس الدولة الطرف عن معاقبة أو معالجة تمييز المطعم بدافع عنصري ضد صاحب الالتماس ورفاقه الغجر يشجع التمييز العنصري بالمخالفة للمادة 4 (ج) من الاتفاقية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن استمرار محطة السكك الحديدية الرئيسية، وهي مؤسسة عامة، في تأجير المكان للمطعم يشكل أيضاً تشجيعاً للتمييز العنصري من المؤسسات العامة.
3-6 ويذكر المحامي أيضاً أن هدف البلاغ هو أن توصي اللجنة بما يلي: (أ) أن توفر الدولة الطرف تعويضاً عما عانى منه صاحب البلاغ من إذلال ومهانة نتيجة لتعرضه للتمييز العنصري فيما يتعلق بدخول المطعم؛ (ب) أن تتخذ الدولة الطرف تدابير فعالة لضمان وقف ممارسة التمييز العنصري في المطعم؛ (ج) أن تعتمد الدولة الطرف تشريعاً يحظر صراحة التمييز العنصري في الأماكن أو الخدمات المخصصة لسواء الجمهور وأن توفر وسائل الانتصاف الفعالة في هذا المجال.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية
4-1 في رسالة مؤرخة 23 حزيران/يونيه 1999، تطعن الدولة الطرف في مقبولية البلاغ على أساس عدم استنفاد وسائل الانتصاف المحلية. فبموجب الفقرة 2 من المادة 30 من القانون رقم 314/1996 بشأن سلطة الادعاء العام، كان باستطاعة صاحب البلاغ أن يقدم طلباً بإعادة النظر في شرعية القرار إلى مكتب المدعي العام الاقليمي في كوسيتش. وكان يمكن أن يحدث قرار صادر من مكتب المدعي العام الاقليمي تأثيراً أساسياً ويسفر عن اجراءات جديدة يتخذها مكتب المدعي العام للمنطقة وشرطة السكك الحديدية.
4-2 وفضلاً عن ذلك، كان باستطاعة صاحب الالتماس رفع دعوى مدنية بموجب المادة 11 من القانون المدني، التي تنص على حق الأشخاص الطبيعيين في حماية شرفهم وكرامتهم الإنسانية وخصوصيتهم واسمهم والنواحي الشخصية الأخرى. والانتماء إلى أقلية قومية أو فئة عرقية معينة هو أيضاً من الصفات المميزة للشخصية؛ ولذا يجوز للشخص المضرور المطالبة بحماية شخصيته في دعوى مدنية وأن يطلب من المحكمة المختصة منحه الترضية الملائمة أو منحه تعويضاً عن الضرر المعنوي. وقد أشار قرار مكتب المدعي العام للمنطقة في هذا الصدد إلى أن ذلك لا يخل بحق الطرف المضرور في التعويضات التي يمكن المطالبة بها في دعوى مدنية أمام محكمة مختصة.
4-3 وفضلاً عن ذلك، كان باستطاعة صاحب الالتماس أن يرسل شكوى ضد الاجراء المتخذ ونتيجة التحقيق الذي أجرته الرقابة التجارية إلى الإدارة المركزية للرقابة التجارية السلوفاكية أو إلى وزارة الاقتصاد التي تقدم الرقابة التجارية السلوفاكية تقاريرها إليها. وكان باستطاعته أيضاً ارسال شكوى إلى الديوان الحكومي للجمهورية السلوفاكية الذي تشمل مهامه، بموجب المادة 2 من القانون رقم 10/1996 بشأن الرقابة على إدارة الدولة، مراجعة معالجة الالتماسات والشكاوى والبلاغات والطلبات. كما أنه لم يرسل التماساً إلى مكتب التراخيص التجارية المختص، وفقاً للمادة 1 من القانون رقم 71/1967 بشأن الاجراءات الإدارية (قواعد الاجراءات الإدارية). والواقع أن المدعي العام للمقاطعة قد أبلغه في 3 تموز/يوليه 1997 أن باستطاعته إرسال التماسات إلى الهيئات المهنية المذكورة آنفاً.
4-4 وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن البلاغ لا يحدد بوضوح ما تم انتهاكه من الحقوق المكفولة بموجب القانون الوطني ووسائل الانتصاف المحلية التي تم اللجوء إليها وتاريخ الانتهاكات المدعى وقوعها. وادعى صاحب الالتماس في شكواه إلى المدعي العام وقوع جريمة مساندة وتشجيع لحركات تستهدف قمع حقوق وحريات المواطنين بموجب المادة 260 من القانون الجنائي. وقامت شرطة السكك الحديدية بتعليق النظر في الحالة لعدم تبين أسباب لوقوع هذه الجريمة ولأن صاحب الالتماس وزملاءه قد حصلوا على الخدمة في الحانة. ولم يعترض صاحب الالتماس في تظلمه من قرار شرطة السكك الحديدية على ما خلصت إليه الشرطة فيما يتعلق بالجريمة المدعى وقوعها، لكنه ادعى وقوع انتهاك للقانون رقم 634/1992 بشأن حماية المستهلك. وفضلاً عن ذلك، طلب صاحب الالتماس في شكواه إلى الرقابة التجارية التحقيق في انتهاك قانون لا وجود له بشأن حماية السلامة. ولم تحدد أي من الشكاوى بوضوح الانتهاك الذي يدعيه صاحب الالتماس للقانون رقم 634/1992 بشأن حماية المستهلك ولا وسيلة الانتصاف التي سعى إليها.
4-5 وتشير الدولة الطرف إلى أن موظفين من الرقابة التجارية قاموا، حسبما أُبلغ صاحب الالتماس في رسالة مؤرخة 12 أيلول/سبتمبر 1997، بزيارة المطعم برفقة عدد من نساء الغجر اللاتي قُدمت لهن الخدمات حسب الأصول وبلا أي تمييز ضدهن. وقامت الرقابة بزيارات أخرى لاحقة للمطعم لكنها لم تجد أي مخالفة من النوع الذي أشار إليه صاحب الالتماس في بلاغه، ولم تتلق شكاوى مماثلة لشكوى السيد لاكو.
تعليقات المحامي
5-1 في رسالة مؤرخة 2 آب/أغسطس 1999، يعترض المحامي على حجة الدولة الطرف فيما يتعلق باستنفاد وسائل الانتصاف المحلية. ويذكر أنه وفقاً للفقه الدولي لحقوق الإنسان، تقضي قاعدة وسائل الانتصاف المحلية باستنفاد وسائل الانتصاف التي تكون متاحة وفعالة وكافية.
5-2 ويحتج المحامي بأنه لا يمكن اعتبار التماس مقدم إلى مكتب المدعي العام الاقليمي وسيلة انتصاف فعالة. وبعد أن قدم صاحب الالتماس شكوى جنائية وانتظر قرابة عام لاتمام التحقيق الجنائي، وبعد أن تظلم في التوقيت الملائم ضد قرار الشرطة وبعد رفض تظلمه أخيراً، لم يعد عليه أي التزام بالسعي إلى أي وسيلة انتصاف جنائية أخرى، وبخاصة لأنه أُبلغ صراحة بعدم قبول أي شكوى أخرى.
5-3 ويذكر المحامي أن الدولة الطرف لم تشر إلى أي قانون أو وقائع توحي بأن تقديم التماس ثان سيلقى استجابة أفضل من الاستجابة للشكوى الجنائية المرسلة في البداية؛ ولا تشكل الالتماسات المتكررة "وسائل انتصاف فعالة" للوفاء بشروط المقبولية. ومنذ صدور قرار مكتب المدعي العام للمنطقة في 24 نيسان/أبريل 1998، لم تنشأ وقائع جديدة تبرر تقديم التماس جديد.
5-4 ويشير المحامي إلى أنه لم يكن هناك التزام على صاحب الالتماس بالسعي إلى أي وسيلة انتصاف جنائية في مواجهة التمييز العنصري الذي تعرض لـه لأنه من الناحية القانونية لا توجد وسائل انتصاف جنائية فعالة فيما يتعلق بالتمييز العنصري في الدولة الطرف. ولم تشر الدولة الطرف إلى أي حكم من أحكام القانون الجنائي يعاقب صراحة على التمييز لأسباب متعلقة بالعنصر أو العرق في مجال الوصول إلى الأماكن العامة. فمواد القانون الجنائي الوحيدة التي تتصدى للعنصرية تتعلق بالخطاب العنصري والعنف بدوافع عنصرية.
5-5 ويعترض المحامي على حجة الدولة الطرف فيما يتعلق بعدم قيام صاحب الالتماس برفع دعوى مدنية. ويذكر أنه لا توجد وسائل انتصاف مدنية أو إدارية فعالة فيما يتعلق بالتمييز العنصري بموجب القانون السلوفاكي. فالمادة 11 من القانون المدني موجهة ضد أعمال التشهير أو انتهاك الخصوصية ولا تشير إلى التمييز لأسباب عنصرية أو عرقية. ولا يتضمن أي من قوانين حماية المستهلك نصاً محدداً لمكافحة التمييز القائم على العنصر، بحيث يمكن النظر في هذه الحالة بموجب أحكام الاتفاقية.
5-6 وكانت وسيلة الانتصاف الوحيدة التي يستطيع مجلس التراخيص التجارية والرقابة التجارية السلوفاكية منحها لصاحب البلاغ إذا ما تبين لهما أن حقوقه قد انتهكت تقتصر على فرض غرامة على المطعم و/أو سحب ترخيصه. وهاتان الوسيلتان ليستا فعالتين أو كافيتين ولا تحلان محل سن قواعد قانونية تكفل عدم تعرض الأفراد لأعمال التمييز العنصري.
5-7 ويحتج المحامي بأنه حتى في حالة وجود إطار قانوني معين يوفر عدداً من وسائل الانتصاف التي من شأنها معالجة الانتهاك المدعى وقوعه، فليس مطلوباً من الفرد اتباع أكثر من وسيلة منها. وفي حالة تعدد وسائل الانتصاف الفعالة والكافية، يكون لصاحب الطلب أن يختار إحداها.
5-8 ويشير المحامي إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد أوضحت أن الإجراءات الحكومية التي تتخذ لوقف انتهاك للاتفاقية الأوروبية، متى وقع انتهاك، لا تمحو وحدها الحقيقة الأولى للانتهاك ولا تجعل أي طلب يقدم إلى أجهزة ستراسبورغ غير مقبول. واستناداً إلى هذا الحكم القضائي، يحتج المحامي بأن أي إيقاف لاحق لرفض خدمة صاحب الالتماس لأسباب عنصرية لا يعالج بأي حال من الأحوال الانتهاك الأول الذي تعرض له أو يحرمه من صفة الضحية لأغراض هذا البلاغ.
5-9 وأخيراً، فيما يتعلق بتأكيد الدولة الطرف بأن المطعم قدم خدماته لعدد آخر من الغجر، يحتج المحامي بأن هذه الحقائق لا تعالج بأي حال من الأحوال التمييز الذي تعرض له صاحب الالتماس. وإذا كان من المحتمل منح الآخرين هذه الحقوق بشكل تحكمي فإن هذا لا يخفف من حرمان صاحب الالتماس منها بشكل تعسفي وتمييزي.
قرار اللجنة بشأن المقبولية
6-1 نظرت اللجنة في مقبولية البلاغ، في دورتها الخامسة والخمسين المعقودة في آب/أغسطس 1999.
6-2 ولاحظت اللجنة أن الدولة الطرف تدعي أن صاحب الالتماس لم يستنفد وسائل الانتصاف المحلية المتاحة له. وأشارت اللجنة إلى أن الفقرة 7 (أ) من المادة 14 من الاتفاقية تنص على أنه لا يجوز للجنة أن تنظر في أي بلاغ ما لم تتحقق من أنه قد تم استنفاد جميع وسائل الانتصاف المحلية المتاحة. وخلصت اللجنة في أحكامها السابقة إلى أنه ليس على المتظلم سوى استنفاد وسائل الانتصاف الفعالة في ظروف الحالة المحددة (1).
6-3 ولاحظت اللجنة أن قرار المدعي العام للمنطقة كان قراراً نهائياً فيما يتعلق بالإجراء الجنائي. ولم تثبت الدولة الطرف أن تقديم التماس بإعادة النظر، باعتباره وسيلة انتصاف فيما يتعلق بشرعية القرار، يمكن أن يؤدي في هذه الحالة إلى النظر في الشكوى من جديد. وفضلاً عن ذلك، تخلص اللجنة إلى أن طبيعة وقائع الإدعاء تجعل وسائل الإنتصاف الجنائية وحدها السبيل المناسب للإنصاف. فالأهداف المنشودة عن طريق التحقيق الجنائي لا يمكن بلوغها بوسائل الانتصاف المدنية أو الإدارية التي تقترحها الدولة الطرف. ولذا خلصت اللجنة إلى عدم وجود وسائل انتصاف فعالة أخرى متاحة لصاحب الالتماس.
6-4 وخلصت اللجنة إلى أنه لا توجد لديها معلومات كافية لتحديد ما إذا كان هناك، وفقاً لما ذكره الملتمس، تشريع في الدولة الطرف يكفل لكل فرد الحق في الوصول إلى أي مكان أو خدمة مخصصة لانتفاع سواء الجمهور بدون تمييز على أساس العنصر أو اللون أو الأصل القومي أو العرقي.
6-5 ولاحظت اللجنة أن شروط المقبولية المقررة بموجب المادة 91 من نظامها الداخلي قد استوفيت وقررت قبول البلاغ. وطلبت إلى الدولة الطرف وصاحب الالتماس توفير معلومات عن القوانين ووسائل الانتصاف الوطنية الرامية إلى حماية حق الفرد في الوصول إلى أي مكان أو خدمة مخصصة لانتفاع سواء الجمهور بلا تمييز على أساس العنصر أو اللون أو الأصل القومي أو العرقي، على نحو ما هو مشار إليه في المادة 5 (و) من الاتفاقية.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن الوقائع الموضوعية
7-1 في رسالتين مؤرختين 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 و8 كانون الثاني/يناير 2001، قدمت الدولة الطرف معلومات عن التشريعات ووسائل الانتصاف المحلية المتاحة لحماية الأفراد من التمييز العنصري في الميادين الجنائي والمدني والإداري.
7-2 وتؤكد الدولة الطرف أن الحقوق الأساسية مكفولة لكل شخص بلا تمييز في الفقرة 2 من المادة 12 من الدستور. ويمكن إنفاذ حماية هذه الحقوق عن طريق الإجراءات الإدارية والمدنية والجنائية. ويحق لكل شخص الحصول على تعويض عن الضرر الناجم عن حكم مخالف للقانون تصدره محكمة أو هيئة أخرى من هيئات الدولة أو هيئة إدارية عامة بموجب القانون رقم 58/1969.
7-3 وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن الإجراءات الإدارية المتخذة ضد قرار صادر من هيئة من هيئات الدولة تبدأ بشكوى يدعي فيها الفرد أو الكيان القانوني انتهاك حقوقه ويطلب فيها من المحكمة مراجعة شرعية القرار. ويكون حكم المحكمة ملزماً. ويجوز للمحكمة أيضاً أن تبت في قرارات الهيئات الإدارية التي لم تصبح نهائية بعد. وتقر الدولة الطرف بأن الرقابة التجارية لم تتقيد بالإجراء الإداري الذي يلزمها بمعالجة الوقائع الموضوعية للحالة. بيد أنه كان باستطاعة صاحب الالتماس تقديم شكوى إلى وزارة الاقتصاد وهي الهيئة المركزية لإدارة الدولة في ميدان حماية المستهلك. وكان يمكنه أيضاً تقديم شكوى بموجب القانون رقم 58/1968 بشأن مسؤولية الدولة عن القرار المخالف للقانون، الذي تصدره إحدى هيئاتها. ولو كان صاحب الالتماس قد استخدم جميع الإمكانيات المشار إليها في النظام القانوني السلوفاكي، لكان قد أمكن توقيع الجزاء على المطعم.
7-4 وتنظم المواد من 11 إلى 17 من القانون المدني حماية السلامة الشخصية. فبموجب المادة 13، يكون للشخص الطبيعي الحق في إيقاف التعدي التعسفي أو غير المشروع على سلامته، وإزالة نتائجه ومنحه الترضية المناسبة. وإذا ما اعتبرت الترضية المعنوية غير كافية لتعرض الكرامة أو المكانة التي يتمتع بها الشخص الطبيعي في المجتمع لضرر كبير، يحق لهذا الشخص الطبيعي أيضاً الحصول على تعويض عن الضرر غير المالي. وتحدد المحكمة مبلغ التعويض آخذة في اعتبارها حجم الضرر والظروف التي وقع فيها. وينظم الفصل الخامس من الباب الثالث من قانون الإجراءات المدنية الإجراءات المتبعة في المسائل المتعلقة بحماية السلامة الشخصية. ويفرق نظام الانتصاف المدني أيضاً بين وسائل الانتصاف الاعتيادية (الاستئناف) ووسائل الانتصاف الاستثنائية (تجديد الدعوى وحق الرجوع).
7-5 وكان لدى صاحب الالتماس أيضاً خيار السعي إلى حماية حقوقه وفقاً للمواد 74 و75 و102 من قانون الإجراءات المدنية، وهي المواد التي يجوز بمقتضاها للمحكمة أن تحكم بتدابير أولية إذا ما اقتضت الضرورة تنظيم حالة الأطراف بصفة مؤقتة أو إذا ما كان يخشى من خطر يهدد إنفاذ حكم المحكمة. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه استناداً إلى المواد 1 و2 و12 و13 و17 و19 و20 من الدستور، ينبغي تفسير المادتين 11 و13 من القانون المدني على أنهما تكفلان حماية السلامة الشخصية من أعمال التمييز العنصري.
7-6 ويتضمن النظام القانوني للجمهورية السلوفاكية أيضاً أحكاماً قانونية متعلقة بحماية المستهلك، وبخاصة القانون رقم 634/1992. فالمادة 6 من هذا القانون تنص على حظر صريح للتمييز. وبموجب هذه المادة، لا يجوز للبائعين التمييز بأي شكل ضد المستهلكين، إلا في الحالات التي لا يستوفي فيها المستهلك الشروط المقررة بموجب القواعد الخاصة، مثل القانون رقم 219/1996 بشأن الحماية من إساءة استعمال المشروبات الكحولية. ويجوز لهيئات الإدارة العامة فرض جزاء بحد أقصى 000 500 كرونا لمخالفة هذه الأحكام. ويجوز معاقبة الانتهاكات المتكررة للحظر المفروض على التمييز ضد المستهلكين بغرامة بحد أقصى قدره مليون كرونا.
7-7 وينظم قانون العقوبات الحماية من التمييز العنصري. وقد ادعى صاحب الالتماس في شكواه الجنائية أن الأعمال المدعى ارتكابها تخضع للمادة 260 من قانون العقوبات (مساندة وتشجيع الحركات الرامية إلى قمع حقوق وحريات المواطنين). ولم يتمسك بالمادة 121 من قانون العقوبات (الإضرار بمستهلك) أو بجنحة تدخل في نطاق المادة 24 من القانون رقم 372/1990. وتقضي الفقرة 2 من المادة 196 بأن يعاقب كل من يستخدم العنف ضـد فئة من المواطنين أو الأفراد أو يهددها بالهلاك أو الإضرار بصحتها ضرراً بالغاً بسبب معتقداتها السياسية أو جنسيتها أو عنصرها أو عقيدتها أو عدم انتمائها إلى عقيدة.
7-8 وأكدت الدولة الطرف أن النيابة العامة للجمهورية السلوفاكية طلبت من مكتب المدعي العام الإقليمي في كوسيتش النظر في هذا البلاغ. وأعاد المكتب النظر في شرعية الإجراء المتخذ والقرار الذي توصلت إليه شرطة السكك الحديدية ومكتب المدعي العام للمنطقة لتحديد ما إذا كان مدير المطعم قد ارتكب جريمة مساندة ونشر الحركات المؤدية إلى قمع الحقوق والحريات المدنية وفقاً للمادة 260 من القانون الجنائي، أو أي جريمة أخرى. وبعد إعادة النظر في الملفات المتصلة بالموضوع، خلص مكتب المدعي العام الإقليمي إلى أن ما فرضه مدير المطعم من حظر على خدمة فئة الغجر العرقية يبرر الاشتباه في جريمة الحض على الكراهية القومية أو العنصرية بمقتضى الفقرة 1 من المادة 198 (أ) من قانون العقوبات. بيد أنه رأى أن الأعمال المذكورة لا ترتب خطراً على المجتمع بدرجة تكفي لاعتبارها جريمة، لكنها تستوفي المعايير اللازمة لاعتبارها جنحة بمقتضى الفقرة 1 (أ) من المادة 49 من القانون رقم 372/1990 بشأن الجنح. كما أعتبر أن العفو الصادر في 3 آذار/مارس 1998 يحول دون توقيع الجزاء الجنائي على مدير المطعم. وقد أبلغ مكتب المدعي العام الإقليمي صاحب الالتماس هذا الرأي في رسالة مؤرخة 15 حزيران/يونيه 1999.
7-9 وبعد إعادة النظر في الملفات المتصلة بالموضوع، عارضت النيابة العامة الرأي القانوني الذي أصدره مكتب المدعي العام الإقليمي فيما يتعلق بدرجة الخطر الناجم عن الفعل. واعتبرت أن مكتب المدعي العام الإقليمي قد بالغ بشكل واضح في تقدير ما أسفرت عنه المناقشة من مصالحة بين مدير المطعم وصاحب الالتماس. وفي توجيهات خطية مرسلة إلى مكتب المدعي العام الإقليمي، ذكرت النيابة العامة أن نتائج إعادة النظر تبرر بما يكفي الاشتباه في ارتكـاب مديـر المطعم لجريمة الحض على الكراهية القومية والعنصرية بمقتضى الفقرة 1 من المادة 198 (أ) من قانون العقوبات، وأصدرت توجيهاتها للنيابة التابعة وفقاً لذلك.
7-10 وفي 19 نيسان/أبريل 2000، وجه المدعي العام لمنطقة كوسيتش الاتهام إلى السيد ج. ت. وفي 28 نيسان/أبريل 2000، أدانت المحكمة السيد ج. ت. لارتكابه الجريمة التي يرد وصفها في المادة 198 (أ) من الجزء الأول من قانون العقوبات وحكمت عليه بدفع غرامة قدرها 000 5 كرونا أو بالسجن لمدة ثلاثة أشهر. وأصبحت العقوبة نافذة في 25 تموز/يوليه 2000.
تعليقات المحامي
8-1 في رسالة مؤرخة 17 شباط/فبراير 2000، عالج المحامي القضايا التي أثارتها الدولة الطرف، فكرر الحجج الواردة في الرسائل السابقة، بما في ذلك استنفاد وسائل الانتصاف المدنية والإدارية، ووسائل الانتصاف الجنائي المتوافرة ضد التمييز في مجال الوصول إلى الأماكن العامة، وتاريخ حدوث التمييز العنصري المشار إليه، وعدم تمسك صاحب الالتماس بأحكام القانون الوطني المتصلة بالموضوع أمام السلطات المحلية.
8-2 ويؤكد المحامي أن اللجنة الأوروبية لمكافحة العنصرية والتعصب قد ذكرت تكراراً أنه لا توجد في سلوفاكيا وسائل انتصاف جنائية بالنسبة لأعمال التمييز خلافاً لما يتصل بالخطاب العنصري، ومن ثم رأت ضمناً أن جريمة الحض على الكراهية العرقية أو العنصرية لا يمكن أن تعتبر في حد ذاتها علاجاً قابلا للتطبيق فيما يتعلق بالانتهاكات المذكورة في هذه الحالة. ولم تتمكن اللجنة الأوروبية لمكافحة العنصرية والتعصب أيضاً من العثور على أي قانون للسوابق القضائية يوحي بأن أياً من أحكام القانون الجنائي السلوفاكي يمكن أن يسري على حالات التمييز في مجال الوصول إلى الأماكن العامة.
8-3 ويحتج المحامي بأنه لا يمكن اعتبار وسيلة انتصاف بالغة التأخير وسيلة فعالة. وأوضح أن مجرد اتهام السلطات السلوفاكية للشخص المسؤول قد تطلب قرابة ثلاثة أعوام ونصف العام وإرسال بلاغ إلى اللجنة. وهذا في حد ذاته، وبصرف النظر عن نتيجة الإجراءات المتخذة في هذا الصدد، يعني انتهاكاً للمادة 6 من الاتفاقية.
نظر اللجنة في الوقائع الموضوعية
9- عملاً بالفقرة 7 (أ) من المادة 14 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، نظرت اللجنة في جميع المعلومات التي قدمها صاحب الالتماس والدولة الطرف.
10- وترى اللجنة أن إدانة السيد ج. ت. والعقوبة الموقعة عليه، وإن كانتا بعد مضي فترة طويلة على الأحداث، جزاءان يتفقان تتفق مع التزامات الدولة الطرف. ومع أخذ هذه الإدانة، رغم تأخرها، في الاعتبار، تخلص اللجنة إلى عدم ارتكاب الدولة الطرف لانتهاك للاتفاقية.
11- وعملاً بالفقرة 7(ب) من المادة 14 من الاتفاقية، توصي اللجنة بأن تستكمل الدولة الطرف تشريعاتها لضمان حق الوصول إلى الأماكن العامة وفقاً للمادة 5(و) من الاتفاقية والمعاقبة على رفض إتاحة الوصول إلى هذه الأماكن بسبب التمييز العنصري. وتوصي اللجنة أيضاً بأن تتخذ الدولة الطرف التدابير اللازمة لضمان عدم إطالة إجراء التحقيق في الانتهاكات بلا مبرر.
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/56/40، المرفق الثالث.
(1) انظر آنا كوبتوفا ضد الجمهورية السلوفاكية، البلاغ رقم 013/1989، الفقرة 6-4.

العودة للصفحة الرئيسية